19-أغسطس-2023
مغني الراب حسان ساسي جنيور

أثار فنان الراب حسان جنيور الجدل بعد تداول روايات عن مغادرته تونس في قارب للهجرة غير النظامية (ماهر جعيدان/ اللترا تونس)

 

الفنان حسان ساسي شهر "حسان جنيور junior" يغادر أرض الوطن على متن قارب للهجرة غير النظامية في اتجاه إيطاليا مع عدد من أفراد الحي الشعبي "الطفالة" من محافظة سوسة الساحلية. خبر صادم هز مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر أخبار المشاهير في تونس.

حسان (23 سنة) لم يبرز اسمه على الساحة الفنية إلا مؤخرًا، فقد أصدر أغنيتين في فن "الراب" على منصة يوتيوب فحاز على أكثر من 15 مليون مشاهدة خلال أقل من 3 أشهر فتحصل على الدرع الفضي من المنصة. 

حسان جنيور لم يبرز اسمه على الساحة الفنية إلا مؤخرًا بعد أن أصدر أغنيتين في "الراب" على يوتيوب وحاز على أكثر من 15 مليون مشاهدة خلال أقل من 3 أشهر فتحصل على الدرع الفضي من المنصة

شكّل بروزه المفاجئ صدمة لمتابعي فن الراب في تونس وتهافت الملايين على سماعه من خلال إصداريه "مساجين" و"رام الله"، ورغم استعماله عبارات بذيئة في الكلمات التي ينشدها ويكتبها بخط يده فإن بعض المقاطع صارت مضرب الأمثال بين الشباب، ومن بين كلماته: "كل العرب محتلّة إلا حومنا وفلسطين مقاومة وكبيرنا الله كالعراق صدام حسين"، "فلسطين تستغيث والعرب إلى الوراء"، "تلخيص الفاكس من الوزارة جيبولي اللي سب الحاكم"، "نحبو هجرة جماعية سيب البحر"، "حسبي ربي يا بلادي قتلت فينا الإحساس"، "قلبي يبكي دم على مربوط يبات حزين.. حومنا فقر وهمّ أهلي وناسي مساجين"، "بابا شاف في يدي ستيلو جاني عينيه حمر وناقم قلي بربي لا تعبني يا ولدي ما تسبش الحاكم تقعد أمك فيك تقاسي بين قفف وكلوارات".

"الحبار فاض خرجت موزيكا باهية للعباد" (سال الحبر فأنتجت موسيقى جيدة للمستمعين)، هكذا تكلم حسان جنيور في مقابلة صحفية واحدة منذ بروزه خص بها إذاعة "موزاييك".

 

صورة
فنان الراب حسان جنيور بين أهله في حيّ "الطفالة" بسوسة (ماهر جعيدان/ الترا تونس)

 

الشاب حسان واحد من مئات الشباب في حي "الطفالة" الذين يعيشون على هامش الدورة الاقتصادية ويتموقعون خارج المؤسسات ويشكّلون تجمعات على هامش الأنظمة الحاكمة منذ زمن، ويتبنون فن الراب الثوري الفوضوي إن صحت العبارة، وتنتشر في مثل هذه الأحياء تجارة الممنوعات ويؤمنون بقيم تمثل بالنسبة إليهم تعبيرًا عن طريقة عيش وحياة.

حسان واحد من مئات الشباب في حي "الطفالة" الذين يعيشون في الهامش ويشكّلون تجمعات على هامش الأنظمة الحاكمة ويتبنون فن الراب الثوري الفوضوي

لم يتوقع حسان أن تنطلق مسيرته بنجاح باهر وحيازة نسبة مشاهدة خيالية خلال أسابيع قليلة، لكنه كان مؤمنًا بنجاحه وفق قوله.

تحسس طريقه الفني من خلال انتمائه للوسط الاجتماعي الذي يحتضنه واستقبل التهاني بنجاحه من أغلب فناني الراب الذين يسعون إلى مشاركته الأغاني في المستقبل، في حين أن المستقبل يبقى مجهولًا عنده نظرًا لخصومته مع أقوى جهاز في الدولة وهو جهاز "الشرطة". ويذكر حسان في هذا الصدد أنه مر بفترة سجنية قصيرة في السجن المدني بالمسعدين.

تحسس حسان جنيور طريقه الفني من خلال انتمائه للوسط الاجتماعي الذي يحتضنه لكنّ ظلّ المستقبل بالنسبة إليه مجهولًا قبل اتخاذه قرار الهجرة نظرًا لخصومته مع أقوى جهاز في الدولة وهو جهاز "الشرطة"

يوم واحد قبل هجرته سرًّا عبر زورق في رحلة غير نظامية نحو إيطاليا كان قد شرع حسان ساسي في تصوير أغنية راب جديدة، وقد ظهر رفقة الفنان علي GGA في عمل مشترك، وكان الجمهور يتطلع إلى إنتاج جديد له، لكن تفاجأ الجميع بخبر هجرته غير النظامية حين ظهر ضمن مجموعة من الشباب يشقون عباب البحر، وتم تداول الروايات عن بلوغة الأراضي الإيطالية وتنقله إلى باليرمو. لم يصدر أي تصريح عنه إلى حد كتابة هذه الكلمات ويروى أن أفرادًا من أسرته القاطنين في إيطاليا قد استقبلوه.

 

 

إن المكان الطبيعي للفنان وطموحه اعتلاء خشبة المسرح غير أن حسان اعتلى الركح في مناسبة وحيدة خلال سهرة راب في مهرجان سوسة الدولي (الدورة 64)، كان صعوده مسرح سيدي الظاهر غير مرغوب فيه وأثار غضب مدير المهرجان باعتبار أن صعوده كان رفقة الفنان علاء ودون ترتيب مسبق مما تسبب في إحراج القائمين على المهرجان بالرغم من الترحيب الجماهيري الواسع.

فنان الراب حسان جنيور "مازال لديه الكثير ليقدمه" حسب قوله، لكن الواقع التونسي الذي نشأ من صميمه لفظه ودفعه للصراع مع أجهزة السلطة فتحدى  البحر وبحث عن مكان له شمال المتوسط تاركًا وراءه العشرات من الشباب في حيّه ممن آمنوا بقدراته واعتبروه عنوانًا للنجاح، كانوا يأملون في أن يكون قاطرة لهم لجني بعض المال والبقاء في أرض الوطن غير أن انسداد الآفاق كان الأسرع، فكان الهروب إلى خارج الديار. 

فنان الراب حسان جنيور "مازال لديه الكثير ليقدمه" حسب قوله لكن الواقع التونسي الذي نشأ من صميمه لفظه ودفعه للصراع مع أجهزة السلطة ممثلة في "الشرطة" فتحدى البحر وبحث عن مكان له شمال المتوسط

ليست الحادثة الأولى في تونس أن يرحل فنان أو مهندس أو صاحب شركة بطريقة غير نظامية نحو الفضاء الإيطالي، وهو ما يدعونا إلى التأمل في حقيقة الأزمة المجتمعية والاقتصادية التي تعيشها تونس والدوافع الحقيقية لجعل طيف واسع يسعى إلى مغادرة البلاد نحو الفضاءات الأخرى. 

وفي تصريح صحفي كان قد أدلى به المدير العام للمرصد الوطني للهجرة عبد الرؤوف الجمل أشار إلى أن "تونس ستشهد مستقبلًا ارتفاعًا في عدد المهاجرين من الأدمغة والكفاءات بسبب الامتيازات التي تقدمها البلدان المستقطبة لهذه الفئات مقابل عديد الصعوبات في تونس".

وقد أفاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن عدد المهاجرين غير النظاميين التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية بلغ 3432 مهاجرًا، وذلك خلال الفترة الممتدة من بداية السنة وإلى حدود 31 ماي/أيار 2023.

وأضاف المنتدى "حول إحصائيات الهجرة غير النظامية لسنة 2023 التي يقع تحيينها بشكل مستمر، أن من بين المهاجرين التونسيين غير النظاميين الذين وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري، هناك 865 قاصرًا بمرافق أو دون مرافق.

ويعتبر عدد الواصلين من التونسيين الواصلين إلى الأراضي الإيطالية بشكل غير نظامي مرتفعًا بالمقارنة بالسنوات الماضية، إذ بلغ عددهم 2283 مهاجرًا سنة 2022، و1986 مهاجرًا سنة 2021، و685 مهاجرًا سنة 2020، وفق ما ورد في النشرية ذاتها.