29-مارس-2024
Getty

عطلة الأمومة تعتبر من الحلقات الأضعف في المنظومة التشريعيّة في تونس (صورة توضيحية/Getty)

 

لا يزال مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش وجدل سواء داخل البرلمان التونسي أو منظّمات المجتمع المدنيّ أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعيّ التي أصبحت عنصرًا من عناصر الضغط سواء لتمرير قوانين أو إلغاء أخرى. 

مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش وجدل سواء داخل البرلمان أو منظمات المجتمع المدني أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعي

وبالرغم مما وصلت إليه البلاد التونسيّة من مراتب متقدّمة على مستوى حقوق ومكتساب المرأة، إلّا أنّ عطلة الأمومة تعتبر من الحلقات الأضعف في المنظومة التشريعيّة، خاصّةً وأنّ القانون الذّي ينظّمها يراوح مكانه منذ أكثر من أربعين سنة دون مراعاة للتطوّرات الحاصلة في عالم الشغل.

وتعمل العديد من الأطراف اليوم من أجل تطوير هذه المنظومة والدفع ليكون القانون أكثر إنصافًا للمرأة وأكثر استجابةً للمعايير الدولية في مجال حماية الأمومة.

عطلة الأمومة تعتبر من الحلقات الأضعف في المنظومة التشريعيّة، خاصّةً وأنّ القانون الذّي ينظّمها يراوح مكانه منذ أكثر من أربعين سنة

وقد تقدم مؤخّرًا عدد من النواب بمبادرة تشريعية، تتعلق بتنظيم عطلة الأمومة والأبوة في القطاعين العام والخاص، وانطلقت إثرها عديد المنظّمات الحقوقية والمجتمعية في حملات مناصرة لدعم مشروع القانون وتمريره.

وللوقوف على تفاصيل هذا المشروع ومدى إنصافه للأسرة التونسيّة، تواصل "الترا تونس" مع عدد من المختصّين، وتحدّثوا عن تفاصيل المشروع في هذا التقرير.

  • هل يراعي المشرّع التونسيّ الأمّ والطفل؟

تؤكّد النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بثينة الغانمي، لـ "الترا تونس"، أنّ مقترح القانون المتعلّق بتنظيم عطل الأمومة والأبوّة والوالدية في القطاعين العام والخاص يتضمّن 22 فصلاً، تبنّاها 24 نائبًا والعدد في تزايد. ويتطرّق لأربعة عناوين كبرى: عطلة ما قبل الولادة، وعطلة الأمومة، وعطلة الأبوّة وراحة الرضاعة، مشيرةً إلى أنّ نظام هذه العطل موحّد بين القطاعين العام والخاص مع بعض الاختلافات.

النائب بثينة الغانمي لـ"الترا تونس": مقترح القانون المتعلّق بتنظيم عطل الأمومة والأبوّة والوالدية في القطاعين العام والخاص  يتطرّق لأربعة عناوين كبرى: عطلة ما قبل الولادة، وعطلة الأمومة، وعطلة الأبوّة وراحة الرضاعة

وتشرح محدّثتنا بعض فصول هذا المشروع قائلةً "هناك فصل يحدّد المدّة القصوى لعطلة الأمومة بسبعة عشر أسبوعًا متتالية، بدايةً من عطلة ما قبل الولادة مع استحقاق كامل المرتب بالنسبة للقطاع العام وثلثي الأجر اليومي الاعتيادي المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص دون أن يكون أقل من الأجر الأدنى السنوي للسنة التي وقع فيها الحمل في القطاعين الفلاحي والصناعي. كما يتفع الأب بعطلة أبوة مدتها عشرة أيام خالصة الأجر بعد الإدلاء بشهادة طبية تثبت الولادة وتكون هذه العطلة خلال العشر أيام الأولى من تاريخ الولادة".

وتضيف الغانمي أنّ الهدف من هذا القانون هو تحقيق المساواة بين الجميع دون تمييز في الحقوق وفق ما نصّ عليه الفصل 23 من الدستور، مؤكّدةً أنّها ستعمل مع بقية النوّاب على تمريره صلب المؤسسة التشريعية، انصافًا للمرأة ولدعم ما حقّقته من مكاسب في مجلة الأحوال الشخصية وفي الدستور التونسي.

النائب بثينة الغانمي لـ"الترا تونس": القوانين التي كرّسها المشرّع التونسي لم تكن ملائمة مع ما تقرّ به منظّمة العمل الدولية في الاتفاقية عدد 183 وهذه القوانين لم ترقى إلى مستوى مراعاة الأمومة والطفل، وفيها تجنّ وحيف مسلط على المرأة 

وتقول النائب عن حركة الشعب إنّ القوانين التي كرّسها المشرّع التونسي لم تكن ملائمة مع ما تقرّ به منظّمة العمل الدولية في الاتفاقية عدد 183 والتي تنص على ضرورة حماية الأمومة بإسناد عطلة لا تقل عن 14 أسبوعًا، مشدّدةً على أنّ هذه القوانين لم ترقى إلى مستوى مراعاة الأمومة والطفل، وفيها تجنّ وحيف مسلط على المرأة وتكريس للتمييز ضدّها، وفق حديثها.

  • قانون عطلة الأمومة والأبوّة: تجارب مقارنة

وتعتبر الدول الاسكندنافية سبّاقةً في إعتماد الأنظمة القانونية لعطلة الأبوّة وعطلة الوالدية وتطويرها، ففي النرويج نص الإصلاح الأخير الذي يعود إلى سنة 2019، على عطلة بثلاثة أسابيع للزوجين عند الولادة وخمسة عشر أسبوعًا للأم، وستة عشر أسبوعًا كعطلة والدية لتوزيعها بين الأم والأب على النحو الذي يرونه مناسبًا.

أمّا في السويد فيمكن أن تستمر الإجازة الوالدية حتى 480 يومًا، شهران منها ذات طابع إلزامي ويتقاضى خلالها الوالدان وبالتساوي 80% من راتبهما.

تعتبر الدول الاسكندنافية سبّاقةً في إعتماد الأنظمة القانونية لعطلة الأبوّة وعطلة الوالدية وتطويرها ففي السويد يمكن أن تستمر الإجازة الوالدية حتى 480 يومًا

كما يمنح الآباء في فنلندا إجازة مدفوعة الأجر طيلة أربعة وخمسين يومًا، وبالإضافة إلى ذلك، يتشارك الوالدان في ستة وعشرين أسبوعًا من الإجازة الوالدية، مقابل 70% و90% من المرتب.

أمّا في علاقة بتجارب البلدان الأوروبية الأخرى، فقد مدّدت إسبانيا مدة عطلة الأبوة إلى شهرين لتبلغ ستة عشر أسبوعًا في 2021. ويحقّ للأب في البرتغال الحصول على عطلة أبوة لمدة خمسة أسابيع، أربعة منها إلزامية، ويمكن إضافتها إلى 150 يومًا من الإجازة الوالدية لتقاسمها مع الأم. فيما تكتفي إيطاليا، والمجر والجمهورية التشيكية وهولندا بعطلة أبوّة لا تتجاوز سبعة أيام.

يقرّ كلّ من الأردن والجزائر ولبنان والإمارات بعطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 3 أيام في حين تمنح جزر القمر عطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 10 أيام

وعن تجارب البلدان العربية، يقرّ كلّ من الأردن والجزائر ولبنان والإمارات العربية المتحدة، بعطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 3 أيام في حين تمنح جزر القمر عطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 10 أيام.

  • "قانون الأمومة لا يخصّ المرأة فقط بل كامل المجتمع"

وفي الإطار نفسه، ثمّنت عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سامية بوسلامة مشروع التنقيح المتعلّق بقانون الأمومة والأبوّة في تونس قائلةً "نحن نسعد بأي تنقيح يحسّن حياة التونسيّين"، مشدّدةً على أنّ هذا القانون لا يخصّ المرأة فقط بل يخصّ المجتمع بأكمله.

وتقول سامية بوسلامة إنه وقع تنظيم العديد من الحملات من أجل المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن مراجعة اتّفاقيّة حماية الأمومة عدد 183، إلّا أنّ الحكومة التونسيّة رفضت ذلك، موضّحةً أنّ هذه الاتّفاقيّة تؤكّد على حقّ كلّ أمّ، سواء في إطار الزّواج أو خارجه، في عطلة أمومة بشهر قبل الولادة وأربعة أشهر بعد الولادة وذلك لتكون كلّ الأمّهات على نفس القدر من المساواة ولتجنّب أيّ تعقيدات صحيّة قد تصيب الأمّ أو طفلها وهو ما ستتكبّد تكاليفه الدولة التونسيّة، وفقها.

عضو منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الترا تونس": مشروع  القانون المتعلّق بتنظيم عطل الأمومة والأبوّة والوالدية لا يرتقي لمستوى الطموحات خاصّة أنّه لا يفرض على القطاع الخاص هذه العطلة

وتؤكّد بوسلامة ضرورة حماية كلّ الأمّهات سواء في القطاع العامّ أو الخاص، مضيفةً أنّه يمكن تقسيم هذه العطل بطريقة تمكن الأب من المشاركة في العناية بزوجته وبطفله.

وتختم عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة بأنّ هذا المشروع لا يرتقي لمستوى طموحاتها خاصّة أنّه لا يفرض على القطاع الخاص هذه العطلة، كما أنّ عطلة الأبوة تتطلّب آليات للتطبيق لأن العقليّة لم تتقبّلها بعد، بالإضافة إلى ظروف الصناديق الاجتماعيّة التي من الممكن أن تعطّل المشروع.

 

جدول للمقارنة بين النظام القانوني الجاري به العمل حاليا والإصلاحات المقترحة عن منظّمة صحفيّون من أجل حقوق الإنسان

  النظام القانوني الجاري به العمل النظام القانوني الجاري به العمل النظام القانوني المقترح في مشروع القانون

العطلة أو الراحة

قطاع عام  قطاع خاص نظام موحد مع بعض الاختلافات بين القطاعين العام والخاص
عطلة ما قبل الولادة غير  منصوص عليها غير  منصوص عليها تنتفع الأم الحامل العاملة وجوبا بعطلة ما قبل الولادة لمدة ثلاثة أسابيع (03) خلال الشهر الذي يسبق مباشرة التاريخ المحتمل للولادة قابلة للتمديد لمدة أقصاها أسبوعان (02) إذا اقتضت حالتها الصحية ذلك. ويتم إثبات التاريخ المحتمل للولادة بشهادة طبية.