12-مايو-2019

تزايدت المخاوف من انتشار البعوض مع الخشية من نقله لأمراض معدية (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

لم ترتفع درجات الحرارة بعد بالدرجة الكبيرة في أغلب مناطق تونس، إلا أنّ كابوس الناموس انطلق مبكرًا منذ بداية ماي/أيار 2019 بتذمر سكان مناطق مختلفة على غرار القيروان ونابل حتى بات كابوس المواطن مع الناموس كابوسًا أزليًا يتجدد من بداية كل موسم صيفي.

اقرأ/ي أيضًا: "الترا تونس" في مدينة مساكن يتقصّى حول انتشار حمى غرب النيل (صور خاصة)

الضاحية الغربية للعاصمة.. موعد سنوي مع جحافل الناموس

لدغة صغيرة ولكنّها كانت ولا تزال مشكلًا يؤرق العديد من التونسيين لاسيما بعد ظهور حمى غرب النيل في تونس وما راج من أخبار عن تنقلها عبر لدغات الناموس، وهو ما دفع عديد المواطنين، ممن أصابهم الناموس، إلى عيادة الأطباء لعلاج لسعاته. ففي كلّ موسم صيفي، يتفاجأ سكان الضواحي الغربية للعاصمة خصوصًا بضيف ثقيل مزعج لاسيما في فترات الليل منذ حلول المغيب. هي أسراب من الناموس تجتاح المنطقة نتيجة انتشار السباخ والمنازل المهجورة ومصبات النفايات.

نورة (سيدي حسين): أغلبنا يغطي الشبابيك بالناموسية ونستعمل مبيدات الحشرات ولكن لا يزال يُصاب أطفالنا بلدغات الناموس في الشارع

نورة، إحدى متساكني منطقة سيدي حسين قرب سبخة السيجومي، أكبر سبخة بالعاصمة، تقول لـ"ألترا تونس" إن معضلة الناموس كل موسم هي أمر مزعج جدًا وبات كابوسًا خاصة بعد انتشار الأمراض المعدية عبر لدغات الناموس، وأصبح أغلب من يصابون بتلك اللدغات يعانون ندوبًا في جميع الأطراف لاسيما لدى الأطفال قائلة: "أغلبنا بات يغطي الشبابيك بالناموسية التي تمنع دخول الحشرات ونستعمل مبيدات الحشرات ولكن لا يزال يُصاب أغلب أطفالنا بلدغات الناموس في الشارع".

سبخة السيجومي هي أحد أبرز مصادر انتشار البعوض بالعاصمة (مريم الناصري/ألترا تونس)

وأضافت محدثتنا أنّ السبخة هي سبب آفة النموس مشيرة، في هذا الجانب، إلى تراكم المياه الراكدة بسبب الأمطار الغزيرة ووجود الأعشاب الطفيلية وعدم مداواتها مع انتشار المصابات العشوائية. وقالت إن سكان المنطقة باتوا على موعد سنوي كلّما ارتفعت درجات الحرارة، مؤكدة عدم انطلاق حملة المداواة بعد رغم تشكيات المتساكنين.

جحافل الناموس التي تكاثرت بصفة غير عادية خلال الفترة الأخيرة في عدّة مناطق على غرار الضاحية الغربية بالعاصمة ونابل والقيروان، خلفت تساؤلات عديدة لدى متساكني هذه المناطق واستغرابهم من تخاذل الوزارة المعنية والبلديات في مكافحته.

مدينة نابل شهدت هي الأخرى مؤخرًا تذمر عديد المتساكنين من انتشار الناموس، وقد أبلغ المواطنون تشكياتهم إلى البلدية التي باشرت عملية المداواة في أغلب شوارع المدينة، لكن لم تقض بعد على جحافل الناموس نهائيًا.

