27-يوليو-2018

اقتصر استعمال الحناء في مواسم الزواج (getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تشهد زراعة الحناء أو الذهب الأحمر في الجنوب التونسي مصاعب جمة بسبب قلة المياه، ولكن لم تعد أصلًا الحناء دارجة الاستعمال بين التونسيات سواء لصبغ البشرة أي راحة اليدين والساقين وكذلك الشعر وذلك أمام زحف مواد التجميل العصرية.

يحدّث الفلاح التونسي حسين العكروتي، صاحب قطعة أرض مخصصة للحناء في واحة شنني بقابس، أن نقص المياه في المنطقة أجبر الوزارة على التخطيط لتوزيع الري بين الأراضي الفلاحية، ويقول لصحيفة "لوفيغارو" إنه ينتظر بين 15 و20 يومًا لانتظار حصته من المياه، وهي مدة يؤكد أنها طويلة جدًا بالنسبة لنبات الحناء الذي يتطلب الكثير من المياه.

تشهد زراعة الحناء أو الذهب الأحمر في الجنوب التونسي مصاعب جمة بسبب قلة المياه كما لم تعد الحناء دارجة الاستعمال بين التونسيات

في نفس الإطار، تؤكد أمل الغيلوفي، وهي مديرة قسم النبات في الإدارة الجهوية للفلاحة بقابس، أن انتظار موعد الري قد يصل لـ40 يومًا في فصل الصيف. وتنظم هذا النوع من الري مجموعات التنمية الفلاحية التي تبيع الماء بسعر 2.8 دينار تونسي في الساعة الواحدة. ويشير الفلاح حسين أنه يزرع اليوم قطعة صغيرة من أرضه للحناء من إجمالي الـ10 هكتارات ورثها عن والده ويقول إن الحناء لم تعد تدرّ عليه المال وهو بحاجة إلى إعالة عائلته.

اقرأ/ي أيضًا: "التهيليم".. سجع رعاة الإبل في الصحراء التونسية

وقد تم حصد 645 طنًا من الحناء على مساحة 430 هكتارًا في المنطقة في موسم 2017/2016، وهو انخفاض ملحوظ مقارنة بالموسم السابق الذي سجل انتاجًا يبلغ 810 طنًا من أصل 540 هكتارًا. وقد ساهم التلوث من المجمع الكيميائي في قابس في تسريع الانخفاض في انتاج الحناء، بالتوازي مع نقص اليد العامة وارتفاع التجارة الموازية الذي أدت إلى دخول الحناء "السريعة" المستوردة من اليمن والسودان والهند إلى السوق التونسية. وتقول أمل الغيلوفي لوكالة الأنباء الفرنسية التي شاركت في تقرير "لوفيغارو"، أن هذه الحناء تحتوي على مواد كيميائية تحدّ من تغلغل الحناء في الجلد وتساعد على التخلص منها عن طريق غسل اليدين.

ساهم التلوث من المجمع الكيميائي في قابس إلى تسريع الانخفاض في انتاج الحناء، بالتوازي مع نقص اليد العامة وارتفاع التجارة الموازية

وتُستخدم الحناء في صبغ الشعر أو راحة اليدين والقدمين، ويكثر رواجها في حفلات الأعراس حيث يتم توزيع عجين الحناء في علب صغيرة على الزوار. وتستعمل العروس الحناء كزينة رئيسية للتجميل مع "الحرقوس" المصنوع من الحناء والفرنقل أساسًا. وللحناء استعمالات أخرى على غرار تخفيف الصداع النصفي، وتنقية الجلد وشفاء الجروج، وهي استعمالات لا تعرفها الأجيال الجديدة.

وفي سوق "جارة"، وهو السوق السياحي الرئيسي في وسط قابس، زرغم أن المحلات مليئة بالحناء والبخور، فالممرّات فارغة. فإن لازالت الحناء و"الحرقوس" يحظيان بشعبية بين السياح الذي يحبون "الوشم بالحناء"، فإن النساء التونسيات بتن يستخدمن الحناء بدرجة قليلة. إذ يقول إسماعيل، وهو تاجر يبلغ من العمر 49 عامًا، "لقد عوَضت خصلات الشعر (الليماش) وصبغة الأظافر وصبغة الألوان للشعر، الحناء اليوم. لقد غيرت النساء التونسيات عاداتهن وأدرن ظهورهن للتقاليد فالحناء اليوم هي قديمة الطراز بالنسبة إليهن".

فيما يقول حسن مرابط (85 عامًا)، وهو مزارع وبائع حناء منذ خمسة عقود، إن بيع الحناء بات يقتصر على موسم الزفاف في شهري جويلية/يوليو وأوت/أغسطس فيما كان سابقًا تُباع الحنة على مدار السنة.

 تقتصر عملية تصدير الحناء على المبادرات الشخصية دون دعم مؤسسي ويجب الترويج لاستخداماتها الطبية وفوائدها الطبيعية

وبالنسبة لأمل غيلوفي، فإن "الحل الوحيد لإحياء هذا القطاع الذي قد يعبر الحدود هو الترويج للاستعمال الطبي للحناء ولفوائدها الطبيعية". وأشارت أنه بدأت تُباع أكياس الحناء العضوية والشامبو المكوّن من الحناء وذلك في محلات المنتجات الصحية. فيما تقتصر عملية تصدير الحناء على المبادرات الشخصية دون دعم مؤسسي، وهي "لا تزال ضئيلة للغاية مقارنة بالجودة الجيدة لحنة قابس" كما تقول غيلوفي. من جهته، ينهي الفلاح محمد مرابط حديثه قائلًا "إن حنة قابس هي الذهب الأحمر لتونس، ولكن أهملتها الدولة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"قفة العروس" في سوسة.. سلة الاحتفالية والجمال والتحصين من الشرور

بيض وسمك وضرب.. أغرب عادات الزواج في تونس