تحصلت في مارس/آذار 2024 على الجائزة الوطنية للباعثين الشبان في الصناعات التقليدية والفنية. إنها خرّيجة المعهد العالي للفنون الجميلة في اختصاص تصميم المنتوج ميارى عزديني صاحبة الـ28 عامًا.
تحصلت ميارى عزديني على الجائزة الوطنية للباعثين الشبان في الصناعات التقليدية والفنية، بعد مشاركتها بمنتجاتها التي تقوم أساسًا على تحويل ورسكلة النفايات لصنع أكسسوارات وحليّ
"شاركتُ في الجائزة الوطنية للباعثين الشبان في الصناعات التقليدية والفنية، من خلال ملف ضم كل إنتاجاتي التي تقوم أساسًا على تحويل ورسكلة النفايات لمنتجات ذات قيمة والتي كنت أصنعها منذ مراهقتي، فقد كنت مولعة بذلك منذ الطفولة.." هكذا صرّحت ميارى عزديني لـ"الترا تونس".
وتضيف: "لم أكتف بهذا الولع لنفسي، بل كنت أطرق أبواب رياض الأطفال وأقترح أن نُحدث ناديًا لإعادة التشكيل والرسكلة والاستفادة من النفايات، واستطعت أن أنجح وأصبحت معروفة على صعيد وطني ويتم الاتصال بي من عدة ولايات لتقديم هذا النشاط والتكوين فيه" وفقها.
تقول عزديني إنّ الفكرة كبرت معها، فمن رياض الأطفال اتجهت إلى الجامعات وصارت تلتقي بالطلبة في معاهد الفنون وفي الجامعات، ولم تعد تستعمل الورق مثلًا بل أصبحت تستعمل "نواة المشمش وأغصان الأشجار ونواة الخروب وباتت تستعملهم كأكسسوارات تضيف إليها الفضة أو الجوهر".
من هنا انطلقت قصة ميارى عزديني المصممة الشابة وباعثة المشروع، التي طالما أحبّت الخرّوب وكانت تتلذّذ بطعمه وتتساءل "لماذا لا يتم استغلال بذوره الجميلة وشكلها الرائع؟".
ميارى عزديني لـ"الترا تونس": لطالما أحببت الخرّوب وكنت أتلذّذ بطعمه وأتساءل: لماذا لا يتم استغلال بذوره الجميلة وشكلها الرائع؟
قررت عزديني أن تخوض التجربة وتصنع أقراطًا ببذور الخروب وتتركها تحت الملاحظة حتى تعرف أي تغيرات يمكن أن تطرأ عليها فاكتشفت أن هذه المادة الطبيعية لا تتغير وتحافظ على جمالها.
ومن هناك قررت أن تبدأ في تصنيع الحليّ اعتمادًا عليها من خلال إضافة معادن ثمينة أخرى إلى أن علمت بمناظرة تابعة لديوان الصناعات التقليدية فقدمت منتوجها وتحصلت به مؤخرًا على الجائزة الوطنية للباعثين الشبان في الصناعات التقليدية والفنية.
"بدأتُ في صناعة الحليّ بالخروب ولكن قبل ذلك قمتُ بدراسة تاريخ هذه النبتة فاكتشفت أن للخروب أهمية كبرى في صناعة الحليّ قديمًا، فقد كان يُستعمل في وزن الماس أغلى المعادن في العالم" تقول محدثتنا.
وتكشف لـ"الترا تونس"، أنّ القيراط -الوحدة الوزنية لقياس الماس والأحجار الكريمة وغيرها- جاءت أساسًا من بذور الخروب (carob)، فقد كانت بذور الخروب بمثابة الأوزان قديمًا وهي مادة لها تاريخها في العادات والتقاليد التونسية، فهو واحد من أهم النباتات التي يستعملها المطبخ التونسي كغذاء للنفساء لما فيه من فوائد صحية كثيرة.
ميارى عزديني لـ"الترا تونس": بدأتُ في صناعة الحليّ بالخروب ولكن قبل ذلك قمتُ بدراسة تاريخ هذه النبتة فاكتشفت أن للخروب أهمية كبرى في صناعة الحليّ قديمًا
الشابة التونسية باعثة مشروع في صنع منتجات تقليدية مبتكرة في ولاية المهدية، تتجول في صالونات الصناعات التقليدية في تونس وخارجها ولا تقدم لك منتجها فقط، بل تحدثك عن تاريخ نبتة الخروب وعلاقتها بتونس، فهي ترى أن ابتكار أي منتج ليس مجرد عملية تصنيع لشيء يُباع ويشترى، بل هو قطعة تحتوي على الفكرة وعلى الابتكار وهي عابقة بالتاريخ وبالثقافة.
تقول ميارى عزديني: "أنا لا أبيع أقراطًا أو سلسالًا.. أنا أبيع فكرة مبتكرة وعملًا فنيًا وتاريخًا وتراثًا ولهذا فإن قيمة القطعة ليست في مكوناتها البسيطة" على حد تعبيرها.
وتشدد الباحثة في الفنون الجميلة على أن هدفها الأساسي هو أن يتعلم الأطفال والشباب إعادة الرسكلة والتدوير من النفايات وبقايا الأقمشة والأخشاب والبلاستيك والبذور.. إلخ، فكل شيء يمكن أن نبحث له عن فكرة مبتكرة فيتحول إلى منتج، على حد تقديرها.
وبإمكانياتها الذاتية تبحث ميارى عزديني وتصنع وتنتج آملة أن تنجح في الحصول على تمويل يساعدها في أن يكبر المشروع وأن تساهم في تشغيل عاطلين معها وأن تسوّق لمنتجها داخل تونس وخارجها.
ميارى عزديني شابة تونسية تستعد لمناقشة رسالة الدكتوراه، فبعد أن ابتكرت بالخروب الصناعات التقليدية، نجحت في صناعة عين يمكن تشريحها وإجراء عملية عليها لطلبة الطب وتلك حكاية أخرى نعود إلى تفاصيلها في تقرير آخر.
