22-أغسطس-2023
 قيس سعيّد والدستور

يطوي قيس سعيّد عامه الأوّل رئيسًا للسلطة التنفيذية وفق صلاحيات دستوره

 

انتُخب قيس سعيّد رئيسًا للجمهورية عام 2019 وفق صلاحيات دستور 2014 القائم على سلطة تنفيذية برأسين اثنين: رئيس للدولة منتخب مباشرة يختصّ بضبط سياسة الدولة في ثلاث مجالات محدّدة حصرًا (الدفاع والخارجية والأمن القومي)، ورئيس للحكومة يختصّ بـ"ضبط السياسة العامّة للدولة" يصادق البرلمان على حكومته. 

إثر إعلان التدابير الاستثنائية بتأويل "متعسّف" بحسب مختصّين، وخصوصًا بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر/أيلول 2021، باتت السلطة التنفيذية تُمارس برأس واحد: رئيس الجمهورية مع مساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة (الفصل 8 من الأمر)، وهو ما ثبّته الفصل 87 في دستور 2022 الذي كرّس، بالنهاية، نظامًا سياسيًا يُعلي "الوظيفة التنفيذية" على حساب "الوظيفة التشريعية" دون توازن في صلاحيات كلّ منهما تُجاه الآخر.

يطوي قيس سعيّد عامه الأوّل رئيسًا للسلطة التنفيذية وفق صلاحيات دستوره ليحلّ في الأثناء سؤال التقييم تحديدًا فيما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي والاجتماعي

يطوي رئيس الدولة بذلك عامه الأوّل رئيسًا للسلطة التنفيذية وفق صلاحيات دستوره باعتبار أن باب "الوظيفة" التنفيذية دخل حيّز النفاذ بختم الدستور ونشره في الرائد الرسمي (17 أوت/أغسطس 2022). ليحلّ، في الأثناء، سؤال التقييم تحديدًا فيما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي والاجتماعي.

 

  • سعيّد لا يرأس مجلس الوزراء.. الاستثناء الدائم؟

رئيس الجمهورية هو من يرأس، بصفة أساسية، مجلس الوزراء، فيما يسمح الفصل 113 من الدستور لرئيس الحكومة أن ينوبه "عند الاقتضاء". بيد أن الممارسة أثبتت أن رئيس الحكومة، وتحديدًا رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن (أكتوبر/تشرين الأول 2021 - جويلية/يوليو 2023) هي من كانت تتولّى رئاسة مجلس الوزراء، بصفة أساسية، مقابل إشراف رئيس الجمهورية، في بعض المناسبات، على رئاسته. 

ولذلك جرت العادة أن يتناول رئيس الجمهورية مع رئيسة الحكومة جدول أعمال مجلس الوزراء قبيل انعقاده. ولكن أيضًا سُجل استقبال رئيس الدولة لرئيسة الحكومة للتطرّق إلى مشاريع المراسيم والأوامر "التي تم التداول فيها في مجلس الوزراء" (مثل لقاء سعيّد وبودن بتاريخ 5 سبتمبر/أيلول 2022)، وهو ما يكشف أن رئيس الجمهورية كان يتابع أعمال المجلس بصفة بعدية. 

واللافت أن سعيّد لم يكن يترأس أحيانًا حتى مجالس الوزراء التي تكتسي خصوصية على غرار عدم إشرافه على مجلس الوزراء المخصّص للمصادقة على مشروع قانون المالية لعام 2023، والحال أنه يعدّ أهمّ قانون سنوي للسلطة التنفيذية، ليس فقط باعتباره يعكس خياراتها الاقتصادية والاجتماعية فيما يضبطه هذا القانون، ولكن أيضًا بالنظر للوضع الحرج للمالية العمومية والجدل حول خيارات الحكومة. وهو ما يطرح، في هذا الجانب، المسؤولية السياسية أي مسؤولية رئيس الدولة عن اختيارات الحكومة المكلّفة، طبق الدستور" بـ"مساعدته" في ضبط السياسات العامة للدولة.

