25-أبريل-2023
حزب العمال حمة الهمامي

أكد أن خطابات قيس سعيّد تُضمر العنف لكن لا أحد يسائله أو يحاسبه أو يأمر بتتبّعه (حسن مراد/ Eyepix Group)

الترا تونس - فريق التحرير

 

ندد حزب العمال (معارضة)، الاثنين 24 أفريل/نيسان 2023، بإيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وما تبعه من غلق مقرات الحركة ومنع اجتماعات جبهة الخلاص الوطني.

واعتبر حزب العمال، في بيان صادر عن لجنته المركزية، أن "التصريح المعتمد لاعتقال الغنوشي ومنع الاجتماعات في كامل مقرّات النهضة مع إخضاع المقر المركزي للتّفتيش والبحث ومنع الاجتماعات في مقر جبهة الخلاص، ما هو في الحقيقة إلاّ ذريعة لتصفية الحساب مع خصم سياسي وهي تصفية تفتح الباب، بالنظر إلى منطلقاتها، لما هو أخطر، أي تصفية ما تبقّى من الحريات"، على حد تصوّره.

حزب العمال: التصريح المعتمد لاعتقال راشد الغنوشي ما هو في الحقيقة إلاّ ذريعة لتصفية الحساب مع خصم سياسي و إفراغ الساحة تدريجيًّا من أي معارضة سياسية أو مدنية أو نقابية بتوظيف أجهزة الدولة واستعمال قضاء مُطيع

وتوقّع أن إيقاف الغنوشي وغلق مقرات النهضة ومنع اجتماعات جبهة الخلاص يندرج في سياق "الشّروع في إفراغ السّاحة تدريجيًّا من أيّ معارضة سياسيّة أو مدنيّة أو نقابيّة بتوظيف أجهزة الدّولة واستعمال قضاء مُطيع وقابل بتنفيذ التّعليمات الجائرة"، مؤكدًا أن ذلك "يعكس واقعًا ملموسًا وتوجّهًا قائمًا لا لُبْسَ فيه ما انفكّ قيس سعيّد يكرّسه خطوة خطوة لإلغاء المكسب الأساسي للثورة التونسية وهو مكسب الحرية والعودة بالبلاد إلى مربّع الاستبداد بشكل أتعس من السّابق"، حسب توقعاته.

وأكد الحزب أن "تصريح يمكن إدراجه في خانة الرّأي السّياسي أكثر منه في خانة التّحريض على الحرب الأهليّة أو التآمر على أمن الدولة، لكنّ سلطة الانقلاب حمّلته ما حمّلته لأنّ ساعة تصفية الحساب حانت ولا بدّ من ذريعة مهما كانت، من جهة، واستهداف حركة النهضة الذي قد ينتهي بحلّها من جهة ثانية ليس إلاّ محطّة في مسار الانقلاب".

حزب العمال: تصريح يمكن إدراجه في خانة الرّأي السّياسي أكثر منه في خانة التّحريض على الحرب الأهليّة أو التآمر على أمن الدولة لكنّ سلطة الانقلاب حمّلته ما حمّلته لأنّ ساعة تصفية الحساب حانت

واعتبر أن "استهداف حركة النهضة واعتقال رئيسها ليس الهدف منه تصحيح مسار الثورة، وإنّما الهدف منه تصفية خصومه لاستكمال إرساء نظامه الاستبدادي الدكتاتوري الذي بشّر به منذ مدة والذي من شأنه أن يلغي كلّ الأجسام الوسيطة ويُبقي على سلطته الفرديّة التي تستند إلى أجهزة الدّولة في مواجهة مجتمع أعزل"، وفق ما ورد في نص البيان.

وتساءل حزب العمال عمّا إذا كان الرئيس التونسي قيس سعيّد وأنصاره "الشعبويّون" يحملون "خطابًا مغايرًا لخطاب الاحتراب والعنف حتى يكونوا في الموقع الذي يسمح لهم بمحاسبة رئيس حركة النّهضة"، مستطردًا القول إن "قيس سعيّد استعمل سلاح التّخوين لمواجهة منتقديه ومعارضي انقلابه". 

حزب العمال: استهداف النهضة واعتقال رئيسها ليس الهدف منه تصحيح مسار الثورة، وإنّما تصفية الخصوم لاستكمال إرساء النظام الاستبدادي الدكتاتوري الذي من شأنه أن يلغي كلّ الأجسام الوسيطة

وأشار إلى أن قيس سعيّد "سعى وما يزال إلى تقسيم المجتمع إلى "وطنيّين" وهم مؤيّدو الانقلاب والاستبداد الجديد و"الخونة" وهم معارضوه بمختلف نزعاتهم الفكرية والسياسية المتباينة شديد التّباين أحيانًا، وما انفكّ قيس سعيّد يتحدث عن "حرب التحرير الوطني" التي يخوضها وهي حرب في الأساس ضدّ معارضي الانقلاب. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ سعيد لا يترك فرصة تمرّ دون نعت خصومه ومعارضيه بشتى الصفات التي تُضمر العنف والرّغبة في المحق والسّحق، غير عابئ بخطورة كلامه لأنّ لا أحد يراقبه أو يسائله أو يحاسبه أو يأمر بتتبّعه كما أمر هو بتتبّع المعارضين السياسيين منذ شهرين وتتبّع رئيس حركة النهضة"، وفقه.

