21-نوفمبر-2023
غزة لأهلها

المقاومة تعرف أنّ التوصّل إلى هدنة سيمثل زوبعة داخل الكيان ووضعه السياسي الهش (محمد عابد/ أ ف ب)

مقال رأي 

 

"غزّة لأهلها"، عبارة نطق بها القيادي جمال حمدان ممثل حماس في لبنان في إحدى النقاط الإعلامية، في سياق الرد على من بدؤوا يرسمون ملامح ما بعد العدوان. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية -شريك الكيان الأول في جريمته- أول من بادر بفتح الحديث في الموضوع حين تبيّن لها -بعد أسبوعين من حرب الإبادة في حق المدينة الشهيدة- عجز جيش نتنياهو عن تحقيق هدفه في "القضاء على حماس".

"غزّة لأهلها" هي الجملة السياسية المفتاح في خطاب المقاومة في هذه المرحلة الدقيقة من طوفان الأقصى

"غزّة لأهلها" هي الجملة السياسية المفتاح في خطاب المقاومة.. 

فعندها تتقاطع كل أطراف الصراع وعناوينها الكبرى المتفاعلة نحو مآلٍ يتمناه الكيان نكبةً ثانية أفظع من النكبة الأولى في 48، وتصرّ المقاومة بصمودها على جعله خطوة واثقة على طريق التحرير والعودة. 

  • أكثر من حرب 

تدخل الحرب على غزة منتصف شهرها الثاني. وبات بوسع العالم أن يميّز في هذا العدوان الإجرامي المتواصل على غزة بين حربين: حرب الميدان (قتال) وحرب الطيران (قتل). 

وحرب الميدان فجّرتها كتائب القسام يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول العظيم، واستعدت لفصلها الثاني في تصدّيها للهجوم البرّي منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع. وهي المواجهة التي تتقدم فيها المقاومة على جيش الكيان تقدمًا واضحًا بما توجّهه لفرقه المتوغلة في غزة من ضربات قوية ومركزة، كبّدته خسائر كبيرة جدًا في الجند والعتاد وثّقها إعلام المقاومة العسكري بدقة مبهرة. 

في غزة، حربان متزامنتان فرضتا معادلة دموية: كلما زاد انكسار جيش الكيان أمام المقاومة، رفّع -بشراكة أمريكية وتواطؤ عربي وصمت دولي- من درجات إجرامه في حق أهل غزة

وحرب الطيران، هي في حقيقتها حرب من جهة واحدة تستهدف المدنيين وكل أسباب الحياة في مدينة غزة بهدف التدمير والتهجير. وإنّ ما تطلقه المقاومة من صواريخ على "مدنيي" الكيان غايته إيجاد توازن ردع يخفف من آثار سلاح الطيران التدميرية. وجرّ العدو خارج شروط الحرب التقليدية التي يجيدها لامتلاكه كل أدواتها، وفرض حرب الميدان عليه، وهي حرب الأنفاق التي انكسر فيها عدوانه في 2014 عندما حاول التسلل إلى غزة. وكانت خسائره فيها جسيمة مما اضطره إلى الانسحاب وإيقاف حربه على المدينة المحاصرة منه بشراكة مع نظام السيسي. 

فالمشهد في غزة حربان متزامنتان، منهما فُرضت معادلة دموية: فكلما زاد انكسار جيش الكيان أمام المقاومة، رفّع -بشراكة أمريكية وتواطؤ عربي وصمت دولي- من درجات إجرامه في حق أهل غزة. 

يدرك الاحتلال أنّه يواجه مدينة مقاتلة لا يمكن الفصل بينها وبين مقاومتها، فلم يظفر من أولياء الأجساد الممزقة والمنازل المدمرة بكلمة تذمر واحدة من المقاومة

ومع ذلك، فقد أفصحت معركة الميدان عن انكسار جيش الاحتلال وعجزه عن تثبيت نقاط ارتكاز مستقرة ومربعات عمل محصّنة حول مدينة غزة. وأسعفته حرب الطيران والقصف الإجرامي بانتصار على الأطفال الرضع والخدّج. ولا عنوان اليوم لهذه الحرب إلا الحرب على المستشفيات والمدارس والأطفال. وهي في حقيقتها حرب على كل معاني الحياة شملت المباني الحكومية والمنازل والضيعات الفلاحية والمخابز. فالاحتلال يدرك أنّه يواجه مدينة مقاتلة لا يمكن الفصل بينها وبين مقاومتها. فلم يظفر من أولياء الأجساد الممزقة والمنازل المدمرة بقنابل النابالم والفسفور كلمة تذمر واحدة من المقاومة. وكان من أهل المدينة إصرار على المكان إلاّ أن يُحمَلوا قهرًا على النزوح داخلها.

