يعقد الاتحاد العام التونسي للشغل مؤتمره الاستثنائي الانتخابي بولاية/محافظة صفاقس، جنوب تونس، انطلاقًا من 16 فيفري/شباط 2022، في حضور معارضة داخله ضد تعديل القانون الأساسي الذي يسمح لقيادات المكتب التنفيذي الحالي بالترشح لولاية جديدة.
وتعتبر المعارضة داخل المنظمة الشغيلة أن المضي في هذا الطريق هو بمثابة الضربة القوية لمصداقية المنظمة النقابية وفقدانًا لمشروعيتها، بينما يعتبر الجانب المقابل أن صوت المعارضة داخل الاتحاد ضعيف ولن يعطل عقد المؤتمر ولن يؤثر على مخرجاته.
اقرأ/ي أيضًا: مؤتمر اتحاد الشغل: رفض دعوى قضائية بطلب إبطاله.. والاستعدادات مستمرة
يفسر المعارضون مطالبهم بتأجيل المؤتمر بعد رفض المحكمة الابتدائية طلبًا استعجاليًا في ذلك بأنه إجراء مؤتمر يضرب الديمقراطية داخل المنظمة.
في هذا السياق، يقول الأمين العام المساعد للاتحاد محمد علي البوغديري لـ"الترا تونس" إن المؤتمر فاقد للمشروعية وإنه بني على مخرجات مؤتمر استثنائي غير انتخابي وهو ما يعتبره بدعة ورغم هذا فإنه سيشارك من أجل المساهمة إلى جانب النواب في إثراء النقاش ولما لا تعديل البوصلة، وفق تعبيره، لكنه لن يترشح لأنه يرفض أن ينافس من يعتبرهم منقلبين على القانون الأساسي للاتحاد.
الأمين العام المساعد للاتحاد محمد علي البوغديري لـ"الترا تونس": المؤتمر فاقد للمشروعية وبني على مخرجات مؤتمر استثنائي غير انتخابي وهو ما أعتبره بدعة لكن سأشارك من أجل المساهمة في إثراء النقاش ولما لا تعديل البوصلة
وبخصوص قدرة المعارضين على أن يعدلوا الكفة، يعتبر البوغديري أن هناك داخل الاتحاد ما يعرف بـ"الماكينة" وأن النقابيين الذين شهدوا فترة التصحر وغياب التثقيف النقابي وانكباب جلهم في المشاكل اليومية القاعدية ضعفاء حتى يتصدوا لما وصفها بالمؤامرات التي يتم حياكتها بامتياز، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن يكون نواب المؤتمر في مستوى الحدث وأن تتمكن المجموعة المدافعة على قوانين الاتحاد من إقناع البقية بخطورة ما أقدمت عليه القيادة النقابية وتأثيرها مستقبلاً على دور الاتحاد ومكانته، وفق تقديره.
اقرأ/ي أيضًا: البوغديري: المعارضة داخل اتحاد الشغل ممتدة منذ سنتين وهي رافضة لانعقاد المؤتمر
وحول الصورة التي سيخرج بها اتحاد الشغل من المؤتمر، في علاقة بمحيطه السياسي والاقتصادي، يتحدث البوغديري لـ"الترا تونس" أن المنظمة وُجدت لخدمة البلاد وليس لخدمة الأشخاص وعندما تكون المنظمة فاقدة لشرعيتها وفاقدة لدعمها القاعدي فإنها ستفقد بالضرورة ثقة الآخرين وبالتالي تصبح غير قادرة على إيجاد حلول لأزمة الوطن وهنا يكمن الإشكال، وفق تعبيره، مضيفًا أنه لا يفضل المخاتلة أو الابتزاز سواء من هذا الطرف أو ذاك وأنه يريد أن تكون العلاقة مع الحكومة مبنية على التوجهات الوطنية ومصلحة البلاد بغض النظر عن مصلحة كل جهة.
البوغديري لـ"الترا تونس": المنظمة وُجدت لخدمة البلاد وليس لخدمة الأشخاص وعندما تكون المنظمة فاقدة لشرعيتها وفاقدة لدعمها القاعدي فإنها ستفقد بالضرورة ثقة الآخرين
وقد ترشح إلى المؤتمر الاستثنائي لاتحاد الشغل 38 نقابياً من مكونات قطاعية وجهوية مختلفة وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي الحالي.
يقول سامي الطاهري، الناطق الرسمي الحالي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل وأحد المترشحين من المكتب التنفيذي المتخلي، لـ"الترا تونس" حول مخالفة قيادة الاتحاد للقانون الأساسي للمنظمة، أن القوانين جعلت للاستجابة إلى الواقع المتغير وهو ما يجعل المنظمة قادرة على هيكلة نفسها حتى تتلاءم مع متطلبات المرحلة، مضيفًا أن سلطة القرار في الاتحاد للهيئة الإدارية والمجلس الوطني وقد قررا تعديل القانون بأصوات 560 نائباً سابقًا وسيتم المصادقة عليه في المؤتمر الحالي، مشيرًا إلى أن القانون لم يتغير فقط في علاقة بعدد الدورات في المركزية النقابية بل شمل المتقاعدين بالاتحادات المحلية وبتمثيلية المرأة والشباب.
سامي الطاهري لـ"الترا تونس": القوانين جعلت للاستجابة إلى الواقع المتغير وهو ما يجعل المنظمة قادرة على هيكلة نفسها حتى تتلاءم مع متطلبات المرحلة
وكان المجلس الوطني للاتحاد، الذي عُقد في 26 أوت/أغسطس 2020، قد دعا إلى عقد مؤتمر استثنائي غير انتخابي في جويلية/يوليو من العام الماضي عُدل بموجبه القانون الأساسي الذي فتح الباب على مصراعيه أمام تجاوز دورتين في المكتب التنفيذي وهو ما أعتبر تعديلاً على قياس أشخاص، أمر رد عليه سامي الطاهري بالنفي، مشيرًا إلى ضرورة تجانس القانون داخل المنظمة وفق فكرة النسبية وهي المراوحة بين التجديد والتغيير ومبدأ الاستمرارية، غير أن قلة قليلة، وفق تعبيره، قد طغت عليها الحسابات السياسية ورغبتها الذاتية بعيدًا عن المبدأ.
وفي رده حول إمكانية حدوث انشقاق داخل الاتحاد إبان هذا المؤتمر، نفى الطاهري ذلك، واصفًا المعارضين بالأقلية وأن من يريد أن ينشق فإنه يسعى إلى أن يضعف الاتحاد بإلهائه بالقضايا الجانبية.
وأوضح أن عدد المقاطعين والمصوتين ضد التعديل لا يتجاوز 50 أو 60 نائبًا في مؤتمر جويلية/يوليو الماضي، وفقه، معتبرًا أن أي تقاض أو لجوء إلى أي صيغة خارج محيط الاتحاد هي شق للصف النقابي وأن أي استقواء بأي جهة خارجية هي مسألة من المحرمات ولا يمكن السكوت عنها.
الطاهري لـ"الترا تونس": أي تقاض أو لجوء إلى أي صيغة خارج محيط الاتحاد هي شق للصف النقابي وأي استقواء بأي جهة خارجية هي مسألة من المحرمات ولا يمكن السكوت عنها
ويمثل الاتحاد العام التونسي للشغل ثقلاً نقابياً وسياسيًا في تونس وشغل دورًا محوريًا في أهم المحطات السياسية والاقتصادية بما فيها المفاوضات مع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة حول الإصلاحات المعطلة. وكان الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي قد صرح في آخر اجتماع مع الحكومة أن المنظمة مستعدة لفتح حوار جدي ومسؤول بمجرد استكمال المؤتمر الانتخابي وانتخاب قيادة جديدة يمكن لها أن تلتزم بجملة التعهدات مع الحكومة.
اقرأ/ي أيضًا: الطبوبي: مستعدون لحوار جدي حول "الإصلاحات" بمجرد استكمال مؤتمر اتحاد الشغل
في هذا السياق، يقول سامي الطاهري لـ"الترا تونس" أن لوائح المؤتمر ستكون ضد أي توجه يمكن أن يضر المقدرة الشرائية للشغالين، وضد أي توجه يمس من المؤسسات العمومية وأنه سيخرج أقوى من هذا المؤتمر بوضوح المضامين التي تم إعدادها والتي سيصادق عليها المؤتمر، وفق تعبيره.
ويدخل قرابة 620 نائبًا المؤتمر 25 للاتحاد العام التونسي للشغل إما لتثبيت التعديلات التي أدخلت على القانون الأساسي أو رفضها وفق موازين القوى داخله، بينما يظل الغموض مسيطرًا حول قدرة المنظمة على الخروج من المؤتمر دون انقسامات حادة يمكن أن تؤثر في قدرته على الإقناع بالتصورات التي يراها مناسبة لتجاوز أزمة سياسية واقتصادية خانقة في البلاد.
اقرأ/ي أيضًا:
أحزاب ومنظمات في تونس تتجه بخطى ثقيلة لإجراء "حوار وطني مشروط"
تقارير دولية تتعرض لخطر "انهيار الدولة" في تونس.. قراءات ومحاولات للفهم