الترا تونس - فريق التحرير
تونس هي الأولى عربيًا والخامسة عالميًا في استهلاك الكحوليات/ الخمور. هذا عنوان مغرٍ، ودائمًا ما تتناقله وسائل إعلام تونسية وعربية بغاية الإثارة، ولكن دون التثبّت من مصدره، ذلك أن الحقيقة تخالفه. حيث بالعودة لآخر تقرير نشرته منظمة الصحّة العالمية سنة 2016 حول استهلاك الخمور للسكان فوق 15 سنة، يتبيّن أن تونس تحتل المرتبة الثالثة عربيًا في استهلاك الكحول مناصفة مع لبنان بمعدل 1.6 لتر بعد السودان والإمارات العربية المتحدة بنسبة 3.3 و3 لتر لكلّ منهما على التّوالي. أما عالميًا فتتأخر تونس للمرتبة 157 خاصة وأن المعدّل العالمي لاستهلاك الكحول هو 6.4 لتر، فيما تتصدّر ليتوانيا التصنيف العالمي بنسبة 18.2 لتر.
تتصدر تونس نسبة استهلاك الكحول في شمال أفريقيا كما تكشف الأرقام المحليّة تزايدًا في الاستهلاك بالخصوص في السنوات الأخيرة
غير أن هذه الحقائق لا تمنع أن تتصدّر تونس نسبة استهلاك الكحول في شمال أفريقيا، كما تكشف الأرقام المحليّة تزايدًا في الاستهلاك بالخصوص في السنوات الأخيرة. فما خلفيات ذلك؟
اقرأ/ي أيضًا: كيف تم حظر الخمر في العراق؟
ارتفاع مستمرّ في الاستهلاك
شهدت نسبة استهلاك الخمور في تونس ارتفاعًا في السنوات الأخيرة، حيث كشفت الغُرفة الوطنية للمشروبات الكحولية، سنة 2014، أن نسبة مُستهلكي الكحول في تونس ارتفعت لأكثر من 1.7 مليون مستهلك، كما ارتفع إنتاج الخمور بنسبة 15 في المئة حينها مقارنة بسنة 2011. كما كشفت الغرفة الوطنية التونسية، لمنتجي وموزعي المواد الكحولية أن التونسيين يستهلكون 200 مليون قارورة خمر، و300 مليون قارورة جعة سنويًا.
ويأتي هذا الارتفاع في الاستهلاك رغم حملات قامت بها جماعات متشدّدة خاصة بعيد الأيام الأولى للثورة ضد محلات بيع الخمور، خاصة في المناطق الدّاخلية للبلاد، وكذلك ارتفاع الأسعار نسبيًا بسبب التضخّم بعد الأزمة الاقتصادية. وقد تضمّنت الموازنة العامّة لسنة 2016 تخفيضًا في نسبة الضرائب على الكحول من 65 إلى 50 في المئة، وهو ما توازى مع انخفاض في ثمن الخمور وبالتتابع ارتفاع استهلاكها، وهو ما أثار حينها جدلاً خاصة لتصويت نوّاب حركة النهضة الإسلامية لصالح هذا التخفيض.
ورغم انتشار استهلاك الخمور في تونس، ينحصر بيعه في متاجر التسوق الكبيرة المرخّص لها إضافة للباعة العشوائيين المنتشرين خاصّة في المناطق الفقيرة والداخلية، ودائمًا ما يثير بيعه احتجاجًا من المواطنين. وذلك على غرار احتجاجات مواطني إحدى مناطق محافظة المهدية، وسط تونس، في شهر شباط/ فبراير الماضي على بيع أحد المتاجر للمشروبات الكحولية، وهو ما أدى لاحتقان شديد، حيث قطع المحتجّون سكة الحديد، كما حصلت اشتباكات مع قوات الأمن، وهو ما اضطرّ وزارة الداخلية، في النهاية، لإغلاق نقطة البيع لأسباب "تهمّ النظام والأمن العام"، كما صرحت حينها.
خطر حوادث المرور.. المشكل الأكبر
ومع ارتفاع استهلاكه، يسبّب الخمر ما نسبته 12.5 في المئة من جملة حوادث المرور القاتلة في تونس وفق إحصاءات محليّة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بدول أخرى ما جعل الدّولة تتدخّل قبيل الثورة بالتخفيض من نسبة الكحول في الدم المسموح بها عند قيادة السيارة من 0.5 غرام إلى 0.3 غرام، فيما يُعاقب بالسّجن لمدّة 6 أشهر أو بخطيّة مالية كل مرتكب لجنحة القيادة تحت تأثير حالة كحولية. يُذكر أنه حسب الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات، تحتلّ تونس المرتبة الأولى عالميًا في عدد حوادث الطرقات القاتلة مقارنة بعدد سكانها.
اقرأ/ي أيضًا: حرب الجزائر على الكحول.. مثقفون ينددون "بالعطش" والشعبوية
مع ارتفاع استهلاكه في تونس، يسبب الخمر ما نسبته 12.5 في المئة من جملة حوادث المرور القاتلة وفق إحصاءات محلية
الخمور مصدر دخل مهم للدّولة أيضًا
وتحتكر الدّولة إنتاج الكحول/ الخمور في تونس، حيث توجد "وكالة خاصّة للكحول" تتبع وزارة المالية، وتساهم إضافة لوكالة التدخين في توفير عائدات مالية هامّة خاصّة مع غياب المنافسة وتزايد الاستهلاك. كما تمثّل الكحول أحد أكثر البضائع التي يقع تهريبها خاصة لليبيا المجاورة، التي تُحظر فيها هذه التجارة.
ودائمًا ما يثير موضوع تجارة الخمور سخرية في تونس ذلك أن الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي يملك مخزنًا شهيرًا لبيع المشروبات الكحولية بالجملة في العاصمة.
اقرأ/ي أيضًا: