19-مارس-2022

عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي: تغييب هيئة الانتخابات ساهم في فشل الاستشارة

 

في 20 مارس/ آذار 2022، تغلق "أبواب" الاستشارة الوطنية/الإلكترونية، التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد وفق رزنامة شكلها تضمنت تحديد تاريخ 25 جويلية/يوليو 2022 للاستفتاء و17 ديسمبر/كانون الأول 2022 لتنظيم انتخابات تشريعية. 

وطرحت هذه المواعيد جملة من التساؤلات تتعلق أساسًا بدور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في هذه المحطات القادمة وحول مدى استعدادها بل ذهب البعض حد الحديث عن حلّها وتكليف جهة أخرى ـ وزارة الداخلية ـ بتنظيم المواعيد الانتخابية المقبلة. هذه النقاط وغيرها نطرحها على عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي في الحوار التالي:


  • رغم تكرار هذا السؤال للهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرًا، نعيده مجددًا هل الهيئة مستعدة لتنظيم الاستفتاء والانتخابات المقبلة؟

الهيئة مستعدة تقنيًا لتنظيم الانتخابات والاستفتاء لأن لديها الخبرة والتجربة التي أصبحت تؤهلها للتنظيم والإشراف على هذه المواعيد. كما أن الهيئة بصدد مواصلة عملها من خلال الإشراف على الانتخابات البلدية الجزئية  فعملها لم يتوقف بانتهاء انتخابات سنة 2019.

وباتت الهيئة مستعدة حتى للمواعيد الانتخابية الفجئية بعد أن خضنا التجربة إثر وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي ونجحت في إجراء الانتخابات خلال 90 يومًا وهو أيضًا ما حدث ويحدث مع حل المجالس البلدية باستمرار منذ أشهر والتزامنا بالآجال لإعادة انتخابها.

البرينصي لـ"الترا تونس": هيئة الانتخابات مستعدة تقنيًا لكننا بحاجة لتوفر مناخ انتخابي تتوفر به عدة شروط أهمها توضيح عدة نقاط جوهرية تتعلق بالقانون الانتخابي

وإن كنا مستعدين تقنيًا لكننا بحاجة أيضاً لتوفر مناخ انتخابي تتوفر به عدة شروط أهمها توضيح عدة نقاط جوهرية تتعلق بالقانون الانتخابي مثلاً: هل  سيتم  الانتخاب على الأفراد أم على القائمات؟ كيف ستكون التمثيلية وهل سيتم الاستفتاء حسب القانون القديم أم بقانون جديد وهل ستشارك الأحزاب أم لا؟؟.. وغيرها الكثير من الأسئلة.

ووجب أيضًا أن نذكر بأن تونس وقعت على اتفاقية البندقية والتي تنص على أننا لا يمكن أن "نغير من قانون اللعبة أثناء اللعبة" أي من القانون الانتخابي في فترة التحضير للانتخابات. ولهذا فأنا أرى أن توضيح كل هذه المسائل يحتاج إلى حوار لأن العملية الانتخابية ليست يومًا للاقتراع وآخر لإعلان النتائج بل لابد أن يتم القبول بهذه النتائج وكامل المسار. ولنا في الانتخابات العراقية نموذجًا فقد تمت الانتخابات لكن تم رفضها وتمت إعادتها.

البرينصي لـ"الترا تونس": تونس وقعت على اتفاقية البندقية والتي تنص على أننا لا يمكن أن "نغير من قانون اللعبة أثناء اللعبة" أي من القانون الانتخابي في فترة التحضير للانتخابات

  • أ لا ترون أن الرئيس سعيّد لم ينسق معكم المواعيد التي حددها للاستفتاء والانتخابات وبالتالي قد لا تكون الهيئة طرفًا في كل هذه المواعيد؟

أولاً هذه المواعيد التي تم تحديدها صدرت شفهياً ولم تصدر في أوامر رسمية، ثم أننا لا نتعامل بـ"قد" وبالاعتقاد بل نحن نتعامل مع القانون والواقع والرئيس قال مرارًا إنه لم يخرج عن الدستور وإنه لا يزال يتصرف وفقه والاختلاف الذي حدث هو في تأويل الفصل 80، وفقه.

