08-مارس-2022

تساءل التقرير حول ما إذا كان الإجرام قد تحول إلى سمة أو صفة تميّز المجتمع التونسي (صورة توضيحية/ Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أورد تقرير المرصد الاجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الاثنين 7 مارس/ آذار 2022، جملة من المعطيات الإحصائية في إطار التقرير السنوي للعنف في تونس سنة 2021.

تقرير المرصد الاجتماعي التونسي: ولايات تونس الكبرى سجلت أعلى معدلات العنـف خلال شـهر جانفي 2021 بواقـع 34% مـن الحالات المسجلة

وكشفت أرقـام التقرير أن ولايات تونس الكبرى (تونـس، بن عروس، أريانـة، منوبـة) سجلت أعلى معدلات العنـف خلال شـهر جانفي/ يناير مـن سـنة 2021 بواقـع 34% مـن الحالات المسجلة. وتُعتبر ولايات تونس الكبرى ذات كثافة سـكانية ضخمة (مـا يقارب 2 مليون ونصف سـاكن مـن مجموع عـدد سكان الجمهورية التونسية).

أما بالنسـبة إلى ولايات الجنوب الشـرقي والغربي والوسـط الغربي (سـيدي بوزيد، تطاويـن، قبلـي وتـوزر) فـإن عـدم تسـجيل حـالات عنـف خلال شـهر جانفـي/ يناير مـن سـنة 2021، لا يعنـي انعدامـه مطلقًا فـي هذه الولايات، وإنما قـد يكـون ذلك بسـبب عـدم التبليـغ وصعوبة رصد حالات العنـف الممارس وبثقل المـوروث الثقافـي والاجتماعي الذي لا زال محافظًـا فـي جانـب مـا علـى نـوع مـن حميميـة العالقات التـي يتداخل فيها جانـب القرابة والوجاهـة العائلية والنسـب التي تتدخـل إمـا لمنـع العنـف أو تضييق نطاقـه من خلال الصلح مثلًا حتـى لا يقـع التبليـغ عنـه أو تتبـع القائم به، وفق المرصد.

الحصيلة السنوية للعنف سنة 2021 (تقرير المرصد الاجتماعي التونسي)

وقد لعـب المعطى الاقتصادي، وفق التقرير، خاصة وأن البلاد لـم تتعاف نهائيًا مـن جائحة كورونا، دورًا رئيسـيًا في تفشـي العنف بمختلـف أصنافـه خلال شـهر جانفـي/ يناير مـن سـنة 2021، (30% مـن حـالات العنـف المسـجلة هي عنـف احتجاجي/ 64% عنـف إجرامي).

وشهدت تونـس في نفـس فترة الحجـر الصحي تفاقمًا لحالات العنـف ضـد المـرأة حيـث تضاعفـت حوالـي 7.5 مـرات فـي أقل من شهرين. وأصبحت وسـائل التواصـل الاجتماعي فضاءات للتحريض على العنف وتزكية ممارسـته والتندر بـه.

وجاء في التقرير أنّ أشـهر جانفي/ يناير، فيفـري/ شباط، مـارس/ آذار، جويلية/ يوليو، أوت/ أغسطس، ونوفمبر/ تشرين الثاني، كانت الأشـهر التـي سـجلت أعلـى مسـتويات العنـف، حيـث توزعـت كالتالـي: 

توزع أبرز أنواع العنف المسجلة سنة 2021 (تقرير المرصد الاجتماعي التونسي)

ويحتـل العنـف الإجرامـي المرتبـة الأولـى، وفق المرصد، ثـم العنـف الاحتجاجي يليه العنـف المؤسسـاتي ومن بعده العنـف فـي الفضاء العـام يتبعـه العنف السياسـي وأخيـرًا العنف الاقتصادي. أمـا عـن المعـدلات الأدني فقـد احتل العنـف الإجرامي المرتبـة الأولـى يليـه العنـف المؤسسـاتي والاقتصـادي ثـم العنف السياسـي وأخيـرًا العنـف الاحتجاجـي والعنـف في الفضـاء العام. 

وأشار التقرير إلى أنّ العنـف الإجرامـي يحتـل المرتبة الأولى بالنسـبة لأعلى النسـب المسـجلة وأدناهـا، حيـث تختلـف النسـبة بيـن مسـتوياتها الدنيا والقصـوى بحسـب الأشـهر، لكنـه يبقـى الصنـف الطاغـي مـن العنف. 