  • بايدن ودماء أطفال غزة 

كان الاهتمام بمستقبل غزة من قبل الإدارة الأمريكية منذ الأسبوع الأول من القصف الوحشي الذي شنه جيش الاحتلال على غزة بعنوان "القضاء على حماس". وكان الرئيس جو بايدن أكثر من شريك في الحرب على غزة، والقائد الفعلي لهذه الحرب الإجرامية والموقّع على فظاعاتها المستهترة بكلّ ما تمّ التواضع عليه من مواثيق وعهود تخفّف من شرور الحروب وويلاتها، وتفتح بابًا للعودة عنها. 

وكانت أول نصائح بايدن للكيان بأنه علّى من سقف أهدافه. فهو لا يخالفه في هدف القضاء على حماس وإنما في طريق الوصول إليه. وهو على قناعة قوية بأنّ بقاء بعض من حماس في غزة خطر وجودي كامن. لذلك كان صدًّا في وجه كل محاولات إيقاف الحرب، فهو مثل ناتنياهو يدرك أن "وقف إطلاق النار يعني الاستسلام لحماس" وانكسار جيش الاحتلال الثاني بعد انكساره الأول المريع يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وكان في موضوع الأسرى يشدد على أنّه لا وقف لإطلاق النار قبل إطلاق سراح كل "الرهائن" من المدنيين والعسكريين، يشد بذلك من من أزر حكومة نتنياهو الواقعة تحت ضغط عوائل الأسرى والشارع القابل بتصفية الملف بتبييض السجون (إطلاق الأسرى من الجانبين).

ولم ينجح خطابه الإنسانوي في تقسيط المعونات على غزّة بالشروط الإسرائيلية في التغطية على تورطه المباشر في دماء غزة. 

وكان الحديث عن مستقبل غزّة يطفو على سطح الخطاب السياسي للإدارة الأمريكية مع كل صمود ونجاح ميداني للمقاومة. وآخر تصريحات بايدن هي في حقيقتها ردّ على أطوار المعركة في بعديها (القتل والقتال). فكان قصف مدرستي الأونروا في الفاخورة وتل الزعتر مواصلة لجريمة القتل التي حوّلت مدينة غزة إلى مسلخ ومناسبة كي يذرف بايدن دموعه الكاذبة ومشاعره المشوهة. 

يتباكى جو بايدن على أطفال غزة تحت قصف طائرات الـF16 بداية من 8 أكتوبر (أكثر من 40 ألف طن من الحمم على المدينة المحاصرة)، وهو لا يغادر إصراره على أن العنف مصدره حماس

يقول وهو الشريك الكامل في الجريمة التي لا تسقط بالتقادم "قلبي يتفطّر بسبب الصور القادمة من غزة، وموت عدة آلاف من المدنيين بينهم أطفال". وهو من روّج أكاذيب نتنياهو وإعلامه منذ اليوم الأول للطوفان، ودعا إلى قتل أهل غزة بكل من فيها وما فيها، وعجّل بزيارة دولة الكيان (سابقة في الدبلوماسية الأمريكية) ليؤمّن كل ما تحتاجه من مال وأسلحة دمار. يتباكى على أطفال غزة تحت قصف طائرات الـF16 بداية من الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول (أكثر من 40 ألف طن من الحمم على المدينة المحاصرة). وهو لا يغادر إصراره على أن العنف مصدره حماس حين يشير إلى أنه "لا مستقبل في الشرق الأوسط لعنف حماس وكراهيتها". 

ولم يكن موقف أوروبا التي أظهرت شعورًا أحدّ بالتورط في الدم الفلسطيني باستسلامها للسردية الصهيونية أقلّ سقوطًا. فيذهب المسؤول الأول في اتحادها جوزيف بوريل إلى أنّ "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن عليها مراعاة القانون الدولي". كذلك دائمًا تكون مواقف الأذناب مهزوزةً تتورط بطريقتها في الجرم فيتجاهلها الظالم إذا غلب ويحتقرها صاحب الحق إذا انتصر. 

  • غزّة المنتصرة 

حديثهم عن مستقبل غزة وهي تُذبح بتغطية منهم ومشاركة كاملة هو حديث الجزار عن مآل ذبيحته بعد ذبحها. وقد مكّنوا ولا يزالون الكيان وجيشه من الوقت ومن كل أسباب ارتكاب فعلته في حق المدينة الشهيدة.

 

لا عنوان اليوم لهذه الحرب إلا الحرب على المستشفيات والمدارس والأطفال (محمد أحمد/ أفب)

 

في الأيام الأولى للعدوان لم يكن هناك حديث عن مستقبل غزة. كان الذي يحركهم هو شطب القوة التي زلزلت الكيان يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وكانت القناعة أنّ المواجهة هذه المرة صفرية لن تنتهي إلا بزوال أحد طرفي الصراع. لقد هالهم من أداء المقاومة المذهل، رغم محليّة الوسائل ومحدوديتها، غير أنّهم كانوا يثقون إلى حدّ كبير في قدرة جيش الاحتلال العالية في "القضاء على حماس"، ولم يكن يخفى عليهم جميعًا أنّ الفصل بين المقاومة وحاضنتها مستحيل. فهي ليست حزب الله المدعوم إقليميًا لكنه محاصر بالحالة الطائفيه وأزمة لبنان المزمنة وحجم التدخل الدولي فيها.

في غزة المحاصرة منذ 2014 كانت المقاومة حرة بين أهلها، فاعلة باسمهم وبإجماعهم. وتفصح تجربة السياسة فيها عن علاقات جماعية مبدعة لا يحضر فيها من الدولة غير الإدارة بمؤسساتها الأفقيّة. وتفسح غزة المقاوِمة باب الفعل الحر واسعًا في خدمة المدينة وقضيتها بما في ذلك حمل السلاح، فخندق المقاومة يسع الجميع. وفي المدينة ذات المساحة المحدودة والأكثر نسبة سكان في العالم أكثر من فصيل مقاوم مسلح، ولم تعرف صدامًا بين الفصائل رغم اختلافها في التقدير. ولم تعرف صدامًا حول الموارد النادرة مثل كل مدن الدنيا. 

لم يكن يخفى على أمريكا وأوروبا أنّ الفصل بين المقاومة وحاضنتها مستحيل.. ففي غزة أكثر من فصيل مقاوم مسلح، ولم تعرف صدامًا بين الفصائل رغم اختلافها في التقدير

بعد شهر ونصف من المواجهة، صار هدف "القضاء على حماس" مثيرًا للسخرية. فالعدو يغرق في دماء غزة وضربات المقاومة المركّزة. توغل في غزة وحاول فصل شمالها عن جنوبها غير أنّه أخفق في تركيز نقاط ثابتة لخنق المدينة الجريحة وتفكيك قاعدة المقاومة فيها. فغدت فرقه المقاتلة داخل غزة تائهة لا تتقدم إلا لتتراجع غير قادرة على مواجهة فعل المقاومة، وكتائبها التي برهنت عن كفاءة قتالية عالية، وإدارة فذة للمعارك، وتصرف رائد في القدرات رغم حجم الإجرام الذي يتعرض له أهلها.

واستحضار أنّ في غزة حربين مهم لتبيّن مآل هذه المعركة الفاصلة. وبلا تردد يمكن الجهر بأنّ غزّة انتصرت في الحربين. انتصرت أخلاقيًا في ملف الأسرى وفي حرب الطيران (سقوط الكيان وشركائه). وتخرج الحشود في العالم اليوم وفي عواصم الغرب لإيقاف جريمة الحرب والتطهير العرقي في غزة، وقد بدأت كثير من شوارع العالم يتحرر تدريجيًا من السردية الصهيونية.

وانتصرت غزة عسكريًا في حرب الميدان (الهجوم البري). وهو انتصار توثقه الكلمة والصورة في إعلام المقاومة العسكري. 

بعد شهر ونصف من المواجهة، صار هدف "القضاء على حماس" مثيرًا للسخرية، فالعدو يغرق في دماء غزة وضربات المقاومة المركّزة

انهزم الكيان في الحربين: سقط في الحرب الأولى فلم يبق منه غير آلة القتل، واندحر في الحرب الثانية أمام شباب المقاومة بكسرهم آلة القتل هذه في مخيم الشاطئ وجباليا والشيخ رضوان، وإذلال ضباط النخبة في الجيش الاحتلال يذكرونهم بأن صعقة 7 أكتوبر/ تشرين الأول أصل وليست منجزًا عارضًا.

  • ما بعد الحرب على غزّة 

كان حديثهم منذ الأسبوع الثاني للعدوان عن غزّة بعد الحرب جزءًا من الحرب على غزة. لذلك لم تكن المقاومة معنية بفرقعات الإعلام الصهيوني والغربي. فبايدن الذي داخله الشك في قدرة نتنياهو وجيشه على تحقيق الهدف الذي رسم، كان يدرك أنّ الكيان دخل إلى الحرب بدون خطة فعلية، وكان نصَح بشرط النجاعة فيما يوضع من خطط، وواقعية ما يضبط من أهداف. وفي هذا السياق نفض الغبار عن "حل الدولتين" وهو يعرف جيدًا أن نتنياهو وتحالف اليمين الإسرائيلي دفنا الفكرة و يعملان، منذ صفقة القرن، على توسيع الاستيطان بتفكيك الضفة وضم غزة.

غدت فرق الاحتلال المقاتلة داخل غزة تائهة، لا تتقدم إلا لتتراجع، غير قادرة على مواجهة فعل المقاومة، وكتائبها التي برهنت عن كفاءة قتالية عالية، وإدارة فذة للمعارك، وتصرف رائد في القدرات

لذلك يأتي الكيان، بعد شهر ونصف من حربه على غزة، ضعيفًا إلى طاولة المفاوضات. والحديث عن الهدنة/الأسرى هو في حقيقته إعلان غير رسمي عن سقوط هدف "القضاء على حماس". فما يرشح من أخبار عن سير المفاوضات يشير إلى أن المقاومة تفرض جانبًا مهمًا من شروطها. فهي تعرف أنّ شرط صمودها هو ثابت الثوابت، وعليه مدار كل الأمر. فاستعدّت له وشهد أداؤها بهذا الاستعداد. وتعرف أنّ التوصّل إلى هدنة سيمثل زوبعة داخل الكيان ووضعه السياسي الهش. 

ويُقرأ تصعيد الأيام الأخيرة في علاقة بقرب الوصول إلى هدنة مؤقتة تؤمّن عملية تبادل الأسرى. وهو الملف الذي يمكن أن تُفصح تفاصيله عن حقيقة المواجهة الميدانية وتوازناتها. 

جيش الكيان يضغط بحربه الإجرامية على المستشفيات والمدارس والأطفال وعلى كل أسباب الحياة على أمل توفير شروط التهجير، والمقاومة تضغط في حرب الميدان وتوظّف تفوقها الفعلي فيها ومحافظتها على قدراتها وجهوزيتها (تواصل قصف المستوطنات وأعماق تل أبيب ومواقعها الاستراتيجية) لجرّه إلى طاولة المفاوضات بشروطها. وهي تدرك أنّ الهدنة ستفتح على هدن مرتبطة بملفّ الأسرى. وفي تواتر الهدن اتجاه إلى "وقف إطلاق النار". وهو النقطة التي لا تختلف فيها المقاومة مع نتنياهو. فهو يعتبر "وقف إطلاق النار" استسلامًا لحماس" وهي ترى في إيقاف الحرب في الظروف الحالية سقوطًا لكل المخطط الذي انطلق لإنقاذ الكيان في اليوم الأول من الطوفان، وانتهى إلى قناعة بضرورة القضاء حماس. 

