قبل نحوِ أسبوع، تمّ إعلام المصور الصحفي التونسي-الألماني نادر بن محمد، بإيقافه عن العمل في قناة "دويتشه فيلا" الألمانية وإحالته على مجلس التأديب، بعد أن رفض السفر إلى تل أبيب والعمل هناك، تضامنًا مع غزة.
هددت دولٌ أوروبية بترحيل وسجن كل من يرفع العلم الفلسطيني في احتجاجات أو يُجاهر بموقفه المناهض للسياسة الإسرائيلية، فيما فرضت دول أخرى قيودًا على المتضامنين مع فلسطين
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فرضت عدّة دول أوروبية قيودًا على المتضامنين مع فلسطين، فيما هددت دولٌ أخرى بترحيل وسجن كل من يرفع العلم الفلسطيني في احتجاجات على أراضيها أو يُجاهر بموقفه المناهض لإسرائيل.
يقول نادر، يعمل ويُقيم في ألمانيا، لـ"الترا تونس"، إنه "تفاجأ بخبر إيقافه عن العمل رفقة صحفية روسية ومصور باكستاني بسبب رفضهم السفر إلى تل أبيب والعمل فيها، تضامنًا مع قطاع غزة ودعمًا للقضية الفلسطينية".
يضيف "تتعرض الجالية العربية والمسلمة في ألمانيا إلى تضييقات لافتة بسبب دعمها للشعب الفلسطيني حيث تمت إثارة تتبعات قضائية ضد العشرات ممن عبّروا عن آرائهم الداعمة لأهالي غزة".
نادر بن محمد (مصور صحفي تونسي-ألماني): فوجئت بخبر إيقافي عن العمل رفقة صحفية روسية ومصور باكستاني بسبب رفضنا السفر إلى تل أبيب والعمل فيها، تضامنًا مع قطاع غزة
ويُفسّر نادر فرض ألمانيا لهذه القيود بكونها "تتماشى مع موقف الدول الغربية الداعم لإسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي صنفت حماس كمنظمة إرهابية، ما يعني أن التضامن مع غزة هو تمجيد للإرهاب"، حسب قوله.
وكانت ألمانيا قد أعلنت فرض حظر على أنشطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أراضيها بعد عملية طوفان الأقصى.
- نشعر بالخوف والرعب
وفي أمريكا أيضًا، يعيش بعض التونسيين كغيرهم من الجاليات العربية الأخرى حالة من الخوف خصوصًا مع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفق ما أكدته المقيمة في ولاية فرجينيا الأمريكية، سوسن، لـ"الترا تونس".
سوسن (مقيمة في ولاية فرجينيا الأمريكية) لـ"الترا تونس": الجالية تعيش حالة من الخوفِ والرعب، وهناك من دعانا إلى إخفاء هوياتنا كمسلمين وعدم خروج النساء وهن يرتدين الحجاب
وتؤكد محدثتنا أنه "لم يقع تسجيل أي إيقافات أو اعتداءات على تونسيين شاركوا في المظاهرات الداعمة لفلسطين وغزة"، لكنها أكدت في المقابل أن "الجالية تعيش حالة من الخوفِ والرعب".
تضيف "ظَهر هذا الخوف خصوصًا بعد قتلِ طفل فلسطينيّ-أمريكيّ طعنًا حتى الموت على يدِ مواطنٍ أمريكيّ، عقب عملية طوفان الأقصى التي أعلنت عنها حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
تونسية مقيمة بأمريكا لـ"الترا تونس": رأيت مسلمات قُمن بتغيير شكل حجابهنّ والاكتفاء بوضع قبعة أو توربان على رؤوسهنّ خوفًا من التعرّض لاعتداءات عنصرية
تواصل حديثها قائلة "بدأت الجالية التونسية في أخذ الحيطة والحذر، حتى إن هناك من دعانا إلى إخفاء هوياتنا كمسلمين من خلال إزالة كتب القرآن والآيات القرآنية المعلقة في السيارات وعدم خروج النساء وهن يرتدين الحجاب.. وهو ما حدث بالفعل".
كما تقول: "رأيت مسلمات قُمن بتغيير شكل حجابهنّ والاكتفاء بوضع قبعة أو توربان على رؤوسهنّ خوفًا من التعرّض لاعتداءاتٍ عنصريةٍ.. الخوفُ منتشرٌ، لا يمكن إنكار ذلك وهناك من يدفع ثمن تأييده للحق الفلسطيني".
وفي كندا، تعرضت الطالبة التونسية آمنة معرّف، لاعتداء عنصري وطُردت من منزلها التي تُقيم فيه على وجه الكراء في مدينة مونريال الكندية، بسبب نشرها تدوينة تدعم فيها القضية الفلسطينية وتنتقد السياسات الغربية تجاه القضية.
وفي مقطع فيديو نشرته عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، قالت آمنة إن "صاحبة المنزل وهي من أصول يهودية، قامت بطردها من المنزل واعتبرت أن ما نشرته عنصري ودموي".
آمنة معرّف (طالبة تونسية في كندا): صاحبة المنزل وهي من أصول يهودية، طردتني من المنزل واعتبرت أن ما أنشره على فيسبوك عنصري ودموي
وأكدت الطالبة التونسية "أنها كانت تتلافى الدخول في أي نقاش سياسي مع صاحبة المنزل بسبب أصولها اليهودية وأنها اكتفت بالتعبير عن رأيها في حسابها الشخصي على فيسبوك ومع ذلك تعرضت لاعتداء عنصري وطُردت من منزلها".
وفي مقطع فيديو ثانٍ، قالت آمنة معرّف، إنها "لا تخجل من دعمها للقضية الفلسطينية ولا تخاف من التعبير عن رأيها ومواقفها سواء كانت موجودة في تونس أو خارجها".
وأكدت معرّف أنها "نشرت صورة تدين رفض أمريكا وبريطانيا وقف إطلاق النار في غزة، فهاجمتها صاحبة المنزل بألفاظ عنصرية واتهمت العرب والمسلمين بالعنف وحبّ الدم" حسب قولها.
وأضافت "لم تكتفِ صاحبة المنزل بذلك بل هاجمت أيضًا أصدقائي الذين جاؤوا لنجدتي، وقالت لهم أنتم عرب همجيين وعنيفين وقامت أيضًا برمي أغراضي خارجًا ونعتتني بألفاظٍ عنصرية".
آمنة معرّف (طالبة تونسية في كندا): الاعتداءات العنصرية على العرب والمسلمين ارتفعت بشكلٍ لافت في ظل تواصلِ دعمِ إسرائيل من قبل الإعلام الغربي
وقالت آمنة إن الشرطة الكندية طلبت منها البقاء في المنزل ووعدوها بتوفير الحماية لها، لكنها رفضت ذلك واختارت المغادرة لأنها كانت مهددة وتشعر بالخطر. مؤكدة أنها تستعدّ لمقاضاة صاحبة المنزل.
وأشارت الطالبة التونسية إلى أن "الاعتداءات العنصرية على العرب والمسلمين ارتفعت بشكلٍ لافت في ظل تواصلِ دعمِ إسرائيل من قبل الإعلام الغربي وتجاهله قول الحقيقة".
وتابعت قائلة "هناك من تمّ طرده من عمله وهناك من طُرد من منزله وهناك أشخاص مهددون بالترحيل بمجرد دعمهم للقضية الفلسطينية أو نقدهم لمنظومة حقوق الإنسان في الدول الغربية".
- رابطة حقوق الإنسان على الخطّ
تقرّ الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأنها تلقت عديد التشكيات من قبل تونسيين مقيمين في المهجر تعرضوا لاعتداءات عنصرية بعد عملية طوفان الأقصى وتواصل الحرب على قطاع غزة.
وقال عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، شادي الطريفي، لـ"الترا تونس"، "تلقينا عشرات التشكيات خصوصًا من التونسيين المقيمين في فرنسا وكندا وتعرضوا لانتهاكات واعتداءات بسبب دعمهم للشعب الفلسطيني''.
عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لـ"الترا تونس": تلقينا عشرات التشكيات خصوصًا من التونسيين المقيمين في فرنسا وكندا حول تعرضهم لانتهاكات واعتداءات بسبب دعمهم للشعب الفلسطيني
وحول طبيعة هذه الانتهاكات، قال الطريفي إن "الرابطة تلقت تشكيات من تونسيين وقع ترحيلهم بشكل قسريّ إلى جانب طرد تونسيين مقيمين بشكل قانوني من منازلهم التي يقيمون بها على وجه الكراء".
وأشار الطريفي في السياق ذاته، إلى أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بصدد متابعة هذه الحالات وفي تواصل مستمرّ مع وزارة الشؤون الخارجية لحماية الجالية التونسية بالخارج.
كما أكد أن الرابطة أرسلت رسائل احتجاج إلى سفراء الدول الأوروبية التي ارتفعت فيها وتيرة الاعتداءات على التونسيين وأنه تم التجاوب مع رسائلهم وأنه تم حلحلة بعض المشاكل ذات الطابع الإنساني.
وتابع قائلًا: "لكن هذا التجاوب لا يعني حلحلة كل الإشكاليات والاعتداءات التي واجهها التونسيون في المهجر، خصوصًا الذين تمت إثارة تتبعات قضائية ضدّهم، بما معناه أنه لا يمكن التدخل المسار القضائي وفي عمل القضاة"، وفق قوله.
عضو رابطة حقوق الإنسان لـ"الترا تونس": أرسلنا رسائل احتجاج إلى سفراء الدول الأوروبية التي ارتفعت فيها وتيرة الاعتداءات على التونسيين وتم التجاوب معنا بحلحلة بعض المشاكل
ومنذ بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تظاهر آلاف الأشخاص في القارة الأوروبية وأمريكا دعمًا للشعب الفلسطيني وتنديدًا بجرائم الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين والأطفال في القطاع.
وفي بلاغ لها بتاريخ 27 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن "استجابات الحكومات الأوروبية على الأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس في غزة لها آثار ضارة على حقوق الإنسان في أوروبا".
منظمة "هيومن رايتس ووتش": فرضت السلطات في عدة دول أوروبية قيودًا مفرطة على التعبير والاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، كما ارتفعت جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا بشكلٍ حادّ
وقالت المنظمة إن "هذه المخاوف تشمل الاستجابات غير الكافية على التقارير المتزايدة عن معاداة السامية والإسلاموفوبيا، واستخدام سياسات الهجرة التي تنطوي على خطر التمييز ضد الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم عرب أو فلسطينيون أو مسلمون، والحظر والقيود الأخرى على التعبير والاحتجاج السلمي المؤيد للفلسطينيين".
وقالت المنظمة "فرضت السلطات في العديد من الدول الأوروبية قيودًا مفرطة على التعبير والاحتجاجات المؤيدة لفلسطين منذ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول".
وبحسب نصّ البلاغ، ارتفعت "جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا بشكلٍ حادّ، حيث كشفت شرطة العاصمة اللندنية عن وقوع أكثر من مائة جريمة معادية للإسلام في لندن في أول 18 يومًا من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، حيث ارتفعت بأكثر من 42 خلال الفترة نفسها من سنة 2022".
كما سجلت منظمة مجتمعية 291 حادثة معادية للإسلام في المملكة المتحدة في الفترة من 7 إلى 19 أكتوبر/تشرين الأول، أي بزيادة ستة أضعاف من الفترة نفسها عام 2022.
ودعت "هيومن راييتس ووتش"، الدول الغربية إلى "الالتزام بقانون حقوق الإنسان في حماية الحق في الحياة والأمن لكل فرد على أرضها دون تمييز".