وتساءل التقرير حول مـا إذا كان الإجـرام قد تحول إلى سمة أو صفة تميّز المجتمع التونسـي في المـدة الأخيرة وربّما يعـود ذلك إلى السـياقات العامـة للبلاد من تدن اقتصـادي وضبابية المشـهد السياسـي ممـا يسـاهم فـي تغذيـة دوافع السـلوكات العنيفـة فـي المجتمـع وتعزيـز الاسـتعدادات لممارسـة ذلـك لدى الأفـراد.

تقرير المرصد الاجتماعي التونسي: التدني الاقتصـادي وضبابية المشـهد السياسـي قد يسـاهم فـي تغذيـة دوافع السـلوكات العنيفـة فـي المجتمـع وتعزيـز الاسـتعدادات لممارسـة ذلـك لدى الأفـراد

وقد سـجل شهر جـوان/ يونيو من سـنة 2021، في سياق آخر، أكبر نسـبة عنـف 93.3% مـن قبـل الذكـور فـي حيـن لـم يسـجل هـذا الشـهر أي حالـة عنف مـن قبـل الإنـاث أو العنف المؤسساتي. 

وبالعـودة إلـى الإحصائيات التـي تتعلق بنسـبة العنف فـي شـهر جـوان/ يونيو من سـنة 2021 والتـي تبين أنها كانت متدنية مقارنة بسـنة 2020، فـإن النصيب الأكبر مـن القائميـن بالعنـف كان من نصيب الذكور، حسب التقرير، واعتبر شـهر أكتوبر/ تشرين الأول السـبق في تسـجيل أكبر نسـبة عنف مسـجلة عند الإناث 33.3%، وتجـدر الإشـارة إلـى أنـه نفس الشـهر الـذي يُسـجل أدنى نسـبة عنـف عنـد الذكور ونفـس الأمر بالنسـبة إلى العنف المؤسسـاتي. أمـا عن العنـف المختلط، فقد سـجل شـهر جوان/ يونيو أدنى نسـبة عنف 6.7% فـي حيـن يقفـز هذا الرقـم إلـى 28.6% كأعلى نسـبة ُمسـجلة خلال شـهر مارس/ آذار.

نسب العنف المسجلة في سنة 2021 حسب الجنس (تقرير المرصد الاجتماعي التونسي)

وأشار التقرير إلى أنّ جملـة المقاربات القانونية والإجرائية الموضوعة علـى ذمة مكافحـة العنف، تبـدو غير قـادرة على القيام بأدوارها في ظل متغيرات سوسـيوثقافية وسياسـية أثرت بعمق فـي المجتمـع التونسـي وخاصـة فـي السنوات الأخيرة. وعدّد التقرير بعض المقترحـات التنفيذيـة التي قد تسـاهم فـي مجابهـة العنف أو فـي تضييـق أو تجميـد مؤشـراته فـي أدنـى الحالات، من بينها:

  1. إحـداث وكالـة وطنية لمكافحة العنف تتكوّن من مختصيـن فـي علـم الاجتمـاع والنفـس والقانـون وممثليـن عـن وزارات الداخلية والعـدل والمـرأة والشـؤون الاجتماعية وغيرها، تتولى التقصـي حـول حـالات العنف وتبويبه حسـب الصنـف والجنس والجهـة وغيرهـا. وتكون تحت إشـراف رئاسـة الحكومـة لأنها هي مـن سـيتولى تطبيق أفضـل البرامـج لمناهضة للعنـف. وتتمتع هذه الوكالة بالاستقلالية الماديّـة والمعنويّة.
  2. إطلاق ورشـة وطنية للتفكير في موضوع العنف وآليـات مكافحته. تشـمل هـذه الورشـة القائـم بالعنـف والضحية علـى حـد السـواء وتغطـي كامـل البلاد. 
  3. تشـجيع الباحثيـن الشـبان فـي مجالات التكنولوجيا علـى إحـداث تطبيقـات سـهلة الاستعمال والتعامـل معهـا، تكون هـذه التطبيقـات امتيـازات خاصة جدًا للاسـتثمار، مع ضـرورة أن تمكـن التطبيقـة الإلكترونية من إيصـال المعلومة إلـى كل الجهات المعنيـة بمكافحـة العنف بصفـة متزامنة.
  4. حـثّ مـزودي خدمات الهاتـف المحمول فـي تونس علـى بعـث رقـم مجانـي للإبلاغ عـن العنـف وتكـون الدولـة من خلال مؤسساتها الرقابية هـي التـي تتلقى إشـارة التبليغ وذلك للمحافظـة علـى الخصوصية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نقابة الصحفيين: سجلنا أعلى نسب الاعتداءات على الصحفيين خلال 6 أشهر الأخيرة

5 حالات عنف هزّت المحيط المدرسي التونسي في عام 2021