19-سبتمبر-2022
المحامي والعضو السابق  للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بوبكر بن ثابت

المحامي والعضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بوبكر بالثابت

 

لا يزال المرسوم الرئاسي عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي يثير جملة من ردود الفعل في تونس إلى جانب تقديم عدة قراءات لهذه التنقيحات. في هذا السياق، يحاور "الترا تونس" المحامي بوبكر بالثابت، العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الذي قدم قراءة لجملة التنقيحات الواردة على القانون الانتخابي وهل يمكن أن تكون ضماناً لانتخابات نزيهة وشفافة.

ومن تنقيحات القانون الانتخابي، نذكر: تضمين الاقتراع على الأفراد وسحب الوكالة من النواب وتقسيم جديد للدوائر الانتخابية.

 

 


  • هل ستسمح تنقيحات القانون الانتخابي بإنتاج عملية انتخابية خالية من التجاوزات وتفرز مجلسًا نيابيًا خاليًا من الفساد وممثلاً حقيقيًا للشعب كما يقول رئيس الجمهورية قيس سعيّد؟

ليس بالضرورة فحسن النوايا في أي نظام انتخابي ليس كافيًا لأن الانتخابات هي منظومة متكاملة تتعلق بالحريات بما فيها حرية التعبير عن الرأي والاستقرار والتمويل ومراقبته. فلا وجود لأي نظام اقتراع يمكن أن يوفر كل هذه  الضمانات فالمال السياسي مثلاً مرتبط بالقدرة على مراقبته وأرى أننا غير قادرين على مراقبته لأنه لا توجد أجهزة في الدولة التونسية يمكنها فعل ذلك.

بوبكر بالثابت: في غياب التمويل العمومي في القانون الانتخابي المنقح، وباعتبار الطبيعة تأبى الفراغ، سيكون هناك مال وستصعب مراقبته في الانتخابات القادمة

ثم إن غياب التمويل العمومي في هذا القانون الانتخابي المنقح ومعنى ذلك أن الدولة لا تتحمل مسؤوليتها في تمويل الديمقراطية ولا في كلفتها، فالدول المتقدمة التي تحرص على نزاهة ونظافة النظام والمناخ الانتخابي تموّل بطريقة مرشدة ومعقولة ومراقبة وتضمن تكافئ الفرص بين الأطراف والكفاءات غير المستعدة لقبول المال من أي كان.

انسحبت الدولة من تمويل الحملات الانتخابية، لكن الطبيعة تأبى الفراغ هذه قاعدة فيزيائية تسري على كل البشرية ولذلك سيكون هناك مال وستصعب مراقبته.

كما أن مبدأ التزكية في الترشح للمجالس النيابية هو عائق من عوائق النفاذ للحق للترشح لأن مبدأ التزكية معمول به في الانتخابات الرئاسية لترشيد الترشحات لا أن تكون عائقًا أمامها. والعمل بمبدأ التزكية في الانتخابات التشريعية في وضع يسود فيه الخوف في الجهات مع سلط جهوية تتبع الرئيس مباشرة، فسيكون ذلك أحد عوائق الترشحات التي سيصعب عليها تجميع التزكيات.

بوبكر بالثابت: مبدأ التناصف المطلوب في التزكيات لا معنى له أمام غياب ضمان التناصف داخل المجلس

أما مبدأ التناصف المطلوب في التزكيات فلا معنى له أمام غياب ضمان التناصف داخل المجلس إلا أن يكون عائقًا آخر شكلي وكذلك حال اشتراط 25 في المائة من المزكين ممن تبلغ أعمارهم أقل من 35 سنة، وستكون كذلك، في مرحلة مقبلة، عددي العوائق عند التثبت من صحة التزكيات.

أما التعريف بالإمضاء في البلديات فسيكون مكلفًا ولا بد أن نشير إلى أن كل هذا سيكون أيضًا مكلفًا على مستوى عمل الهيئات الفرعية للانتخابات. وأود أن أشير إلى أن هذه التزكيات ووضع وسائل لمراقبتها يكون في الانتخابات الرئاسية عادة وليست التشريعية.

ولا بد أن نؤكد أن هذا القانون صدر دون أن يشير إلى رأي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورأي المحكمة الإدارية. كما أن القوانين التي تهم الانتخابات لا تحتمل الطابع الفجئي حتى وإن كنا في مرحلة تسيير بالمراسيم فمن المفروض أن تكون هناك تشاركية ونقاش.

بوبكر بالثابت: التعريف بالإمضاء في البلديات سيكون مكلفًا وكل هذه الشروط ستكون أيضًا مكلفة على مستوى عمل الهيئات الفرعية للانتخابات

لكن بقينا ننتظر المرسوم وصدر في آخر أجل وفي نفس العدد تضمن دعوة الناخبين وخرج في عدد خاص ولم يتمكن المتابعون من الاطلاع عليه فقد طغى الطابع الفجئي والسريع على العملية.

 

 

  • كيف تقرؤون التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية؟

هذا التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية سيشجع على مزيد تقسيم المجتمع لا توحيده وسيطرح مشاكل كبرى فهو مثير للنعرات الجهوية والقبلية والعروشية ولهذا نحن نسأل الله أن يحمي البلاد من كل هذا.

بوبكر بالثابت: التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية سيشجع على مزيد تقسيم المجتمع فهو مثير للنعرات الجهوية والقبلية والعروشية

النواب سينظرون في مسائل وطنية وفي قوانين تطبق على كل الوطن وتراقب أداء الحكومة في كل الوطن لكن هذا التقسيم سيطرح جملة من المشاكل، الوطن ليس في حاجة إليها في سنة 2022.

  • هل جاء هذا القانون الانتخابي ليلغي الأحزاب السياسية تمامًا خاصة وأنه لم يذكرها بتاتًا؟

في رأيي هذه القراءة موجودة في روح النص لكن في المقابل هناك واقع  في البلاد فإذا الأحزاب لديها تمثيلية فعلًا قد يحجم دورها، ولكنها لن تلغى.

ولكن الفكرة الأساسية سواء للقانون الانتخابي الجديد أو للدستور من قبله فهي إطالة الفترة الانتقالية لا غير.

بوبكر بالثابت: كنا بحاجة لمراجعة القانون الانتخابي في اتجاه تجويد وضمان أكثر ما يمكن من النزاهة ومراقبة التمويل وفي مراجعة العتبة لكن تغيير الاتجاه تمامًا غير سليم

فقد كنا بحاجة لمراجعة القانون الانتخابي في اتجاه تجويد وضمان أكثر ما يمكن من النزاهة ومراقبة التمويل والنفاذ للإعلام وفي مراجعة العتبة لكن تغيير الاتجاه تمامًا هو غير سليم دون أن ننسى أن دور المجلس النيابي نزل إلى الأدنى في الدستور.

  • هل تتوقعون إقبالاً على الترشح للمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة في وقت أعلنت فيه عدة أحزاب مقاطعتها؟

ستكون هناك مشاكل في الإقبال فكلما كانت هناك عوائق في النفاذ لممارسة الحق الانتخابي كلما نقص الإقبال وإن كنا لا نستطيع أن نحدد حجم المقاطعة إلا بعدما نتابع سلوكيات الكيانات والأحزاب السياسية على أرض الواقع.