04-ديسمبر-2023
الاحتجاجات في تونس

تظاهرة لنقابيين أمام مقر اتحاد الشغل في تونس في ذكرى اغتيال فرحات حشاد (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الاثنين 4 ديسمبر/كانون الأول 2023 في تقريره حول احتجاجات شهر نوفمبر/تشرين المنقضي، بأنه تم تسجيل منحًى تصاعديًا وزيادة في الاحتقان الاجتماعي وفي عدد الاحتجاجات في تونس.

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: عدد الاحتجاجات في تونس المرصودة في نوفمبر المنقضي بلغ 216 احتجاجًا مقابل 180 تحركًا خلال أكتوبر وهو ما يعتبر مؤشرًا على زيادة الاحتقان الاجتماعي وتفاقم وتيرة الاحتجاج

وذكر أنّ عدد الاحتجاجات المرصودة لشهر نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي بلغ 216 احتجاجًا مقابل 180 تحركًا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الذي يسبقه، وهو ما يعتبر مؤشرًا على زيادة الاحتقان الاجتماعي وتفاقم وتيرة الاحتجاج نتيجة عدم تلبية الجهات المسؤولة لمطالب الفاعلين العالقة منذ الأشهر الماضية، وفق المنتدى. 

وأشار منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أنّ هذا التصاعد في نسق التظاهر يأتي تزامنًا مع الاستعداد لخوض محطة انتخابية متمثلة في انتخابات المجالس المحلية في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023.

 

  • توزيع الاحتجاجات حسب الولايات

وبخصوص توزيع الاحتجاجات حسب الولايات، ذكر المنتدى أنّ ولاية المنستير احتلّت المركز الأول في سلم ترتيب الولايات بـ 51 تحركًا، لتأتي ولاية قفصة في المرتبة الثانية بـ 36 احتجاجًا وبعدها ولاية تونس بـ 30 احتجاجًا، تليها كل من تطاوين والقصرين.

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: ولاية المنستير احتلّت المركز الأول في سلم ترتيب الولايات في نوفمبر بـ 51 تحركًا، تليها ولاية قفصة في المرتبة الثانية بـ 36 احتجاجًا وبعدها ولاية تونس بـ 30 احتجاجًا

وقال منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إنّ المناطق المذكورة هي المناطق المألوفة للتظاهر لتواتر التحركات فيها، أما بقية الاحتجاجات فقد توزعت بين الجهات بنسب متفاوتة، وقد حظي أغلبها بقيادة نقابية حيث بلغت نسبة الاحتجاجات المنظمة 95 بالمائة.

 

  • مضامين الاحتجاجات

وذكر منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إنّ الاحتجاجات المرصودة لم تحمل مضمونًا مشتركًا، بل تباينت أسبابها وتعددت مواضيعها وهتافاتها، لتتصدر حقوق العمال المرتبة الأولى في الشعارات التي نادى بها المحتجّون، وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي مثلت محركًا أساسيًا للاحتجاج ونبض التظاهر بالشارع التونسي. 

وأشار إلى أنّ فئة العمال تعدّ الفاعل الأبرز في خارطة الاحتجاج المرصودة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى حد اليوم، معتبرًا أنّ ذلك يدلّ على عدم قدرة الجهات الرسمية على مجابهة الأزمة التي تعيش على وقعها هذه الفئة منذ أشهر، عبر تلبية المطالب العمالية المشروعة خاصة صرف المستحقات المالية، وكذلك انعدام الثقة لدى هذه الفئة في الوعود التي تقدمها الأطراف الحكومية في كل مرة، وتمسكهم بالتظاهر تعبيرًا منهم عن رفضهم لتواصل التهميش

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: فئة العمال تعدّ الفاعل الأبرز في خارطة الاحتجاج وهو ما يدلّ على عدم قدرة الجهات الرسمية على مجابهة الأزمة التي تعيش على وقعها هذه الفئة خاصة فيما يتعلق بصرف المستحقات المالية

كما أشار منتدى الحقوق إلى أنّ تسوية وضعية المعلمين النواب والتظاهر على صرف الأجور مثلت من أبرز الشعارات المرفوعة، ما جعل الأشكال الاحتجاجية لهذا الشهر تتخذ طابعًا اقتصاديًا. 

كما لم تغب أيضًا احتجاجات "العطش" عن المشهد، إذ يواصل سكان المناطق التي تشهد انقطاعًا للماء الصالح للشرب المناداة بحقهم الدستوري في الماء ومساءلة الجهات المسؤولة عن سبب انقطاع هذا المورد.

 

  • احتجاجات نوفمبر أكثر قوة من سابقاتها

وذكر منتدى الحقوق أنّ احتجاجات شهر نوفمبر أتت أكثر قوة من سابقاتها حيث احتلت فيها الإضرابات الصدارة في طرق الاحتجاج المرصودة وذلك بـ41 إضرابًا مقابل 17 إضرابًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول، تليها الاعتصامات التي تم تنفيذ أغلبها داخل المؤسسات العمومية وذلك بـ 35 اعتصامًا. 

