بعد التمديد في الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية/ يوليو الماضي، تعالت الأصوات حول المسار الذي ينوي سعيّد المضي فيه مع غموض كبير على الساحة السياسية وما يبدو رفضًا من الرئيس لتقديم خارطة طريق للمرحلة القادمة. ما قام به الرئيس فقط هو التأكيد في مداخلاته، بعد 25 جويلية، أن لا تراجع فيما عزم عليه، لكن أي مشروع يحمله فعلًا قيس سعيّد؟
لا الرئيس يبوح بما في صدره ولا مؤسسة الرئاسة تتفاعل مع الإعلام وتجيب عن تساؤلاته ولا رابط بينه وبين الإعلام التونسي والأجنبي إلا الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على موقع التواصل فيسبوك، التي تنشر قراراته في بلاغات وزياراته في فيديوهات من إنتاج الرئاسة.
أمام هذا الغموض، رأينا العودة لتصريحات سابقة لرفاق سعيّد، خلال حملته الانتخابية (يسميها الحملة التفسيرية) للانتخابات الرئاسية 2019 (رضا لينين وسنية الشربطي) لعل هذه التصريحات تمثل طريقًا لفهم الخطوات القادمة للرئيس.
اقرأ/ي أيضًا: لقاء حصري مع "رضا لينين" وسنية الشربطي.. من يقف وراء حملة قيس سعيّد؟
رضا لينين: "التنمية لن تتحقق إلا بتغيير نظام الحكم لينبع من الأفراد انطلاقًا من المحلي نحو المركزي ومن الأسفل إلى الأعلى"
ففي سنة 2019، عقب ترشح الرئيس قيس سعيّد للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، تحدث "ألترا تونس" مع رضا شهاب المكي في حوار كان حصريًا وهو الأول له حينها وقد نشرناه بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2019.
ورضا شهاب المكي قد عرف بـ"رضا لينين"، ناشط سياسي يساري أكد حينها أن المشروع الذي يحمله قيس سعيّد مشابه لـ"مشروع قوى تونس الحرة"، وأن القدر جمعهم به والمكي من منظري (مشروع قوى تونس الحرة) رغم أن سعيّد لم يكن يومًا من أعضاء حركة الوطنيين الديمقراطيين (الوطد) بل "فاجأهم في الطريق واكتشفوا أن مشروعه توأم لمشروعهم"، وفق المكي.
وبيّن رضا شهاب المكي أن "هذا المشروع/التصور كُتب بعد الثورة سنة 2011 مع 16 شخصًا من رفاقه"، مضيفًا أنه أعلمهم في نهاية اللقاء أنه ليس مشروع حركة الوطنيين الديمقراطيين بل هو مشروع جديد يكتب للمستقبل وليس للماضي وأن حزب الوطد انتهى تاريخيًا، وفقه.
وتابع خلال حديثه في سبتمبر/ أيلول 2019 لـ"الترا تونس" أن "مشروع قوى تونس الحرة، على حد تعبيره، يقوم أساسًا على فكرة أن الشعب الذي ثار على الدكتاتورية قادر على حكم نفسه بنفسه وأن الشباب هم العنصر الأساسي والفاعل وهم مصدر القوة".
"إن مشروعنا هو مشروع الثورة ومطالبها التي تم الالتفاف عليها والخروج من الحزب الواحد نحو المحاصصة الحزبية بعد أن تمت رسكلة الحزب الحاكم السابق الذي أسقطته الثورة"، يقول محدثنا.
رضا لينين: "زمن الأحزاب والمناكفات الإيديولوجية والخطب والنظريات ولى فلا حاجة للشعب بمن يفسر له ويحدثه بل من يقدم له الآليات اللازمة ليحقق ما يريده والشعب يعرف ما يريده"
ويعتبر رضا لينين، في الحوار الذي أنجزناه سنة 2019، أن "زمن النخب التي تحتكر السلطة وتتقاسمها فيما بينها انتهى.. وأن التوافقات التي تمت لم تكن في مصلحة الشعب بل كانت سبب خذلانه، أما التنمية فلن تتحقق إلا بتغيير نظام الحكم لينبع من الأفراد انطلاقًا من المحلي نحو المركزي ومن الأسفل إلى الأعلى".
