29-مارس-2024
الترجي الرياضي التونسي

التفاؤل والآمال قيمة شعورية وذهنية ثابتة يتحلّى بها ممثّل الكرة التونسية في المسابقة الإفريقية (صورة أرشيفية/epa images)

 

يواجه الترجي الرياضي التونسي فريق أساك ميموزا الإفواري في إطار ذهاب ربع نهائي رابطة الأبطال الإفريقية، وتدور هذه المباراة الهامة ليل السبت 30 مارس/آذار 2024 بملعب حمّادي العقربي برادس، يقودها الحكم  الكيني "بيتر واويرو كاماكو".

يخوض الترجي هذه المرحلة الحاسمة من المسابقة الإفريقيّة برصيد محترم من الخبرة والتتويجات وتكتسي هذه المباراة أهمّيتها ممّا تثيره في جماهير الأحمر والأصفر وإدارة النادي وإطاره الفنّي من مشاعر متباينة بين الاستبشار والمخاوف

يخوض ممثّل الكرة التونسيّة هذه المرحلة الحاسمة من المسابقة الإفريقيّة برصيد محترم من الخبرة والنجاحات والتتويجات، ففضلًا عن الكؤوس الأربعة التي نالها سنوات 1994، 2011، 2018، 2019 فقد بات حضوره في الأدوار المتقدّمة من هذه المسابقة محطّة قارّة لا تحتمل الشكّ والانتظار.

تكتسي هذه المباراة أهمّيتها ممّا تثيره في جماهير الأحمر والأصفر وإدارة النادي وإطاره الفنّي من مشاعر متباينة استبشارًا وتفاؤلًا من جهة وهواجس ومخاوف من جهة أخرى.

 

  • الترجي الرياضي التونسي.. مؤشّرات النصر وبوادر التفوّق

التفاؤل والآمال قيمة شعورية وذهنية ثابتة يتحلّى بها ممثّل الكرة التونسية في المسابقة الإفريقية، تغذيّها في المباراة المرتقبة جملة من العناصر، نذكر منها أربعة:

العنصر الأوّل يتمثّل في دخول زملاء ياسين مرياح المباراة بأريحيّة بعد سلسلة انتصارات في لقاءات هامّة في المباريات القاريّة والمحليّة أهمّها تصدّر الترتيب بفارق ستّ نقاط عن الاتحاد المنستيري في مسابقة الرابطة الوطنية الأولى لكرة القدم وإحراز التفوّق في مباراتي الكلاسيكو والدربي ضدّ النجم الساحلي والنادي الإفريقي وهو من أفضل الاختبارات النفسيّة والذهنيّة لخوض المباريات الحماسية الكبرى بمنتهى التركيز والقتاليّة.

التفاؤل والآمال قيمة شعورية وذهنية ثابتة يتحلّى بها الترجي في المسابقة الإفريقية، تغذيّها جملة من العناصر من بينها ما يتصل بالمدرب "ميغل كاردوزو" فقد تمكّن منذ قدومه في ظرف وجيز من نحت أرقام جعلته ينال صفة "الربّاح"

العنصر الثاني، يتّصل بالمدرب "ميغل كاردوزو"،  فقد تمكّن منذ قدومه في ظرف وجيز من نحت أرقام جعلته ينال صفة "الربّاح"، إذ فاز في كل المباريات التي أشرف عليها وديًّا ورسميًا إفريقيًّا ومحليًّا، وهو ما يجعله في مقابلة أساك ميموزا أكثر تمسّكًا هو ولاعبوه وبقية الإطار الفنيّ بنتيجة لا تحتمل القسمة على اثنين تكون مشفوعة بجهد بدني ملموس واستحقاق تكتيكي مقنع.

العنصر الثالث الذي يبشرّ بنصر مرتقب لفائدة أبناء كاردوزو يرتبط بالزاد البشري، فقد تمكّن الترجّي خلال الميركاتو الصيفي وخاصّة الشتوي من تعزيز الفريق بلاعبين لم ينتظروا وقتًا طويلًا لتحقيق النجاعة والتأقلم على غرار الكونغولي "أدريه بوكيا" والتوغولي "روجيه أهولو" فضلًا عن البرازيلي "يان ساس". يتعزّز هذا المعطى بما اكتسبه حارس الترجي أمان الله مميش من خبرة فضلًا عن عودة الثقة لعدد من اللاعبين الذين طالتهم بعض الشكوك قبل قدوم المدرّب الجديد.

العنصر الرابع يتمثّل في المساندة القويّة التي أظهرها جمهور الترجّي خلال هذا الموسم خاصّة في المباريات الكبرى، ولعلّ حجم الاشتراكات ونفاذ تذاكر مباراة سهرة السبت في وقت قياسيّ خير دليل على وعي أحبّاء الأحمر والأصفر بحاجة الفريق إلى التشجيع والدعم طيلة المباراة.

