17-أغسطس-2023
فلاحات أزهار ورود

لجأت العديد من الفلاحات و الشابات باعثات مشاريع فلاحية جديدة إلى الاعتماد على زراعة النباتات العطرية (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

في ظل الطلب العالمي والوطني المتزايد على استخدام النباتات الطبية والعطرية، اتجه بعض الفلاحين في تونس، وخاصة الفلاحات الناشئات وباعثات المشاريع الفلاحية، إلى زراعة وإنتاج النباتات العطرية على غرار العطرشية والزعفران والورد العربي والخزامى والإكليل، وغيرها من النباتات التي تتماشى زراعتها مع طبيعة المناخ في عدة جهات في تونس، خصوصًا وأنها باتت بديلًا عن المواد المصنعة لإنتاج الزيوت الطبيعية والعطور وعدة مواد تجميل. 

لجأت العديد من الفلاحات و الشابات باعثات مشاريع فلاحية جديدة إلى الاعتماد على زراعة النباتات العطرية بعد أن باتت تشهد إقبالًا كبيرًا من قبل منتجي مواد التجميل والمواد شبه الطبية

وليس بالجديد في تونس الاعتماد على النباتات العطرية في عدة منتجات. فعاداتنا الغذائية بالأساس تعتمد على عدة أنواع منها، على غرار صنع الحلويات بماء الزهر والورد والعطرشية والنسري، إضافة إلى استعمال الإكليل الجبلي والزعتر والزعفران في عدة أطباق تونسية وفي صناعة الحلوى. كما تستعمل في صناعة الصابون والعطور منذ القديم وبطرق تقليدية. 

 

صورة
لجأت العديد من الفلاحات إلى الاعتماد على زراعة النباتات العطرية تصوير: مريم الناصري/ الترا تونس)

 

لذا لجأت العديد من الفلاحات أو الشابات باعثات مشاريع فلاحية جديدة إلى الاعتماد على زراعة النباتات العطرية بعد أن باتت تشهد إقبالًا كبيرًا من قبل منتجي مواد التجميل والمواد شبه الطبية سواء داخل تونس أو في الخارج. 

نجلاء السعيداني شابة من منطقة سجنان بمحافظة بنزرت، هي إحدى منتجات مواد التجميل والعناية بالشعر والبشرة، تعتمد بالأساس على النباتات الطبيعية في صناعاتها. اختارت هي الأخرى التعويل على زراعة بعض النباتات العطرية بمفردها على غرار إكليل الجبل والعطرشية وحتى البابونج لإنتاج عدة مواد شبه طبية بيولوجية، لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة لتقطيرها واستخراج زيوتها من أجل إنتاج مواد للعناية بالبشرة والشعر.  

نجلاء السعيداني شابة من منطقة سجنان وهي إحدى منتجات مواد التجميل والعناية بالشعر والبشرة وتعتمد بالأساس على النباتات الطبيعية في صناعاتها واختارت التعويل على زراعة النباتات العطرية بمفردها لمشروعها

تقول نجلاء لـ"الترا تونس" إنها زرعت في الجبل قرب منطقتها السكنية في سجان مساحات شاسعة من نبتة العطرشية العطري لتقطير أوراقه وأزهاره واستعمالها في صناعة مواد شبه طبية للعناية بالبشرة والشعر.

 

 

بسواعد نسائية استطاعت منذ قرابة الثلاث سنوات زراعة مساحات كبيرة من تلك النبتة، إضافة إلى الإكليل، ونبتات عطرية جبلية أخرى على غرار البابونج والجزر البري والريحان وغيرها. 

وتؤكد نجلاء أن النباتات العطرية سهلة الزراعة ولا تحتاج عناية كبيرة، كما أنها لا تستعمل أي مبيدات كيميائية في زراعتها لأنها تعتمد على الزراعة البيولوجية لإنتاج مواد شبه طبية بعيدًا عن أي ضرر كيميائي. 

 

صورة
من بين النباتات العطرية التي خيرت شابات زراعتها نجد العطرشية والزعفران والخزامى والإكليل (تصوير: مريم الناصري/ الترا تونس)

 

العديد من الشابات في عدّة جهات أخرى انتهجن نفس الطريقة، وهي بعث مشاريع فلاحية صغيرة تعتمد على الزراعات العطرية البيولوجية. 

تقول عائشة محمودي، وهي خريجة آداب، إنها لم تنتظر الحصول على وظيفة عمومية أو البحث عن أي عمل في المدينة، إذ كانت فقط تنتظر إنهاء تعليمها الجامعي لتبعث مشروعًا فلاحيًا صغيرًا في أرض والدها بمنطقة سبيبة بمحافظة القصرين

عائشة محمودي، خريجة آداب، لم تنتظر الحصول على وظيفة عمومية أو البحث عن أي عمل آخر بل قامت ببعث مشروع فلاحي صغير في أرض والدها بالقصرين واختارت الاعتماد على الزراعات العطرية نظرًا للإقبال الكبير عليها 

اختارت هي الأخرى الاعتماد على الزراعات العطرية نظرًا للإقبال الكبير الذي وجدته من قبل منتجي مواد التجميل والمواد شبه الطبية في تونس، خاصة نبات الإكليل والحريقة والزعتر والعطرشية والزعفران والخزامة، لكونها تستعمل لإنتاج بعض العطور فيما تستعمل زيوتها لإنتاج مواد للعناية بالبشرة والشعر وحتى لبعض الاستعمالات الطبية على غرار آلام المفاصل وآلام الرأس والكحة وغيرها. 