ويتابع "أن زمن الأحزاب والمناكفات الإيديولوجية والخطب والنظريات ولى فلا حاجة للشعب بمن يفسر له ويحدثه بل من يقدم له الآليات اللازمة ليحقق ما يريده والشعب يعرف ما يريده".
"عندما كان أساتذة القانون الدستوري يتنقلون من بلاتو تلفزي إلى آخر، كان قيس سعيّد ينتقل من جهة إلى أخرى في خريطة البلاد التونسية"، يقول رفيق الرئيس رضا شهاب المكي.
"ولأن مشروعنا قائم أساسًا على الحب والصدق كان الناس يدفعون من جيوبهم وعلى حساب صحتهم ليحضروا اجتماعاتنا وليساهموا في طباعة ما كنا نحتاجه خلال الحملة الانتخابية"، يضيف "لينين".
رضا لينين: "لم نشتم أحدًا ولم نسخر من أحد بل انتظرنا سيرورة التاريخ وحينما أفلس الجميع جاء قيس سعيّد بكل فريقه الداعم له ليقدموا البديل"
واعتبر أن "اللحظة الحاسمة حانت بعد أن انتهت الجوقة الإعلامية والسياسية وانهارت"، مؤكدًا أنهم "لم يشتموا أحدًا ولم يسخروا من أحد بل انتظروا سيرورة التاريخ وحينما أفلس الجميع جاء قيس سعيّد بكل فريقه الداعم له ليقدموا البديل".
المكي كان قد أكد، منذ سنة 2019 خلال حديثه مع "الترا تونس"، أن لرئيس الجمهورية صلاحيات كبرى على عكس ما يُروج له مضيفًا "ومن يدعي عكس ذلك نسأله لماذا تترشح للانتخابات الرئاسية؟".
صورة أرشيفية تجمع سعيّد بـ"لينين" التونسي
اقرأ/ي أيضًا: إثر قرارات سعيّد.. جرد لأهم مواقف المنظمات والجمعيات التونسية
من جانب آخر، كان "الترا تونس" قد تواصل في حوار مقتضب في سبتمبر/ أيلول 2019 مع سنية الشربطي، وهي إحدى رفاق الرئيس ومن مشروع قوى تونس الحرة، والتي كانت قد انسحبت من المشهد السياسي منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية سنة 2019 وفوز الرئيس سعيّد.
سنية الشربطي: "هي مرحلة تاريخية فرضت نفسها، فقد استنفذ النموذج السياسي التقليدي تاريخيًا كل أدواره ولهذا فشل حتى وإن كانت نوايا المنخرطين فيه صادقة"
وكانت الشربطي قد قالت لـ"الترا تونس" أن "مشروع الرئيس قيس سعيّد مقدم منذ 2011 وتحدث عنه مرارًا وتكرارًا عكس ما يدعونه من أنهم لا يعرفون ماذا يريد"، وفق تعبيرها.
وشددت على أن "الأسماء لا تعني شيئًا فالمشروع هو مشروع الشعب وللشعب من أجل دولة خارجة من مجتمعها وليست غريبة عنه وهي مرحلة تاريخية فرضت نفسها، فقد استنفذ النموذج السياسي التقليدي تاريخيًا كل أدواره ولهذا فشل حتى وإن كانت نوايا المنخرطين فيه صادقة وبالتالي حان الوقت لنموذج جديد".
وإليكم استعراضًا عن "قوى تونس الحرة ومشروعها" كما يقدمه القائمون عليه: الرابط. ويبقى استذكار هذه التصريحات محاولة للمساعدة في استشراف توجه تونس خلال الأشهر والسنوات القادمة.
اقرأ/ي أيضًا: