10-سبتمبر-2021

فاروق بوعسكر: أكبر مشكلة في الاستفتاءات هي صيغة السؤال

 

على إثر تصريح وليد الحجام، مستشار الرئيس قيس سعيّد، لرويترز بأن "هناك اتجاهًا لتغيير النظام السياسي في البلاد وربما يكون ذلك عبر استفتاء"، تباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض ومتخوّف، حيث صرّح الحجام بأن "الدستور الحالي أصبح عائقًا أساسيًا ويُفترض تعليقه ووضع نظام للسلطات المؤقتة"، مضيفًا: "برنامج الرئيس أصبح على بعد خطوات قليلة ومن المتوقع أن يجري إعلانه قريبًا" وفقه.

ولئن كان من المهم رصد ردود الفعل وآراء مختلف الفاعلين في المشهد السياسي ومواقفهم حول هذا التوجّه المرتقب، فإنّه من المهم أيضًا طرح السؤال على اللاعب الأساسي في هذه العملية، ألا وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

فاروق بوعسكر (نائب رئيس هيئة الانتخابات): الهيئة جرّبت كل أنواع الانتخابات لكنها لم تجرّب بعد الاستفتاءات لكنها تشبه كثيرًا عملية الانتخاب

"الترا تونس" حاور نائب رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر الجمعة 10 سبتمبر/ أيلول 2021، بخصوص جاهزية الهيئة من عدمها لهذه الخطوات المرتقبة والتي لم يقع الحسم بشأنها بعد، وإن كان من الضروري فهم مآلاتها إن حدثت.

وقد أعلن بوعسكر أنّ القانون الانتخابي ماي/ أيار 2014، حمل بعد الثورة اسم "قانون الانتخابات والاستفتاء"، معتبرًا أنّ الهيئة جرّبت كل أنواع الانتخابات لكنها لم تجرّب بعد الاستفتاءات، قائلًا: "دستور جانفي/ يناير 2014 نظّم نوعين من الاستفتاء: استفتاء دستوري (متعلق بتنقيح الدستور) واستفتاء تشريعي (متعلق بصدور قانون)" وفقه.

وتابع بوعسكر في تصريحه لـ"الترا تونس": "عملية الاستفتاء تشبه كثيرًا عملية الانتخاب، لأن الاستفتاء هي عملية اقتراع يقوم فيها المسجلون في سجل انتخابي بدخول مكتب الاقتراع والاختيار في الخلوة، ونستعمل كذلك الحبر الانتخابي، لكن الفرق أنّ ورقة الاستفتاء تختلف عن ورقة الانتخابات، لأنّ الاستفتاء ليس عملية اقتراع على قائمات أو أشخاص وإنما هي إجابة عن سؤال ويتم ذلك بمبادرة من رئيس الجمهورية الذي يطرح سؤالًا على الناخبين" حسب وصفه.

فاروق بوعسكر (نائب رئيس هيئة الانتخابات): الاستفتاء كآلية في العالم الثالث قد تحدث فيها انزلاقات أو انعراجات لأنه قد يتحوّل إلى استفتاء سياسي أو نوع من البيعة 

وأوضح بوعسكر أنّ هذا السؤال فيه شروط، إذ يجب أن تتم صياغته بصفة موضوعية، وأن يكون واضحًا ودقيقًا وألّا يكون فيه توجيه لإرادة الناخبين، وأن يحتمل الإجابة فقط بنعم أم لا، مضيفًا: "أكبر مشكلة في الاستفتاءات هي صيغة السؤال، والقانون الانتخابي لا يجيبنا عن سؤال من يصيغ سؤال الاستفتاء" مشيرًا إلى استفتاءات غير موجودة في تونس مثل الاستفتاء الاستشاري أو الاستفتاء الإلغائي أو الاستفتاء "القاطع" (référendum révocatoire).

وبيّن نائب رئيس هيئة الانتخابات، أنّ الاستفتاء كآلية في العالم الثالث قد تحدث فيها انزلاقات أو انعراجات لأنه قد يتحوّل إلى استفتاء سياسي أو نوع من البيعة على حد قوله، متابعًا: "المواطن قد لا يهمه مضمون الاستفتاء بقدر ما يهمه من قدّم ذاك الاستفتاء، وفي 2002 مثلًا استفتى رئيس الدولة وقتها الشعب التونسي على تنقيح 46 فصلًا في دستور 1959، وكان ما يهمه فعلًا هو فصل وحيد يتعلق بحذف عدد الدورات الرئاسية كي يجدّد ترشّحه، وقد ذهب 90% من المصوّتين نحو التنقيح"، قائلًا: "هذه الآلية الديمقراطية (الاستفتاء) في تطبيقها تحتاج إلى كثير من العناية حتى لا نسقط في الاستفتاءات السياسية والبيعات للحاكم" حسب وصفه.

فاروق بوعسكر (نائب رئيس هيئة الانتخابات): إذا كان هناك طرح لاستفتاء أو لانتخابات سابقة لأوانها، سندخل في منطق الانتخابات الفجئية، ويجب أن تتوفر مدة زمنية معقولة لتحيين السجل الانتخابي وتسجيل الناخبين الجدد

واعتبر بوعسكر أنّ هيئة الانتخابات تستعد جيدًا للانتخابات الدورية إذ وقتها معلوم ومحدد مسبقًا، "لكن في الوضع الراهن إذا كان هناك طرح لاستفتاء أو لانتخابات سابقة لأوانها، سندخل في منطق الانتخابات الفجئية، ونحن قد جرّبنا ذلك في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها وهو ما حدث في 2019 بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي".

وأضاف عضو هيئة الانتخابات في السياق نفسه: "يجب أن يكون هناك حيّز كاف من الوقت، فالآجال أدناها 45 يومًا وأقصاها 90 يومًا، ويجب أن تتوفر مدة زمنية معقولة لتحيين السجل الانتخابي وتسجيل الناخبين الجدد، وتقنيًا، الهيئة جاهزة ولديها الخبرة اللازمة لذلك".

وأبرز بوعسكر أن السجل الانتخابي الحالي يستجيب للمعايير الدولية "ويمكّننا من الذهاب إلى أي انتخابات في أي وقت لأنه يضم تقريبًا 80% من الجسم الانتخابي، لكن من المهم مع ذلك أن نوفّر فترة تسجيل إضافية" مجيبًا عن سؤال في علاقة بالجانب المالي لهذه العملية بقوله: "الجانب المالي له أهمية كبيرة، لكن في اعتقادي لا توجد إشكالية في الجانب، لأن وزارة المالية استجابت للاعتمادات الإضافية الطارئة حين طلبتها الهيئة في وقت سابق" وفق وصفه.

اقرأ/ي أيضًا: مستشار سعيّد: هناك اتجاه لتغيير النظام السياسي في تونس وربما عبر استفتاء

ويشار إلى أنّ رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون قد أكد بتاريخ 25 جوان/ يونيو 2021 في تصريحه لـ"الترا تونس" أن هيئة الانتخابات جاهزة لكل السيناريوهات المرتقبة مثل انتخابات مبكرة أو استفتاء شعبي.

وتابع بفون بخصوص شروط الاستفتاء أنه يستوجب صدور أمر دعوة الناخبين من قبل رئيس الجمهورية قبل شهرين من عملية الاستفتاء، ويتضمن مشروع التنقيح لتكون صيغة السؤال على هذا النحو: هل أنت موافق على إجراء التنقيح التالي: نعم أم لا؟

وأوضح بفون أنه سؤال مغلق، مضيفًا أن عملية الاستفتاء تشبه عملية الانتخاب في الدورة الثانية للرئاسية ويمكن أن يشارك فيها التونسيون بالخارج، وقال: "إذا توفرت كل شروط الاستفتاء وتم الإعلان عنه و صدور أمر دعوة الناخبين فإن الهيئة جاهزة لذلك" وفق تصريحه لـ"الترا تونس".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يكون الاستفتاء على تعديل النظام السياسي وجهة قيس سعيّد القادمة؟

توجه نحو تعليق الدستور وتغيير النظام السياسي عبر استفتاء.. تخوّف وانتقادات