البداية كانت بنبتة الإكليل نظرًا لسرعة نموه وانتشاره في تلك المنطقة. ثم عملت على التكثيف من زراعة الزعتر والزعفران والخزامة والنعناع والمريمية والمدرقوش، ولكل نبتة موسم لقطفها. 

 

صورة
بعض الفلاحات يبعن ما ينتجنه لتجار الأعشاب المجففة أو يروجنه خصوصًا في الربيع في الأسواق (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

تقول إنها تشغّل في أرضها بعض الفتيات اللاتي يساعدنها في زراعة النباتات والعناية بها وجمعها. وتضيف أنها" تلقت تكوينًا في مندوبية الفلاحة بالجهة حول كل ما يتعلق بالنباتات العطرية، وموسم زراعتها وكيفية العناية بها وجمعها. إذ تحتاج أغلبها إلى طريقة معينة لجمعها وقص أوراقها للمحافظة على النبتة وإنتاجها المستمر". 

تشغّل عائشة المحمودي في أرضها بعض الفتيات اللاتي يساعدنها في زراعة النباتات والعناية بها وجمعها وتروّج ما تنتجه نباتاتها إلى عدة شركات صغيرة منتجة للمواد شبه الطبية ومواد التجميل بكميات بسيطة

تبيع عائشة ما تنتجه من نباتات إلى عدة شركات صغيرة منتجة للمواد شبه الطبية ومواد التجميل بكميات بسيطة. ونظرًا للإقبال الكبير على ما تنتجه باتت تفكر في توسيع مساحة زراعتها وتكثيفها إضافة إلى تجربة زراعات نباتات عطرية أخرى على غرار أزهار البابونج والمريمية وست مريم للطلب الذي باتت تقدمه تلك الشركات لعدة أنواع منها لتقطير مياهها واستخراج زيوتها. 

كما تؤكد أنها تعتمد بالأساس على الزراعات البيولوجية بعيدًا عن أي مواد كيميائية أو مبيدات لأن النباتات تستعمل لإنتاج مواد تجميل ومواد شبه طبية. 

 

 

لا تخفي عائشة أنها واجهت في البداية صعوبة في تسويق نباتاتها، لكنها استطاعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من التواصل مع بعض الشركات وصغار التجار ممن يبيعون أوراق تلك النباتات مجففة. وبات إنتاجها مقتصرًا على التوزيع المحلي، لكنها تطمح في توسيع زراعة تلك النباتات لتوفير كميات يمكن تصديرها. 

وتؤكد عائشة حاجة الفلاحين وخصوصًا صغار الفلاحين إلى مزيد الدعم والقروض الميسرة لبعث مشاريع أو توسيع مشاريعهم الصغيرة، لا سيّما وأن الزراعات العطرية شهدت تطورًا كبيرًا في تونس خلال السنوات الأخيرة بعد ظهور العشرات من الشركات الصغيرة المنتجة لمواد العناية بالبشرة والشعر واعتمادها على النباتات العطرية بالأساس. 

 

صورة
تشهد الزراعات العطرية تطورًا كبيرًا في تونس خلال السنوات الأخيرة (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

فيما تعتمد بعض الشابات على النباتات الزراعية لإنتاج العطور أو المواد شبه الطبية، فإن بعض الفلاحات يستعملن تلك النباتات كمصدر لغذاء النحل وصناعة العسل ذي الجودة العالية، على غرار الخزامى والبابونج والزعفران. 

فيما تعتمد بعض الشابات على النباتات الزراعية لإنتاج العطور أو المواد شبه الطبية فإن أخريات يستعملن تلك النباتات كمصدر لغذاء النحل وصناعة العسل ذي الجودة العالية، على غرار الخزامى والبابونج والزعفران

 

أحلام الطرابلسي، إحدى منتجات العسل في إحدى الأراضي الفلاحية في منطقة تستور بمحافظة باجة منذ أكثر من أربع سنوات. تقول إن النحل يحتاج على مدار السنة إلى الرعي في النباتات المزهرة لإنتاج العسل، لذا لجأت إلى زراعة بعض النباتات العطرية في أرضها الفلاحية لتكون مرعى للنحل. 

أحلام الطرابلسي إحدى منتجات العسل بتستور تعتمد  خصوصًا على نبتة الزعفران التي تزهر مدة طويلة خاصة وأنّ عسل الزعفران يعدّ من بين أجود أنواع العسل واعتمدت أيضًا على  زراعة مساحات من الإكليل الجبلي والخزامى وبعض النباتات الأخرى

واعتمدت أحلام خصوصًا على نبتة الزعفران التي تزهر مدة طويلة. كما يعد عسل الزعفران من بين أجود أنواع العسل. واعتمدت أيضًا على  زراعة مساحات من الإكليل الجبلي والخزامى، وبعض النباتات الأخرى التي تزهر فترات طويلة في السنة فتكون مرعى للنحل. 

وتنتج أحلام الطرابلسي اليوم عسلًا بمذاقات مختلفة ومتنوعة لاعتمادها على النباتات العطرية في ضيعتها الصغيرة. 

بعض الفلاحات الأخريات يبعن ما ينتجنه لبعض تجار الأعشاب المجففة. أو يروجنه خصوصًا في الربيع في الأسواق للنساء ممن يقبلن في ذلك الموسم على تقطير العديد من أنواع النباتات لاستعمال مياهها في عدة استعمالات خصوصًا الحلويات.