30-نوفمبر-2021

كان سعيّد قد لوّح بإصدار مراسيم في علاقة بالمخالفات الواردة في تقرير محكمة المحاسبات الخاص بانتخابات 2019

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثار حديث الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الاثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بخصوص القضايا المتعلقة بالمخالفات الانتخابية المسجلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 الواردة في تقرير محكمة المحاسبات"، جدلًا وانتقادات واسعة على الساحة السياسية واعتبره كثيرون بمثابة "التدخل في القضاء والضغط عليه"، حسب تقديرهم.

وكان سعيّد قد قال، مساء الاثنين لدى استقباله أستاذيْ القانون الدستوري الصادق بلعيد وأمين محفوظ بقصر الرئاسة بقرطاج، إن "هناك تباطؤًا في البت في القضايا المتعلقة بالمخالفات الانتخابية المسجلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 التي كشفها تقرير محكمة المحاسبات، حتى تمر الآجال وتسقط إمكانية إسقاط القائمات أو المترشحين، وفقه.

وأضاف: "مرت سنتيْ 2019 و2021 وأوشكت سنة 2021 على الانتهاء والقضاء لم ينظ في هذه القضايا التي تسقط بعد ثلاث سنوات"، مؤكدًا ضرورة وضع "تصوّر جديد من أجل اختصار آجال البتّ في المخالفات الانتخابية"، مشيرًا إلى أنه "سيتخذ إجراءات أخرى (لم يحددها) في إطار مراسيم"، حسب تصريحه.

اقرأ/ي أيضًا:  سعيّد: هناك تباطؤ في البت في قضايا المخالفات الانتخابية.. ولا بد من تصور جديد!

وفي تعليقه على ذلك، اعتبر القاضي عفيف الجعيدي، الثلاثاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، "الرئيس والموالين له يدفعون لفرض خطاب عام يوهم المتتبعين أن ما يصطلح على تسميته بقضايا الحملة الانتخابية محسومة بتقرير محكمة  المحاسبات ولا ينتظر إلا ما يشبه المصادقة على ذلك التقرير وترتيب الأثر الجزائي وهو أمر تأخر".

القاضي عفيف الجعيدي: "من الطبيعي أن يكون للسياسي حساباته التي يبحث عنها لكن من الخطأ أن يؤدي توظيفه لحساباته وبحثه عن مصالحه للعبث بالوعي وللمس بالثقة العامة في المؤسسات وللتأثير سلبًا على إجراءات المحاكمات"

وأضاف في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل فيسبوك: "لهؤلاء فكرتان قد تفيدان في توضيح الرؤية الأولى من القضية المصطلح عليها بقضية سمير الطيب والثانية من الجدول الزمني للأبحاث، أما فيما تعلق بالأولى فوجب التنبه لكون سمير الطيب تمت ملاحقته وإيقافه بالاستناد لنتيجة تقرير حررته محكمة المحاسبات وأنه بإعادة الاختبار بواسطة هيئات رقابية أخرى تبين أن ما ورد بالتقرير الرقابي المحرر من محكمة المحاسبات  تضمن أخطاء قانونية وفنية فادحة بني عليها ادعاء الفساد"، وفقه.

وخلص القاضي إلى أن "ذلك يعني أن محكمة المحاسبات لما تحرر تقريرًا رقابيًا يظل عملها  قانونًا مجرد عمل رقابي يجب أن يخضع للتمحيص والتثبت الفني قبل اعتماده كدليل جزائي جازم وهي بذلك هيئة رقابية وليست محكمة (وربما كان هنا  الدرس الذي حصل في قضية سمير الطيب قاسيًا لكنه مناسبة مهمة للتنبه لذلك)"، على حد ما ورد في تدوينته.

وأردف الجعيدي: "أما فيما تعلق بالفكرة الثانية المرتبطة بالزمن القضائي، فوجب السؤال عن تاريخ توجيه نيابة محكمة المحاسبات للملفات للنيابة العمومية العدلية؟ وهل أنها وجهت فعلًا كل الملفات؟ وهل أن الملفات التي أثارتها تتعلق فعلًا بتمويل الحملة الانتخابية؟ وهل أن اللوبيينق مثلًا يدخل في هذا الإطار؟".

الجعيدي: كل حديث عن تدخل بمراسيم في قضايا جارية عبث لا يقبل ومس بالأصول الإجرائية لا يجب أن يحصل

وختم حديثه قائلًا: "من الطبيعي أن يكون للسياسي حساباته التي يبحث عنها لكن من الخطأ أن يؤدي توظيفه لحساباته وبحثه عن مصالحه للعبث بالوعي وللمس بالثقة العامة في المؤسسات وللتأثير سلبًا على إجراءات المحاكمات"، مستطردًا: "كل حديث عن تدخل بمراسيم في قضايا جارية عبث لا يقبل ومس بالأصول الإجرائية لا يجب أن يحصل"، حسب رأيه.

ومن جهته، أكد القاضي الإداري السابق والمحامي أحمد صواب أنه "لا يمكن اعتبار تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بمراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 عملًا قضائيًا يترتب عنه ما يترتب عن الأحكام القضائية".

أحمد صواب: "رئيس الدولة يعمل على أن يتجنب قدر الإمكان حل البرلمان حتى لا يتم اعتبار ما قام به انقلابًا تامًا وصريحًا وواضحًا، ولذلك فإنه يعمل على إيجاد آليات لشل البرلمان دون الوصول إلى حله"

وحذر صواب، في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم"،  من خطورة إسقاط القائمات الانتخابية لتشريعة 2019 بمراسيم رئاسية، معتبرًا أن ذلك سيجعل رئيس الجمهورية يحل محل السلطة القضائية.

واعتبر أن "رئيس الدولة يعمل على أن يتجنب قدر الإمكان حل البرلمان حتى لا يتم اعتبار ما قام به انقلابًا تامًا وصريحًا وواضحًا، ولذلك فإنه يعمل على إيجاد آليات لشل البرلمان دون الوصول إلى حله"، حسب رأيه.

فيما تساءل النائب مبروك كورشيد، الثلاثاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021: "بعد خطاب رئيس الجمهورية: هل يجوز إسقاط قوائم انتخابية بالمراسيم؟ هل دخلنا مرحلة الدعس والعفس على القوانين؟".

 وأضاف كورشيد، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل فيسبوك: "اليوم بات الأمر بيد رئيس الجمهورية بمقتضي أحكام الأمر عدد 117، وبغض النظر عن الشرعية لهذا الأمر والمشروعية التى دعت إليه، فإن للرئيس بمقتضى المراسيم أن يقوم حاليًا بتعديل أحكام الفصل 163 من القانون الانتخابي، إما بالإقحام المباشر فيه أو بنص مستقل يحدد من خلاله الاختصاص في الحكم بسقوط القائمة وطرق الطعن فيه وآجال دخوله حيز التنفيذ".

مبروك كورشيد: إقحام المراسيم في إسقاط القائمات التشريعية بصفة مباشرة سيكون خطأ جسيمًا يضاف إلى أخطاء أخرى كلها ستكون مادة للتأكيد على أخطاء الرئيس الكبرى الماسة من الحريات العامة والخاصة

وتابع: "اعتقد أن مقصود الرئيس الجمهورية هو هذا من خلال قوله بامكانية التدخل بالمراسيم، فإن كان غير ذلك وقصد إصدار مراسيم بالإلغاء المباشر لبعض القائمات ولعضوية بعض النواب فإن الأمر يعتبر تعديًا على اختصاص القضاء وحقوق المتقاضين إذ لا يجوز الطعن فى المراسيم، لا من حيث القانون ولا من حيث الإجراءات في ظل غياب محكمة دستورية".

وخلص النائب إلى أن "إقحام المراسيم في إسقاط القائمات التشريعية بصفة مباشرة سيكون خطأ جسيمًا يضاف إلى أخطاء أخرى كلها ستكون مادة للتأكيد على أخطاء الرئيس الكبرى الماسة من الحريات العامة والخاصة"، حسب تقديره.

