قال منسق ائتلاف صمود حسام الحامي إنّ العائلة السياسية الديمقراطية لم تقرر بعد من هو المترشح الذي ستدعمه في السباق الرئاسي، كما أكد أنّ هيئة الانتخابات في تونس لم تقم بدورها بضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين كل المترشحين، معربًا عن أمله أن تُنصف المحكمة الإدارية بعض المترشحين في الطور الثاني من نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية.
هذه المواضيع وغيرها تقرؤونها في حوار خاص لمنسق ائتلاف صمود حسام الحامي مع "الترا تونس".
- أعلنت هيئة الانتخابات في تونس قبول 3 ملفات فقط من بين 17 ملفًا ترشح أصحابها للانتخابات الرئاسية، ما هي قراءتكم لهذا الرقم؟
هو رقم ضعيف جدًا، حتى إنه أضعف من رقم المترشحين الذين نافسوا الرئيس الراحل زين العابدين بن علي سنة 2009، والذي بلغ عددهم حينها 4 مترشحين.
والقبول الأولي لـ3 ملفات ترشح لخوض السباق الرئاسي يُفسر أنّ العائلات السياسية في تونس غير ممثّلة في هذه الانتخابات، وهذا نتيجة التضييقات التي تعرض لها المترشحون المحتملون للانتخابات الرئاسية.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": القبول الأولي لـ3 ملفات ترشح يُفسر أنّ العائلات السياسية في تونس غير ممثّلة في هذه الانتخابات الرئاسية، نتيجة التضييقات التي تعرض لها المترشحون المحتملون
وهذه التضييقات تعني أنه أصبحت هناك وصاية على التونسيين، حيث يتمّ في مرحلة أولى اختيار مترشحين من قبل السلطة ثم يأتي دور الناخب كي يختار لمن سيصوت، وهذا طبعًا يضرب السيادة الشعبية وسيادة الناخب التونسي وهو دليل على أننا نسير باتجاه منحى أحادي واستبدادي يضرب والحريات الفردية وحرية التنظم والتظاهر وطبعًا حرية الترشح للانتخابات.
وهذا يؤكد أنه وقع التراجع عن مكتسبات الثورة التونسية وبروز ثورة مضادة تعمل لإعادتنا إلى ما قبل 14 جانفي/يناير 2011، وتركيز منظومة استبدادية شعبوية لا تقبل التعددية ولا تقبل الرأي المخالف وتعتبر كل من يعارضها خائن وعميل.
- هل كنتم تتوقعون رفض المحكمة الإدارية لجميع الطعون في نزاعات الانتخابات الرئاسية؟
رغم أنّ المحكمة الإدارية رفضت جميع الطعون المقدمة ضد قرارات هيئة الانتخابات، فإنها أقرت بعدم دستورية وقانونية البطاقة عدد 3 وهذه نقطة إيجابية.
ونحن نعرف أنّ القضاء في تونس يعمل تحت ضغط السلطة التنفيذية ولا يتمتع بالاستقلالية التامة التي تسمح له باتخاذ قرارات وفق ما يمليه عليه القانون والدستور، ولكن ما يزال هناك أمل في الطور الثاني من نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": وقع التراجع عن مكتسبات الثورة التونسية وبرزت ثورة مضادة تعمل لتركيز منظومة استبدادية شعبوية لا تقبل التعددية ولا تقبل الرأي المخالف
حيث ستكون هناك جلسة عامة تتكون من 27 قاضيًا، يقع تخصيصها للنظر في ملفات الطعون، ونحن كمكونات سياسية لدينا ثقة في المحكمة الإدارية التونسية التي كانت لها مواقف مشرفة جدًا وجريئة حتى في عهد الاستبداد.
وبالتالي أملنا كبير في أن يحكم القضاة حسب القانون ويتم إنصاف بعض المترشحين وتمكينهم من العودة للسباق الرئاسي.
- كيف تنظر إلى الانتقادات التي واجهت هيئة الانتخابات والمسار الانتخابي ككل؟
أولاً يجب الإشارة إلى أنّه كان هناك إجحاف كبير في علاقة بشروط الترشح ما نتج عنه قبول 3 مترشحين أولين فقط من جملة 17 مترشحًا قدموا ملفاتهم لهيئة الانتخابات.
