20-يوليو-2021

استعجالي فرحات حشاد بسوسة صور خاصة (ماهر جعيدان/ الترا تونس)

 

مرّت المستشفيات التونسية في نهاية الأسبوع المنقضي بأزمة غير مسبوقة في التزود بالأكسجين الطبي، وأطلق عدد من الأطباء والمسؤولين نداء استغاثة من أجل الإسراع بتوفير الأكسجين، فيما عاشت بعض الأقسام الطبية حالة طوارئ حقيقية خوفاً من فقدان حياة المرضى من مصابي كورونا ونزلاء الأقسام الاستشفائية بمختلف اختصاصاتها.

من المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة، أطلق زياد مزقار، رئيس القسم الاستعجالي صيحة فزع على صفحته الخاصة بموقع التواصل فيسبوك من خلال تدوينة في 17 جويلية/ يوليو الماضي جاء فيها "الرجاء دعم استعجالي فرحات حشاد.. الرجاء مكثفات أكسجين.. الدعم آني، ضروري وأرواح المرضى أمانة في رقبتنا.. ولن نخون الأمانة". 

اقرأ/ي أيضًا: حوار/ رئيس قسم استعجالي بسوسة: وصلنا للسيناريو الإيطالي ونخشى السيناريو الهندي

تلقى الرأي العام هذه التدوينة بجدية وانطلقت حملة واسعة للضغط على الجهات الرسمية والمزودين للتحرك بتوفير صهاريج الأكسجين الطبي وبالتوازي مع ذلك عمت البلبلة في الأوساط الطبية في جميع المستشفيات الجامعية والجهوية والمحلية في عدة ولايات خاصة القيروان وسوسة والمنستير والمهدية وصفاقس ومدنين وعدة مدن تونسية أخرى.

رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى فرحات حشاد سوسة يؤكد شح مادة الأكسجين الطبي في ظل أوضاع صعبة يعيشها القسم بسبب تفاقم عدد المرضى واشتغال كافة آلات الأكسجين والمكثفات والنقص في العنصر البشري

وتابع سياسيون وبرلمانيون وناشطون في المجتمع المدني هذه النداءات وراقب الجميع نقل صهاريج الأكسجين الطبي من المزودين نحو المؤسسات الاستشفائية مصحوبة بالمرافقة الأمنية والعسكرية، كما تحركت الدبلوماسية التونسية بكثافة من أجل توريد الأكسجين من دول عربية وأوروبية بشكل عاجل.

وكان قد أدلى زياد مزقار، رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى فرحات حشاد سوسة، بتصريح خص به مراسل "الترا تونس" أكد فيه "على شح مادة الأكسجين الطبي في ظل أوضاع صعبة يعيشها قسم الاستعجالي بمستشفى فرحات حشاد بسبب تفاقم عدد المرضى بسبب الفيروس الوافدين واشتغال كافة آلات الأكسجين والمكثفات الموضوعة على الذمة والنقص في العنصر البشري وعدم كفاية الأسرة الطبية الموجودة".

واصطحبنا زياد مزقار في أروقة القسم حيث لاحظنا في جناح كوفيد 19 العديد من المصابين في حالة حرجة، ودعا إلى تكاثف الجهود من أجل دفع وزارة الصحة إلى عدم التخلي عن المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة، وفق تعبيره، خاصة وأنه كان سدًا منيعًا في الحرب ضد الكوفيد خلال الموجات السابقة وآوى المرضى من كافة أنحاء الجمهورية وسخر كافة أقسامه الاستشفائية لمجابهة الوباء".

استعجالي فرحات حشاد بسوسة صور خاصة (ماهر جعيدان/ الترا تونس)

اقرأ/ي أيضًا: "كوفيد 19".. الامتحان الصعب في المستشفى الجهوي بسليانة

اتصل "الترا تونس" بالدكتور لطفي بوغمورة، مدير مستشفى فرحات حشاد الجامعي بسوسة، إثر النقص المسجل في مادة الأكسجين الطبي، فتحدث "الترا تونس" قائلًا "الأكسجين لم ينقطع عن المستشفى في أي حال من الأحوال وإنما نعاني من إشكالية التأخر في التزود ومواعيد تسليم الشحنات وهذا نتيجة الضغط الهائل والاستهلاك المتزايد".

مدير مستشفى فرحات حشاد بسوسة: "الأكسجين لم ينقطع عن المستشفى في أي حال من الأحوال وإنما نعاني من إشكالية التأخر في التزود ومواعيد تسليم الشحنات وهذا نتيجة الضغط الهائل والاستهلاك المتزايد"

وأضاف بوغمورة "في كل مستشفى ثلاثة مستويات للتزود بالأكسجين، في هذا المستشفى لدينا صهريجًا بطاقة استيعاب 10 آلاف لتر وآخر بطاقة استيعاب 3 آلاف لتر كما لدينا 3 كبسولات كل منها تحتوي 9 قوارير من الأكسجين الغاز وليس السائل".