ومن جهته، قال النائب ياسين العياري، في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك الثلاثاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، موجهًا خطابه لسعيّد: "الجرائم الانتخابية الواردة في تقرير محكمة المحاسبات لا تسقط بالتقادم، فابحث عن كذبة أخرى تدجل بها على الناس، قل لهم مثلًا، أريد إعداد مرسوم على المقاس أتدخل به في القضاء وأدجنه وأطوعه وأجعله على مقاس انقلابي".

وأضاف: "الأمر الوحيد الذي بصدد السقوط بمرور الزمن هي شعوذاتك القانونية وشطحاتك الشعبوية"، وفق تعبيره.

ومن جهته، قال عضو الهيئة التنفيذية لحراك "مواطنون ضد الانقلاب" رضا بلحاج، الثلاثاء 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، إنه "بعد أن تيقن الرئيس قيس سعيّد من أن مسألة حل البرلمان أصبحت شبه مستحيلة، وأن رجوعه لا مفر منه لتجنب الاختناق الاقتصادي بعد الحصار الذي أصبحت فيه البلاد، ها هو يبحث عن إخراج يمكّن الانقلاب من تحقيق بعض النتائج على الأقل" وفقه.

رضا بلحاج: الانقلاب يعيش ارتباكًا كبيرًا فأصبح اليوم يبحث عن مخرج للتخلص من الخصوم السياسيين مهما كان الشكل بعد تيقن سعيّد من أن مسألة حل البرلمان أصبحت شبه مستحيلة

وتابع بلحاج في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك، أنّ "هذا واضح من التمشي الذي صرّح بملامحه لدى استقباله الاثنين، الأستاذين بلعيد ومحفوظ ورغبته في إسقاط بعض القائمات الانتخابية الفائزة في الانتخابات التشريعية لسنة 2019 وهو يقصد بعض قائمات حركة النهضة وبالذات قائمة رئيس المجلس راشد الغنوشي وبعض قائمات قلب تونس" حسب قوله.

واعتبر بلحاج أنّ حديثه عن إمكانية سقوط حق التتبع ضد هذه القائمات بالتقادم والتفكير بإسقاطها بإصدار مرسوم، "يؤكد أن الانقلاب يعيش ارتباكًا كبيرًا فأصبح اليوم يبحث عن مخرج للتخلص من الخصوم السياسيين مهما كان الشكل، وبالتالي تفتضح النوايا الحقيقية للانقلاب" وفق ما نشره.

فيما اعتبر النائب سمير ديلو، الثلاثاء، أن تصريح سعيّد "يأتي في إطار التدخل في القضاء والضغط على القضاة"، مشيرًا إلى أنه "ليست لديه الصلاحيات للتدخل في سير القضايا الجارية" وأن "تصريحه من قبيل التدخل في سير القضايا الجارية بشكل واضح وسافر"، وفق وصفه.

كما اعتبر، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم"، أن "تلويح الرئيس باستعمال المراسيم في قضايا جارية هو شكل من أشكال الجنون التشريعي"، معقبا القول إن "تواصل سياسة التشفي التي ينتهجها قيس سعيّد في حق النواب تواصل للإجرام"، حسب تعبيره.

يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الرئيس قيس سعيّد في خطاباته إلى تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، إذ سبق أن  استقبل، في 30 سبتمبر/أيلول 2021 بقصر قرطاج، رئيس محكمة المحاسبات نجيب القطاري، ودعاه خلاله إلى "ترتيب آثار جزائية على التجاوزات، التي كشف عنها التقرير السابق لمحكمة المحاسبات". وقال إنّ: "الانتخابات الأخيرة مولت بأموال من الخارج.. ونحن بحاجة إلى ترتيب آثار جزائية، ويجب على القضاء أن يقوم بدوره التاريخي حتى يستعيد الشعب حقه"، وفق تعبيره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

القطاري: يجب تنقيح قانون الانتخابات وجعل أحكام محكمة المحاسبات استعجالية

أي مصير لتقرير محكمة المحاسبات الخاص بالانتخابات الأخيرة؟