14-أبريل-2023

سعيدان: صندوق النقد الدولي نفسه ورّط تونس في السنوات الأخيرة

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد المختص في الاقتصاد عز الدين سعيدان، الجمعة 14 أفريل/نيسان 2023، أنّ اليوم يصادف الذكرى 65 لانضمام تونس إلى صندوق النقد الدولي منذ 14 أفريل/ نيسان سنة 1958، وقد كانت العلاقة بينهما ممتازة جدًا خلال هذه الفترة، عدا السنوات الأخيرة التي حدث فيها مأزق، وصلنا إليه لسببين رئيسيين وفق قوله.

عز الدين سعيدان: الفريق التونسي المفاوض مع صندوق النقد، وكي يصل إلى الاتفاق المبدئي معه، ربما ورّط رئيس الجمهورية في إصلاحات هو يرفضها من الأساس 

وتابع سعيدان لدى حضوره بإذاعة "الجوهرة أف أم" (محلية)، أنّ "الفريق التونسي المفاوض مع صندوق النقد، ربما ورّط رئيس الجمهورية في إصلاحات هو يرفضها من الأساس، كي يصل إلى ذاك الاتفاق المبدئي في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إذ ربما ذهب الفريق في تجاوز ما هو مقبول بالنسبة لقيس سعيّد" وفقه، قائلًا: "يجب الاعتراف بأنّ برنامج الإصلاحات الذي وُضع هو برنامج صعب لأننا تأخرنا في القيام بها، وهو ما أنتج تضاربًا في خطاب الحكومة التونسية مع الرئيس والذي يصل إلى درجة التناقض" على حد تعبيره.

وأرجع المختص في الاقتصاد السبب الثاني، إلى أن صندوق النقد الدولي نفسه هو الذي ورّط تونس في السنوات الأخيرة، فقال: "هناك فرق كبير جدًا بين تصرفات الصندوق حين كانت حركة النهضة في الحكم وتصرفاته الآن، إذ أعطت هذه الجهة المانحة تسهيلات كبيرة جدًا في العشر سنوات الأولى منذ الثورة"، متسائلًا: "لماذا لا يراجع الصندوق حاليًا برنامج الإصلاحات ويسهّل العملية بالنسبة لتونس؟ ولماذا لا يستغل وجود محافظ البنك المركزي ووزير الاقتصاد في واشنطن الآن؟" وفقه.

عز الدين سعيدان: تعنّت كبير جد من طرف صندوق النقد حاليًا، فلماذا لا يراجع برنامج الإصلاحات ويسهّل العملية بالنسبة لتونس؟

وشدّد عز الدين سعيدان على أنّ هناك "تعنّتًا كبيرًا جدًا من طرف الصندوق الذي كان على علم حين كانت الدولة تقترض بشكل مشط من البنوك التونسية على مدى 10 سنوات"، مشيرًا إلى أنّ تونس بلغت 117 ألف مليار من التداين للحكومة فقط دون اعتبار تداين المؤسسات العمومية التي تضمنها الدولة، فإذا جمعنا كلّ المبلغ سنجد أنه يتجاوز 100% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهذا الحجم من القروض "يمكّن من بناء تونس جديدة" على حدّ وصفه.

وأوضح سعيدان أنّ الإصلاحات ضرورية لتونس سواء مع صندوق النقد الدولي أو لا، وصرّح: "نحن في وضع إنكار وهروب إلى الأمام وكذب، فكيف نقول إن عجز الميزان التجاري قد تحسّن؟ فإذا كنّا نملك فائضًا في الميزانية لماذا نطلب القرض؟ هذا فيه إضرار بمصلحة تونس" وفق تقديره.

عز الدين سعيدان: تونس في وضع إنكار وهروب إلى الأمام وكذب، فكيف يقع الإعلان رسميًا أنّ عجز الميزان التجاري قد تحسّن؟ فإذا كنّا نملك فائضًا في الميزانية لماذا نطلب القرض؟

ولفت سعيدان إلى أنّ كلفة الدين الخارجي من ناحية الفوائد فقط، تبلغ سنويًا 4.5% وبالتالي يجب تحقيق نسبة نمو بـ4.5% سنويًا لسداد فوائد الدين الأجنبي، وتساءل إن كانت تونس تملك سياسية بخصوص مواطنيها المقيمين بالخارج.

واعتبر سعيدان أنّ الاتفاق مع الصندوق ضروري ولا بديل له، لكنه لن يكون كافيًا ولهذا يجب التعويل على أنفسنا أيضًا، وقال: "الدولة تنفق بشكل رهيب، فميزانية الدولة سنة 2010 كانت 18 مليار دينار، ربعها كان مخصصًا للاستثمار العمومي (من بنية تحتية ومدارس ومستشفيات..) لكن الميزانية الوقتية هي 70 مليار دينار، (تضاعفت 4 مرات)، بينما تراجعت نسبة الاستثمار العمومي منها لتبلغ 3%، وبالتالي يجب إعادة النظر بالكامل في نمط إنفاق الدولة"، مؤكدًا أنّ هناك جريمة مالية ترتكب في حق تونس وفي حق الأجيال القادمة حين يتم تحويل ميزانية الاستثمار لتغطية النفقات العامة، وفق تصريحه.

عز الدين سعيدان: يجب تحقيق نسبة نمو بـ4.5% سنويًا لسداد فوائد الدين الأجنبي فقط

وكان المسؤول في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، قد قال الخميس 13 أفريل/نيسان 2023، إن الصندوق لم يتلق مطلبًا من سلطات تونس لإعادة النظر في برنامج "إصلاحاتها" الاقتصادية، مضيفًا، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن الصندوق لم يفرض إملاءات على تونس.

وأوضح أزعور، وهو مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي يوم الخميس بواشنطن، حيث يعقد صندوق النقد والبنك الدولي اجتماعات الربيع "الصندوق لم يفرض أي إملاءات". وتابع "لم يرد على الصندوق مطلب من السلطات التونسية لإعادة النظر في برنامج الإصلاح الذي أعده التونسيون".

أما الرئيس التونسي قيس سعيّد فقد قال، الخميس 6 أفريل/نيسان 2023، ردًا عن سؤال إعلامي حول توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي من عدمه، "الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدي لمزيد التفقير مرفوضة.. لابد أن نعوّل على أنفسنا".

وتتضمن حزمة الإصلاحات المذكورة، وفق المعلن عنه، "خفض دعم المواد الغذائية والطاقة وإعادة هيكلة الشركات العمومية وخفض فاتورة أجور القطاع العام".

وتٌطرح منذ أشهر أسئلة عديدة في تونس بخصوص الموقف الرسمي التونسي من قرض صندوق النقد الدولي خاصة وقد تأخر توقيع الاتفاق النهائي، الذي يشترط الصندوق أن يُمضي عليه الرئيس التونسي لتكون "الإصلاحات" المضمنة داخله ملزمة.