28-نوفمبر-2018

زيارة برقية على جناح الظلام بالتوازي مع احتجاجات شعبية رافضة لها

الترا تونس - فريق التحرير

 

على وقع المظاهرات الشعبية الرافضة لقدومه، أدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زيارة ليلية إلى تونس، الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بشكل دون المتوقع من حيث ترتيباتها، وكما المتوقع من حيث مخرجاتها، ذلك أنه لم تدم الزيارة إلا 4 ساعات فقط إذ حلّ وغادر على جنح الظلام، فيما لم يتم إمضاء أي إتفاقيات أو صفقات كما رُوّج سابقًا، فكانت زيارة شكلية أكدت غاية ابن سلمان من ورائها لفك العزلة الدولية عنه قبيل سفره لقمة العشرين في الأرجنتين.

زيارة ابن سلمان إلى تونس دامت 4 ساعات فقط ليلًا مع منع أي تواصل مع الإعلام التونسي حتى الحكومي منه ودون إمضاء أي اتفاقيات على عكس ما تمّ الترويج له

وأثار استقبال الباجي قايد السبسي لولي العهد السعودي من على سلم الطائرة في القاعة الرئاسية لمطار تونس قرطاج عديد الانتقادات، ذلك أن السبسي لم يقع استقباله حين زيارته للسعودية في ديسمبر/كانون الأول 2015 إلا من طرف أمير منطقة الرياض وفي قاعة الاستقبال وليس حتى أمام سلم الطائرة.

فيما نقلت وكالة رويترز للأنباء ان رئاسة الجمهورية ألغت المؤتمر الصحفي في ختام المباحثات التي أجراها السبسي مع إبن سلمان في قصر قرطاج، وذلك على عكس التقاليد المعمول بها في مثل هذه الزيارات.

في المقابل، حضر مراسل قناة "العربية" في تونس وقام بأخذ كلمة بروتوكولية من السبسي وابن سلمان وذلك بصفة حصرية، بل وحمل مصدح القناة الوطنية الرسمية في تونس، وهو ما يكشف عن الإجراءات المتخذة لمنع أي تواصل بين الصحافة التونسية وولي العهد السعودي.

وكانت قد وجهت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي رفضًا واستهجانًا لزيارة ابن سلمان "كونه خطراً على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وعدوّاً حقيقياً لحرية التعبير"، وواصفة الخطوة بأنها استفزازية وتمثل اعتداء صارخًا على مبادئ الثورة التونسية.

اقرأ/ي أيضًا: تونسيون يهتفون: تونس تونس حرة حرة وابن سلمان على بره

من جانب آخر، انعقد اجتماع بين الوفد السعودي والوفد التونسي الذي ضم رئيس الجمهورية ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع والتربية في غياب رئيس الحكومة يوسف الشاهد وذلك دون حضور وزراء الشأن الاقتصادي وتحديدًا وزراء المالية والاستثمار والتشغيل، وهو ما يؤكد الطابع الشكلي لهذا الاجتماع الذي لم يتمخض عنه إمضاء أي اتفاقية.

ونفت وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، إثر الزيارة صباح الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حصول تونس على وديعة من السعودية، ويأتي هذا التكذيب بعد تداول هذه الإشاعة من مواقع صحفية مقرّبة من القصر الرئاسي، خلال اليومين الماضيين، في إطار السعي للحد من صدى الرفض الشعبي لزيارة ابن سلمان.

وقد قام السبسي، خلال هذه الزيارة البرقية، بتوسيم ابن سلمان بالوسام الأكبر للجمهورية، وهو ما أثار انتقادات بالنظر لتورط ولي العهد السعودي في انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان داخل السعودية وخارجها، وبالخصوص ارتكابه جرائم حرب في اليمن، وهو ما يجعله يتعارض مع قيم الجمهورية، وغير مستحق لنيل هذا الوسام الرفيع.

جاءت زيارة ابن سلمان إلى تونس على وقع احتجاجات غير مسبوقة للتونسيين منذ الثورة على الأقل رفضًا لزيارة مسؤول أجنبي

ويؤكد مراقبون أن اكتفاء ابن سلمان بزيارة في الليل دامت 4 ساعات فقط، ودون عقد أي مؤتمر صحفي، مع عدم إمضاء أي اتفاقيات بين البلدين، يؤكد غاية ولي العهد السعودي من ورائها لتبييض صورته والإيهام بفك العزلة الدولية عنه بعد جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

كما جاءت زيارة ابن سلمان على وقع احتجاجات غير مسبوقة للتونسيين، منذ الثورة على الأقل، رفضًا لزيارة مسؤول أجنبي، وقد تناقلت كبرى وسائل الإعلام الدولية على غرار "واشنطن بوست" و"بي بي سي" وغيرها صور هذه الاحتجاجات مؤكدة على الاستهجان الشعبي التونسي، بما هو انعكاس لنبض الشارع العربي، لاستقبال ولي العهد السعودي.

وكان قد أكدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، قبيل الزيارة، أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة أذن للشرطة العدلية في المنزع بفتح تحقيق في الدعوى القضائية التي رفعتها ضد ابن سلمان، الذي كان ضيفًا ثقيلًا غير مرحب به شعبيًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فاضحًا الجرائم السعودية.. المجتمع المدني يتضامن مع اليمن بحضور الجندوبي

منظمات وجمعيات تونسية: زيارة ابن سلمان تسيء إلى سمعة تونس