05-فبراير-2024
حركة النهضة تنفي تلقيها تمويلًا أجنبيًا وتؤكد "الطابع السياسي" للحكم ضد قيادييها

المحامي مختار الجماعي: نجد عقابًا مشددًا مع أنّها تدخل في خانة الجرائم ذات الطابع السياسي والمالي

الترا تونس - فريق التحرير

 

عقدت حركة النهضة، الاثنين 5 فيفري/شباط 2024، ندوة صحفية، لتوضيح موقفها من قرار المحكمة الابتدائية بتونس، الخميس الماضي، بسجن كلّ من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي بالحزب رفيق عبد السلام، لمدة 3 سنوات مع النفاذ العاجل، وتخطئة الحركة بمبلغ قدره مليون و170 ألفًا و470 دولار أمريكي، في خصوص القضية المتعلقة بقبول الحزب لتبرعات مالية من جهة أجنبية.

عماد الخميري: القرار السياسي الظالم والجائر الذي يستهدف الحركة ورئيسها، تنعدم فيه أدنى شروط المحاكمة العادلة

وقد تنوعت كلمات المتدخلين الذين أجمعوا على رفضهم لهذا الحكم الذي وصفوه بـ"الجائر" في حق الحركة ورئيسها وأحد قيادييها، وفيما يلي أبرز ما جاء في الندوة.

  • عماد الخميري: راشد الغنوشي يجرّم من أجل مواقفه السياسية

أكد القيادي في حركة النهضة، عماد الخميري، من جهته، أنّ الحكم القضائي الصادر في حق رئيس الحركة راشد الغنوشي، يأتي في سياق "التراجع الديمقراطي والاستهداف الكبير الذي يمس الحريات العامة والخاصة وضرب العمل السياسي والنقابي في تونس، واستهداف السياسيين والإعلاميين وكل صوت حر مناهض لمنظومة انقلاب 25 جويلية/يوليو" وفق قوله.

عماد الخميري: الجهة الوحيدة التي تموّل حركة النهضة هم أبناؤها، ونتحدى أي جهة أن تثبت على النهضة تلقيها مليمًا واحدًا في حسابها أو حسابات قياداتها أو تحويلها أي مبلغ مالي في علاقة بملف اللوبيينغ

وشدّد الخميري على أنّ هذا "القرار السياسي الظالم والجائر الذي يستهدف الحركة ورئيسها، تنعدم فيه أدنى شروط المحاكمة العادلة، وجاء في سياقات تفكيك الجهاز القضائي وهيمنة السلطة التنفيذية وتحويل القضاء إلى مجرد وظيفة تابعة لها"، مستنكرًا أن يجرّم الغنوشي من أجل رأي وموقف سياسي، وفق تعبيره.

ولفت عماد الخميري إلى أنّ "الجهة الوحيدة التي تموّل حركة النهضة هم أبناؤها"، وقال: "نتحدى أي جهة أن تثبت على النهضة تلقيها مليمًا واحدًا في حسابها أو حسابات قياداتها أو تحويلها أي مبلغ مالي" في علاقة بقضية (اللوبيينغ) التي حوكم فيها الغنوشي مؤخرًا. 

  • المحامي مختار الجماعي: ملف اللوبيينغ أنموذج في خرق الإجراءات وهضم حقوق الدفاع

عضو هيئة الدفاع عن رئيس حركة النهضة، المحامي مختار الجماعي، أشار من جهته إلى أنّ موكّله موقوف منذ ليلة 17 أفريل/نيسان 2023 في إطار "تصفية الحسابات"، وأنّ الملف الذي حوكم لأجله مؤخرًا في علاقة باللوبيينغ، "ضعيف جدًا وضرب شروط المحاكمة العادلة في مقتل، إذ لا ضمانة فيه لحقوق الدفاع" وفقه.

المحامي مختار الجماعي: الملف الذي حوكم لأجله مؤخرًا راشد الغنوشي، ضعيف جدًا وضرب شروط المحاكمة العادلة في مقتل

وانتقد الجماعي التأخير لفترات قصيرة جدًا في الجلسات بعد طلب المحامين ذلك، قائلًا إنّ "أهم وثيقتين في الملف الذي يخص تمويل حملة الدعاية المفترضة، هما العقد والتحويل، لكن الملف في المقابل يؤكد أنّ الاتفاق كان شفويًا"، وقال: "هل يمكن القيام باتفاق بمليون دولار شفويًا؟ ولماذا رفيق عبد السلام بالذات هو الذي حوكم مع الغنوشي من دون بقية قيادات حركة النهضة؟ هل هو طرف في العقد؟" وفق تساؤله.

وأرجع المحامي ذلك إلى أنّ "السلطة تريد استدعاء الصورة النمطية حول علاقة المصاهرة التي تجمعه لراشد الغنوشي، ولضرب مصداقية رفيق عبد السلام من جهة أخرى"، مؤكدًا أنّ الأصل في هذه القضية "أن يكون العقاب ماليًا بحتًا، باعتبارها جريمة ذات طابع سياسي مالي، لكننا نجد عقابًا مشددًا.. 3 سنوات مع النفاذ العاجل رغم أنّ الغنوشي أصلًا قابع بالسجن".