أثبتت ممارسة ما يزيد عن عام أن رئيس الدولة لم يكن حريصًا على رئاسة مجلس الوزراء وبما يقتضيه من التعاطي المباشر والشخصي مع الوزراء، بل كان يكلّف نجلاء بودن برئاسته باعتبارها من "تسيّر الحكومة وتنسّق أعمالها"

بذلك، أثبتت ممارسة ما يزيد عن عام أن رئيس الدولة لم يكن حريصًا على رئاسة مجلس الوزراء وبما يقتضيه من التعاطي المباشر والشخصي مع الوزراء، بل كان يكلّف رئيسة الحكومة برئاسته باعتبارها من "تسيّر الحكومة وتنسّق أعمالها". في المقابل، يقتصر رئيس الدولة على عقد لقاءات دورية مع رئيسة الحكومة أو أحيانًا مع بعض الوزراء بخصوص ملفّات محدّدة، في إطار توجيهه لـ"تكليفات" عادة ما يقع تضمينها في البلاغات الرئاسية.

وقد تضمّنت هذه اللقاءات نقدًا علنيًا من رئيس الدولة لأداء بعض الوزارات أو الإدارات مع احتجاجه على ما يحتّج لأجله مواطنون كغلاء الأسعار أو نقص المواد الأساسية أو عدم توفّر جوازات سفر فارغة. وبقدر ما يعتبر البعض أن هذا الأسلوب يعكس إلمامًا بمشاكل الناس أو سعيًا للمصارحة، يرى البعض الآخر أنه محاولة للتفصّي من المسؤولية باعتبار أن رئيس الدولة هو وحده من يتولّى السلطة التنفيذية، وبالتالي فهو يتحمّل المسؤولية عن أداء الحكومة المكلّفة بنص الدستور بـ"مساعدته" عدا أنه من عيّن بنفسه أعضاءها.

 

  • "ضبط السياسة العامة للدولة" في مواجهة تصاعد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية

استتباعًا لما سبق، إذا ما كان رئيس الدولة هو من يختصّ لوحده بـ"ضبط السياسة العامة للدولة وتحديد اختياراتها الأساسية" (الفصل 100 من الدستور)، يأتي سؤال تقييم خيارات سعيّد وسياساته. ولكن المشكل الإجرائي، في هذا الجانب، هو أن رئيس الجمهورية تم انتخابه عام 2019 بحسب صلاحيات دستور 2014، وبالتالي فهو لم يقدّم برنامجًا انتخابيًا يتضمّن مشاريعه ومقترحاته للتصدّي لرئاسة الدولة يمكن مساءلته على أساسها، دون أنه أصلًا، حتى وفق صلاحيات الدستور السابق، كان قد أكد أنه لم يقدّم برنامجًا انتخابيًا بقدر ما قدّم "حملة تفسيرية". غير أن رئيس الجمهورية، وبعد تولّيه السلطة التنفيذية بعد 25 جويلية/يوليو 2021 إجمالًا، عمل على تقديم ما يسمّيها تصوّراته حول عدد من المحاور جسّد بعضها في شكل مراسيم (قانون الصلح الجزائي/الشركات الأهلية أساسًا).

يعدّ الملف الاقتصادي والاجتماعي الملفّ الرئيسي لتقييم المواطن لأداء السلطة التنفيذية دائمًا وهنا تعكس أرقام رسمية تصاعد حدّة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية طيلة فترة تولّي قيس سعيّد السلطة التنفيذية بمفرده

يعدّ الملف الاقتصادي والاجتماعي، في الأثناء، هو الملفّ الرئيسي لتقييم المواطن لأداء السلطة التنفيذية دائمًا، خاصة في ظل استشراء الأزمة بسبب وباء كورونا. في هذا الجانب، تعكس أرقام رسمية، في المقابل، تصاعد حدّة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية طيلة فترة تولّي سعيّد السلطة التنفيذية بمفرده. إذ ارتفعت نسبة التضخم بشكل قياسي من 6.4 في المائة في جويلية/يوليو 2021 إلى 9.3 في المائة في جوان/يونيو 2023. كما زادت نسبة الفائدة المديرية مرّتين لتمرّ من 6.25 في المائة في جويلية/يوليو 2021 إلى 8 في المائة في جوان/يونيو 2023 فضلًا عن تسجيل فقدان لعديد المواد الغذائية الأساسية. في هذا الجانب، تعتبر منظمة "أنا يقظ"، في تقرير "سعيّد ميتر" بمناسبة مرور سنتين منذ إعلان التدابير الرئاسية، مثلًا أن مرسوم مكافحة المضاربة والاحتكار بيّن عدم نجاعته وأنه لم يكن سوى ذرّ رماد على العيون للتملّص من المسؤولية.

