فريق التحرير - الترا تونس

قالت منظمة العفو الدولية، في بيان الجمعة 3 سبتمبر/ أيلول 2021، إنه يجب على السلطات التونسية إجراء تحقيقات فورية وشاملة في ملابسات اختطاف سليمان بوحفص، الناشط الجزائري الذي يحمل صفة لاجئ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس، واختفائه القسري وإعادته القسرية إلى الجزائر، مضيفة أنه "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب على تونس حماية اللاجئين وعدم طردهم أو إعادتهم إلى بلد يواجهون فيه الاضطهاد".

القلالي: "ينبغي أن تكشف السلطات التونسية عن دورها في اختطاف بوحفص وإعادته إلى الجزائر فعملية ترحيله تصل إلى حد الإعادة القسرية وهي سابقة تبعث عن القلق البالغ بالنسبة لتونس"

وطالبت المنظمة السلطات الجزائرية بإطلاق سراحه فوراً والسماح له بمغادرة الجزائر. وأشارت المنظمة إلى أنه سبق لبوحفص أن تعرض للسجن في الجزائر "لممارسته حقه المشروع في حرية التعبير، في تعليقات له نُشرت على فيسبوك، واعتبرت مسيئة للإسلام"، وفق تقديرها. وأوضحت أن أسرة بوحفص تعتقد أنه "معرض لخطر جسيم لسوء المعاملة في السجون الجزائرية حيث سبق أن تعرض للمعاملة السيئة"، وفق ذات البيان.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "بعد أن واجه سليمان بوحفص عامين من السجن الجائر في الجزائر، ذهب إلى تونس بحثاً عن الأمن والأمان، ولكنه يبدو أنه لم يكن بعيداً بما يكفي عن أيدي الحكومة الجزائرية".

وأضافت القلالي "وتشارك السلطات التونسية المسؤولية عن مصيره، وينبغي أن تكشف عن دورها في اختطافه وإعادته إلى الجزائر. فعملية ترحيله تصل إلى حد الإعادة القسرية وهي سابقة تبعث عن القلق البالغ بالنسبة لتونس. وبموجب القانون الدولي، لا ينبغي إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطرًا جسيمًا بالتعرّض للاضطهاد أو انتهاكات حقوق الإنسان".

وسليمان بوحفص، الذي اعتنق المسيحية، حُكم عليه في 6 سبتمبر/أيلول 2016 بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة "الإساءة إلى الرسول" و"الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام" بموجب المادة 144 مكرر 2 من قانون العقوبات الجزائري، بشأن تعليقات على فيسبوك تسيء إلى الإسلام والنبي محمد. وقد مُنع من الاتصال بمحامٍ طوال محاكمته الأولية، ولم يتمكن من الاستعانة بمحام إلا أثناء محاكمة الاستئناف. وقد أمضى سليمان بوحفص قرابة عامين في السجن، وأطلق سراحه في 2018 بعد عفو رئاسي. وذهب إلى تونس، واعترفت به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كلاجئ في 2020، وفق ما أكدته  منظمة العفو الدولية. 

أخبر أحد أفراد عائلته، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من تعرضه للانتقام، منظمة العفو الدولية أن سليمان بوحفص قد اختُطف في حي التحرير، حيث يعيش، في 25 أوت الساعة الواحدة بعد الظهر

وأخبر أحد أفراد عائلته، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من تعرضه للانتقام، منظمة العفو الدولية أن سليمان بوحفص قد اختُطف في حي التحرير، حيث يعيش، في 25 أوت/ آب الساعة الواحدة بعد الظهر، وشاهد الجيران ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية يغادرون في سيارة سوداء متوقفة أمام منزله. 

وأضاف للعفو الدولية: "بقي سائق السيارة في الداخل، بينما ذهب ثلاثة آخرون إلى شقته وأجبروه على الخروج. وكان أحدهم يحمل حقيبة يبدو أنها تحتوي على متعلقات بوحفص، ثم غادروا. وتوجه الجيران على الفور إلى الشرطة وأدلوا بشهاداتهم".

ولمدة أربعة أيام، لم تكن الأسرة تعرف مكان وجوده وخشيت من اختفائه قسرياً على أيدي السلطات الجزائرية، أو التونسية، أو الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. وفي 29 أوت/آب الماضي، علمت عائلته من خلال مصادر غير رسمية أنه محتجز في أحد مراكز الشرطة في الجزائر العاصمة. وفي 1 سبتمبر/أيلول، مثل أمام قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة، وأودع السجن استناداً إلى ستة تهم لم يتم التصريح بها، وفق بيان العفو الدولية.

ولم تدل أي من السلطات التونسية أو الجزائرية بأي تصريح بشأن سليمان بوحفص، ولم توضح ما إذا كان قد تم طرده أو تسليمه إلى الجزائر بناءً على طلب من الحكومة الجزائرية.

لم تدل أي من السلطات التونسية أو الجزائرية بأي تصريح بشأن سليمان بوحفص، ولم توضح ما إذا كان قد تم طرده أو تسليمه إلى الجزائر بناءً على طلب من الحكومة الجزائرية

وفي رد رسمي، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها "تشعر بقلق بالغ إزاء الأنباء التي تفيد بالطرد القسري للاجئ معترف به من قبل المفوضية في تونس إلى بلده الأصلي"، مضيفة أن المنظمة كانت تتابع هذه الأنباء، وتسعى إلى التحقق من هذه الادعاءات من قبل السلطات، وفق بيان المنظمة.

وأكدت العفو الدولية، في  ذات البيان، أن "إدراك تونس المحتمل لنقله قسراً إلى الجزائر، أو تعاونها معها أو قبولها الضمني به، على الرغم من وضعه كلاجئ، إنما يشكل انتهاكاً جسيماً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، والقانون الدولي للاجئين". 

يُذكر أن اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تعد تونس طرفاً فيها، تعارض صراحةً تسليم الأفراد إلى دول توجد فيها أسباب جوهرية بأنهم قد يواجهون خطر التعرض للتعذيب.

وبموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن تونس ملزمة أيضاً بحماية الحق في الحياة للأفراد داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية، بما في ذلك عن طريق توفير الحماية اللازمة للمعرضين للخطر بشكل خاص، مثل اللاجئين؛ ومن خلال الاستجابة بسرعة وفعالية عندما يتعرض الأفراد لتهديد معين، وكذلك التحقيق بشكل صحيح في التهديدات التي تهدد حياتهم.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: "نشعر بقلق بالغ إزاء الأنباء التي تفيد بالطرد القسري للاجئ معترف به من قبل المفوضية في تونس إلى بلده الأصلي"

وعلى الرغم من أن التهم الموجهة إليه لا تزال غير معروفة في الوقت الحالي، وفق العفو الدولية، فإن وسائل الإعلام الجزائرية استشهدت بمسؤولين، لم تذكر أسماءهم، يؤكدون أنه يجري التحقيق معه بسبب عضويته المفترضة في "الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل"، التي صنفتها السلطات الجزائرية مؤخراً على أنها جماعة إرهابية.

واختتمت آمنة القلالي قائلة: "يجب على السلطات الجزائرية إطلاق سراح سليمان بوحفص فوراً والحرص على عدم تعرضه لأي معاملة سيئة في السجن. ولا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف إعادة لاجئ معترف به إلى المكان الذي فر منه"، وفق ذات البيان.

اقرأ/ي أيضًا:

سليمان بوحفص: جمعيات تستنكر "خرق تونس التزاماتها الدولية بحماية اللاجئين"

وسائل إعلام جزائرية: تونس تسلم عضوًا من حركة "الماك" الانفصالية إلى الجزائر