"لو كنا نعلم أن التزامنا بالحجر الصحي سيكلّفنا اقتطاع مرتباتنا وطرد بعضنا لما كنا التزمنا به"، تقول إحدى العاملات بمصنع الأحذية الألماني بالناظور من محافظة زغوان لـ"ألترا تونس". العاملة رفضت أن يذكر اسمها خوفًا من أن يعاقبها صاحب المصنع، كما فعل مع أحد العاملين الذي ظهر في روبرتاج تلفزي واشتكى من الظروف المهنية غير الصحية التي يعملون فيها.
وتضيف محدثتنا "نحن أكثر من 500 عامل وعاملة، 90 في المائة منا إناث ونقطن في الأرياف. لا دخل لنا سوى "شهرياتنا". أعلمتنا الادارة أنها لن تدفع أجورنا وقامت بطرد المتعاقدين الذين يفرض القانون أن يتمتعوا بالترسيم خلال الشهر المقبل. كما أعلمنا أن المصنع سيفتح أبوابه بداية من يوم الاثنين 6 أفريل/نيسان 2020 لكل من يريد أن يعمل ومن يفضل أن يبقى في الحجر الصحي فهو حر لكنه لن يتقاضى مليمًا".
اقرأ/ي أيضًا: التنمر.. جريمة تظل ندوبها مدى الحياة
عاملة بأحد المصانع لـ"ألترا تونس": فليضربنا فيروس كورونا المهم أن يبقى مورد رزقنا وتبقى مرتباتنا!
بصوت تخنقه العبرات المكتومة، تتحدث العاملة التي تمثل كل العاملات الكادحات اللواتي صدمهن القرار، وهن اليوم يقلن" فليضربنا فيروس كورونا المهم أن يبقى مورد رزقنا وتبقى مرتباتنا التي تطعم أفواهًا مفتوحة في انتظارنا". "السرطان أشرس من الكورونا وكثيرات أصبن به بسبب المواد التي نستعملها في صناعة الأحذية. كما أن كثيرات يعانين من ضيق التنفس بسببها والإدارة لم تحرك ساكنًا رغم محاولات احتجاجنا على الأوضاع"، تضيف العاملة.
فوسط مساحة مفتوحة تجمع مئات العاملات، تحيط بهم جدران سقفها من القصدير الذي يقتلهم بردًا في الشتاء ويحرقهم بلهيب الصيف في وقت تغيب فيه وسائل التدفئة او التبريد وكل مقومات السلامة المهنية. "نعمل ثماني ساعات ونصف يوميًا وتتراوح مرتباتنا بين 300 و500 دينار. ورغم الوضعية المهنية التي تهدد صحتنا إلا أننا نرضى ونقبل لأن الفقر والحاجة يدفعنا لذلك وصاحب المصنع يستغل نقطة ضعفنا هذه"، تؤكد محدثتنا.
عاملات بعضهن يقطعن الكيلومترات في رحلة على الأقدام ليصلن إلى محطات النقل الريفي يعملن من أجل إطعام العائلة وخلاص معلوم الكراء وعلاج الأطفال وتدريسهم. "سنذهب كلنا إلى العمل بداية الأسبوع. نريد أن تبقى مرتباتنا وأن يبقى مورد رزقنا وستقتلنا الكورونا أو السرطان لا فرق"، تقول العاملة منهية حديثها مع "ألترا تونس".
محمد علي البوغديري (اتحاد الشغل) لـ"ألترا تونس": مؤسسات القطاع الخاص في عدة جهات لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن القومي والحكومة
اقرأ/ي أيضًا: كيف يعيش الموظف يومه في البيت زمن "الكورونا"؟
من جانبه، أكد الأمين العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص بالاتحاد العام التونسي للشغل محمد علي البوغديري لـ"ألترا تونس" أن الالتزام بقرارات مجلس الأمن القومي وقرارات الحكومة أمر مفروض وضروري على الجميع لكن الواقع يكشف أن مؤسسات القطاع الخاص في عدة جهات لم تلتزم بها.
ويرى البوغديري أن السبب في ذلك هو الضبابية في القرارات، مضيفًا أن السؤال الذي بقي مطروحًا هو من سيصرف أجور العمال؟. وبيّن أنه من غير الكافي الحديث عن ضرورة الالتزام بالحجر الصحي فقط دون معرفة ماذا بعد ذلك، على حد تعبيره.
وأضاف "نحن نتفهم أن بعض المؤسسات الخاصة مرتبطة بالتزامات مع الحريف الأجنبي لكن أيضًا هناك عائلات معدمة من سيعيلها؟ وقد نبهنا إلى ذلك فعلى الحكومة أن تعلم أن العمال إذا لم يتحصلوا على أجورهم خلال شهر أفريل/ نيسان فلن يكون هناك حجر صحي".
وطالب البوغديري الحكومة بأن توفر حدًّا أدنى من الأجر رافضًا منحة 200 دينار لأنها لا تغني ولا تسمن من جوع وبعضها أقل من معلوم الكراء، داعيًا إلى ضرورة تطبيق الفصل 92 من مجلة الشغل والذي يبين أنه في حال وقوع ظروف قاهرة يتمتع الأجير بخلاصه كاملًا ويعوض الساعات الضائعة بعد أن تستقر الأوضاع. كما اقترح أن يتم التعاون والتنسيق بين المؤسسات الخاصة والحكومة على أن يدفع صاحب المؤسسة نصف المرتب على الأقل وتتكفل الدولة بمنحة 200 دينار.
اقرأ/ي أيضًا:
"وينو الدواء".. صرخة مرضى الذئبة الحمراء من أجل الحق في الحياة