07-يونيو-2024
السرقة الفكرية الانتحال الأكاديمي

انتقد كثيرون الخوض في المسائل الأكاديمية على السوشال ميديا

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثار موضوع رسالة بحث في الدكتوراه، تناول "إشكالية الدين والدولة في إسرائيل"، وقبله رسالة ماجستير تطرّقت لزاوية "الفعل الاجتماعي والسياسي لفئة مجتمع (الكوير)"، الجدل في تونس، وأعادت هذه الأطروحات الطلابية موضوع الحريات الأكاديمية على سطح النقاش العام من جديد، وهو الموضوع الذي لا يكاد يخبو في تونس، خاصة على مستوى الجامعات التونسية.

أثارت أطروحات طلّابية الجدل في تونس، وعاد موضوع الحريات الأكاديمية ليطرح في ساحة النقاش العام من جديد، خاصة على مستوى الجامعات التونسية

وقد انتقد كثيرون، مسألة نقد المواضيع الأكاديمية وتقييمها على منصات التواصل الاجتماعي، فاعتبر الصحفي التونسي المختص في التكنولوجيا المعلوماتية، محمد علي السويسي، أنّ "السوشال ميديا عمومًا، أعطت الفرصة لكل الفئات كي تتحدث في أمور لا تفقه منها شيئًا، وليست مؤهلة أساسًا كي تتحدث عنها".

 

الكوير

 

كما استنكر أن تكون مواضيع البحث العلمي والأكاديمي تناقش "على قارعة فيسبوك"، مؤكدًا أنّ "كل سؤال علمي وأكاديمي في أي اختصاص هو سؤال مشروع، وأنّ التناول العلمي الموضوعي هو الذي يجيب يجيب على هذه الإشكاليات.

صحفي مختص في التكنولوجيا المعلوماتية: مواضيع البحث العلمي والأكاديمي أصبحت تناقش على قارعة الـ"فيسبوك"، والسوشال ميديا عمومًا، أعطت الفرصة لكل الفئات كي تتحدث في أمور ليست مؤهلة أساسًا كي تتحدث عنها

وتطرّق الصحفي إلى أرقام دراسة جديدة قامت بها "Forbes Advisor" حول علاقة الـGeneration Z (مواليد بين 1997 و2006) بالسوشال ميديا ومحركات البحث، وحول سؤال: أين تبحث هذه الفئة العمرية عن المعلومة؟ هل تذهب لمحرك Google أو تبحث عنها في السوشال ميديا، بيّنت الدراسة أنّ نسبة 46% من هذه الفئة، تخيّر السوشال ميديا على محركات البحث، "أي أنّ كل معلوماتها تأخذها من تيك توك وإنستغرام وفيسبوك وسناب شات، رغم أنّ هذه المنصات هي مصنع تأثير وعنف وتحرش وسطحية وشائعات وشعبوية وتنمر وتفاهة.." وفقه.

 

 

 

وقد اعتبر الصحفي محمد اليوسفي من جانبه، أنّ "قمع الجامعيين هو قمع لضمير المجتمع"، وأنّ "مرحلة ضرب الجامعة والجامعيين آتية لامحالة، لأن دبابة الاستبداد الشعبوي وديكتاتورية الجهل لا تميّز أحدًا" وفق وصفه.

صحفي: مرحلة ضرب الجامعة والجامعيين آتية لا محالة، والرقيب الخارجي سيعود باعتبار أنّ الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة ليست بمنأى عن الحريات الأكاديمية

وشدد الصحفي على أنّ "الحريات العامة مثل حرية التنظم والحق في التظاهر والنشاط السياسي والجمعياتي والحقوقي وحرية التعبير والصحافة ليست بمنأى عن الحريات الأكاديمية"، لافتًا إلى أنّ اتهامات التطبيع التي وُجهت إلى الطالب واللجنة المشرفة على موضوع رسالة بحث في علاقة بإسرائيل، ليست سوى "مجرد إشارة أولية لما ينتظر الجامعة والجامعيين من أنّ الرقيب الخارجي سيعود، وأنّ الرقيب الذاتي قد عاد بطبعه".

وأضاف: "كونوا على يقين أنكم ستعودون لدعوات فصل الجامعة عن السياسة التي تعرفون جيدًا أنها لا يمكن أن تكون إلا في معترك الشأن العام، شأنها شأن الإعلام والمحاماة وغيرها..".

 

 

 

الأستاذة الباحثة في علم الاجتماع فتحية السعيدي، دوّنت من جانبها بخصوص هذا الموضوع، فكتبت أنّ "الحريات الأكاديمية خط أحمر، فهي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة والفردية ومن تطور المعرفة"، مشددة على أنّ "مبدأ الحريات الأكاديمية مبدأ دافع عنه أجيال من الجامعيين.. فلا بحث علمي دون حرية أكاديمية.. والعلم (أي تخصص هو محرّر من التابوهات جميعها)" وفقها. 

أستاذة باحثة في علم الاجتماع: الحريات الأكاديمية خط أحمر، فهي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة والفردية ومن تطور المعرفة

كما أشارت إلى أنّ "تقييم البحوث العلمية ومواضيع البحث تعود للأساتذة دون سواهم ولا دخل لجمهور فيسبوك فيها. فنحن لا نعرض مواضيع البحوث على عموم الناس لنأخذ الإذن منهم. هناك، هياكل علمية تدرس المواضيع التي يتقدم بها الطلبة الباحثين-ات، وإليها وحدها يعود النظر" وفق قولها.

واعتبرت أنّ "علم الاجتماع يدرس أوّلًا، كل الظواهر الاجتماعية والإنسانية ولا توجد مواضيع محرمة أو تابوهات. فوظيفة علم الاجتماع إما وصفية-تفسيرية وهذا في البحوث الكمية أو تفهمية-تأويلية وهذا في البحوث الكيفية، ولعلم الاجتماع وظيفة ثالثة تتمثل في تقديم الحلول والتوصيات التي على أساسها تبنى الاستراتيجيات والسياسات وهذا في البحوث الفاعلة أو النشيطة Recherche-action".

أستاذة باحثة في علم الاجتماع: تقييم البحوث العلمية ومواضيع البحث تعود للأساتذة دون سواهم ولا دخل لجمهور فيسبوك فيها

وأشارت في السياق نفسه، إلى أنّ "تناول المواضيع غير المطروقة وغير الممجوجة، هي نقطة إيجابية وليست سلبية في البحوث جميعها، وأنّ الطالبة التي تناولت موضوع الالتزام السياسي لفئة تعتبر أقلية موجودة في المجتمع، وهي تتعرّض لكل أشكال الوصم والعنف، قد تناولت موضوعًا جديدًا من زاوية خصوصية، وهي زاوية الفعل الاجتماعي والسياسي وهو فعل مواطني بالأساس.." على حد تعبيرها.

وحول تزامن هذه "الضجة المفتعلة" وفق وصفها، مع ضجّة أخرى شبيهة حول موضوع رسالة بحث في الدكتوراه، تناول: "إشكالية الدين والدولة في إسرائيل"، فقد أكدت أنّ "فهم إشكالية الدين والدولة مسألة ضرورية وهي مدخل من بين مداخل أخرى لفهم ما يحدث على أرض فلسطين"، وفق تقديرها.

 

 

 

وفي المقابل، عبّر البعض عن أنّ "العلم يخدم بالضرورة القضايا العادلة لأنّه الوسيلة المُثلى للوصول إلى الحقيقة والانعتاق". وأنّ "القضايا غير العادلة، ولأنها غير عادلة فإنها تكون قائمةً على غير العلم"، ولفتوا إلى أنّ "قصة التضييق على الحريات الأكاديمية ليست محل نقاش لأنها من البديهيات، ولكن في تونس هو شعارٌ يُرفعُ مناسبتيًّا وعند الحاجة ولم يُرفع أبدًا في تونس من قِبل الأكاديميين أنفسهم".

اعتبر البعض أنّ التضييق على الحريات الأكاديمية في تونس هو شعار يُرفعُ مناسبتيًّا وعند الحاجة ولم يُرفع أبدًا في تونس من قِبل الأكاديميين أنفسهم

واستنكر البعض، "تغيير المصطلحات في كل الندوات الأكاديمية تقريبًا التي يحضر فيها موضوع الحريات الجنسية،  مع استبدال مصطلح (الجنس) الذي أصبح غائبًا بمصطلح آخر هو (النوع الاجتماعي)"، مشيرين إلى أنّ ذلك يعدّ "تطبيعًا أكاديميًا علميًا ومنهجيًا.." وفقهم.