وقد تعرض كل من فكّر في الترشح إلى صعوبات وعراقيل منها شرط البطاقة العدلية (البطاقة عدد 3) وتضييق الدوائر الانتخابية في جمع التزكيات إضافة إلى ضيق الوقت أمام المترشحين المطالبين بجمع 10 آلاف تزكية في مدة زمنية قصيرة.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": أملنا كبير في أن يحكم القضاة في الجلسة العامة للمحكمة الإدارية حسب القانون ويتم إنصاف بعض المترشحين وتمكينهم من العودة للسباق الرئاسي
طبعًا دون أن ننسى مناخ الخوف والترهيب الذي سيطر على المسار الانتخابي بدءًا بإعلان هيئة الانتخابات نيتها نشر القائمات الاسمية للمزكين وهو ما صعّب من عملية جمع التزكيات، إضافة إلى إيقاف ومحاكمة أشخاص انخرطوا في جمع التزكيات لبعض المترشحين.
كما لاحظنا أنّ أعضاء بعض المجالس المحلية دفعوا بالمواطنين إلى تقديم شكايات لدى هيئة الانتخابات يتهمون فيها مترشحين بتزوير تزكياتهم، في المقابل هناك من أعلن أنه وجد نفسه قد زكّى الرئيس قيس سعيّد لكن لم تتدخل لا هيئة الانتخابات ولا السلط القضائية.
وبالتالي نحن نعيش سياسة الكيل بمكيالين بين مترشح من جهة وبقية المترشحين، وهذا يجعلنا نتفق أنّ العملية لم تكن سهلة والنتيجة واضحة.
- هل تمس هذه الإخلالات التي رافقت المسار الانتخابي من استقلالية هيئة الانتخابات وحيادها؟
هيئة الانتخابات بدأت أولاً في ملاحقة كل من ينتقدها وفقًا للمرسوم 54، ولاحقًا لاحظنا أن الهيئة لم تقم بدورها في ضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين كل المترشحين كما أنها لم تعمل على تسهيل ظروف الترشح وتوجهت نحو إضافة شروط جديدة مجحفة.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": مناخ الخوف والترهيب سيطر على المسار الانتخابي بدءًا بإعلان هيئة الانتخابات نيّتها نشر القائمات الاسمية للمزكين وهو ما صعّب عملية جمع التزكيات
كما صدرت تصريحات عن عدد من أعضائها لم تتميز بالحياد التام في علاقة بقبول ملفات المترشحين، لذلك نحن نرى أنّ هيئة الانتخابات ارتكبت أخطاءً كبيرة في هذه المرحلة.
ثم إنّ الهيئة قامت بالتخلي عن دورها في الإعلان عن تاريخ الانتخابات الرئاسية وتركت مهمة الإعلان للرئيس قيس سعيّد، إذ في الأصل، هيئة الانتخابات هي التي تعلن عن تاريخ الانتخابات والرزنامة ثم يقوم رئيس الدولة بإصدار أمر دعوة الناخبين.
هذا دون أن ننسى أن الهيئة لم تتدخّل عندما أعلن قيس سعيّد عن ترشحه للانتخابات الرئاسية عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، في حين أنّ الصفحة هي لرئيس الجمهورية ولا يمكنه استعمالها لإعلان ترشحه.
- بعد رفض ملفات مترشحين بارزين لرئاسيات 2024، هل بات طريق قيس سعيّد سالكاً لولاية ثانية؟
لا أعتقد ذلك، ففي الوقت الذي تحاول السلطة التضييق على المترشحين والإمساك بزمام اللعبة الانتخابية هناك حراك مواطني وشبابي وحزبي يخوض معركة لإقناع التونسيين بأنّ تونس أخرى ممكنة، وأنّ ذلك لا يتحقق إلا بسياسات عقلانية تخرج من منطق الشعبوية ونظرية المؤامرة.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": لدينا أمل في أنّ التغيير ممكن وأنّ بقية المترشحين الذي سينافسون قيس سعيّد لهم القدرة على تقديم برنامج مقنع وعلى تجميع المعارضة
لذلك لدينا أمل في أنّ التغيير ممكن وأنّ بقية المترشحين الذي سينافسون قيس سعيّد لهم القدرة على تقديم برنامج مقنع وعلى تجميع المعارضة، ونحن نعتبر المترشحين الذين قبلت ملفاتهم أوليًا وهم زهير المغزاوي والعياشي زمال شخصيات محترمة.
