الترا تونس - فريق التحرير
ضجّت منصات التواصل الاجتماعي في تونس منذ صدور العدد 60 من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرسمية)، يوم 9 جوان/يونيو 2023، الذي ورد به أمر حكومي نصّ في أحد فصوله على تغيير صفة "طالب شغل" إلى "باحث عن شغل".
أثار التعديل الذي أُدخل على العبارات في أمر حكومي بتغيير صفة "طالب الشغل" إلى "باحث عن شغل" جدلًا في تونس واعتبر البعض أن في ذلك لعبًا بالمفردات تبحث من خلاله السلطة عن التنصل من مسؤوليتها
وجاء في الفصل 3 من الأمر عدد 461 لسنة 2023 المتعلق بضبط برامج الصندوق الوطني للتشغيل وشروط وصيغ الانتفاع بها، أن عبارة "طالب الشغل" تُعوّض بعبارة "باحث عن شغل"، وأن عبارة برنامج "عقد الكرامة"تُعوّض بعبارة "برنامج دعم انتداب حاملي الشهادات العليا".
وأثار التعديل الذي أُدخل على العبارات في أمر حكومي جدلًا على السوشال ميديا في تونس، واعتبر البعض أن في ذلك لعبًا بالمفردات تنحو من خلاله السلطة إلى التنصل من مسؤوليتها كـ"مُطالَبة" بتوفير الشغل للمواطنين ودفع هذه المسؤولية عن كاهلها بترك مهمة "البحث" لمستحقّ الشغل.
الناطق باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري: بصفة "طالب شغل" أنت تطلب حقًا من واجب الدولة أن تسعى للاستجابة له أما بصفة "باحث عن الشغل" حذارِ من أن تُصبح مطالبًا
ودوّن الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، الاثنين 12 جوان/يونيو 2023، على صفحته بفيسبوك: بصفة "طالب شغل" أنت تطلب حقًا من واجب الدولة أن تسعى للاستجابة له، أما بصفة "باحث عن الشغل" حذارِ من أن تُصبح مطالبًا".
ومن جهته، قال الصحفي والباحث أحمد نظيف: "في الحقيقة يوجد فرق جذري بين "طالب شغل" و"باحث عن شغل"، غير الفوارق اللغوية الشكلية، من حيث طبيعة رؤية النظام الحاكم لجهاز دولة ودورها وعلاقتها بالمحكومين".
الباحث أحمد نظيف: هذا النظام يريد من جهة التراجع عن دور الدولة الاجتماعي وفي الوقت نفسه زيادة ولايتها التسلطية وهذا أمر يبدو مستحيلاً من الناحية النظرية
وتابع في تدوينة له على فيسبوك: أولاً في "الطلب" نوع من استحقاق المحكومين على الدولة التي يدفعون لها الضرائب، وهنا يرفض النظام أي استحقاق، فالطلب والمُطالبة والمطالب في عرف أنظمة "ولاية المتغلب" نوع من نزاع شرعية الفرد الحاكم المكتفي بنفسه. ثانياً، المسافة بين الطلب والبحث هي المسافة بين دور الدولة الاجتماعي، في نموذج دولة الرعاية، وبين رفع يديها عن الرعاية وترك الأفراد لمصيرهم".
وأردف أحمد نظيف: "الإشكال الحقيقي أن هذا النظام يريد من جهة التراجع عن دور الدولة الاجتماعي وفي الوقت نفسه زيادة ولايتها التسلطية. وهذا أمر يبدو مستحيلاً من الناحية النظرية؛ إلا إذا حاول بناء نموذج حكم "نيو- قراقوشي" وهو بصدد ذلك"، على حد تقديره.
فيما سخر نشطاء آخرون من تعديل المفردات في المجلة الرسمية، متسائلين عمّا إذا سيكون في تغيير صفة المعطّلين عن العمل في تونس حلٌّ لمعضلة البطالة في تونس.
سخر نشطاء من تعديل المفردات من "طالب شغل" إلى "باحث عن شغل" في الرائد الرسمي متسائلين عمّا إذا سيكون في تغيير صفة المعطّلين عن العمل حلٌّ لمعضلة البطالة في تونس
وتهكّم القيادي السابق بحزب التيار الديمقراطي والوزير السابق محمد الحامدي قائلًا: "هل أن العاطل عن العمل بتغيير صفته من طالب إلى باحث سيجد عملًا؟"، معقبًا: "لطالما قلت لكم أن مشكلتنا هي مشكلة لغوية، سواءً من اللغة أو من اللغو"، وفق ما جاء في تدوينة له.
يذكر أن المعهد الوطني للإحصاء كان قد أعلن، في آخر تحيين لبيانات البطالة في تونس أصدرها في 15 ماي/أيار 2023، أن عدد العاطلين عن العمل ارتفع في الثلاثي الأول من سنة 2023 إلى 655.8 ألف بعد أن كان في حدود 624.6 ألف في الثلاثي الرابع من سنة 2022 أي بارتفاع قدره 31,2 ألفًا.
وأضاف، في تقرير له حول مؤشرات التشغيل والبطالة للثلاثي الأول من سنة 2023، أنه "مع هذا الارتفاع في عدد العاطلين عن العمل عرفت نسبة البطالة خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 ارتفاعًا إلى مستوى 16,1% مقابل 15,2% خلال الثلاثي الرابع من سنة 2022.