 

 

جدير بالذكر أن حزب التيار الديمقراطي، وهو أحد مكونات تنسيقية الأحزاب الديمقراطية والاجتماعية إلى جانب حزب العمّال، كان قد ندد أيضًا، في 20 أفريل/نيسان 2023، بـ"استعمال تهمة التآمر على أمن الدولة التي أصبحت سيفًا مسلطًا على كل الأصوات المعارضة للانقلاب بغاية تصفية خصوم سياسيين"، وذلك على خلفية ما وصفها بـ"سلسلة المداهمات والإيقافات الجديدة التي طالت قيادات حزبية على خلفية تصريحات سياسية، وتبعًا لغلق مقرات حزبية بقرار من وزير الداخلية تطبيقًا لقانون الطوارئ اللا دستوري".

كان التيار الديمقراطي قد ندد أيضًا بـ"استعمال تهمة التآمر على أمن الدولة التي أصبحت سيفًا مسلطًا على كل الأصوات المعارضة للانقلاب بغاية تصفية خصوم سياسيين"

وشدّد الحزب، في بيان لها، على أن "الخطاب الرسمي يحمل رسائل واضحة لتأليب التونسيين بعضهم على بعض، تنسحب عليها التهم التي يُستعمل القضاء لتوجيهها للخصوم السياسيين"، معبرًا عن رفضه الشديد غلق مقرات حزبية ومنع أنشطة سياسية بقرار إداري باستعمال قانون الطوارئ اللا دستوري، مطالبًا بإلغاء العمل به، وفق نص البيان.

وذكّر التيار الديمقراطي بمطالبته بمحاسبة حقيقية في إطار محاكمة عادلة، من طرف قضاء غير خاضع للسلطة التنفيذية، للتجاوزات التي ارتكبتها عدة أحزاب حكمت تونس بعد الثورة"، موجهًا دعوته لجميع القوى السياسية والمدنية، بأن "الصمت أو التواطؤ اليوم مع آلة القمع بدافع الخصومة السياسية، سيكون تأشيرة لهذه الآلة كي تنال منهم غدًا".

كما لفت إلى أنّه "كلما زادت عزلة هذه السلطة وتعمقت أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، التجأت إلى القمع والعمليات الاستعراضية ولن يردعها عن هذا إلا اقتناع المواطنات والمواطنين أن حبل الشعبوية قصير وطريقها مسدود"، وفق نص البيان.

 

 

بدوره، كان الحزب الجمهوري (وهو أيضًا أحد مكونات التنسيقية) قد عبّر، في 19 أفريل/نيسان 2023، عن قلقه البالغ إزاء ما وصفها بـ"الإجراءات التعسفية" في علاقة بإيقاف رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من قياداتها وغلق مقرات الحزب وتفتيشها وتحجير أي نشاط بها وغلق مقر اجتماعات جبهة الخلاص.

كان الحزب الجمهوري قد عبر عن تخوفه من أن يكون إيقاف راشد الغنوشي بداية استهداف لحركة النهضة من حيث وجودها التنظيمي ونشاطها القانوني

وأكد الحزب، في بيان له، أن هذه الإجراءات "تستهدف مبدأ حرية العمل السياسي والحزبي وهو أبرز المكاسب القليلة التي حققها التونسيون من الثورة"، معتبرًا أنها بمثابة عمل تصعيدي خطير إزاء طرف سياسي معارض عبّر عن موقفه من الشأن الوطني في نطاق السلمية والالتزام بالقانون.

وعبّر الحزب الجمهوري عن "تخوفه من أن تكون هذه الإجراءات بداية استهداف لحركة النهضة من حيث وجودها التنظيمي ونشاطها القانوني"، محذرًا مما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من دفع للحركة إلى العمل في السرية لممارسة حق هو أجدر بأن يمارس في العلن وفي كنف الشفافية واحترام القانون"، منبهًا من "العودة بتونس إلى أجواء القمع والاستئصال التي شهدتها في عهد بن علي"، وفق نص البيان.

 

 

يشار إلى أنه في آخر التطورات على الساحة السياسية في تونس، صدرت، صباح الخميس 20 أفريل/نيسان 2023، بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي فيما يعرف بقضية "التصريحات" خلال لقاء نظمته جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وفق ما أكده محامون.

وكان قد تم فتح تحقيق ضد 12 شخصًا على معنى الفصلين 68 و 72 من المجلة الجزائية بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضًا"، ومن بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومستشاريه محمد القوماني وبلقاسم حسن، وغيرهم، وفق ما أكده المحامي حبيب بنسيدهم في تدوينة على صفحته بفيسبوك.

يذكر أن السلطات في تونس قامت، الاثنين 17 أفريل/نيسان الجاري، بإيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وعدد من القيادات الأخرى بالحزب. كما عمدت إلى منع عقد اجتماعات بجميع مقرات حركة النهضة وغلق مقر اجتماعات جبهة الخلاص الوطني. 

وتأتي هذه الأحداث في أعقاب تصريحات أدلى بها رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي في اجتماع للمعارضة، مساء يوم السبت، قال فيها إن إقصاء أي طرف من الساحة التونسية كالنهضة أو الإسلام السياسي أو اليسار أو أي مكوّن آخر هو مشروع "حرب أهلية"، وفق تعبيره. 

يُذكر أنه ومنذ فيفري/شباط الماضي، انطلقت السلطات في تونس في سلسلة إيقافات شملت أساساً سياسيين معارضين للرئيس التونسي قيس سعيّد، ومنهم قيادات في جبهة الخلاص الوطني.