14-نوفمبر-2019

يُصنع مشروب "التيكيلا" من مواد متعفنة في محلات عشوائية في تونس (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

"التيكيلا" هي واحدة من أشهر المشروبات الكحولية في العالم، ظهرت في المكسيك تحديدًا في قرية "تيكيلا"، في ولاية خالكسو، التي حمل المشروب اسمها.  ويُروى أنّه منذ أربعة قرون تعلّمت قبيلة "تولتك" كيفية صنع مشروب رغوي خفيف من عصير الأغاف يسمى "بولكا" (Pulka)، وكانت تنتجه المكسيك فقط قبل استيراد التكنولوجيا الأوروبية لصنع المشروبات الكحولية. وتأسس أول مصنع لإنتاج "التيكيلا" عام 1600، وبدأ المنتج يكتسب بسرعة شعبية كبيرة في العالم.

"التيكيلا" هي واحدة من أشهر المشروبات الكحولية في العالم، ظهرت في المكسيك تحديدًا في قرية "تيكيلا" التي حمل المشروب اسمها

وتختلف ألوان مشروب "التيكيلا" ومذاقاته وتختلف أسعاره حسب كلّ نوع، وهو يوضع في قوارير أنيقة مختلفة الأشكال والأحجام. لكنّ من كان يعلم أنّ هذا المشروب الذي بدأ في قرية في المكسيك ورويت عنه قصص عديدة ولقي انتشارًا واسعًا في العالم، قد يتحوّل في تونس إلى مشروب مصنوع من مواد متعفنة يقع خلطها في محلاّت عشوائية.

اقرأ/ي أيضًا: النبيذ التونسي.. رسالة "ماغون" إلى العالم

"تاكيلا" بالطماطم المخمرة والسكر في تونس

عمد البعض في تونس لصنع "التاكيلا" بطرق مختلفة في محلات عشوائية وبمواد غير تلك التي تصنع منها في الأصل. وقد كُشف، طيلة السنوات الأخيرة، عن مخازن لصنع هذا المشروب بوضعه في براميل بلاستيكية ثم توزيعه أيضًا في قوارير بلاستيكية.

إذ تمكنت فرقة الشرطة العدلية بسوسة الجنوبية في جهة حي الرياض، مؤخرًا، من مداهمة منزل وإيقاف شخص يقوم بصنع وتوزيع "التيكيلا" مع حجز 5 لتر من هذا المشروب ومعدات تُستعمل في صنعه. وتبين أن هذا الصانع يقوم بمزج مواد كيميائية ويضيف إليها مادة السكر ما يتسبب في إذهاب العقل وفقدان الوعي لشاربها.

صنع شراب "التيكيلا" في محلات عشوائية باستعمال مواد فاسدة (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ تمكنت فرق المراقبة الاقتصادية بأريانة، في فيفري/شباط 2019، من حجز 60 لترًا من مشروب "التيكيلا" مصنوع بصفة عشوائية، إثر مداهمة فرق الحرس الوطني لأحد الفضاءات بالمنيهلة. وبينت المصالح الصحية أنّ المشروب المحجوز يتكون من مواد فاسدة مثل الطماطم المخمرة وكحول منتهية الصلاحية وسكر وخمائر ما يشكل خطورة على صحة المستهلك.

كما داهمت الشرطة، في سبتمبر/أيلول 2018، منزل في حي شعبي في سوسة لتقبض على متورط في صنع "التيكيلا"، وحجزت أواني وقوارير خمر مملوءة عمد المظنون فيه تحضيرها بالمنزل بطريقة تقليدية وغير صحية للغرض.

عون في الشرطة البلدية: روائح كريهة وأسعار زهيدة

تحدث عون في الشرطة البلدية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"ألترا تونس" أن جهاز الشرطة البلدية حجز عشرات اللترات من "التيكيلا" في جهات مختلفة مصنوعة بمواد عفنة مثل الطماطم وبعض المواد الكيميائية الأخرى مع إضافة السكر والخميرة، مع حفظ المشروب في أواني بلاستيكية غير صحية وفي ظروف غير آمنة.

 حجز جهاز الشرطة البلدية عشرات اللترات من "التيكيلا" في جهات مختلفة مصنوعة بمواد عفنة مثل الطماطم وبعض المواد الكيميائية الأخرى مع إضافة السكر والخميرة

وأكد أن أغلب المواد التي تُصنع منها "التيكيلا" في المحلات العشوائية هي مواد بسيطة وغير باهظة الثمن وهو ما يجعلها تُباع بطرق عشوائية وبأسعار زهيدة جدًا، مشيرًا إلى تعمد إضافة بعض الكحول.

استعمال مواد غريبة برائحة كريهة في المحلات العشوائية لصنع "التيكيلا" (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

كما أشار محدّثنا إلى أنّ الأخبار عن كشف مخازن أو محلات عشوائية لصنع "التيكيلا" لم تنتشر إلا بعد الثورة، مبينًا أن أعوان الشرطة البلدية لا تعلم أحيانًا الخلطة الممزوجة للمشروب لأن مكوّناتها تبدو غريبة وذات رائحة كريهة جدًا نظرًا لحفظها في أواني بلاستيكية مغلقة حتى تتخمّر وتصفى بعد شهرين من تخزينها، وفق تأكيده.

كيف تُصنع "تاكيلا" في الأصل؟

بلدة "تيكيلا"، التي ظهر فيها المشروب لأوّل مرة، تتميز بكونها منطقة ريفية تزخر بثروات طبيعية جعلت منها منطقة مناسبة لصنع المشروب الشهير، فالتربة البركانية والمناخ الجاف في هذه المناطق بالتحديد يجعلانها مثالية لزرع "الصبار الأزرق"، ويعتبر قلب هذا الصبار هو المادة الرئيسية لصنع "التاكيلا".

ويقع تقطير المشروب بعد اختمار قلب الأغاف (الأناناس) والتي تُقطّع وتُخبز في فرنٍ من الطوب لبضعة أيام، وينتظر المزارعون إلى أن يلين قلب الأغاف ويتحول النشا إلى سكر، ثمّ تقشّر "البينا" (Piña) المطبوخة، ثم تُستحق غالبًا على عجلة حجرية كتلك المستعملة في معصرة زيت الزيتون، لاستخراج العصير الذي يسكب في خزانات خشبية ساخنة.

نبات "البينا" الذي يُستعمل في صنع "التيكيلا" في المكسيك (Getty)

 

أما الخميرة الموجودة بشكل طبيعي على أوراق نبات الصبار، فهي تُستخدم تقليديًا لتسريع العملية، ومن ثم تقطّر مرتين إلى 3 مرات، ويضاف بعدها الماء قبل حفظها في خزانات أو داخل أوعية خشبية.

 وقد حافظت المكسيك على طريقة خزن المشروب في خزانات خشبية لأنّها تعطي نكهة خاصة في أي نوع من المشروبات الكحولية. وتستغرق عملية صناعة هذا المشروب من 14 إلى 21 يومًا للإنتاج، فيما يتطلب تخميره في خزانات أو براميل خشبية مدّة شهرين ليجعل "التاكيلا" تكتسب اللون الذهبي الفاتح مع نكهة خشبية.

ويعدّ مشروب "التيكيلا" من بين أشهر المشروبات الكحولية في العالم يتراوح سعرها بين 30 و100 دولار ما يجعلها غالبًا مشروبًا لميسوري الحال.

البراميل الخشبية المخصصة لتخزين "التيكيلا" في المكسيك (Getty)

 

اقرأ/ي أيضًا:

أنيس حبيب.. شغف "الجعة الحرفية" قاده إلى الأرجنتين ليعود محملًا بحلم

"أنا أسكر.. إذًا أنا موجود": من الدوام إلى الحانة