وحول نفاذ المخزون إلى الصفر، قال بغمورة لـ"الترا تونس" "لما نتحدث عن مخزون صفر فذلك يعني  توفر 7 ساعات عمل فقط، ونحن نراقب هذا المخزون بإطراد ولدينا خلايا أزمة على مستوى المستشفى والإدارة الجهوية للصحة ولجنة ثالثة يرأسها والي الجهة وأخرى على مستوى وطني".

وقال مدير مستشفى فرحات حشاد بسوسة "هناك شركتان تزودان بالأكسجين متنافستان ولكن اليوم يعملان بتكامل وبشكل موحّد من حيث الجهود وذلك لضرورة الوضع الراهن".

وأضاف "أن مستشفى فرحات حشاد كان يتزود بالأكسجين في المدة الفارطة مرة في الأسبوع؛ ليرتفع معدل التزود الآن إلى مرة كل يومين وذلك نتيجة تطور الوضع الوبائي الذي حتّم تزايد الطلب على الأكسجين".

مدير مستشفى فرحات حشاد بسوسة: "لدينا خلايا أزمة على مستوى المستشفى والإدارة الجهوية للصحة ولجنة ثالثة يرأسها والي الجهة وأخرى على مستوى وطني"

من جهته، قال حمودة ببّة، المدير الجهوي للصحة بالمنستير، في تصريح لـ"الترا تونس" إثر ما شهدته مستشفيات المنستير من تعثر التزويد بمادة الأكسجين "لقد عشنا حالة من الهلع نتيجة النقص الهائل في المادة ودعونا بإلحاح إلى التبرع للمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بمكثفات الأكسجين وإمداده بسعة 10 لتر حتى نتفادى كارثة قد تحصل لا قدر الله".

وأضاف الببة أن "المجتمع المدني قد تحرك بقوة لتزويد المستشفى المحلي بجمال بمكثفات الأكسجين في الفترة الأخيرة وساعد ذلك على معاضدة مخزون الأكسجين السائل والغازي".

اقرأ/ي أيضًا: المنظومة الصحية انهارت..هل لا يزال الإنقاذ ممكنًا؟

اتصلنا بالناشط في المجال الصحي بالجهة حاتم حرز الله، الذي سألناه عن دور المجتمع المدني في معاضدة مجهود الدولة فقال "نحن سعينا في المدة الأخيرة  إلى جمع التبرعات من المواطنين والمؤسسات الخاصة لتزويد مستشفيات المنستير بمكثفات الأكسجين".

المدير الجهوي للصحة بالمنستير: المجتمع المدني قد تحرك بقوة لتزويد المستشفى المحلي بجمال بمكثفات الأكسجين في الفترة الأخيرة وساعد ذلك على معاضدة مخزون الأكسجين السائل والغازي

وأكد حرز الله أن "المستشفيات التونسية ليس لها استقلالية في إنتاج الأكسجين وفي أول محنة كبرى مثل التي نعيشها ارتفع الطلب وتقلص التزويد ودخلنا مرحلة الارتباك، ولابد من التوجه نحو سياسة جديدة لتركيز وحدات إنتاج أكسجين في المستشفيات الجامعية على الأقل".

إثر هذه الأزمة في التزود بالأكسجين الطبي، تحركت الجهات الرسمية بطلب المساعدة الخارجية فوصلت باخرة من مرسيليا محملة بـ 4 صهاريج من الأكسجين بسعة جملية 84.000.

وأنتج  مصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة أول شحنة من الأكسيجين السائل الموجهة للمجال الطبي بسعة 8000، كما وصلت تونس عبر معبر راس الجدير  12.000 من الأكسجين من ليبيا كما وصلت  شحنة بـ60.000 من الأكسجين من ميناء جنوة بإيطاليا، كما يتم التزود  من الجزائر والمغرب وإسبانيا والكويت، وتتحسن الأمور في المستشفيات التونسية تدريجيًا على مستوى التزود بالأكسجين الطبي رقم تواصل الضغط على مستوى الطلب. 

استعجالي فرحات حشاد بسوسة صور خاصة (ماهر جعيدان/ الترا تونس)

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما قصة الجرعة الثالثة من لقاح كورونا "المعززة للمناعة"؟

علم النفس يجيب عن سؤال "الترا تونس": كوابيس كورونا قد ترافقنا حتى بعد الشفاء!