29-أبريل-2019

انتقد جامعيون هذه الحادثة باعتبارها تمس من الحرية الأكاديمية (صورة أرشيفية/فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

الترا تونس - فريق التحرير

 

لا تزال حادثة منع طلبة، باستخدام العنف، أشغال ندوة علمية حول "الإسلام السياسي" بكلية الآداب والفنون والانسانيات بمنوبة وممارسة عنف لفظي ومادي استهدف بالخصوص القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي يوم الجمعة المنقضي 26 أفريل/نيسان 2019، تلقى ردود فعل مختلفة.

انتقد منسقو الندوة العلمية موقف كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارة الكلية ونقاباتها بسبب عدم اتخاذ إجراءات جديّة لتتبّع المسؤولين عن الحادثة خاصة في ظل الحديث عن وجود تواطؤ وتعمّد لإفساد أشغال الندوة من قبل إدارة الكلية. يُذكر أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كانت قد عبّرت في بيان السبت "عن بالغ أسفها لمنع التداول العادي لفعاليات ندوة علمية تم تنظيمها طبقًا للتراتيب الجاري العمل بها داخل المؤسسة الجامعية الحاضنة للندوة"، مدينة بشدة الاعتداء بالعنف على بعض ضيوف الندوة ومنعهم من المشاركة فيها، لكن دون اتخاذ قرارات أخرى.

جامعيون ومنسقو الندوة العلمية حول "الإسلام السياسي" ينتقدون مواقف وزارة التعليم العالي وعمادة كلية منوبة ونقاباتها من حادثة منع أشغال الندوة وممارسة العنف اللفظي والمادي ضد بعض الحاضرين

ودعت الوزارة إلى ضرورة احترام الجامعة "باعتبارها فضاء حرًا تتلاقى فيه الأفكار والآراء والمواقف دون تمييز ولقدرتها على إدارة الاختلاف بطرق سلمية دون اللجوء الى العنف"، مؤكدة ضرورة النأي بالمؤسسات الجامعية عن جميع التجاذبات الفكرية وتحييدها عن الاختلافات السياسية.

لكن أكثر ما أثار الجدل هو بيان مشترك جمع ثلاث نقابات للكلية وهي نقابات الأساتذة والموظفين والعملة مع الاتحاد العام لطلبة تونس، الذي اعتبر أن وحدة البحث حول "الظاهرة الدينية في تونس" المنظمة للندوة "قامت بالتوظيف السياسي والحزبي لأنشطتها العلمية والأكاديمية"، معتبرة حضور القياديين من حركة النهضة علي العريض وعبد الحميد الجلاصي من قبيل التوظيف السياسي لأعمال هذه الوحدة التي حمّلها البيان مسؤولية حالة الاحتقان والتوتر العامّ في الكلية.

واعتبر هذا البيان أن ما حصل "يندرج في إطار استهداف الجامعة التونسية وخاصة كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة منذ أحداث سنة 2012 واستهدافًا لقيمها المدنية والعلمية واستهدافًا لطلبتها وأساتذتها وموظفيها وعملتها".

وفي نفس الإطار، اعتبر عميد الكلية عبد السلام العيساوي، في تصريح صحفي، أن البرنامج الموجود في الندوة العلمية كان لخدمة حزب سياسي معين، قائلًا إنها "ندوة مسيّسة" وموضحًا أنه لا يمكنه إحالة أي طالب إلى مجلس التأديب قبل وصول شكاية.

في المقابل، أثارت هذه البيانات غضب طيف واسع من الجامعيين وبالخصوص منسقي الندوة العلمية إضافة إلى استياء واسع من النشطاء في منصات التواصل الاجتماعي، وقد حمّل محمد الحاج سالم، أحد المنسقين، للندوة العلمية مسؤولية ما جدّ لعميد الكلية بصفة شخصية، قائلًا إنه "شريك في مؤامرة ضدّ الفكر الحرّ". وانتقد بيان وزارة التعليم العالي قائلًا إن التعبير عن بالغ الأسف لا يكفي مطالبًا بفتح تحقيق إداري جدّي حول الحادثة.

كما أصدرت وحدة البحث بيانًا للرأي العام قالت فيه إن ما حدث هو "سابقة خطيرة" مشيرة إلى عدم تدخل عمادة الكلية لمنع الحادثة وهو ما اضطر لإلغاء الندوة". فيما وصف أحد منسقي الندوة العلمية سامي براهم على حسابه على موقع فيسبوك منع عقد الندوة وممارسة العنف، قائلًا إنه "سلوك لا يمكن أن يوصف إلا بالفوضويّة والفاشيّة والعنف الذي يستهدف الحريّات الأكاديميّة في الجامعة التّونسيّة وحقوق المواطنة".

ومن جهته، وصف الجامعي عبد اللطيف الهرماسي، أحد المشاركين في الندوة، ما حصل بأنه "أمر مشين ومثير للحيرة".

سامي براهم (أحد منسقي الندوة العلمية): ما حصل سلوك لا يمكن أن يوصف إلا بالفوضويّة والفاشيّة والعنف الذي يستهدف الحريّات الأكاديميّة في الجامعة التّونسيّة

فيما علق مهدي مبروك، رئيس فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على الحادثة بقوله إن "النقابات التي ساندت هذه الأفعال الشنيعة أجازت لنفسها مسائل ليست من اختصاصها فضلًا عن كونها تثبت أنها تتحول إلى نقابات حمراء، مستعدة إلى ممارسة كافة أشكال الاستبداد".

وقد انتقد العميد السابق لكلية منوبة حبيب الكزدغلي في تصريح صحفي منع عقد الندوة بالقوة، مؤكدًا أنه "لاحق لأحد وفي أي مستوى كان التدخل في مضمون الأنشطة العلمية المقررة من طرف هياكل البحث"، وأضاف أنه لا يمكن منع أحد الحاضرين من متابعة الأنشطة بأي تعلة كانت مادامت الندوة مفتوحة للعموم.

من جانبه، علق رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي على الحادثة على حسابه الرسمي في موقع فيسبوك قائلًا "الاعتداء على علي العريض وعبد الحميد الجلاصي في كلية منوبة وصمة عار في جبين من ارتكبوا هذه الجريمة خاصة في حرم جامعي يفترض أن النزال فيه بالفكر لا بالعضلات والنصر فيه للكلمات لا للكمات".

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا تم تأجيل اختتام مؤتمر "تحيا تونس"؟

فاجعة السبالة: إضراب عام في سيدي بوزيد واحتجاجات "لا لشاحنات الموت"