06-مايو-2019

كان من المتداول أن يمد الطفل الصائم الذي يريد أن يبرهن صدقه لسانه ويكون بياضه دليلًا على صحة الصوم (صورة تقريبية/ Getty)

 

يتهافت الأطفال خلال شهر رمضان على تقليد الكبار في ما يتعلق بالصيام، ويرون فيهم أسوة لهم ومنذ ليلة الإعلان عن شهر الصيام يعقدون العزم على خوض التجربة. وأمام الحماسة التي ترافق رغبة الأطفال في أن يثبتوا قدرتهم على البقاء دون أكل وشرب تمامًا كوالديهم وإخوتهم وأقربائهم ممن يؤدون هذه الفريضة، يسمح لهم الأهل بالصيام شرط أن لا يؤثر في صحتهم ولا تحصيلهم الدراسي.

من الحيل التي يلجأ إليها الأطفال أنهم يتناولون ما تيسر من الأكل ثم يقومون بفرك ألسنتهم بقطعة قماش كي يذهبوا عنها حمرة الأكل

ويرتبط صيام الأطفال بعديد الطرائف، وهم الذين يزعمون أحيانًا لأنفسهم وللمحيطين به بأنهم صائمون فقط ليشعروا بالمساواة بينهم وبين الكبار ويجلسون معهم على طاولة الإفطار باقتدار. ويعلم الأهل أن صيام أطفالهم، يتخلله، بعض الأكل والشرب ولكنهم يتظاهرون بتصديق أطفالهم حتى لا يستنقصوا من المجهود الذي بذلوه وحتى يعودوهم على تحمل "مشقة" الجوع والعطش.

ومن بين الجمل الطريفة التي تتواتر في شهر الصيام إذا ما خاض الأطفال التجربة، "صائم على ضرسة وفاطر على عشرة"، و"وري لسانك" و"صائم نص نهار"، "وأنا صمت يومًا كاملًا".

 

يثبت الطفل صيامه بمد لسانه الذي يكون بياضه دليلًا على صحة الصوم (صورة تقريبية/ Getty)

 

"وري لسانك"

ويرافق صيام الأطفال بعض الهزل والمرح، ويستغل الأتراب والأصدقاء شهر رمضان ليتباهوا بقدرتهم على تحمل الجوع على العطش، ويتكرر سؤال أحدهم للآخر عما إذا كان صائمًا، وإن كانت الإجابة بنعم لا بدّ أن يعقبها إثبات بعد القول "وري لسانك" ويمد الطفل الصائم الذي يريد أن يبرهن صدقه لسانه ويكون بياضه دليلًا على صحة الصوم، وهي من البراهين التي رسختها التنشئة في مخيال الأطفال إذ يمازح الأهل أطفالهم الذين انطلقوا في مرحلة الوعي بالصيام بمقولة "وري لسانك".

ومن الحيل التي يلجأ إليها الأطفال، أنهم يتناولون ما تيسر من الأكل ثم يقومون بفرك ألسنتهم بقطعة قماش كي يذهبوا عنها حمرة الأكل.

ولا شك أننا قد مررنا بهذه المواقف سواء عندما كنا في سن الطفولة وكنا، نتوارى عن الأنظار لنملأ بطوننا ثم نمحي أثر "فعلتنا" أو حينما كبرنا وأصبحنا نلمح الأطفال "الصائمين" وهم يقطعون الصوم بين الفينة والأخرى ونحفظ سرهم لأننا عشنا سابقًا نفس اللحظات.

"صائم على ضرسة وفاطر على عشرة"

ومن بين المفردات التي يكثر سماعها في شهر رمضان إذا ما تعلق الأمر بصيام الأطفال "صائم على ضرسة وفاطر على عشرة"، وحينما يريد طفل أن يسخر من صديقه ويقلل من الجهد الذي بذله ليثبت لهم أنه صار "كبيرًا" وقادرًا على تحمل الجوع والعطش، يردد على مسمعه هذه الجملة، وذلك بعد أن يطيل النظر في لسانه الذي لا يلفه إلا القليل من البياض.

يستغل بعض الأطفال المضمضة ليبتلعوا بعض قطرات الماء ويطفئوا ضمأهم

وهذه المقولة يستعملها أيضًا الأهل إذا ما أرادوا المزاح مع صغيرهم الذي يتعود شيئًا فشيئًا على الصيام، وذلك بعد أن لمحوه يقتات خلسة في ركن من المنزل. وبعد أن يحاول محو آثار الطعام من لسانه وأسنانه، تراه يردد "أنا صائم" إذا ما سأله أحدهم، ليعقب الأهل "صائم على ضرسة وفاطر على عشرة"، وعادة ما ينزعج الأطفال من هذه التعبيرة، ويسعون جاهدين إلى إثبات صيامهم.

 

يتخلل صيام الأطفال بعض الأكل والشرب (صورة تقريبية/ Getty)

حيل طريفة..

ولا يخلو صيام الأطفال من الألاعيب والطرائف، من قبيل أن يتفق صديقان على شرب القليل من الماء خلسة، وحينما يقع الأول في الفخ، يسارع الثاني ليغيضه بالقول "أنت أفطرت وأما أنا فسأواصل صومي". ويستغل بعض الأطفال المضمضة ليبتلعوا بعض قطرات الماء ويطفئوا ضمأهم، وهم أحيانًا يشربون سهوًا أو متظاهرين بالنسيان.

وفيما يتباهى بعض الأطفال بصوم أيام كاملة أو صوم الشهر كاملًا دون سهو أو نسيان، وبمساعدتهم في الأعمال المنزلية، يمضي البعض الآخر ساعات من الصوم نائمين، فيما يبتكر آخرون حيلة طريفة، من ذلك الصوم حتى منتصف النهار من كل يوم، أو تناول طعام الغداء ثم مواصلة الصوم إلى موعد الآذان.

وقد يقنع بعض الأولياء أطفالهم بصيام ساعات معدودات خوفًا على صحتهم خاصة إذا كان اليوم قائضًا. وتلجأ بعض الأمهات إلى حيلة طريفة تتمثل في دعوة الأطفال إلى تذوق طعام الإفطار، ومساعدتها لتعرف إذا ما كان جيدًا، وذلك بعد أن تقنعهم أن الأمر ليس من موانع الصوم.

وتختلف النظرة إلى صيام الأطفال، بين من يعتبره فرصة لتمرير قيم دينية للأطفال أو أخرى اجتماعية، وبين من يعتبره فرصة يثبت فيها الأطفال أنهم قادرون على التحمل، كما تختلف طريقة تعاطي الأطفال مع هذه التجربة وتختلف حيلهم.