تحرّكات احتجاجية واعتصامات، طيلة الفترة الماضية، انتهت، الآن، بمعركة أمعاء خاوية يخوضها خرّيجو الإجازة التطبيقية للتربية والتعليم بمقرات المندوبيات الجهوية للتربية بمختلف جهات الجمهورية لمطالبة وزارة التربية بانتدابهم بصفة أساتذة مدارس ابتدائية تطبيقًا للفصل 22 من النظام الأساسي لمدرسي التعليم الابتدائي.
اقرأ/ي أيضًا: المجلس الأعلى للتربية ...هل أصبح الإنجاز ممكنًا لإصلاح المنظومة التربوية؟
معركة الأمعاء الخاوية..
تهدف معركة الأمعاء الخاوية إلى دفع وزارة التربية إلى توضيح صفة خريجي الدفعة الأولى لهذه الإجازة في المدارس إلى جانب تخلّيها عن صيغة العقود التي تُعدّ شكلًا من أشكال التشغيل الهش، وفق حديث المتحدّث باسم التنسيقية الوطنية لخريجي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم رسلان بالضيافي لـ"ألترا تونس".
ويخوض 57 خريجًا من بينهم 20 خريجة إضراب جوع مفتوح في مواجهة وزارة التربية "التي تنتهج سياسة المماطلة والتسويف منذ إدماجهم في المدارس في العودة المدرسية الفارطة" وفق بالضيافي مشيرًا إلى تمسك المحتجين بمطالبهم رافعين شعار "الجوع ولا الرجوع".
رسلان بالضيافي (المتحدث باسم التنسيقية الوطنية لخريجي التربية والتعليم) لـ"ألترا تونس": الأمر لا يتعلّق بمطالب مادية وإنّما بتوضيح الصفة
وعن بداية التحركات الاحتجاجية، يقول محدّثنا إنّ الانطلاقة كانت بالمطالبة بانتدابهم الفوري والمباشر المدارس وفق ما ينصّ عليه القانون الأساسي القطاعي لشعبة التربية والتعليم ليتم إلحاقهم بالمدارس لكن بصيغة تعاقد، وهو الأمر الذي يرفضونه ويطالبون باحتساب هذه السنة سنة تربّص.
وأمام صمت وزارة التربية، انطلقت احتجاجات خريجي الدفعة الأولى من حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم بمسيرات أمام المندوبيات الجهوية للتربية وإضرابات بيوم فيومين ثم ثلاثة أيام لينتهي الأمر إلى اعتصامات بمقرات المندوبيات وتعليق التدريس فإضراب جوع مفتوح، حسب حديث رسلان بالضيافي.
قائمة خريجي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم الذين أعلنوا دخولهم في إضراب جوع مفتوح
وفي السياق ذاته، يشير محدّثنا إلى أنّ خريجي إجازة التربية نظموا تحركات وطنية أمام مجلس نواب الشعب وأمام وزارة التربية وفي ساحة محمّد علي حيث مقر الاتحاد العام التونسي للشغل انتهت بتحسين شروط العقد مع وزارة التربية وهو ما اعتبروه ذرًا للرماد على العيون، على حدّ تعبيره.
ويقول إنّ الأمر لا يتعلّق بمطالب مادية وإنّما بتوضيح الصفة وإنّ خريجي شعبة التربية والتعليم مستعدّون لإمهال وزارة التربية الوقت الذي تطلبه لتسوية الوضعية المالية المتناسبة مع الصفة التي يطالبون بها وهي أستاذ تعليم ابتدائي، مؤكّدًا أنه لا تراجع عن مطالبهم المشروعة، وفق قوله.
ويستنكر مغالطة وزارة التربية للرأي العام وهرسلتها للمحتجين وعدم تجاوبها مع مطالبهم في محاولة منها لإرغامهم على قبول الأمر الواقع وإمضاء العقود وفق قوله، منتقدًا التعامل الأمني مع احتجاجات الخريجين التي جوبهت بالعنف والغاز المسيل للدموع، حسب تعبيره.
ويؤكّد أن الوضع لا ينبئ بخير خاصة مع تدهور الوضعية الصحية لبعض المضربين عن الطعام، مشيرًا إلى أنّ بعضهم يعانون أصلًا من مشاكل صحية مع نقل عدد منهم إلى المستشفيات الجهوية حيث يخوضون معركة الأمعاء الخاوية.
ونشرت الصفحة الرسمية للتنسيقية الوطنية لخرّيجي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم صورًا توثّق لتدهور الحالة الصحية لعدد من المضربين عن الطعام في في المندوبيات الجهوية بنابل والمهدية والقيروان والكاف فيما يواصل البقية إضرابهم وسط مساندة من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام لطلبة تونس.
اقرأ/ي أيضًا: عودة برنامج تعليم الكبار.. كبار السن إلى مقاعد الدراسة مجددًا
أين وزارة التربية مما يحصل؟
وفي الوقت الذي يشدّد فيه المتحدّث الرسمي باسم التنسيقية الوطنية لخريجي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم رسلان بالضيافي على أنّ إضراب الجوع خيار لا مفر منه أمام انسداد أفق التفاوض مع وزارة التربية، صرح الوزير حاتم بن سالم أنه "رغم توفر الإرادة لا يمكن تغيير الوضع الانتقالي الذي يمر به خريجو التربية والتعليم اليوم وذلك بسبب عدم توفر الإمكانيات المالية لانتداب 2350 معلمًا في الوقت الراهن".
وأضاف بن سالم في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية) أنّه يتفهم غضب حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم بسبب عدم تسوية وضعياتهم المهنية وانتدابهم بصفة نهائية في المؤسسات التربوية، متابعًا بالقول إنه سيتم في سبتمبر/أيلول 2020 انتداب حاملي إجازة التربية والتعليم بصفة آلية مضيفًا "نحن في حكومة مغادرة ونأمل أن تحقق الحكومة القادمة الأفضل في هذا الملف".
اعتبرت وزارة التربية أن الصيغة المعتمدة هي "السبيل الوحيد المتاح حاليًا في ظل الصعوبات التي تشهدها المالية العمومية"
وكانت وزارة التربية قد أصدرت بلاغًا، بتاريخ 10 فيفري/شباط 2020، أكّدت فيه أن فترة تعاقد خريجي الدفعة الأولى من حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم الذين وقع ادماجهم منذ بداية السنة الدراسية 2019-2020 في إطار تعاقدي يمتد على فترة 12 شهرًا، وستحتسب المدة ضمن الأقدمية العامة في مسيرتهم المهنية.
وجاء في البلاغ ذاته أن اعتماد هذه الصيغة هو "السبيل الوحيد المتاح حاليًا في ظل الصعوبات التي تشهدها المالية العمومية"، وأشارت الوزارة إلى أنها بصدد المشاورات مع وزارة المالية في الغرض، ومن خلالها حرصت على إدخال تغيير على الفصل 22 من النظام الأساسي لمدرسي التعليم الابتدائي لوضع اطار قانوني للانتداب بما يضمن انتدابهم بصفة ألية في مفتتح السنة الدراسية 2020- 2021، و"هي صيغة لها آثار إيجابية على المستويين الاجتماعي والبيداغوجي".
واستغربت وزارة التربية، في بلاغها، من "لجوء خريجي الدفعة الاولى من حاملي الاجازة التطبيقية في التربية والتعليم المتعاقدين إلى تعطيل المرفق التربوي، وهو ما لا يترجم حقيقة الصورة الإيجابية لتكوينهم العلمي وتأهيلهم الأكاديمي والبيداغوجي، إضافة لما يترتب عنه من انعكاسات سلبية على مكتسبات التلاميذ وحقهم في التعلم ومن تداعيات مضرة بالمنظومة التربوية".
وبين موقف الوزارة من احتجاجات خريجي الدفعة من خريجي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم، وبين تمسّك المحتجيّن بمطالبهم ، يظلّ السؤال المطروح إلى أين يسير هذا الملف في ظل تعكّر الحالة الصحية لبعض المضربين عن الطعام وغياب ملامح لتسوية جذرية تنهي الخلاف.
اقرأ/ي أيضًا: