29-أبريل-2023
معرض تونس الدولي للكتاب

عملية مصادرة كتاب كمال الرياحي في معرض تونس للكتاب جوبهت باستنكار واسع

 

بميزانية تفوق 1.5 مليون دينار تونسي وتحت شعار "حلّق بأجنحة الكتاب"، عاد معرض تونس الدولي للكتاب إلى سالف موعده ضمن خارطة معارض الكتب العربية وذلك بعد تعثرات فنية كثيرة شهدتها هذه التظاهرة والتي تسببت فيها جائحة كورونا بالأساس، وقد تمّ الجمعة 28 أفريل/نيسان 2023 افتتاح الدورة 37 من هذه التظاهرة الثقافية العريقة بقصر المعارض بالكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية والتي تم منح العراق لقب ضيف الشرف فيها.

تحت شعار "حلّق بأجنحة الكتاب"، يعود معرض تونس الدولي للكتاب إلى سالف موعده ضمن خارطة معارض الكتب العربية وذلك بعد تعثرات فنية كثيرة شهدتها هذه التظاهرة والتي تسببت فيها جائحة كورونا بالأساس

وتسجل الدورة 37 من معرض تونس الدولي للكتاب، التي تتواصل الى غاية 8 ماي/أيار 2023 مشاركة 279 عارضًا من 22 بلداً من بينها روسيا وإيطاليا اللتين تشاركان لأول مرة، ويبلغ عدد العارضين التونسيين  128 عارضًا وسيقدم هؤلاء العارضون ما يناهز 500 ألف عنوان أغلبها صادرة بداية من سنة 2018.

أما البرنامج الثقافي الذي يضم كل الأنشطة الموازية طيلة أيام الدورة فهو يحتوي على حوالي 100 نشاط يشرف عليها أكاديميون وكتاب وشعراء وإعلاميون وتأتي موزعة بين ندوات ولقاءات حوارية وأخرى فكرية وقراءات شعرية وتكريمات وتقديمات للإصدارات وموائد مستديرة وأنشطة ضيف الشرف.

حوالي 100 نشاط ثقافي مواز على هامش الدورة يشرف عليها أكاديميون وكتاب وشعراء وإعلاميون وتأتي موزعة بين ندوات ولقاءات حوارية وأخرى فكرية وقراءات شعرية وتكريمات

ونذكر من هذه الأنشطة: "ندوة الكتاب والكتابة في المنعرج الرقمي، الكفيف وتكنولوجيات المعرفة والإدماج، كتب المذكرات السياسية في تونس، منزلة الكتاب في الدبلوماسية الثقافية، الروائي في مواجهة قراءة المتلقي، الكتاب وتقنية الواقع المعزز، كتب الفقاعات بين الجد والهزل وكتابة التاريخ الراهن واليومي، من التلقي إلى تقبل النقد، كتابات الروحاني ، ورقات من الأدب المنسي في تونس.

 

 

  • الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الإبداع الأدبي والفكري للدورة 37 من معرض تونس الدولي للكتاب

شهد اليوم الافتتاحي من هذه الدورة من معرض تونس الدولي للكتاب حفل الإعلان عن أسماء الكتاب والمؤلفين الفائزين بجوائز الإبداع الأدبي والفكري للدورة 37 وذلك بمقر "بيت الحكمة" بضاحية قرطاج ، ومن بين 82 كتابًا مترشحًا ذهبت جائزة البشير خريّف للإبداع الأدبي في الرواية إلى الكاتبة مريم سلامي عن روايتها الصادرة بالفرنسية "أغار من النسيم الجنوبي على وجهك" ونزار شقرون عن روايته الصادرة باللغة العربية "زول الله".

من بين 82 كتابًا مترشحًا ذهبت جائزة البشير خريّف للإبداع الأدبي في الرواية إلى الكاتبة مريم سلامي عن روايتها الصادرة بالفرنسية "أغار من النسيم الجنوبي على وجهك" ونزار شقرون عن روايته الصادرة باللغة العربية "زول الله"

وفاز بجائزة علي الدوعاجي للإبداع الأدبي في الأقصوصة حسن مرزوقي عن مجموعته القصصية "النذر" الصادرة عن دار المتوسط، وحصل الشاعر خالد الماجري على جائزة الشعر عن ديوان "القرية" ، فيما حصل أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية الدكتور محمد محجوب على جائزة فاطمة الحداد في الكتابات الفلسفية عن كتابه "في استشكال اليوم الفلسفي ـ تأملات في الفلسفة الثانية".

وذهبت جائزة الطاهر الحداد في الدراسات الإنسانية والأدبية مناصفة إلى الدكتور محمد القاضي عن كتابه "مداد الذات ـ بحث في أدب الأخبار عند الصولي" وأستاذ علم الاجتماع محمد كرّو عن كتابه "جمنة واحة الثورة".

فاز بجائزة علي الدوعاجي للإبداع الأدبي في الأقصوصة حسن مرزوقي عن مجموعته القصصية "النذر" الصادرة عن دار المتوسط

أما جائزة الصادق مازيغ في الترجمة من العربية أو إليها فقد نالها جلال الدين سعيد عن ترجمته لكتاب "مقالات " للكاتب الفرنسي ميشال دي مونتاي، هذا وتحصلت دار كلمة على جائزة أفضل ناشر وفازت بجائزة النشر الخاصة بالأطفال واليافعين دار "بوب ليبريس للنشر".

  • المعرض يكرّم مؤسسه الرّاحل البشير بن سلامة

ذهبت الدورة 37  إلى تكريم الأب المؤسس للمعرض بإطلاقها إسم الراحل " البشير بن سلامة " على هذه النسخة في نوع من الاعتراف والتبجيل كما شهد اليوم الافتتاحي جلسة تكريمية احتضنتها قاعة "دجلة والفرات" وشارك فيها أصدقاء المحتفى به من كتاب وشعراء ودبلوماسيين وسياسيين وإعلاميين.

ذهبت الدورة 37  إلى تكريم الأب المؤسس للمعرض بإطلاقها إسم الراحل "البشير بن سلامة " على هذه النسخة في نوع من الاعتراف والتبجيل

ويعتبر الكاتب والمترجم والسياسي التونسي " البشير بن سلامة " ( 1931 ـ 2023 )  من زمرة المثقفين التونسيين الغرامشيين الذين كان لهم تصور خاص للحياة الثقافية في تونس وقد ساعدته في  تنفيذ رؤيته الثقافية صداقة عميقة كانت تجمعه بأستاذ الفلسفة والسياسي التونسي البارز  محمد مزالي الذي عيّنه وزيرًا للشؤون الثقافية إبان توليه الوزارة الأولى وتشكيله للحكومة بداية ثمانينيات القرن العشرين.

ومن بين أكثر من عشرون شخصية ثقافية وسياسية تونسية كانوا على رأس وزارة الثقافة التونسية في تونس منذ تأسيسها سنة 1961 إلى حدود اليوم، وكان لكل واحد منهم إضافته السخية والعميقة والغنية بما لا يدركه التاريخ في تلك اللحظة التاريخية التونسية المفعمة بتشييد وطن كان تحت وطأة مستعمر نهّاب، إلا أن مرور البشير بن سلامة وزيرًا للثقافة من سنة 1981 إلى 1986  كان مرورًا ألمعيًا يتعانق فيه موكب الأحلام بموكب التنفيذ على الأرض.

يعتبر الكاتب والمترجم والسياسي التونسي البشير بن سلامة من زمرة المثقفين التونسيين الغرامشيين الذين كان لهم تصور خاص للحياة الثقافية في تونس

لقد حوّل البشير بن سلامة الوجود الثقافي التونسي إلى نوعية فخمة مفعمة بالاعتزار والانتماء إلى هذه الأرض، فليست الحياة الثقافية التي تهمه بقدر ما تهمه قيمتها. هكذا استبدل الحلم الذي علقته دولة الاستقلال  وهو "تونسة الثقافة التونسية" بالشروع في دق أسس جديدة ونوعية غير تلك التي رسمها وزراء الثقافة الذين سبقوه.

ورغم السياق السياسي التي كانت تمرّ به تونس في ثمانينيات القرن العشرين والتي كانت تنبئ بنهايات الحكم البورقيبي فإن البشير بن سلامة لم يتوان في الذهاب بعيدًا في مشروعه الثقافي فبعث عدّة تظاهرات ثقافية حيوية مثل معرض تونس الدولي للكتاب وأيام قرطاج المسرحية ومهرجان الأغنية التونسية والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى تظاهرات مركزية في المشهد الثقافي العام والتي لها إشعاعها القاري والدولي.

بعث البشير بن سلامة عدّة تظاهرات ثقافية حيوية مثل معرض تونس الدولي للكتاب وأيام قرطاج المسرحية ومهرجان الأغنية التونسية والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى تظاهرات مركزية في المشهد الثقافي

وأنشأ أيضًا مجموعة مؤسسات داعمة للحياة الثقافية في تونس مثل مؤسسة المسرح الوطني و" الفرقة الوطنية للموسيقى" والمجمّع التونسي للعلم والآداب والفنون" المعروف "ببيت الحكمة" و "صندوق التنمية الثقافية" و"مركز الدراسات والتوثيق الخاص بالتنمية الثقافية"، كما أصرّ ودافع أمام الرئيس بورقيبة على بعث مؤسستين جامعيتين كان يرى بعين اليقين انعكاسهما على مستقبل الثقافة في تونس وهما المعهد العالي للفن المسرحي و المعهد العالي للتنشيط الثقافي ببئر الباي.

"البشير بن سلامة" وعندما غادر الوزارة في 12 ماي/أيار 1986 لم ينكفئ على نفسه بل انخرط مجددًا في عالم الثقافة، فعاد إلى الكتابة والترجمة والنشر ومن أهم إصداراته نذكر "الشخصية التونسية مقوماتها وخصائصها" و"النظرية التاريخية في الكفاح التحريري التونسي" و "السياسة الثقافية في تونس" و"في رحاب الأدب والفكر" و "عائشة" ( رواية ) أما آخر منشوراته فكان بعنوان "عابرة هي الأيام" وقد طبعه سنة 2013.

البشير بن سلامة كان مثقفًا غرامشيًا مرموقًا تسكنه الطاقة المغيّرة، هي طاقة الحياة والفعل.. فكان لا يغيب عن الندوات الفكرية والأدبية الهامة والنقاشات العلمية المتعلقة بتاريخ تونس الحديث ــ الذي كان شاهدًا على حدثانه ــ والتي تنتظم بالجامعة التونسية أو تلك التي تنظمها جمعيات ومنظمات المجتمع الدولي.

 

 

  • هنات ومصادرات

اللافت أيضًا ما عرفه اليوم الافتتاحي لمعرض تونس الدولي للكتاب من هنات إذ لاحظنا أن العديد من الأجنحة لم ترصف كتبها بعد كما سجلنا غياب التنشيط الإذاعي الذي عادة ما يضفي حيوية على المعرض وذلك بسبب الضغط على المصاريف حسب رواية رئيسة الدورة زهية جويرو.

الحدث الأبرز لليوم الأول تمثل في مصادرة كتاب فرنكشتاين تونس وغلق جناح دار الكتاب التي أصدرت هذا المؤلف والتعسف الإداري على صاحبها الذي اعتبر ما حصل "اعتداءً على حرية النشر والتعبير"

أما الحدث الأبرز لليوم الأول فتمثل في مصادرة كتاب الروائي كمال الرياحي فرنكشتاين تونس وغلق جناح دار الكتاب التي أصدرت هذا المؤلف والتعسف الإداري على صاحبها الناشر الحبيب الزغبي، الذي قدم تسجيل فيديو نشره على صفحته على فيسبوك يصف ما حدث له، معتبرًا إياه "اعتداءً على حرية النشر والتعبير".

 

 

علمًا وأن الكاتب والروائي كمال الرياحي يقيم حاليًا في كندا وذلك بعد مغادرته أرض الوطن مكرهًا واستقالته من بيت الرواية ووزارة الثقافة.

عملية مصادرة كتاب كمال الرياحي جوبهت باستنكار من قبل الكتاب والإعلاميين والمنظمات والنقابات فيما صرحت مديرة المعرض أن الكتاب لم يكن مرخصًا له

وكانت عملية مصادرة كتاب كمال الرياحي قد جوبهت باستنكار من قبل الكتاب والإعلاميين والمنظمات والنقابات. ومقابل ذلك، صرحت مديرة المعرض لإذاعة خاصة تونسية بأن الأمر ليس مصادرة بل هو تطبيق للقانون لأن صاحب الدار لم يقدم عنوان كتاب كمال الرياحي ضمن العناوين المرخص لها.