ملأت صوره والفيديوهات مواقع التواصل الاجتماعي وشغلت الناس، نتحدث عن شاب تونسي يضع الحناء والحرقوس للنساء، وهذه الفيديوهات أثارت جدلاً كبيرًا فلطالما اقتصرت هذه المهنة على النساء تونسيًا. وبين معارض لما يفعله هذا الشاب وداعم له، ظل السؤال عن هويته وقصته وهل ما يفعله هو مهنته أم هي من باب المزاح؟
هو حازم إسماعيل، شٌهر حازم سنفارا، يبلغ من العمر 24 عامًا، يجلس أمام باب سيدي المازري بتربة الحبيب بورقيبة، في قلب ولاية المنستير ومعه لوازم الحرقوس.
حازم سنفارا لـ"الترا تونس": "أنا يتيم الأب ووالدتي تشتغل في الحناء والحرقوس منذ 40 عامًا وكنت أرافقها منذ طفولتي وأتابع عملها"
"أنا يتيم الأب ووالدتي تشتغل في الحناء والحرقوس منذ 40 عامًا وكنت أرافقها منذ طفولتي لنجلس معًا في هذا المكان وأذهب معها أيضًا لكل الأفراح أين تضع الحناء لعرائس المدينة"، يقول حازم إسماعيل لـ"الترا تونس".
ويضيف: "أحببت الرسم والتزيين بالحرقوس والحناء وهما عنصران موجودان دائمًا في بيتنا وكنت أنقش رسومًا على كل جسمي منذ نعومة أظافري. ولأني لم أكمل دراستي تلقيت في البداية تكوينًا في صنع المرطبات لكني لم أشعر أني مغرم بهذا المجال وبالرغبة في العمل فيه".
حازم سنفارا لـ"الترا تونس": "أحببت الرسم والتزيين بالحرقوس والحناء وهما عنصران موجودان دائمًا في بيتنا وكنت أنقش رسومًا على كل جسمي منذ نعومة أظافري"
ويتابع "فتوجهت للحلاقة وأحببت هذا الاختصاص وتحصلت على شهادة مهنية فيه لكن أمام ظروفي المادية الصعبة وغياب التمويل عجزت عن فتح صالون للحلاقة.. فقررت أن أعمل في مجال الزينة بالحرقوس والحناء ورغم رفض عائلتي في البداية لكني كنت مصراً على ذلك لأني أعشق هذا المجال وأبحث فيه عن الرسومات والنقوش وأجمعها في ألبومات خاصة بي".
فحازم إسماعيل لا يرى في مجال التزيين بالحناء والحرقوس مجرد مهنة تدر أموالاً بل هو فن يحبه ولم يخجل ولم يخف من نظرة المجتمع له، فهو يقول عند حديثه لـ"الترا تونس": "أعمل بشرف وشغف".
"في مدينة المنستير، الجميع يعرفني ويعرف والدتي ويحبونني بل أصبحوا يطلبونني لوضع الحناء لهن أو الحرقوس ويعتبرون عملي أفضل من تزيين أمي"، يقول محدثنا.
حازم سنفارا لـ"الترا تونس": "أنا طورت المهنة ونقوشها أما والدتي فلا تزال تتبع الطريقة والرسوم التقليدية.. أنا كفنان تشكيلي كل ما أفعله هو رسم لوحة جميلة بعيدًا عن أي تفكير آخر"
ويضيف ضاحكًا: "أنا طورت المهنة ونقوشها أما والدتي فلا تزال تتبع الطريقة والرسوم التقليدية.. أنا كفنان تشكيلي كل ما أفعله هو رسم لوحة جميلة بعيدًا عن أي تفكير آخر والجميع في المنستير يشهدون بأخلاقي".
غير أن حازم اندهش من التعليقات التي وصلته بعد أن وضع فيديوهات له على تيكتوك فهناك من شتمه وسخر منه وتنمر، لكن لا ينكر أن الكثيرين عبروا عن دعمهم له أيضًا. في هذا السياق، يقول: "أقول شكرًا جزيلًا لكل من قال كلمة طيبة وحسبي الله ونعمة الوكيل في كل الذين قاموا بشتمي فهم يجهلون ظروفي ولا يعلمون حاجتي للعمل".
يتابع "فقد اخترت أن أعمل بشرف في هذه الساحة وأضع الحرقوس للسياح وللأطفال وللنساء بكل احترام وحب وهم يقصدونني والحمد لله على محبتهم وأكسب قوتي وأساعد والدتي وألبي حاجياتي".
"أنا شاب لا أعرف حتى الأبواب التي يجب أن أطرقها لمساعدتي لبعث مشروع صالون الحلاقة ولم أبق في المنزل في انتظار عودة والدتي لأخذ مصروف اليوم ولم أفكر في أن أذهب في مراكب الهجرة غير النظامية كما فعل أخي بل بقيت رفقتي أمي أساعدها"، يقول حازم لـ"الترا تونس"، مشيرًا إلى والدته التي كانت تجلس حذوه.
والدة حازم سنفارا لـ"الترا تونس": بعد انتشار فيديوهاته وما تلقاه من سب وشتم ظل لا يغادر غرفته أيامًا لكنه عاد سريعًا للعمل لأنه اقتنع أن ما يفعله ليس عارًا بل يكسب قوته بعمل شريف
لتتدخل السيدة "لطيفة" وتقول بصوت تخنقه العبرات لمراسلة "الترا تونس": ذهب أخوه "حارقًا" تاركًا زوجته وأولاده وأنا أقوم بإعالتهم وابني حازم يساعدني وأنا أتمنى من كل قلبي أن يجد الطريق من أجل أن يبعث مشروعه وأن يبقى في تونس ويعمل فيها فلا نريد أن نخسر أولادنا.
وتضيف لـ"الترا تونس": بعد انتشار فيديوهاته وما تلقاه من سب وشتم ظل لا يغادر غرفته أيامًا لكن سرعان ما عاد من جديد للعمل لأن لا أحد سيطرق بابه ويعطيه أموالًا ولأنه اقتنع أن ما يفعله ليس عارًا بل يكسب قوته بعمل شريف.
"إنه عمل أمه التي ظلت 40 عامًا تجلس أمام باب سيدي المازري تضع الحرقوس وتدخل بيوت أهل مدينة المنستير لتضع الحناء للعرائس وتتمنى لهن الهناء والسعادة وكان حازم يرافقني وقد ربيته على احترام الناس وحبهم وأصبح منافسي فقد صار مطلوبًا أكثر مني"، تختم كلامها لـ"الترا تونس" ضاحكة وماسحة دموعها.