10-يونيو-2018

ارتفاع مطّرد في تكاليف الحج (ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

مع اقتراب موسم الحجّ من كلّ عام، ترتفع في تونس بعض الأصوات المستنكرة لارتفاع تكاليف هذه الشعيرة الدينية والمطالبة بـ"تجميد" أدائها بضع سنوات حتّى انتعاش اقتصاد البلاد. ولم تشذّ هذه السنة عن القاعدة، فبمجرّد إعلان وزارة الشؤون الدينية عن أنّ تسعيرة الحجّ لعام 2018 قدّرت بـ11710 دينارًا أي بزيادة 2200 دينار مقارنة بالسنة الفارطة، ارتفعت موجات التنديد والاستنكار مجدّدًا في صفوف التونسيات والتونسيين خاصّة منهم روّاد المواقع الاجتماعية. حتّى أنّ البعض وصف هذا الترفيع بـ"المتاجرة بالدّين".

واعتبر آخرون في تدويناتهم أنّ "الفلوس الماشية للحجّ تونس أولى بيها"، وهو رأي كان قد أعرب عنه الخبير الاقتصادي محمد الجرّاية في شهر مارس المنصرم بالدعوة عبر إذاعة "شمس أف أم" إلى تأجيل الحجّ والعمرة إلى سنة أخرى تفاديًا للضغط على العملة الصعبة معتبرًا هاتين الشعيرتين من "الكماليات" الواجب التقليص منها كون البلاد تعيش وضعًا صعبًا، وفق قوله.

كما فتحت الزيادة المشطّة في تسعيرة الحجّ هذ العام، الباب أمام التساؤل عن أسباب تواصل احتكار متعهّد واحد لتنظيم رحلات الحجّ. مسألة كانت قد طرحتها جامعة وكالات الأسفار والسياحة بالدعوة إلى تحرير تنظيم رحلات الحجّ لقطاع وكالات الأسفار أسوة برحلات العمرة باعتبار أنّ المنافسة ستتحسّن ولا ريب من حيث الأسعار.

وقد أطلقت صفحة أخبار الحجّ والعمرة التي يتابعها قرابة 37 ألف شخص استطلاع رأي فحواه التساؤل "هل تعتقد أنّ وزارة الشؤون الدينية في تونس ومنتزه قمرت (الشركة الوطنية للخدمات والإقامات المنظمة للحجّ) يستغلان الحجيج التونسيين عبر فرض 12 ألف دينار كتسعيرة للحجّ؟" وأجمع 98 في المائة من المستطلعين على أنّ الأسعار غالية جدّا وتمحورت التعليقات حول وجود استغلال من الطرفين التونسي والسعودي.

 

الحجّ كتعبير عن اللاّ مساواة الاجتماعية؟

عن موقف بعض التونسيين من التكاليف المرتفعة للحجّ، يعتبر الباحث في علم الاجتماع فؤاد غربالي أنّ ذلك يدخل ضمن الاحتجاج السّائد على تدهور الأوضاع الاقتصادية و تدهور مستوى العيش لكثير من الفئات المتوسطة والفقيرة.

وبغضّ النظر عن أبعاده الدينية والروحية، يرى غربالي أنّ الحج كظاهرة أنثربولوجية كلية (Phénomène Anthropologique total) يحتوي على بعد اقتصادي أساسي، مضيفًا "الأهمّ من ذلك أنّ هذا البعد وقع إدراجه في سياق مقتضيات اقتصاد السوق المعولم".

ويشرح الباحث في علم الاجتماع أنّ الحج أصبح اليوم فعلاً "لمن استطاع إليه سبيلاً" والسّبيل من بين معانيه القدرة المادية، وبالتالي فالحجّ في السياق الحالي يصبح تعبيرًا عن لا مساواة اجتماعية واقتصادية أي أنّه ثمة خوصصة للشعيرة الدينية بتعبيره.

الباحث في علم الاجتماع فؤاد غربالي لـ"الترا تونس": الحجّ أصبح تعبيرًا عن لا مساواة اجتماعية واقتصادية أي أنّه ثمة خوصصة للشعيرة الدينية 

ويواصل فؤاد غربالي في شرح فكرته قائلًا إنّ "التنازع على الحجّ أصبح موضوعًا سياسيًا بالأساس وهذا ما يتجلّى في فكرة مطالبة بعض التونسيين بأنه لا يجب المساهمة في الثروة الريعية السعودية التي تعدّ دعمًا للولايات المتحدة الأمريكية المتحالفة بدورها مع إسرائيل التي تحتل الشعب الفلسطيني".

ويخلص الباحث إلى القول "فالحج بما هو شعيرة دينية في الأصل قد دخل في مدارين أساسيّين هما مدار الليبيرالية المتأسّسة على اللا مساواة أي على اقتصاد السوق، والمدار السياسي المرتبط بالصراعات الإقليمية في المنطقة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

جامعة وكالات الأسفار والسياحة تدعو إلى تحرير الحج

#مش_بالسيف .. جدل الإفطار العلني في نهار رمضان متواصل في تونس