 

 

وفيما يهمّ تعبئة الموارد المالية للدولة، أعلن سعيّد تعويله على آلية الصلح الجزائي لتوفير 14.5 مليار دينار، غير أن هذه اللجنة، منذ بدء عملها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وإلى نهاية مدتها الرئيسية المحددة بستّة أشهر في ماي/أيار 2023، لم تنجح في توفير أي مبلغ مع تعتيم السلطات على تقديم أي معلومات رسمية حول نشاطها. وقد مدّد رئيس الدولة في عمل اللجنة لمدة 6 أشهر وسط شكوك من خبراء حول قدرتها على تأمين السقف المالي المأمول من رئيس الجمهورية لتغطية عجز المالية العمومية. 

بذلك بقياس الأرقام الرسمية من جهة وعدم تحقيق بعض الاختيارات (مثل مرسوم الصلح الجزائي) للنتائج المرجوّة من جهة أخرى، تظهر أن حصيلة قيس سعيّد على مستوى معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية سلبية. 

بقياس الأرقام الرسمية من جهة وعدم تحقيق بعض الاختيارات، مثل مرسوم الصلح الجزائي، للنتائج المرجوّة من جهة أخرى تظهر أن حصيلة قيس سعيّد على مستوى معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية سلبية

 

  • تعيين الحشاني دون تكليفه باقتراح حكومة جديدة.. وضع مربك

في الأثناء، رغم دخول باب السلطة التنفيذية في دستور 2022 حيز النفاذ، واصلت نجلاء بودن رئاسة الحكومة المكوّنة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 إذ لم يسع رئيس الدولة لتكوين حكومة جديدة سواء بمواصلة تكليف بودن أو غيرها، وذلك إلى غاية نهاية جويلية/يوليو 2023. كلّف سعيّد، تباعًا، أحمد الحشّاني برئاسة الحكومة دون تكليفه باقتراح تركيبة حكومة جديدة.

ينصّ الفصل 101 من الدستور على أنّ "رئيس الجمهورية يعيّن رئيس الحكومة، كما يعيّن بقيّة أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها". وتسهر الحكومة على تنفيذ السياسة العامّة للدولة وهي مسؤولة على تصرّفها أمام رئيس الجمهورية طبق الفصل 112 من الدّستور، وبالتبعية إن رئيس الحكومة هو المسؤول على أعضاء حكومته باعتبار أنه من يقترحهم عليه للتعيين. ولذلك تقتضي الصورة أن إعفاء رئيس حكومة هو إقالة للحكومة برمّتها، وتعيين رئيس حكومة جديد، يفترض، توازيًا، تكليفه، باقتراح تركيبة حكومة جديدة، إذ لا يمكن مساءلة رئيس الحكومة على أداء حكومة لم يقترح أعضاءها. غير أن الواقع على خلاف ذلك، إذ أن تعيين الحشاني لا يعني تكوين حكومة جديدة.

تطرح الشغورات على المستوى الوزاري وطول أمدها السؤال حول حقيقة الحرص على تأمين السير العادي للعمل الحكومي، إذ يؤشر عدم تعيين وزير للتشغيل منذ 6 أشهر مثلًا عن حالة من البرود من جهة الرئاسة رغم أهمية ملف التشغيل في بلد يعاني ارتفاعًا في نسبة البطالة

يزيد هذا الوضع في إضفاء الشكوك على تناسق العمل داخل الحكومة ونجاعته. خاصة وأن الحكومة الحالية تعمل منذ شهر فيفري/شباط 2023 دون ناطق رسمي باسمها ودون وزير للتشغيل بعد إعفاء الوزير السابق نصر الدين النصيبي دون تعيين من يخلفه. كما أقال سعيّد في شهر ماي/أيار 2023 وزيرة الطاقة والمناجم نائلة نويرة دون تعويضها. وتطرح الشغورات على المستوى الوزاري وطول أمدها السؤال حول حقيقة الحرص على تأمين السير العادي للعمل الحكومي، إذ يؤشر عدم تعيين وزير للتشغيل منذ 6 أشهر مثلًا عن حالة من البرود من جهة رئاسة الجمهورية خاصة وأن الأمر يتعلّق بحقيبة وزارية تعدّ حيوية بالنظر لأهمية ملف التشغيل في بلد يعاني ارتفاعًا في نسبة البطالة.