وبالتالي الدستور قائم ونحن هيئة دستورية قائمة ولا تلغى إلا بإلغاء الدستور وهي الجهة التي تنظم الانتخابات وتشرف عليها، كما أن هناك شبه إجماع لدى الرأي العام على أهمية الهيئة وضرورة التمسك بها.

وقد أثبت لنا ضعف الإقبال على الاستشارة الوطنية التي أطلقها رئيس الجمهورية أهمية الهيئة العليا للانتخابات ولو أنهم عهدوا بها للهيئة لكان الإقبال أكبر، فذهنية المواطن التونسي ارتبطت بالانتخابات وبالهيئة المستقلة المشرفة عليها وليس من السهل تغيير هذه الصورة.

البرينصي لـ"الترا تونس": أثبت لنا ضعف الإقبال على الاستشارة الوطنية التي أطلقها الرئيس أهمية الهيئة العليا للانتخابات ولو أنهم عهدوا بها للهيئة لكان الإقبال أكبر

وأنا لا أنفي طبعًا وجود أقلية تهاجم الهيئة وترغب في حلها بسبب حسابات ضيقة وأجندات خاصة، إنهم "جرحى الانتخابات" الذين يحاولون تشويه الهيئة في كل مرة.

اقرأ/ي أيضًا: "الاستشارة" بعد أكثر من 40 يومًا على انطلاقها: تجاوزات وضعف في الإقبال

  • لكن هناك من يدعو إلى تشكيل هيئة أخرى للإشراف على الانتخابات وبعضهم يرى أن وزارة الداخلية يمكنها أن تقوم بهذه المهمة كما كان الحال زمن بن علي، فما تعليقكم؟

فعلاً هناك من يتحدث عن هيئة إدارية أو هيئة مناصفة لكن أكرر على أن العملية  الانتخابية تقوم أساسًا على قبول نتائج الانتخابات ولا يمكن أن تقبل الانتخابات إلا إذا أشرفت على تنظيمها هيئة مستقلة وهذا يتم العمل به في كل أنحاء العالم.

لهذا فأنا أرفض أن نستبق الأحداث وعلينا أن ننتبه ونقرأ المشهد كاملًا، هناك مواعيد انتخابية تم تحديدها وهناك أيضًا أطراف أخرى تدعو لانتخابات سابقة لأوانها تضع حدًا للفترة الاستثنائية و تأذن بالدخول لمرحلة تأسيسية.

البرينصي لـ"الترا تونس": العملية  الانتخابية تقوم أساسًا على قبول نتائج الانتخابات ولا يمكن أن تقبل إلا إذا أشرفت على تنظيمها هيئة مستقلة

لذلك فإن القادم مرتبط بمشهد عام تم تغييب النقاش العام فيه واقتصر على نقاشات على شبكات التواصل الاجتماعي عنيفة ترتكز على الاتهامات والشتم والسب ولهذا تغيب الرؤية الواضحة والتوجه الصحيح.

  • لكن رئيس الجمهورية لمح إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات غير مستقلة في رده على ما صرح به رئيسها تعليقًا على إجراءات 25 جويلية الماضي؟

هناك فرق بين "قال" و"لمح" ورئيس الجمهورية قيس سعيّد لم يقل ذلك ثم إن أطرافًا عدة قبل الرئيس قد اتهمت الهيئة بعدم الاستقلالية. 

وأعتبرها اتهامات لممارسة الضغط على الهيئة لكن الرئيس لم يقل ذلك، بل إن بعض الفاشلين يعلقون فشلهم على الهيئة وهذا تكرر مرارًا.

  • هل تستبعدون إلغاء الهيئة وتعليق عملها خاصة وأن البعض يرى أن حل المجلس الأعلى للقضاء سيليه حل هيئة الانتخابات أيضاً؟

لا شيء يمنع الرئيس من حل الهيئة لكنه لم يفعل ذلك ولم يقل ذلك ونحن نتعامل مع كل ما هو رسمي وقانوني وليس مع اعتقادات وتخمينات.

البرينصي لـ"الترا تونس": لا شيء يمنع الرئيس من حل الهيئة لكنه لم يفعل ذلك ولم يقل ذلك ونحن نتعامل مع كل ما هو رسمي وقانوني وليس مع اعتقادات وتخمينات

الهيئة موجودة وتواصل عملها والدليل أننا بصدد الإشراف على الانتخابات الجزئية البلدية والرئيس دعا الناخبين عبر مراسم.

اقرأ/ي أيضًا: توجّه نحو الاستفتاء.. عضو هيئة الانتخابات يكشف لـ"الترا تونس" شروط هذه العملية



 

  • هل وصلكم رد من الرئاسة بعد أن قمتم بمراسلتها وتحديد ميزانية الانتخابات الضرورية؟

لم يصلنا الرد وكما يعلم الجميع الميزانية لم تدرج فيها اعتمادات للانتخابات هذا العام.

البرينصي لـ"الترا تونس": لم يصلنا رد حول ميزانية الانتخابات الضرورية وكما يعلم الجميع الميزانية لم تدرج فيها اعتمادات للانتخابات هذا العام

  • تعالت الأصوات مؤخرًا من داخل الهيئة تدعو إلى ضرورة إصلاح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خاصة فيما يتعلق بتغيير تركيبتها، ما هو موقفكم من ذلك خاصة وأنكم كنتم في وقت سابق قد قدمتم استقالتكم وانتقدتم الهيئة؟

لم أقدم استقالتي ولكني خرجت للإعلام ودعوت للإصلاح في بعض المواضع داخل الهيئة ولم أكن الوحيد فقد دعا أعضاء آخرون أيضًا إلى الإسراع  بذلك.

وأعتقد أن مشروع الإصلاح عمومًا محمود في أي مؤسسة كانت وهو مطلوب لأن العمل البشري الإنساني يحتاج لإعادة القراءة والتقييم والإصلاح من أجل البناء فأنا ضد الهدم والعدمية ومع البناء وهذا لا يقتصر على هيئة الانتخابات فقط بل على كل مؤسسة تريد أن تتطور.

اقرأ/ي أيضًا: بوعسكر:من المهم تعديل القانون الأساسي لهيئة الانتخابات قبل المواعيد الانتخابية

أما فيما يتعلق بالهيئة فهناك قانون يضبط عملها وهناك عضوين، أحدهم استقال والأخرى كانت وزيرة ولابد من تعويضهما إلى جانب أن الرئيس ونائب الرئيس انتهت مدتهما منذ 2020 ولكن القانون يسمح لهما بمواصلة عملهما حتى تعويضهما.

البرينصي لـ"الترا تونس": في الهيئة، هناك عضوين، أحدهم استقال والأخرى كانت وزيرة ولابد من تعويضهما إلى جانب أن الرئيس ونائب الرئيس انتهت مدتهما منذ 2020

  • انتقد رئيس الهيئة السابق كمال الجندوبي، في آخر حوار له، تركيبة الهيئة واعتبر وجود عضو صحفي فيها غير مقنع، ما ردكم خاصة وأنت صحفي؟

أنا موجود في الهيئة عن خطة الاتصال والعملية الاتصالية ضرورية جدًا في هيئة الانتخابات والدليل أن الاستشارة لم تلق الإقبال المطلوب بسبب غياب خطة اتصالية.

وأنا قبل أن أكون صحفيًا، متحصل على الماجستير في الاتصال  السياسي ولم أكن مساندًا لأي طرف سياسي كان.

والصحافة من المهن التي تتطلب الحياد والموضوعية ويتم اعتماد الصحفيين كمراقبين في كل أنحاء العالم نظراً لأهمية دورهم. أنا مثلاً لم أقل يومًا كيف يترأس هيئة الانتخابات سياسي مواقفه معروفة وكيف يمكن أن نضمن حياده؟.

 

اقرأ/ي أيضًا:

غلق هيئة مكافحة الفساد متواصل: مبلغون في مهب الريح وموظفون بلا عقود

إضراب عام في محاكم تونس.. ودعوات للتراجع عن حل المجلس الأعلى للقضاء