وطبعًا من المنتظر أن يتمّ إنصاف بعض المترشحين آخرين من قبل المحكمة الإدارية وإرجاعهم للسباق الرئاسي، ومع الإعلان عن القائمة النهائية للمقبولين للانتخابات الرئاسية سوف تجتمع العائلة السياسية والديمقراطية والاتفاق على استراتيجية نعمل وفقها على دعم مرشح موحد.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": بعد الإعلان عن القائمة النهائية للمقبولين للانتخابات الرئاسية سوف تجتمع العائلة السياسية والديمقراطية للاتفاق على استراتيجية نعمل وفقها على دعم مرشح موحّد
ونحن نرى أنّ المعركة مستمرة لاسترجاع حقوقنا المدنية والسياسية واسترجاع بلادنا من الحكم الفردي إلى حكم ديمقراطي فيه تداول سلمي على السلطة.
- أعلنتم في "ائتلاف صمود" عن نيتكم تقديم مرشح موحد لخوض السباق الرئاسي، من هو هذا المرشح وهل تم قبول ملفه أم رُفض؟
إعلاننا عن تقديمنا لمرشح موحّد لخوض السباق الرئاسي يعني أننا سنقوم بدراسة ملفات وبرامج وأولويات المترشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية ومن ثم نقوم باختيار مرشح نقدم له الدعم.
وكنا نتوقع أن يكون عدد المقبولين لخوض السباق الرئاسي قريبًا من أرقام رئاسيات 2019، لكن مع الأسف واجه المترشحون تضييقات عديدة حالت دون قبول ملفاتهم.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": العياشي زمال وزهير المغزاوي أبديا استعدادهما لتلقي الدعم من القوى الديمقراطية والمدنية في تونس لكننا ننتظر لنرى إن كان سيتم إرجاع مرشحين آخرين لسباق الرئاسة
الآن مبدئيًا لدينا مترشحيْن اثنين وهم زهير المغزاوي والعياشي زمال وجمعتنا معهما لقاءات في الأيام الماضية، والآن ننتظر أن يتمّ الإعلان عن القائمة النهائية للمقبولين وإذا تم إرجاع مرشحين جدد حينها سنتواصل معهم جميعًا وبعد ذلك نحدد من هي الشخصية التي سنساندها.
طبعًا، مساندتنا لأي شخصية تكون بناءً على ما تقدمه من برنامج إصلاحي خصوصًا في علاقة بالمسألة الدستورية والبناء السياسي الفوضوي التي تعيش على وقعه البلاد، بالإضافة إلى برنامج اقتصادي واجتماعي واضح وقابل للتنفيذ على أرض الواقع.
- تحدثت عن لقاءات تشاورية جمعتكم مع المترشحيْن العياشي زمال وزهير المغزاوي، هل أبديا استعدادهما لتلقي الدعم من القوى الديمقراطية وهل هناك تقارب في وجهات النظر؟
حقيقة العياشي زمال وزهير المغزاوي أبديا استعدادهما لتلقي الدعم من القوى الديمقراطية والمدنية في تونس، لكن ما سيحدث في المستقبل هو رهين إعلان هيئة الانتخابات عن القائمة النهائية للمقبولين لخوض غمار الانتخابات الرئاسية.
حسام الحامي لـ"الترا تونس": المناخ السياسي في تونس حاليًا لا يسمح بإجراء انتخابات مستقلة ونزيهة وشفافة، لكننا ندعم العياشي زمال وزهير المغزاوي حاليًا لمواصلة عملهما دون التعرض لتضييقات
وطبعًا هذا لا يمنع أننا ندعم هذين المترشحيْن في الفترة الحالية لمواصلة عملهما وتقديم برامجهما الانتخابية دون أن يتعرضا لتضييقات.
- أخيرًا، هل تعتقدون أنّ المناخ السياسي في تونس يسمح بإجراء انتخابات رئاسية تعبّر عن انتظارات التونسيين؟
المناخ السياسي في تونس حاليًا لا يسمح بإجراء انتخابات مستقلة ونزيهة وشفافة، لكن أقول إنّ المجتمع المدني والأحزاب السياسية والديمقراطية تناضل من أجل هذه الحقوق والحريات ونعتبر هذه المعركة الانتخابية جزءًا من المعركة الكبرى لإنجاح الانتقال الديمقراطي وتحقيق نجاحات اقتصادية واجتماعية.
ورغم الصعوبات والتضييقات يجب أن نواصل النضال والعمل على تغيير الواقع بكل الطرق المدنية والديمقراطية والقانونية، ولا حلّ لنا سوى المضي قدمًا في هاته المعركة.