31-أغسطس-2021

اعتبرت أن "الأمر المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ تضمّن قيودًا وضوابط تحدّ من ممارسة حق التنقل والحق في اختيار مقر الإقامة"

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت أستاذة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والسياسية بتونس سناء بن عاشور، الاثنين 30 أوت/أغسطس 2021، أن "قرارات الإقامة الجبرية فاقدة لكل سند قانوني"، حسب رأيها.

وأوضحت، في تدوينة نشرتها على صفحتها الخاصة بموقع التواصل فيسبوك، أن "مرجع هذه القرارات أي الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ صادر عن سلطة تنفيذية لا يحق لها الحد من الحقوق والحريات المضمونة مطلقًا بالدستور في الحالات العادية أو الاستثنائية والتي ترجع حصريًا بالنظر إلى القانون طبقًا للشروط الجوهرية المنصوص عليها بالفصل 49"، وفق تقديرها.

وذكرت بن عاشور بأن المحكمة الإدارية عن الدائرة الابتدائية الأولى كانت قد قضت، في مناسبتين  بتاريخ 2 جويلية/يوليو 2018، في دعاوي تجاوز السلطة ضد قراريْ وزير الداخلية بوضع المدعيين تحت الإقامة الجبرية (في القضيّة عدد 150168 والقضية عدد 146676) بعدم دستورية سندهما القانوني (أي الأمر عدد 50 المؤرخ في 26 جانفي/يناير 1978 والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ) بسبب خرقه أحكام دستور 2014 المتعلقة بالشروط الدستورية الدنيا للحد من الحقوق والحريات المضمونة به، وانتهاكه الحقوق الأساسية المكفولة لكلّ مواطن وهي بالتحديد حق التنقل والحق في اختيار مقر الإقامة.

بن عاشور: مرجع قرارات الإقامة الجبرية أي الأمر المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ صادر عن سلطة تنفيذية لا يحق لها الحد من الحقوق والحريات المضمونة مطلقًا بالدستور في الحالات العادية أو الاستثنائية

كما ذكرت أستاذة القانون العام بأن الفصل 49 من الدستور ينص على أنّه "يحدّد القانون الضوابط المتعلّقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلاّ لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو المصلحة العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك...".

وأشارت إلى أنه بالرجوع إلى مقتضيات الدستور الجديد للبلاد التونسية يتبيّن أنّ الحقوق والحريات الفردية والجماعية المضمونة به لا يمكن أن توضع ضوابط لممارستها إلاّ بمقتضى قوانين تتّخذ لاحترام حقوق الغير أو لصالح الأمن العام أو المصلحة العامة على أن لا تنال تلك الضوابط من جوهر الحقوق والحريات.

وشددت سناء بن عاشور، في هذا السياق، على أنّ الحق في التنقّل ومغادرة تراب الوطن يعدّ من الحقوق الأساسية المكفولة لكلّ مواطن بموجب الفصل 24 من الدستور، والتي لا يسوغ تقييدها إلاّ بموجب قانون صريح يكون الهدف منه تحقيق المصلحة العامة وأن لا يمسّ من جوهر الحق، على أن تؤوّل الضوابط والحدود التي تنال من هذا الحق تأويلًا ضيقًا، وفقها.

وتابعت" "لئن من الجائز للسلطة التنفيذية وللهيئات العمومية ممارسة ما لها من سلطة ترتيبية أو سلطة إصدار تراتيب داخلية أو قرارات فردية خدمة للمصلحة العامة أو حماية للنظام العام، فإنّه لا يمكن أن تحمل تلك القرارات أو التدابير قيودًا أو تضييقات إلاّ في حدود ما تضمّنته القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية"، حسب تقديرها.

بن عاشور: الحق في التنقّل ومغادرة تراب الوطن يعدّ من الحقوق الأساسية المكفولة لكلّ مواطن بموجب الدستور، والتي لا يسوغ تقييدها إلاّ بموجب قانون صريح يكون الهدف منه تحقيق المصلحة العامة على ألّا يمسّ من جوهر الحق

وخلصت أستاذة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والسياسية بتونس إلى أن "الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي/يناير 1978 والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ تضمّن قيودًا وضوابط تحدّ من ممارسة حق التنقل والحق في اختيار مقر الإقامة، لم يسبق ضبطها بنص تشريعي يحترم المقتضيات الدستورية الواردة بالفصل 49 من دستور 27 جانفي/يناير 2014"، وفق تفسيرها.

وتابعت بن عاشور: "فعليه، وأخذًا بحالة الاستثناء المعلن عنها بتفعيل الفصل 80 من دستور 27 جانفي/يناير 2014، يطرح السؤال الآتي: هل أن "حالة الاستثناء" تنزع على أمر 26 جانفي/يناير 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ عيب عدم دستوريته كما يذهب إليه البعض؟".

واستطردت قائلة: "الإجابة تكون بالجزم في كلتا الحالتين الآتي ذكرهما: 

  • ففي حالة الإقرار بأن دستور 2014 قائم الذات، يبقى أمر الطوارئ مشوبًا بعدم الدستورية دون ريب، كما جاء بالحكم المشار إليه وحيثياته إذ" وضع قيودًا وضوابط تحدّ من ممارسة حق التنقل والحق في اختيار مقر الإقامة، لم يسبق ضبطها بنص تشريعي يحترم المقتضيات الدستورية الواردة بالفصل 49 من دستور 27 جانفي/يناير 2014.
  • وفي حالة الإقرار بأن دستور 2014 وقع تجاوزه وتعليق العمل به يبقى أمر الطوارئ مشوبًا كذلك بعدم الدستورية وهذا على أساس ما استقر عليه فقه قضاء محكمة الاستئناف بتونس ( 5 فيفري/شباط 2013) والمحكمة الإدارية (8 ماي/آيار 2013 عدد 122722) بأن الدستور يبقى رغم إنهاء العمل به صراحة "نافذًا في أحكامه الضامنة للحقوق والحريات الأساسية لكونها غير قابلة بطبيعتها للإلغاء".

وتتوالى مؤخرًا إجراءات فرض الإقامة الجبرية والمنع من السفر دون إعلام واضح عن عدد الأشخاص الذين تم إدراجهم ضمن هذه الفئة ودون توضيح أسباب ذلك أو إعلام مسبق لأغلبهم بالقرار، وفق تصريحاتهم وتدويناتهم.

وتلي هذه التطورات القرارات التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد، في ساعة متأخرة من ليل الأحد 25 جويلية/ يوليو 2021، ومنها تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه وإعلانه أنه سيتولى مهام السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يختاره بنفسه لمدة 30 يومًا. كما أعلن سعيّد أنه سيتولى رئاسة النيابة العمومية، إضافة إلى قرارات أخرى تنظيمية وترتيبية صدرت لاحقًا من خلال أوامر رئاسية. وتم هذا الإعلان خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا للقيادات العسكرية والأمنية بقصر قرطاج. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

سناء بن عاشور: تفعيل الفصل 80 لم يكن عفويًا وتم التخطيط له منذ 2019

شوقي الطبيب: أودعتُ عريضة طعن بالإلغاء في قرار وضعي تحت الإقامة الجبرية

هيئة المحامين: إخضاع الطبيب للإقامة الجبرية يتنافى مع الحقوق المضمونة للمحامي