21-فبراير-2023
محامون

بقدر تفشّي النزاعات في الألعاب الرياضية وتعقدها يتطلب الأمر طاقمًا من الخبراء القانونيين في المجال

 

تزداد المسؤولية القانونية في المجال الرياضي بمقدار تشعّب الأطراف المتداخلة في الألعاب الرياضية، ومن ثمّة كان القانون هو الفيصل لحفظ الحقوق بين اللاعبين والنوادي والهياكل الرياضية الوطنية والدولية.

وبقدر تطوّر الألعاب الرياضية الفردية والجماعية تتطور الترسانة القانونية على المستوى المحلي والدولي وبقدر تفشّي النزاعات وتعقدها يتطلب الأمر طاقمًا من الخبراء القانونيين في المجال.

لذلك سعت بعض الهياكل القانونية مثل الهيئة الوطنية للمحامين من خلال فروعها إلى تنظيم منتديات تحسيسية بقيمة انخراط المحامي والتخصص في المجال الرياضي والالتحاق بالخبراء الدوليين القانونيين من أجل نيابة اللاعبين والنوادي أمام الجهات المختصة المكلفة بفض النزاعات.

وقد أقر القانونيون ومسؤولون في الجامعة التونسية لكرة القدم التي تضم أكبر عدد من المنخرطين في تونس بأن الهياكل القانونية والوكلاء هم الأقل عددًا مقارنة بدول أخرى لذلك وجب تعزيز الاختصاص  بخبراء وكفاءات في القانون وتكوين عدد أكبر من المحامين خاصة.  

رئيس فرع المحامين بسوسة: القانون الرياضي في تونس مجال جديد وقد تزايد اهتمام المحامين مؤخرًا بالشأن الرياضي وبالتخصص فيه خاصة مع التطور السريع لترسانة القوانين وتعقد إجراءات الاستئناف والتعهد

وقال رئيس الفرع الجهوي للمحامين بسوسة الصحبي بن عبد الجليل لـ"الترا تونس" على هامش ندوة انتظمت بالشراكة مع رابطة الوسط لكرة القدم: "أردنا من خلال هذه الندوة إعطاء بعض الرسائل منها إلزامية أن يلعب المحامي دوره في هذا المجال الجديد وهو لا يبتعد كثيرًا عن بقية القوانين وإنما يتميّز بكونه اختصاص ويتمتع بخصوصية في الإجراءات والقوانين المنظمة وغيرها".

ويضيف بن عبد الجليل: "كذلك أردنا توجيه رسائل إلى الجمعيات الرياضية مفادها بأن القانون الرياضي تحكمه ترسانة من القوانين المعقدة نوعًا ما، وأنه لم يعد بالإمكان تسيير هذه الجمعيات بالإدارة العادية وإنما عليها تكوين لجان قانونية تهتم بالشؤون القانونية وبالنزاعات". 

 

 

وأشار محدث "الترا تونس" إلى أن "القانون الرياضي في تونس مجال جديد، وقد تزايد اهتمام المحامين في الفترة الأخيرة بالشأن الرياضي وبالتخصص في هذا المجال خاصة مع التطور السريع لترسانة القوانين وتعقد إجراءات الاستئناف والتعهد"، مستطردًا: "من خلال القوانين المقارنة نريد تطوير منظومتنا القانونية فالقوانين الدولية نجدها مبسطة فيما يتعلق بإجراءات التداعي وسير الدعوى وإجراءات تنفيذ الأحكام خلافًا لقوانيننا المحلية التي يغلب عليها التباطؤ في سير الدعوى وتعقد الإجراءات بالنسبة للقيام بها وكثرة العراقيل فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام منها التعامل معها كسائر الأحكام العدلية".

ويقول أستاذ القانون الطاهر ساسي في أحد مقالاته المنشورة بجريدة المغرب: "حاجتنا اليوم للقانون الرياضي كمادة تدرس أكاديميًا أمام ما أصبح يتلاحق من تضارب للمصالح الاقتصادية في المجال الرياضي الذي لا يمكن أن يبقى فهمنا له سطحيًا.. فالعلاقة بحياة الشعوب أصبحت وثيقة جدًا من أجل منح كل ذي حق حقه وهو أمر أساسه توفر القواعد القانونية الملزمة بعيدًا عن جميع أشكال التأويل".

رئيسة لجنة النزاعات برابطة كرة القدم بسوسة: لدينا نقص في الحكام وفي تكوين اللاعبين وبيان حقوقهم وواجباتهم لذلك نعمل على تكثيف الدراسات القانونية من أجل التطوير القانوني لتفادي العدد الهائل من الإثارات القانونية

ومن جهتها، قالت القاضية يسرى الصافي، رئيسة لجنة النزاعات برابطة كرة القدم بسوسة، في تصريح لـ"الترا تونس": نحن ننظر في أغلب النزاعات الموجودة بين الجمعيات سواء في إطار احتراز أو إثارة، ومن نجده مخطئًا ومخالفًا للقانون تتم تخطئته، ويمكن كذلك معاقبة المدرب واللاعب وفق قوانين الجامعة التونسية لكرة القدم وما تسمح به من عقوبات".

وتضيف يسرى الصافي: "بالنسبة للرياضة التونسية فإننا نسعى إلى حل أكبر إشكال على مستوى التشريعات وذلك بتنقيح القوانين العامة لجامعة كرة القدم لأنها صارت لا تنطبق مع الواقع، ولدينا نقص في الحكام وفي تكوين اللاعبين وبيان حقوقهم وواجباتهم لذلك نعمل على تكثيف الدراسات القانونية وإعداد ندوات داخلية من أجل التطوير القانوني لتفادي العدد الهائل من الإثارات القانونية وتجنب الاضطراب الناتج عن البطء في إعلان النتيجة".

ومن جانبه، اعتبر عضو الجامعة التونسية لكرة القدم و رئيس لجنة المسابقات بها أمين موقو، في تصريح لـالترا تونس" أن "المحامي التونسي يكتسح عديد الأسواق العربية والأوروبية في المجال الرياضي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر التعاون مع مكاتب محاماة، ويعتبر المحامي التونسي متمكنًا وملمًّا بالقوانين الرياضية التونسية وكذلك الدولية وليس في مجال كرة القدم فحسب بل كذلك في تعاطي المنشطات".

عضو بجامعة كرة القدم لـ"الترا تونس": المحامي التونسي يكتسح عديد الأسواق العربية والأوروبية في المجال الرياضي ويعتبر متمكنًا وملمًّا بالقوانين الرياضية التونسية وكذلك الدولية

ويشير أمين موقو إلى أن "الجامعة التونسية لكرة القدم تسعى إلى تبليغ المعلومة الصحيحة سواء بتوفير القوانين أو الدعوة إلى المشاركة في ندوات علمية يقع تأثيثها  برجال قانون، ونسعى إلى تقديم الجانب التطبيقي الذي يغذي الخبرة القانونية لدى المحامي".

ويذكر عضو الجامعة التونسية لكرة القدم أمين موقو أن "قيمة تنقل اللاعبين من فرق إلى أخرى بلغت 6.5 مليارات دولار عالميًا، وهي تعتبر قيمة الأجور المسلمة في كرة القدم العالمية وللوكيل منها نسبة سواء في علاقته باللاعب أو علاقته بالنادي، ونحن نرى أن المحامي هو المؤهل بأن يكون وكيلًا رياضيًا لأن اللاعب لا يحتاج فقط مفاوضًا بل إلى من هم ملمّ بالقانون الرياضي وبصيغة العقود والتعاون على الإشكاليات التي قد تعترضه مستقبلًا".

 

 

ويعتبر أمين موقو أن "الوكيل بالمعنى العام يكون وقتيًا عند المفاوضات وإبرام العقد لكن المحامي يكون تدخّله على مدى امتداد العقد سواء بالتقاضي أو الاستشارة عند المفاوضات الأوّلية أو لدى إبرام هذه العقود".

ويشير محدث "الترا تونس" إلى أن "قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم الجديدة لسنة 2022 تلزم الوكيل إذا لم يكن محاميًا بإرسال استشارة للاعب أو النادي وإعلامه باستشارة أهل القانون قبل الإمضاء على عقد التنفيذ، لذا نرى أن المحامين أولى بالقيام بهذه المهمة".

عضو بجامعة كرة القدم: القانون التونسي يعتبر أن المحامي يضطلع بمهمة وكيل رياضي في حين أن القانون الدولي يفترض وجود شروط إضافية للترشح لهذه المهمة ونحن في الجامعة نحاول تسهيل ولوج المحامي قدر الإمكان إلى مهمة الوكيل

ويكشف أمين موقو أن "القانون التونسي يعتبر أن المحامي بطبيعته يضطلع بمهمة وكيل رياضي في حين في القانون الدولي يفترض وجود شروط إضافية للترشح لهذه المهمة، ونحن في الجامعة نحاول تسهيل ولوج المحامي قدر الإمكان إلى مهمة الوكيل الرياضي، فمثلًا أن يكون له أقدمية في كرة القدم كمسؤول أو لاعب أو ممرن لـ4 سنوات، غير أننا نصطدم بالنزاع بين القوانين الوطنية والهياكل الرياضية فالاتحاد الدولي لكرة القدم مسابقاته ونظامه الخاص ومجموعة من الضوابط تحتم على المحامي الخضوع لها".

وتابع قائلًا: "المحامي المعتمد لدى الفيفا يجب أن يقدم ترشحه وفتح باب الترشحات الأولية سيكون في غرة مارس/آذار 2023 وتبعث الفيفا للجامعة التونسية المخول لهم القيام بالامتحان ويلتزم بدفع 600 دولار سنويًا للفيفا وتأمين على المسؤولية المهنية بما قدره 150 ألف دينار بالنسبة للوكيل الرياضي سواء كان محاميًا أو لم يكن كذلك، كما يلزم الاتحاد الدولي المحامي بإيداع العقود وكافة التفاصيل المتعلقة بها في المنظومة في ظرف 15 يومًا وذلك من أجل شفافية التنقلات في كرة القدم".

ويقول أمين موقو إن "الأتعاب والعمولة ثابتة ومحددة فهي لا تتجاوز 6% في المبالغ التي تقل عن 200 ألف يورو في حين تحدد بـ 6% للمبالغ التي تفوق 200 ألف يورو وهو معلوم قارّ ويعتبر مصدر ربح لمهنة المحاماة".

من خلال ما ذكرنا، نعتبر أن الاختصاص في القانون الرياضي يعتبر ميدانًا مشجعًا لاستقطاب عدد كبير من المحامين خاصّة مع تنامي الألعاب الرياضية والمسابقات الدولية وانخراط كافة الرياضات في السباقات الدولية التي تتطلب مرافقة قانونية للاعبين والنوادي والمدرّبين، فالقانون الرياضي مجال خصب للعمل ويمكن تقديم الإضافة فيه بنجاح.