23-أبريل-2024
هيومن رايتس ووتش حقوق الإنسان في تونس

الأورومتوسطي يندد باستدعاء المنصف المرزوقي وصحفيين اثنين للتحقيق على خلفية حوار صحفي (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الاثنين 22 أفريل/نيسان 2024، بشدة التصعيد المتواصل تجاه الصحفيين والأصوات الرافضة لمسار "الإجراءات الاستثنائيّة" للرئيس التونسي قيس سعيّد منذ جويلية/يوليو 2021، وأحدثها استدعاء رئيس سابق واثنين من الصحفيين للتحقيق.

وقال الأورومتوسطي، في بيان له، إن السلطات التونسية فتحت في 15 أفريل/نيسان الجاري تحقيقًا قضائيًّا ضد كلّ من الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، والصحفي الحسين بن عمر، ومدير قناة "الزيتونة" الصحفي سامي الصّيد، على خلفية حوار تلفزي مباشر، رأت فيه السلطات التونسيّة "تعمّد خطاب تحريضي يمسّ بالأمن العام"، وذلك بموجب شكاية من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا".

الأورومتوسطي: ندين بشدة التصعيد المتواصل تجاه الصحفيين والأصوات الرافضة لمسار  الرئيس التونسي قيس سعيّد وأحدثها استدعاء رئيس سابق واثنين من الصحفيين للتحقيق على خلفية حوار صحفي

وذكّر المرصد الأورومتوسطي في هذا الصدد بأنّ قيس سعيّد أكّد في وقت سابق أنّ "حرية التعبير مضمونة بالدستور ولا عودة للوراء" وأنّ "من يبحث عن دليل حول حرية الإعلام، فلينظر كل صباح في عناوين الصحف وليستمع ويعيد الاستماع للحوارات التي تتم في وسائل الإعلام"، معتبرًا أن "من يُروّج لعكس هذا يُكذّب نفسه بنفسه ويُكذّبه المشهد الإعلامي بوجه عام".

وقال الأورومتوسطي إن "هذه التصريحات الرسمية تتناقض بشكل صارخ مع استمرار الاعتقالات والاستدعاءات وحملات التضييق بحق الصحفيين بهدف تكريس حظر الحريات العامة وتقييد مختلف أشكال التجمع السلمي، وفي ظل استهداف غير مسبوق للصحفيين في تونس".

الأورومتوسطي: اعتقالات واستدعاءات وحملات تضييق على الصحفيين في تونس بهدف تكريس حظر الحريات العامة وتقييد مختلف أشكال التجمع السلمي

وأشار بهذا الصدد إلى قرار المحكمة الابتدائية في تونس الصادر عن 17 أفريل/نيسان الجاري، بالسجن لمدة 6 أشهر في حق الصحفي محمد بوغلاب على خلفية ملف شكاية تقدمت بها موظفة بوزارة الشؤون الدينية في حقه بتهمة "نسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي دون الإدلاء بصحة ذلك".

ولفت المرصد، في هذا الصدد، إلى أنّ "الحكم على الصحفي بوغلاب يعدّ ثالث حكم قضائي بالسجن بحق الصحفيين منذ بداية العام الجاري، وسبقه قرار المحكمة الابتدائية في مدينة بن عروس يوم 18 مارس/آذار الماضي، بسجن الصحفي ومدير تحرير موقع انحياز "غسان بن خليفة" لمدة 6 أشهر بتهمة الإساءة للغير عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك على خلفية دعوى مقامة ضده منذ أكثر من عام تتهمه بالوقوف وراء صفحة على "فيسبوك" مناهضة لقيس سعيّد".

الأورومتوسطي: ممارسات القمع الحكومي مثل استمرار اعتقال واستدعاء صحفيين وشخصيات سياسية ومدنيين على خلفية الحق في التظاهر، تُشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور التونسي والالتزامات الدوليَة للدولة التونسيَة

ويرى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن "هذه الأحكام المتتالية تعبر عن مس حكومي خطير في ملف حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وامتداد للواقع الحقوقي المتدهور الذي تشهده البلاد منذ عام 2021"، مؤكدًا أنّ "ممارسات القمع الحكومي مثل استمرار اعتقال واستدعاء صحفيين وشخصيات سياسية ومدنيين على خلفية الحق في التظاهر، تُشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور التونسي والالتزامات الدوليَة للدولة التونسيَة، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وشدد على أنه "ينبغي وقف كافة الانتهاكات الخطيرة التي تمس الحريات العامة في تونس، وإنهاء توظيف مؤسسة القضاء في تصفية الحسابات السياسية مع المعارضين والصحفيين، وضرورة المسارعة إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي من السياسيين والإعلاميين ونشطاء الرأي وإسقاط التهم الموجهة لهم على خلفيات مرتبطة بالحريات والانتماءات السياسية والحزبية، واحترام حقوق الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي".

الأورومتوسطي: ينبغي وقف كافة الانتهاكات الخطيرة التي تمس الحريات العامة في تونس، وإنهاء توظيف مؤسسة القضاء في تصفية الحسابات السياسية مع المعارضين والصحفيين والإفراج عن جميع معتقلي الرأي في تونس

كما جدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته السلطات التونسية إلى احترام التزاماتها بموجب الدستور التونسي والمواثيق والأعراف الدوليَّة ذات العلاقة، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة الذي صادقت عليه الجمهوريَّة التونسيَّة في العام 1969.

يذكر أنّ النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بأريانة كانت قد أذنت في 15 أفريل/نيسان 2024 بفتح بحث تحقيقي ضد الرئيس السابق المنصف المرزوقي وصاحب قناة "الزيتونة" سامي الصيد وأحد مقدّمي برامجها "الحسين بن عمر" على خلفية شكاية تقدمت بها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري "الهايكا" في حق الممثل القانوني للقناة في ماي/أيار 2022 حول "تداول قناة الزيتونة في الشأن العام دون الحصول على ترخيص قانوني بالنشاط وفق مقتضيات المرسوم 116 المنظم للقطاع السمعي البصري".

وقد عبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن قلقها إزاء ذلك، مستغربة "إثارة التتبع بعد أكثر من سنتين في وضع سياسي متوتر"، ومنبهة إلى "خطورة هذه الممارسات وما يمكن أن تسببه من تأزيم لواقع قطاع الإعلام"، وفق تقديرها.


صورة