يؤدي تراكم المياه الراكدة إلى انتشار أوكار البعوض (مريم الناصري/ألترا تونس)

ويشير أحمد سعيدي، أحد سكان المنطقة لـ"ألترا تونس"، إلى أنّه نتيجة الفيضانات الأخيرة انتشرت المستنقعات والمياه الراكدة في العديد من الأودية فتحوّلت إلى أوكار لانتشار الناموس. وقال إنّ عملية المداواة كان يجب أن تنطلق منذ شهر مارس/آذار أو أفريل/نيسان أي قبل تفقيس بيض الناموس وتكاثره في المستنقعات وفي الأعشاب، مؤكدًا أن عملية المداواة في شهر ماي/آيار تقضي على الناموس المنتشر في المدينة لكن دون القضاء على البيض الذي سرعان ما يتحوّل إلى ناموس وينتشر من جديد في المدينة وفق قوله. وأضاف في هذا الجانب: "ما نعانيه سنويًا هو تأخر انطلاق عملية المداواة التي لا تجدي نفعًا".

تنتشر آفة الناموس بالخصوص في ضاحية تونس الغربية ونابل والقيروان (مريم الناصري/ألترا تونس)

تعرف القيروان بدورها آفة بانتشار الناموس جراء المستنقعات التي لم يقع مداواتها، وقد لجأ بعض المتساكنين إلى الطرق التقليدية في القضاء على البعوض عبر حرق الأعشاب أو بعض العجلات لأنّ دخانها طارد للناموس. ورغم ذلك، مازال المواطنون يشتكون ركود المياه الملوثة في المستنقعات التي تعد أوكارًا لتكاثر البعوض التي لا يقضى عليها إلا عبر المداواة.

اقرأ/ي أيضًا: مخالفات وانتقادات.. "الترا تونس" يرافق مهمة رقابية للشرطة البيئية

تأخر المداواة وحملة ضد وزارة البيئة

تبدأ عملية المداواة بتحديد الأوكار الخاصة بتكاثر الحشرات لاسيما المستنقعات والمنازل المهجورة التي تتكدس فيها الأوساخ وتركد فيها مياه الأمطار. وسبق وأكدت وزارة الشؤون المحلية والبيئة أنّها وضعت خطة لمقاومة الحشرات تمثلت أساسًا في تحديد أكثر النقاط السوداء لتكاثر الناموس لاسيما منها السباخ والمستنقعات والمياه الراكدة إضافة إلى المنازل المهجورة لمداواتها. كما أشارت إلى مقاومة البعوض الريفي عبر التدخل على مستوى السباخ والمنخفضات والمستنقعات.

وعادة ما يتمّ في الأشهر الأربعة الأولى من كل سنة القيام بالمقاومة العضوية من خلال شفط المياه الملوثة والقيام بعمليات الجهر وتنظيف الأودية، إلا أنّه لم يتم إجراء هذه العملية خلال هذه السنة رغم أنّ جلّ المناطق التونسية شهدت نزول كميات كبيرة من الأمطار مما يعني ارتفاع منسوب المياه بالأودية والمستنقعات المتواجدة في العديد من الجهات لاسيما القريبة من المناطق السكنية.

تبدأ عملية المداواة بتحديد أوكار تكاثر الحشرات لاسيما المستنقعات والمنازل المهجورة التي تتكدس فيها الأوساخ وتركد فيها مياه الأمطار

يُذكر أن تونس تراجعت بخمس مراتب في تصنيف مؤشر الأداء البيئي لسنة 2018 إذ حلت في المرتبة 58 عالميًا والثالثة عربيًا بعد أن كانت سنة 2016 في المرتبة 53 عالميًا والأولى عربيًا، ويشمل هذا المؤشر التدقيق في نوعية المياه الصالحة للشرب والتلوث الفلاحي والمائي والبيئة الصحية.

وقد أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأثناء، حملة ضد وزارة الشؤون المحلية والبيئة بسبب انتشار البعوض، تضمنت تعليقات ساخرة تتجدّد مع انطلاق آفة الناموس كل موسم صيفي. هو مشكل لم يعد يؤرق سكان المناطق القريبة من المستنقعات أو مكبات النفايات فقط، بل شمل متساكني عديد المناطق بما فيها سكان وسط العاصمة الذين باتوا يعانون بدورهم من جحافل الناموس في ليالي الصيف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المنطقة الرطبة بطينة.. بشاعة الصناعة وإجرام اللامسؤولية

أطنان من النفايات الخطرة في مياه تونس.. ما قبل الكارثة!