ويرى، في هذا الصدد، أنّ "تنامي هذا الصنف من الاحتجاجات الغاضبة التي تهدف إلى تعطيل الأنشطة وإغلاق المؤسسات بغية تحقيق المطالب، دلالة على وجود سياق اجتماعي واقتصادي يتّسم بدرجة كبيرة من التفاوت الذي يولّد الإحساس بعدم الرضا والتوتر، وهذا ما يدفع فئات اجتماعية عدة إلى تجاوز الأشكال الاحتجاجية المألوفة والسلمية والتعبير عن سخطها عبر تعطيل أنشطة المؤسسات والمقرات الإدارية". 

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: احتجاجات شهر نوفمبر أتت أكثر قوة من سابقاتها حيث احتلت فيها الإضرابات الصدارة في طرق الاحتجاج المرصودة وذلك بـ41 إضرابًا مقابل 17 إضرابًا في شهر أكتوبر

وأشار إلى أنّ أغلب التحركات الاحتجاجية انطلقت بالوقفات الاحتجاجية السلمية لتتطور بعدها إلى تنفيذ إضربات وتعطيل أنشطة المؤسسات بسبب عدم التوصل إلى اتفاق مع الجهات الرسمية، ما أدى إلى تطور الحراك الاحتجاجي واتخاذه منحًى تصاعديًا وصل إلى العنف (مثل تحركات عمال شركة البستنة بتطاوين). 

وخلص المنتدى إلى أنّ التعاطي السلبي مع المطالب خلق نزعة من الاحتجاج العنيف.  وإلى جانب تواصل الاحتجاج، لاحظ المنتدى تغيّرًا حاصلًا في شكل الاحتجاج باتخاذه شكلًا تصاعديًا.

 

  • المؤسسات التعليمية في مقدمة مسارح الاحتجاجات

كما أشار إلى أنّ الملاحظ أيضًا في احتجاجات شهر نوفمبر/تشرين الثاني هو تقدم المؤسسات التعليمية في ترتيب الأماكن التي مثلت مسرحًا للاحتجاج، وذلك بـ 92 تحركًا مقابل 13 تحركًا فقط في شهر أكتوبر/تشرين الأول حيث تم رصد احتجاجات مطالبة بتوفير النقل المدرسي خاضها الأولياء وانخرط فيها جزء كبير من التلاميذ، بسبب عدم توفر حافلات بعدد كبير من المؤسسات التعليمية، وهو ما يدل على تواصل تهميش وضرب الحق في التعليم، وفق المنتدى.

ويرى المنتدى، في هذا السياق، أنّ تجدد الاحتجاجات لهذا السبب دليل على رفض الأولياء الحلول الترقيعية التي تعتمد على إيصال التلاميذ بالنقل الريفي أو على حساب الولي الخاص ومطالبتهم السلطة بتوفير وسائل نقل آمنة ومريحة لضمان تعليم جيد.

 

  • تنامي العنف الاجتماعي

وعلى صعيد آخر، قال منتدى الحقوق الاجتماعية أنّ الطابع العنيف الذي اتسمت به بعض التحركات الاحتجاجية لشهر نوفمبر/تشرين الثاني لم يخرج عن نطاق تنامي العنف بالبلاد بشكل عام، وذلك بوصفه ظاهرة اجتماعية تؤثر في توسعها عوامل عدة، منها اقتصادية واجتماعية ونفسية. 

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: تعود أسباب تنامي العنف بصفة عامة إلى التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش على وقعه المجتمع التونسي اليوم

وأشار في هذا الصدد إلى أنّ  حالات العنف الاجتماعي الفردي منها والجماعي وكذلك الجريمة تنامت بشكل لافت مؤخرًا، حيث احتل العنف الإجرامي النسبة الأكبر في أصناف العنف المرصود لشهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وبخصوص هذا النمط من العنف، بلغت نسبة جرائم القتل 28 بالمئة تليها محاولات القتل والاعتداء بالعنف. واحتلت ولاية تونس صدارة الولايات الأكثر عنفًا لتليها المنستير والقيروان ثم تطاوين وسوسة. 

وذكرت المنظمة الحقوقية أنّ "الملفت للنظر أنّ أبرز أسباب العنف هو الاعتداء، كما أن أكثر الأمكنة التي ضمت حالات العنف هي الشارع، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول فاعلية النظم والهياكل المسؤولة عن ردع مرتكبي العنف وكيفية تعاطيها مع تنامي هذه الظاهرة".

وتعود أسباب تنامي العنف بصفة عامة، وفق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش على وقعه المجتمع التونسي اليوم، ما جعل الفرد يرى فيه الوسيلة المثلى للتعامل سواء كان هذا العنف تجاه الغير أو تجاه نفسه عبر الانتحار أو محاولات الانتحار، التي تم رصد 11 حالة منها خلال الشهر المنقضي.