07-يونيو-2016

أطلقت منظمة أنا يقظ حملة جايينكم لمراقبة مدى احترام الإدارات العمومية لأوقات العمل(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

"الموظفون في المؤسسات العمومية/الحكومية في تونس متقاعسون وكسلاء"، هذه فكرة عامة ومتداولة في تونس، يلمسها المواطن عند زيارته هذه المؤسسات لقضاء شؤونه، على اختلافها، ولا يحتاج أرقامًا وإحصائيات لإثباتها، لكن هذه الأخيرة توفرت خلال السنوات الأخيرة وأكدت بدورها الفكرة المنتشرة، إذ منذ حوالي سنتين، ذكرت دراسة أعدّتها الجمعية التونسية لمكافحة الفساد أن "معدل الوقت الفعلي الذي يقضيه الموظف التونسي في العمل لا يتجاوز 8 دقائق في اليوم. كما تعرضت إلى أن 80 في المئة من الموظفين حاضرون قانونياً في مراكز عملهم عبر تسجيل حضورهم إلا أنهم في الواقع متغيبون".

الجمعية التونسية لمكافحة الفساد: معدل الوقت الفعلي الذي يقضيه الموظف التونسي في العمل لا يتجاوز 8 دقائق في اليوم

والوضع ليس أفضل في شهر رمضان بل يجد بعض الموظفين أعذارًا متنوعة للتغيب أو التأخر عن القيام بعملهم خلال هذا الشهر. ومن حين لآخر، يتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لموظفين بصدد اللعب على الحاسوب أو الثرثرة فيما بينهم، خلال فترة وجودهم بمؤسساتهم للقيام بعملهم وقضاء شؤون المواطنين.

في هذا السياق، يتنزل إطلاق منظمة "أنا يقظ" التونسية حملة "الحاضر يعلم الغائب #جايينكم" لمراقبة مدى احترام الإدارات العمومية التونسية لأوقات العمل خلال شهر رمضان، وقد تم الإعلان عن الحملة الإثنين 6 حزيران/يونيو 2016، الموافق لأول أيام شهر رمضان في تونس.  و"أنا يقظ"، هي منظمة رقابية تونسية غير ربحية ومستقلة تهتم بتدعيم الشفافية ومراقبة الفساد المالي والإداري.

وخلال شهر رمضان هذه السنة، تم تحديد توقيت العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية في تونس من الساعة الثامنة صباحًا الى الساعة الثالثة بعد الزوال، من الإثنين إلى الخميس، ومن الساعة الثامنة صباحًا إلى منتصف النهار يوم الجمعة، مع راحة يومي السبت والأحد.

اقرأ/ي أيضًا: عامان في عمر الدستور التونسي.. والتفعيل منقوص! 

يقول مهاب القروي، المدير التنفيذي لمنظمة "أنا يقظ"، لـ"الترا صوت": "حملة #جايينكم تتمثل في عملية مراقبة لمدى احترام الموظفين في الإدارات العمومية للتوقيت الإداري وتتم المراقبة من خلال شباب متطوعين في مختلف الأحياء والمدن التونسية، ينتقلون إلى المؤسسات العمومية في أحيائهم للتأكد من فتح أبواب هذه المؤسسات وإغلاقها في موعدها ومن حضور الموظفين أثناء دوامهم وعدم تأخرهم أو غيابهم الكلي وذلك بالتنسيق مع فريق منظمة أنا يقظ".

وعن الهدف من #جايينكم، يوضح القروي لـ"الترا صوت": "هدفنا تشريك المواطن في الرقابة على الإدارة العمومية وتسهيل قضاء شؤونه الإدارية والحفاظ على المال العام"، ويضيف: "نريد تفعيل دور المواطن الرقيب، المواطن الذي يدفع الضرائب ومن حقه ضمان عمل المؤسسات الحكومية وتوفيرها لشؤونه".

أطلقت منظمة "أنا يقظ" التونسية حملة #جايينكم لمراقبة مدى احترام الإدارات العمومية لأوقات العمل خلال شهر رمضان

وجاء في بلاغ للمنظمة أنها سجلت خلال اليوم الأول لانطلاق الحملة "عديد التجاوزات في عدد من الإدارات التونسية على علاقة بعدم احترامها للتوقيت الإداري"، وذكرت أمثلة كبعض إدارات الصندوق الوطني للحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للتأمين على المرض والديوان التونسي للتجارة.

اقرأ/ي أيضًا: "قوانين صندوق النقد الدولي" تؤرق البرلمان التونسي

بعد يوم من انطلاق الحملة، يؤكد القروي "عدم تعرض مراقبي "أنا يقظ" لأي مضايقات وأن هناك تفهمًا لدورهم ومهمتهم"، واستحسن المدير التنفيذي للمنظمة تفاعل المواطنين السريع مع الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتدعو حملة #جايينكم جميع المواطنين التونسيين للمشاركة، ولا تقتصر على فريق المراقبين المتطوعين مع المنظمة بل هي مفتوحة للجميع، وخصصت المنظمة صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" للتفاعل مع الحملة من خلال تصوير أي تجاوز أو عدم احترام للوقت من قبل أي إدارة عمومية ونشر الصور على الصفحة وقد أكد فريق المنظمة أنه سيقوم بالمتابعة الضرورية.

وكانت منظمة "أنا يقظ" قد دعت، في بلاغ لها، وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد إلى "التدخل العاجل من أجل فرض الانضباط واحترام الوقت في المؤسسات العمومية". من جانبها أعلنت الوزارة  شروعها منذ الأربعاء 8 حزيران/يونيو الجاري في المراقبة الميدانية لحضور الموظفين والأعوان في مختلف المصالح العمومية بتونس العاصمة وكافة المحافظات.

وكانت وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد قد أعلنت منذ فترة قيامها بحملات تحسيسية وتوعوية حول ما أسمته "إعلاء قيمة العمل في القطاع العام"، وتم خلال هذه الحملات التواصل مع المجتمع المدني لتجميع مجموعة مقترحات حول تنظيم العمل وتحسين مردودية الموظفين العموميين والاستئناس بها في مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في تونس.

وتعرف الإدارة التونسية ارتفاعًا كبيرًا لعدد الموظفين لكن العدد لا يترجم مردوديته على مستوى العمل، فهم يزيدون عن الحاجات الأساسية لمؤسساتهم وهو ما يفرز غيابًا للنجاعة في الإدارة التونسية وسوء تنسيق. وكانت الحكومة قد أعلنت أكثر من مرة أنها بصدد القيام بإجراءات لفرض الانضباط في الإدارة العمومية والقضاء على التسيب والغيابات.

أطلقت منظمة أنا يقظ حملة جايينكم لمراقبة مدى احترام الإدارات العمومية لأوقات العمل(فيسبوك)

اقرأ/ي أيضًا:

تونس.. تشكيك ودعوات للتحقيق في "وثائق بنما"

الحاوية بلجيكية والفضيحة تونسية