 

لم تعرف المدينة ذات المساحة المحدودة والأكثر نسبة سكان في العالم، صدامًا حول الموارد النادرة مثل كل مدن الدنيا (أحمد حسب الله/ Getty)

 

ومع كل هذا، سقط ما وُضع على الورق من مسارات متعلقة بمستقبل غزة فكانت المراوحة بين استدعاء سلطة عباس الخائنة لتتولى الأمر فيها، مثلما يرى جو بايدن، وإدارة دولية لغزة اقترحها الأوروبيون، وبسط سلطة الكيان وإدارتها عسكريًا كما كان يتمنى نتنياهو. 

يرتفع الضغط من كل الجهات، قبل الوصول إلى هدنة واتفاق حول تبادل الأسرى، وسيكون لتفوق المقاومة المسجل ميدانيًا والتصعيد في محيطها (الحوثي، الجبهة الشمالية) دور في رسم مستقبل غزة، رغم ما ستعرفه مرحلة ما بعد الحرب من تعقيدات هدف شركاء العدوان على غزة منها الالتفاف على انتصارها الحقيقي وتصريفه في متاهات السياسة الدولية بتحريك آلية "المجتمع الدولي" شريكهم الموضوعي في العدوان بسبب سكوته الفضيحة عن جرائم الإبادة والتطهير العنصري. 

يأتي الكيان، بعد شهر ونصف من حربه على غزة، ضعيفًا إلى طاولة المفاوضات، والحديث عن الهدنة/الأسرى هو في حقيقته إعلان غير رسمي عن سقوط هدف "القضاء على حماس"

كشفت المعركة عن حقيقة وحدة الساحات (غزّة، الضفة، الـ48)، فقد سرّعت الحرب على غزة بنقل نموذج غزة إلى الضفة والداخل (القدس). وقد كان هول الجرائم في غزة غطّى على ما تعرضت له الضفة من قمع واعتقال وقتل لانتصارها لغزة والحق الفلسطيني واستباقًا لما قد تعرفه أجهزة سلطة عباس من تمرّد. ولا يخفى ما فيها من تململ أمام حجم الاعتداء وتواطؤ عباس وفريقه مع الاحتلال. يضاف هذا إلى ما سطّرته مدن جنين ونابلس وطولكرم من مسار في نقل نموذج غزة إلى الضفة والداخل. فصار لكل منها كتيبة مقاتلة تجمع مقاتلين من القسام (حماس) وسرايا القدس (الجهاد الإسلامي) و"كتائب شهداء الأقصى" (حركة فتح). 

ليس يسيرًا تخيّل غزة والمنطقة، بعد الحرب التي لم تُفصح عن نتائجها الميدانية النهائية بعد، غير أنّ مؤشرات عدة تدفع إلى تقدير أن يتواصل التوتر في فلسطين ومحيطها، وهو ما يعني الدخول إلى مرحلة مضطربة تكون مساحة زمنية محدودة يستعدّ فيها كلّ طرف للمنازلة القادمة بما تعنيه من انفتاح على السياق العربي والإقليمي والدولي. 

مؤشرات عدة تدفع إلى تقدير أن يتواصل التوتر في فلسطين ومحيطها.. وقد يكون من تحديات هذه الحرب الاستعداد لبناء معادلات وتوازنات لا يكون فيها الكيان

ورغم أنّ المنطقة والعالم ليسا مستعدين لتمثّل "الشرق الأوسط" دون دولة الكيان، فإنّ لوظيفيّة الكيان مدى تنتهي عنده مثل دور كل جسم وظيفيّة، وعلى هذه النهاية أكثر من مؤشر. 

وقد يكون من تحديات هذه الحرب الاستعداد لبناء معادلات وتوازنات لا يكون فيها الكيان. فالعالم بدوره يعيش اليوم وضعًا انتقاليًا لم تتوضح فيه السبل إلى مغادرة حطام القديم باتجاه جديد قد تتوفر موادّه ويغيب مخطط بنائه، بعد أن جرف طوفان غزة أساسات القديم ومرجعياته.

 

  • المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"