 

 

  • اجتماعان لمجلس الأمن القومي حول "الهجرة غير النظامية"

منذ إقرار الدستور، عقد رئيس الجمهورية ثلاث اجتماعات لمجلس الأمن القومي الذي يختصّ برئاسته مخصّصًا اجتماعين منهما لملف الهجرة غير النظامية نحو تونس (فيفري/شباط وجويلية/يوليو 2023) فيما تناول الاجتماع الثالث العملية "الإجرامية" في جزيرة جربة (ماي/أيار 2023).

وتحدّث سعيّد، في كلمته في اجتماع المجلس في فيفري/شباط 2023 المخصّص "للنظر في الإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، عن محاولة لـ"توطين" "جحافل" المهاجرين في ظل مخطّط لـ"تغيير التركيبة الديمغرافية". وهي تصريحات حفّزت تصاعد خطاب الكراهية ضد المهاجرين ليبلغ حدّ استعمال العنف المادي ضدهم، ناهيك عمّا أثارته من ردود فعل مندّدة من منظمات حقوقية محليّة ودولية، بلغت إلى درجة تعبير الاتحاد الإفريقي عن رفضه لتصريحات سعيّد. 

اللافت أن قيس سعيّد منذ إقراره دستوره لم يعقد اجتماعات لمجلس الأمن القومي حول ملفات استراتيجية مثل الطاقة والأمن الغذائي والفلاحة وهي مواضيع ظلت في مستوى الإدارة الحكومية

وقد خصّ رئيس الدولة لاحقًا مجلسَ أمن قومي ثانيًا، منتصف جويلية/يوليو 2023، للملف بتجديد رفضه توطين المهاجرين مع التشديد على أن تونس ليست حارسة لحدود أوروبا. وهو مجلس انعقد متزامنًا مع تصاعد التعامل الصارم للسلطات التونسية مع المهاجرين مع اتهامات من منظمات حقوقية على غرار "هيومن رايتس ووتش" للحكومة التونسية بارتكاب "انتهاكات خطيرة" ضدهم. وكان قد انعقد مجلس الأمن القومي المذكور قبل يومين فقط من إبرام اتفاقية الشراكة الشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي الذي اعتُبر ملف الهجرة غير النظامية نحو أوروبا أحد محفّزات إبرامها بالنسبة لإيطاليا الراعية للاتفاقية على وجه التحديد.

لم يعقد رئيس الدولة، في المقابل، اجتماعات لمجلس الأمن القومي حول ملفات استراتيجية مثل الطاقة والأمن الغذائي والفلاحة، وهي مواضيع ظلت في مستوى الإدارة الحكومية.

 

  • أزمة الدبلوماسية التونسية؟

إن كان رئيس الدولة يضبط سياسة الدولة في مجال السياسة الخارجية كجميع المجالات في دستور 2022، على خلاف الصبغة الحصرية في دستور 2014، فإنّ إدارة ملف السياسة الخارجية تظلّ محرارًا أساسيًا في تقييم الأداء. وفي هذا السياق، تصدّر ملف الهجرة غير النظامية العنوان الرئيسي للنشاط الرسمي للدبلوماسية التونسية مع أوروبا طيلة العام الأخير، في ظل تواتر اللقاءات بين المسؤولين التونسيين والإيطاليين على وجه الخصوص، والذي توّج بإبرام اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي تضمّن التزامًا تونسيًا بتشديد الرقابة على قوارب الهجرة نحو شمال المتوسط والحدّ من قبول المهاجرين التونسيين المرحّلين. وقد اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في هذا السياق، أن الأوروبيين استغلوا الهشاشة الاقتصادية والسياسية لتونس.

