الترا تونس - فريق التحرير
أكد رئيس حلقة الماليين التونسيين والمختص في الاقتصاد، عبد القادر بودريقة، الاثنين 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أنّ "التعويل على أنفسنا في تمويل ميزانية الدولة أمر صعب، لأنّ هناك إكراهات المالية العمومية التي تقتضي تدخل الدولة، ما يتطلّب تمويلات وموارد غير متوفرة محليًا في ظلّ غياب اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي" وفق قوله.
عبد القادر بودريقة: هناك إكراهات المالية العمومية التي تقتضي تدخل الدولة، ما يتطلّب تمويلات غير متوفرة محليًا في ظلّ غياب اتفاق تونس مع صندوق النقد
ويأتي تعليق بودريقة في إشارة إلى تأكيد الرئيس التونسي قيس سعيّد، عديد المرات، أنّ تونس ستعوّل على ذاتها في تمويل ميزانية الدولة.
وقال بودريقة في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، إنّ "نسبة النمو المنتظرة إلى آخر هذه السنة، ستكون 1.8%، ويجب أن نصل في الثلاثيين الثالث والرابع إلى متوسط 2.3%، لكن حتى هذه النسب لا توفر الإمكانيات اللازمة كي تكون الموازنة المالية في قانون المالية القادم دافعة للاستثمار في غياب موارد خاصة بالعملة الصعبة، وحتّى بتوفر هذه الموارد فإنه يجب أن تكون وراءها رؤية واضحة" على حد قوله.
عبد القادر بودريقة: نسبة النمو المنتظرة إلى آخر هذه السنة، ستكون 1.8%، ومن المتوقع أن تبلغ 2.4% خلال عام 2024
وشدّد بودريقة على أنه إذا لم نحصل على قرض صندوق النقد الدولي، فستكون عملية صعبة جدًا أن نجد الفضاء الجبائي اللازم الذي يمكّننا من القيام بالاستثمارات اللازمة الرافعة للتنمية، مضيفًا: "كل التوقعات تشير إلى بلوغ تونس نسبة نمو 2.4% خلال عام 2024".
- التمويل المباشر من طرف البنك المركزي.. أيّ تداعيات؟
لفت المختص في الاقتصاد إلى أنّ 64 بلدًا حول العالم تمنع التمويل المباشر للحكومة من طرف البنك المركزي، وقال: "التمويل المباشر من البنك المركزي في وضعية عادية غير ممكن وغير مجد ويفتح الباب أمام تداعيات كبرى، منها تداعيات تضخمية، ورغم أنّ هناك وضعيات خاصة تدخلت فيها البنوك المركزية لتموّل مباشرة، فإنّ ذلك يجب أن يحدّد بقانون حتى نتجنب الانحرافات" وفقه.
عبد القادر بودريقة: التمويل المباشر للحكومة من طرف البنك المركزي في وضعية عادية غير ممكن وغير مُجدٍ ويفتح الباب أمام تداعيات كبرى
وأضاف عبد القادر بودريقة: "بما أنّ التمويل المباشر ظرفيّ، يمكن التنصيص عليه في قانون المالية فقط، وبالتالي لا حاجة للتنصيص عليه في القانون، والتخلي عن استقلالية البنك المركزي"، مشيرًا إلى أنه يختار التضخم على التعثر في سداد الديون، ملاحظًا أنّ تونس تملك رصيدًا من التعقيد الاقتصادي.
- لقاء قيس سعيّد بعدد من المختصين في الاقتصاد
يؤكد رئيس حلقة الماليين أنّه جمعه "حوار ثريّ لمدة 5 ساعات مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد رفقة عدد من المختصين في الاقتصاد، حيث طالب بودريقة بتوسيع حلقة النقاش ليشمل السياسيين أيضًا لا الاقتصاديين فقط"، مؤكدًا أنه طرح في حديثه معه كل النقاط السابقة.
عبد القادر بودريقة: يجب أن يحدّد التمويل المباشر للحكومة من طرف البنك المركزي بقانون حتى نتجنب الانحرافات
وأبدى بودريقة لومًا على طريقة تحسين الميزانية، مؤكدًا أنّ المجلس أعلى للجباية يجب أن يضمّ اقتصاديين أيضًا، لا مختصين في الجباية لا غير، وقال: "الاقتصاد التونسي يحتاج بصفة عاجلة إلى المحافظة على قطاعاته الاقتصادية، فبعض القطاعات بصدد الاضمحلال تدريجيًا مثل قطاع الجلود والأحذية"، مؤكدًا أنّ هناك تعطيلًا في تمويل موسم التمور وزيت الزيتون، خاصة وأن البنوك العمومية هي من تساهم في هذا التمويل بنسبة 60%.
جدير بالذكر أنّ سعيّد، قد قال خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي: "سنعوّل على ذواتنا في دعم ميزانية الدولة دون أن نتنازل أبدًا عن ذرة واحدة من سيادتنا، وليكن هذا واضحًا للعالم كلّه"، وفق تعبيره.
وليست هذه المرة الأولى التي يصرّح فيها الرئيس التونسي بأنّ تونس ستعوّل على نفسها في إيجاد التمويلات ولن تقبل بما أسماها "إملاءات" من صندوق النقد الدولي للحصول على قرض.
كما سبق أن اعتبر مختصون في الشأن الاقتصادي، أنّ تونس لن تتمكن من غلق الميزانية دون الحصول على القرض من صندوق النقد، خاصة مع تعذر الحصول على قروض ثنائية مهمة مع دول أخرى إلى حد الآن.