06-يوليو-2024
فنانة تشكيلية تونسية فاطمة عمروسي

استغلت فاطمة عمروسي موهبتها في التطريز وشغفها بالقضية الفلسطينية لتُبدع في صنع بورتريهات لشهداء وأسرى فلسطينيين

 

على امتداد 12 عامًا، أبدعت أنامل الفنانة التشكيلية فاطمة عمروسي في رسم لوحات فنية من الفسيفساء الدقيقة ركزت فيها بالأساس على القضية الفلسطينية، وسعت من خلالها لتخليد ذكرى الشهداء وتوثيق آلام الأسرى والأطفال والنساء في فلسطين وغزة. 

استغلت فاطمة عمروسي (52 عامًا)، أصيلة منزل تميم من ولاية نابل، موهبتها في التطريز التي ورثتها عن والدتها وشغفها بالقضية الفلسطينية الذي استقته منذ نعومة أظافرها من والدها، لتُبدع في صنع بورتريهات لأطفال ومقاومين وصحفيين اغتالتهم إسرائيل أو سلبتهم حريتهم ونكلت بهم وبعائلاتهم.

على امتداد 12 عامًا، أبدعت أنامل الفنانة التشكيلية فاطمة عمروسي في رسم لوحات فنية من الفسيفساء الدقيقة ركزت فيها بالأساس على القضية الفلسطينية، وسعت من خلالها لتخليد ذكرى الشهداء وتوثيق آلام الأسرى والأطفال والنساء في فلسطين

 

  • لوحات فنية تخلد ذكرى الشهداء والأسرى الفلسطينيين 

وعن هذه التجربة، تقول فاطمة في حديثها مع "الترا تونس" إنّ أول لوحة رسمتها كانت للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، كما رسمت لوحة للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، مؤكدة أنّها أرادت تخليد ذكراها والتعريف بقصتها لدى الأطفال والشباب بعد أن اغتالتها قوات الاحتلال غدرًا. 

 

صورة
لوحة فسيفسائية للزعيم الراحل ياسر عرفات للفنانة التونسية فاطمة عمروسي

 

صورة
لوحة فسيفسائية للصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة للفنانة التونسية فاطمة عمروسي

 

تضيف: "اخترت تخليد ذكرى الشهداء الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل بوحشية وبدمٍ بارد على امتداد عشرات السنين وحرصت على رسم بورتريهات لهم بهدف عرضها في المعارض الفنية داخل تونس وخارجها للتعريف بهم وبقضيتنا الأم وهي القضية الفلسطينية".

الفنانة التشكيلية فاطمة عمروسي: أول لوحة رسمتها كانت للزعيم ياسر عرفات، كما رسمت لوحة للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي أردت تخليد ذكراها والتعريف بقصتها لدى الأطفال والشباب بعد أن اغتالتها قوات الاحتلال غدرًا

منذ نعومة أظافرها، كانت فاطمة تشارك جنبًا إلى جنب مع والدها في كل المظاهرات الداعمة للحق الفلسطيني فكبرت وترعرعت على تعلقها بالقضايا العادلة وأولت اهتمامًا كبيرًا للقضية الفلسطينية، لأنها تعتبرها قضية كل إنسان حر.

يستغرق رسم لوحة واحدة من الفسيفساء الدقيقة من شهرين إلى 4 أشهر ويمكن أن تكون المدة أطول حسب كبر اللوحة الفنية، بينما تستخدم ما يناهز 270 قطعة من الزجاج الملون في كل 10 سنتيمترات مربع، وتحرص عمروسي على وضع تعريف مفصل عن كل شخصية ترسمها.

فاطمة عمروسي: يستغرق رسم لوحة واحدة من الفسيفساء الدقيقة من شهرين إلى 4 أشهر ويمكن أن تكون المدة أطول حسب كبر اللوحة الفنية، وأستخدم ما يناهز 270 قطعة من الزجاج الملون في كل 10 سنتيمترات مربع

وتؤكد محدثتنا أنّ لكل لوحة قصتها وحكايتها وتفاصيلها، وأنّ كل لوحة ترسمها لأسير أو شهيد فلسطيني تحاول أن تروي من خلالها حكايته وأن تُوثق جرائم الاحتلال الصهيوني الغاصب الذي يعمل على طمس الهوية الفلسطينية وقتل الأطفال والنساء والشباب وتهجير أصحاب الأرض. 

وبالاطلاع على اللوحات الفنية، فقد رسمت الفنانة التونسية لوحات لشخصيات بارزة ولعبت دورًا هامًا في دفاعها عن القضية الفلسطينية، كما رسمت لوحات لأطفال فقدوا حياتهم على غرار الفلسطينية إيمان حجو التي قُتلت بقذيفة إسرائيلية وهي نائمة بين ذراعي والدتها في ماي/أيار 2001، وتعد أصغر شهداء الانتفاضة الفلسطينية الثانية. 

 

صورة
لوحة فسيفسائية للرضيعة الفلسطينية إيمان حجو التي قُتلت بقذيفة إسرائيلية

 

كما رسمت لوحة للفدائية الفلسطينية دلال المغربي ولوحة أخرى للطبيب الفلسطيني الشهيد عبد الله الأحمد الذي اغتالته قوات الاحتلال في مخيم جنين في أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما كان يقوم بإسعاف أحد المصابين برصاص الاحتلال.

ولم تنسَ الفنانة فاطمة عمروسي تخليد ذكرى الناشطة الأمريكية والعضوة في حركة التضامن العالمية راشيل كوري، التي استشهدت في مارس/آذار 2003، أثناء محاولتها التصدي لجرافة تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تقوم بهدم منازل الفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزة.