حَفَل العام الأول لسعيّد بوصفه رئيسًا للسلطة التنفيذية بصلاحيات دستوره باضطراب على مستوى وزارة الخارجية بعد إقالته للوزير السابق عثمان الجرندي وتعويضه بنبيل عمّار توازيًا مع الشغورات في عديد المواقع الدبلوماسية لأشهر عديدة

في الأثناء، حفل العام الأول لسعيّد بوصفه رئيسًا للسلطة التنفيذية بصلاحيات دستوره باضطراب على مستوى وزارة الخارجية بعد إقالته للوزير السابق عثمان الجرندي في شهر فيفري/شباط 2023 وتعويضه بنبيل عمّار، توازيًا مع الشغورات في عديد المواقع الدبلوماسية على مستوى السفراء والقناصل التي دامت لأشهر عديدة قبل بدء سدّها خلال صيف 2023. وهو اضطراب أثّر على نجاعة النشاط الدبلوماسي.

مغاربيًا، استمرّ تأزم العلاقة مع المغرب بسبب أزمة استقبال رئيس جبهة البوليساريو الصيف المنقضي، فيما ظهرت العلاقة مع الجزائر "فاترة" بحسب خبراء وهو ما دفع سعيّد ليوفد وزير خارجيته كمبعوث شخصي للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، فيما اعتُبرت محاولة لتجاوز برود في العلاقة بين البلدين. وفي ليبيا، لم يتحقّق بعد أي اختراق تونسي في مجهود حل الأزمة السياسية في البلد الجار.

وقد خيّم الخطاب الرسمي للسلطة حول ملف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء إجمالًا على صورة تونس دبلوماسيًا في الخارج طيلة الأشهر الأخيرة. إذ يعدّ تعبير أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بداية أوت/أغسطس 2023، عن "قلقه العميق" جراء طرد طالبي اللجوء من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الحدود الليبية والجزائرية في تونس، عنوانًا مكثًفًا في هذا الصّدد.

 

 

  • العام الأخير قبل الانتخابات؟

يُنتظر أن يتمم سعيّد ممارسة صلاحيات رئيس الدولة طبق دستوره لعام ثانِ قبل الموعد المنتظر للانتخابات الرئاسية خريف 2024، والذي مازال لم يتم تثبيته رسميًا بما يعزّز حالة الغموض في الوضع الدستوري. إذ تنتهي عهدة سعيّد الخماسية عام 2024 بعد انتخابه عام 2019، بيد أنه لا يستبعد متابعون أن يبدأ احتساب المدة الرئاسية منذ تاريخ إقرار الدستور الجديد، فيما يشدّد متابعون آخرون على أن قيس سعيّد لن يغامر بتمديد عهدته الرئاسية لما يزيد عن خمس سنوات بدون عرض نفسه لتجديد الثقة في انتخابات، تحوم الشكوك، إجمالًا، حول نزاهتها في ظلّ استهداف المعارضة السياسية وتردّي الوضع الحقوقي من جهة، واستفراد رئيس الدولة بالسلطة من جهة أخرى.

تنتهي عهدة سعيّد الخماسية عام 2024 بعد انتخابه عام 2019 بيد أنه لا يستبعد متابعون أن يبدأ احتساب المدة الرئاسية منذ تاريخ إقرار الدستور الجديد، فيما يشدّد آخرون على أن سعيّد لن يغامر بتمديد عهدته الرئاسية دون عرض نفسه لتجديد الثقة في الانتخابات

يواجه سعيّد، بالنظر لأولويات الجمهور العام، مهمّة أساسية وهي القدرة على حلّ مشاكل التونسيين فيما يتعلق بالوضع المعيشي وإنقاذ الوضع الاقتصادي. وإن كانت صلاحياته الموسّعة كرئيس للجمهورية في دستور 2022 تؤمن، نظريًا، النجاعة في إدارة الدولة واتخاذ القرارات وتنفيذها، فقد أثبتت الحصيلة أن هذه النجاعة لم تؤدِّ، في المقابل، إلى تحسين للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. لم يكن العام الأول لرئيس الدولة منذ نفاذ دستوره، بذلك، في مستوى انتظارات الجمهور العام.