21-ديسمبر-2022
مقر اتحاد الشغل في تونس

ندد بـ"فشل الحكومة الحالية في وضع أي برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي تشاركي" (رويترز)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل، الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، أن "التدنّي الكبير لنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية يفقدها المصداقية والشرعية ويؤكّد بوضوح موقفًا شعبيًا رافضًا الخيارات المكرَّسة إلى حدّ الآن، وعزوفًا واعيًا عن مسار متخبط لم يجلب للبلاد إلاّ مزيدًا من المآسي والمآزق"، وفقه.

وذكّر الاتحاد، في بيان لمكتبه التنفيذي الموسع برئاسة أمينه العام نور الدين الطبوبي، بأنه سبق أن حذر من "الانزلاقات والانحرافات التي سقط فيها مسار التصحيح بدءًا بالتغيير القسري للدستور في اتّجاه نظام حكم رئاسوي منغلق يشكّل تربة صالحة للاستبداد وحكم الفرد ومرورًا بقانون انتخابي مسقط كرّس الإقصاء العروشيّة والقبليّة ووصولًا إلى انتخابات لا لون لها ولا طعم ستزيد من تعميق الأزمة التي غرقت فيها البلاد"، حسب توصيفه.

اتحاد الشغل: التدنّي الكبير لنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية يؤكّد بوضوح موقفًا شعبيًا رافضًا الخيارات المكرَّسة وعزوفًا واعيًا عن مسار متخبط لم يجلب للبلاد إلاّ مزيدًا من المآسي والمآزق

كما اعتبر أن ما زاد الوضع تأزمًا هو "فشل الحكومة الحالية في وضع أي برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي تشاركي وعجزها عن اتخاذ أي إجراءات عاجلة لمجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الداخلية والعالمية وهو وضع قابل للتفّجر ولم يعد ممكنًا السكوت عنه ويستدعي تحّمل الاتحاد العام التونسي للشغل مسؤوليته الوطنية والمساهمة، مع القوى الوطنية في إنقاذ البلاد وفق أهداف وطنية واضحة وخارطة طريق مضبوطة"، وفق ما جاء في نص البيان.

كما يرى اتحاد الشغل أنّ "خيار الحكومة التونسية حصر مصادر التمويل للميزانية العمومية في القروض الخارجية هو سياسة خرقاء قتلت روح المبادرة وأهدرت  إمكانيات التعويل على الموارد الذاتية ورهنت البلاد وأغرقتها في مزيد الديون"، مدينًا "إصرار الحكومة على التكتّم وتغييب الشفافية في علاقة بمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، مع سوء إدارة هذه المفاوضات ظهرت خاصّة في التضارب الصارخ بين تصريحاتها وبين مواقف الرئيس التونسي قيس سعيّد الأمر الذي ضرب مصداقية الدولة وأساء لسمعة تونس ولمصالحها"، حسب تقديراته.

اتحاد الشغل: ما زاد الوضع تأزمًا هو فشل الحكومة الحالية في وضع أي برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي تشاركي وعجزها عن اتخاذ أي إجراءات عاجلة لمجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية

وجدّد الاتحاد "رفضه القرارات المسربة من الدوائر الحكومية التي تستهدف أجور العمال وقوت عموم الطبقات الشعبية من خلال رفع الدعم والهرولة نحو التفويت في المؤسسات العمومية والضغط التعسفي على كتلة الأجور تنفيذًا لتعليمات صندوق النقد الدولي التي جربتها بلدان كثيرة فأدّت إلى خرابها"، وفق ما جاء في البيان ذاته.

كما ندد بما وصفها بـ"سياسة التفرّد والمرور بقوّة التي تنتهجها الحكومة في إعداد الميزانية العمومية لسنة 2023"، محذّرًا من التدابير "اللااجتماعية" التي تضمّنتها هذه الميزانية، محملًا رئيس الدولة المسؤولية في صورة إمضاء مرسوم الميزانية على صيغته المسربة المعادية لعموم الشعب، وفق نص البيان.

اتحاد الشغل يندد بـ"إصرار الحكومة على التكتّم وتغييب الشفافية في علاقة بمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وتفردها بإعداد الميزانية العمومية لسنة 2023"

وعلى صعيد متصل، سجّل اتّحاد الشغل "استفحال تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين بسبب التهاب الأسعار وتفشّي الاحتكار وفشل الحكومة وخضوعها التام للوبيات في وضع سياسة واضحة ورؤية لمجابهة ندرة الأدوية والمواد الأساسية والمضاربة بالسلع والتلاعب بقوت التونسيين". كما  ندّد بـ"سياسة المماطلة والتسويف والاستهانة التي تتوخّاها الحكومة إزاء مطالب القطاعات وتجاه تطبيق الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد"، محملًا إياها المسؤولية كاملة في ما سيترتّب عن ذلك من توتير للوضع الاجتماعي. 

وأكّد 'الالتزام بالدفاع عن الحقّ في المفاوضات الاجتماعية وعن مصداقية التفاوض وسحب المنشور عدد 21 ومن أجل تطبيق اتّفاق 15 سبتمبر/أيلول 2022 وعن حقوق الأجراء بكلّ الوسائل النضالية المشروعة"، محذّرًا الحكومة من "الإقدام على تمرير القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلّق بحوكمة المساهمات والمنشآت والمؤسّسات العمومية"، وداعيًا إلى حوار صريح حوله يهدف إلى إنقاذ المؤسّسات وضمان ديمومتها وعموميتها.

كما سجّل اتّحاد الشغل كذلك "تدهور الوضع الاجتماعي في القطاع الخاصّ بسبب أزمة عدد من المؤسّسات، وما ترتّب عنها من تسريح وبطالة ونتيجة تلكّؤ عدد من الغرف في تطبيق الاتفاقيات وفي توقيع الملاحق التعديلية، الأمر الذي ينذر بتصاعد التوتّر الاجتماعي وبانعكاساته الوخيمة على الوضع الاقتصادي المنهار أصلًا"، داعيًا "الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية إلى احترام التزاماته وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة"، وفق ما جاء في البيان ذاته.

اتحاد الشغل يؤكد رفضه لما سُرّب من قرارات حكومية "تستهدف أجور العمال وقوت الطبقات الشعبية من خلال رفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية والضغط التعسفي على كتلة الأجور تنفيذًا لتعليمات صندوق النقد"

ويأتي بيان اتحاد الشغل أيامًا قليلة بعد إلغاء صندوق النقد الدولي  الاجتماع الذي كان مقررًا عقده يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2022 على مستوى مجلسه التنفيذي من أجل النظر في ملف قرض تونس، ما خلق نوعًا من الريبة بخصوص توجه الصندوق لمنح هذا القرض من عدمه.

وكانت قد نقلت وكالة رويترز عن مسؤول حكومي تونس، الأربعاء 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، قوله إن صندوق النقد الدولي أجل اجتماع مجلس إدارته بشأن برنامج القرض التونسي لمنح السلطات مزيدًا من الوقت للانتهاء من "إصلاحاتها".

وأضاف أن "تونس تعتزم إعادة تقديم ملف برنامج "الإصلاحات" مرة أخرى عند استئناف اجتماعات صندوق النقد في جانفي/ يناير 2023".

وتعيش تونس وضعًا ماليًا واقتصاديًا صعبًا جدًا مع ارتفاع في معدلات التضخم وغياب عديد السلع الغذائية والأساسية من الأسواق، واستياء شعبي من ذلك، مقابل مساعٍ متواصلة منها للحصول على قرض من الصندوق لإنقاذ المالية العمومية من الانهيار.