 

صورة
لوحة فسيفسائية للفدائية الفلسطينية دلال المغربي

 

صورة
لوحة فسيفسائية للطبيب الفلسطيني الشهيد عبد الله الأحمد

 

كما خلدت عمروسي ذكرى الشهيدة الفلسطينية رزان النجار في لوحة تروي قصتها وكيف استشهدت برصاصة متفجرة لقناص إسرائيلي، عندما كانت تُسعف المدنيين المتظاهرين في مسيرات العودة الكبرى في غزة في جوان/يونيو 2018.

لأنها تؤمن بأهمية الفن في التوثيق للقضايا العادلة، اختارت فاطمة عمروسي تخليد قصص الأسرى الفلسطينيين الذين عانوا ولا يزالون يعانون من الظلم والاضطهاد في سجون الاحتلال، مثل الأسير عبد الله البرغوثي

ولأنها تؤمن بأهمية الفن في التوثيق للقضايا العادلة، اختارت عمروسي أيضًا تخليد قصص الأسرى الفلسطينيين الذين عانوا ولا يزالون يعانون من الظلم والاضطهاد والتعذيب في سجون الاحتلال، مثل الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي الذي اعتقل سنة 2003، وحكمت عليه إسرائيل بالسجن المؤبد 67 مرة.

 

صورة
لوحة فسيفسائية للأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي

 

كما كان للأسير الفلسطيني أحمد مناصرة نصيبًا في لوحات فاطمة عمروسي، حيث أبدعت في رسم بورتريه له يوضح ملامح وجهه الحزينة التي تروي قصة معاناته داخل سجون الاحتلال منذ اعتقاله وهو طفل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015.

ولا يزال الفتى أحمد مناصرة يقبع داخل سجون الاحتلال أين يقضي أغلب فترات سجنه في الحبس الانفرادي، ما جعله يعاني من وضع صحي ونفسي خطير، وتؤكد الفنانة التونسية في حديثها مع "الترا تونس"، أنّ قصته أثرت فيها بشكل كبير وأنها حكت قصته وقصة آلاف الأسرى للأطفال الذين يزورون المعارض التي شاركت فيها لتوعيتهم بجرائم إسرائيل.

 

  • لوحات فنية لتوثيق القتل والجوع في غزة 

ومع تواصل حرب الإبادة الممنهجة التي تقودها إسرائيل ضدّ سكان غزة، زاد اهتمام الفنانة التونسية بالقضية الفلسطينية حيث باتت تصل الليل بالنهار وهي تتابع بحزن وألم شديدين أخبار الحرب هناك.

وتقول فاطمة إنّها شاركت في عديد المعارض الفنية في تونس بالتزامن مع الحرب على غزة، وهو ما دفعها لاستغلال مشاركتها في توعية الأطفال الصغار والناشئة والشباب بالقضية الفلسطينية والتعريف بقصص الشهداء والأسرى والمقاومين الذين رسمت لهم لوحات وخلدت قصصهم وبيانتهم.

فاطمة عمروسي: شاركت في عديد المعارض الفنية في تونس بالتزامن مع الحرب على غزة، وهو ما دفعني لاستغلال ذلك في توعية الأطفال والناشئة بالقضية الفلسطينية وقد لاحظت تأثر الأطفال بالقصص التي تُروى لهم عن معاناة الشعب الفلسطيني

وترى محدثتنا أنّ أطفال تونس أصبحوا أكثر وعيًا بالقضية الفلسطينية واكتشفوا تاريخها من جديد، مشيرة إلى أنها لاحظت تأثر الأطفال بالقصص التي تُروى لهم عن معاناة الشعب الفلسطيني وعن جرائم إسرائيل. 

وقامت فاطمة برسم لوحة فنية توثق معاناة أطفال غزة في الحرب الأخيرة، حيث تظهر في اللوحة طفلتان صغيرتان تنامان بينما مياه الأمطار اقتحمت خيمتهما بعد نزوحهما من منزلهما ولجوئهما إلى مدينة رفح، قبل أن تدمرها إسرائيل وتحرق خيام اللاجئين بما فيها.

 

صورة
الفنانة التشكيلية التونسية فاطمة عمروسي

 

كما تستعد فاطمة لتخليد ذكرى أطفال قتلتهم إسرائيل في الحرب الأخيرة إما بقصف منازلهم وخيامهم أو بسبب منع الغذاء والدواء من الوصول إليهم ففقدوا حياتهم من الجوع وغياب العلاج.

فاطمة عمروسي: سأوثق في لوحاتي سياسة التجويع التي فرضتها إسرائيل على سكان غزة منذ بداية الحرب المدمرة، وآمل أن أجوب العالم وأشارك بلوحاتي التي توثق الجرائم الصهيونية في معارض دولية من أجل التعريف بالشهداء ورواية قصصهم

وتؤكد فاطمة أنها ستوثق سياسة التجويع التي فرضتها إسرائيل على سكان غزة منذ بداية الحرب المدمرة، بينما تأمل أن تجوب العالم وتشارك بلوحاتها التي توثق الجرائم الصهيونية في معارض دولية، من أجل التعريف بالشهداء ورواية قصصهم للإنسان كي يبقوا في الذاكرة للأبد.

وتؤكد فاطمة أن الحرب الأخيرة على غزة والتي لا تزال متواصلة، ألقت بظلالها على جميع أطفال العالم الذين تأثروا كثيرًا بالمشاهد القاسية التي يرونها يوميًا لأطفال غزة وهم أشلاء أو يعانون الجوع والعطش، مؤكدة أنها فخورة بمشاركة آلاف الأطفال في المظاهرات الداعمة لفلسطين، وترى أن وعي الأطفال بالقضية سيجعلها حية إلى حين موعد التحرير.