 

  • اليقظة والاستفادة من الأخطاء والإخفاقات السابقة 

المؤشرات الإيجابية الأربعة التي عددناها لا نظنّها ستفضي إلى الاستسهال والغرور حتّى لا يخرج الترجّي من الباب الضيّق، فيخيّب آمال أحبائه على النحو الذي تكرّر منذ بداية العشرية الثالثة من هذا القرن، أي على امتداد أربع مواسم خلت، (من 2020 إلى 2023) وهو ما يجعلنا نذكّر ببعض الهواجس التي تنتاب الجمهور الواسع قبل خوض المباراة المرتقبة.

جملة من الهواجس تنتاب جمهور الترجي قبل خوض المباراة المرتقبة منها أنه يخوض المباراة أمام جمهوره وهو تحت طائلة عقوبة صادرة عن لجنة الانضباط في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومازال أحد عناصرها ساريًا إلى الآن

الهاجس الأوّل تنظيمي، فالترجي يخوض المباراة أمام جمهوره وهو تحت طائلة عقوبة صادرة عن لجنة الانضباط في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (منذ ماي/أيار 2023) مازال أحد عناصرها ساريًا إلى الآن، فالعقوبة تنصّ في فقرتها الأولى على اللعب دون حضور الجمهور أربع مقابلات قاريّة يكون فيها الترجي مستضيفًا.

وفي الفقرة الثانية "تأجيل تنفيذ القرار في مقابلتين من أربع شرط ألّا يرتكب الفريق أيّ تجاوز تأديبي على امتداد 12 شهرًا، (أي إلى حدود ماي/أيار 2024) وفي صورة حصول هذا التجاوز يقع حرمان الفريق بصفة آلية من المشاركة في المسابقة الموالية وتطبيق العقوبة المؤجلة". 

يواجه الترجي هاجسًا نفسيًّا فقد ابتعد شيخ الأندية التونسية عن التتويج الإفريقي منذ سنة 2019، إذ أخفق في تخطّي الربع النهائي سنتي 2020 ضدّ الزمالك المصري و2022 ضدّ وفاق سطيف الجزائري ولم يتمكّن من تجاوز الأهلي في النصف النهائي في 2021 و2023

هذا ما جعل إدارة الترجي تعيش حالة استنفار قصوى زادتها بعض الأخبار صرامة، فأفضت الوضعية الحرجة إلى إصدار بيان على الصفحة الرسمية للترجي الرياضي على الفيسبوك دعا فيه النادي جماهيره إلى توخّي الحذر بعد ورود تفاصيل  سيناريو يحبك من طرف بعض المندسين، وفق نصّ البيان، غير المنتمين لجماهيره والذين سيسعون لاقتناء تذاكر وإحداث الفوضى".

الهاجس الثاني الذي يواجهه الترجي الرياضي نفسيّ فقد ابتعد شيخ الأندية التونسية عن التتويج الإفريقي منذ سنة 2019، إذ أخفق في تخطّي الربع النهائي سنتي 2020 (ضدّ الزمالك المصري) و2022 (ضدّ وفاق سطيف الجزائري) ولم يتمكّن من تجاوز نادي الأهلي في النصف النهائي خلال موسمي 2021 و2023. ويقوى هذا الهاجس حينما نستذكر الأحداث التي حامت حول آخر لقب ناله الترجي ضدّ الرجاء البيضاوي في إياب رابطة الأبطال الإفريقيّة يوم 31 ماي/أيار 2019 وفيه ألغى الحكم هدفًا للخصم بداعي التسلسل، فتوقفت المباراة، وتمكن الترجي من الحصول على اللقب بعد نزاع قانوني لكنه لم ينج من حملة جلد وتشكيك واسعة خاضها آنذاك الإعلام المغربيّ والمصريّ بأسلوب موغل في التعصّب.

يخوض الترجي مباراة الإياب خارج ميدانه بسبب عدم تصدّره الترتيب في دور المجموعات، وهي معضلة ستظلّ قائمة إلى الدور النهائي في صورة ترشّح ممثل الكرة التونسيّة

الهاجس الثالث فنّي، إذ يخوض الترجي مباراة الإياب خارج ميدانه بسبب عدم تصدّره الترتيب في دور المجموعات، وهي معضلة ستظلّ قائمة إلى الدور النهائي في صورة ترشّح ممثل الكرة التونسيّة، ولأنّ المباراة الثانية غالبًا ما تكون مصيريّة فإنّ زملاء مميش مطالبون غدًا وفي بقية المشوار بتحصيل أوفر شروط الترشح وأهمّها تسجيل أكثر عدد ممكن من الأهداف في رادس مع المحافظة على عذارة الشباك قبل خوض الإياب خارج الديار.

المقابلة التي يخوضها الترجي ضدّ أساك ميموزا الإفواري تبدو بالنسبة إلى الكثيرين هينة بالنظر إلى فارق الخبرة، وقياسًا إلى بقية المنافسين (الأهلي، سان داونز..) غير أنّ المشاركة الأخيرة للمنتخب التونسيّ في كأس إفريقيا للأمم قد أثبتت للقاصي والداني أنّ الاستخفاف ببعض الأندية والمنتخبات في إفريقيا ضريبته المفاجآت، فالثقة بالنفس حالة محمودة لكنها تقتضي في كلّ الأحوال التسلّح بالحيطة والحذر.