المحامي مختار الجماعي: الملف صنع على عجل لتصفية خصوم سياسيين، ويُعتبر أنموذجًا في خرق الإجراءات وهضم حقوق الدفاع وضرب الكثير من المبادئ

واعتبر مختار الجماعي خلال هذه الندوة الصحفية، أنّ هذا "الملف صنع على عجل لتصفية خصوم سياسيين، واعتبره كلسان دفاع، أنموذجًا في خرق الإجراءات وهضم حقوق الدفاع وضرب الكثير من المبادئ، وأنه يمس القضاء في عهد ما بعد 25 جويلية/يوليو"، واصفًا القضاء بأنه "الحلقة الأضعف الذي ينفذ ما يُطلب منه".

  • أحمد نجيب الشابي: الهدف من سجن القيادات السياسية هو الذهاب إلى انتخابات رئاسية جوفاء

أما رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، فقد استنكر سجن راشد الغنوشي من الأساس بسبب تصريح سياسي حذّر فيه من "الإقصاء باعتباره يزعزع الوحدة الوطنية ويعرض البلاد إلى العنف الأهلي"، وقال إنّ الغنوشي "أيقن أنه مستهدف من السلطة السياسية، فقرر ألا يستجيب إلى أي دعوى أو استدعاء قضائي لأن القضاء فاقد لاستقلاليته في تونس، وكل ما يجري الآن هو توظيف سيئ ومؤسف للقضاء للانتقام من الخصوم السياسيين" على حد تعبيره.

أحمد نجيب الشابي: كل ما يجري الآن هو توظيف سيئ ومؤسف للقضاء للانتقام من الخصوم السياسيين

واعتبر نجيب الشابي أنّ "السجون التونسية مليئة بالقيادات السياسية من الصف الأول لإحداث فراغ هدفه الذهاب إلى انتخابات رئاسية جوفاء كالتي وقعت الأحد 4 فيفري/شباط 2024" في إشار إلى انتخابات أعضاء المجالس المحلية، والتي شارك فيها تقريبًا 12% من التونسيين، وقال: "أي أنّ 88% من الشعب التونسي أدار ظهره للمرة الخامسة لمشروع قيس سعيّد، وأبرز أنه غير منخرط في المشروع السياسي الانقلابي للرئيس" على حد تعبيره.

وعبّر أحمد نجيب الشابي عن تضامنه الكامل مع حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، مطالبًا بالإفراج الفوري عنه وعن كل المعتقلين السياسيين "لتهيئة الظروف الدنيا لمنافسة انتخابية نزيهة"، وقال: "يمكن الاختلاف مع راشد الغنوشي، لكن لا يمكن أن ننكر أنه شخصية قرنت بين الكفاح الفكري والكفاح العملي وأثرت على مجرى الحياة التونسية من خلال السجون والمنفى طيلة مسيرته".

أحمد نجيب الشابي: أطالب بالإفراج الفوري عن راشد الغنوشي وعن كل المعتقلين السياسيين لتهيئة الظروف الدنيا لمنافسة انتخابية نزيهة

  • زينب البراهمي: النهضة تتلقى تمويلها فقط من تبرعات أبنائها

وبالنسبة إلى المحامية زينب البراهمي، ورئيسة المكتب القانوني للحركة، وعضوة هيئة الدفاع عن راشد الغنوشي، فقد استنكرت إصدار الحكم ضد الغنوشي، "دون تمكين هيئة الدفاع من الترافع ومنعها من الحصول على  المؤيدات الكفيلة بإثبات براءة منوبها بعد حجز كل الوثائق بمقر حزب حركة النهضة منذ 18 أفريل/نيسان 2023 رغم كل الطلبات التي تقدمت بها إلى مختلف الجهات القضائية المعنية".

المحامية زينب البراهمي: مُنعنا من تقديم وسائل الدفاع، باعتبار أننا لم نتحصل على أي وثيقة من مقر النهضة، رغم سعينا لذلك منذ سنة

وأضافت البراهمي: "لم نتحصل على أي وثيقة من المقر، ونحن نسعى منذ سنة لذلك لأنها من وسائل الدفاع، وبالتالي فقد منعنا من تقديم وسائل الدفاع، واعتمدنا فقط على ما تقدمه لنا المحكمة"، مشيرة إلى أنّ نقطة التمويل في عقود اللوبيينغ، وحسب المحكمة، فهي "اتفاقات غير مكتوبة، وهي لا تعدو سوى أن تكون اتفاقًا شفويًا، والمحكمة نفسها تصرح أنها لا تملك نسخة من هذا العقد" وفقها.

وشددت البراهمي على أنّ "حسابات حركة النهضة مفتوحة تحت رقابة محكمة المحاسبات ورئاسة الحكومة، وجواب البنك المركزي التونسي يثبت براءة الحركة التي تتلقى تمويلها فقط من تبرعات أبنائها المنخرطين ومن نوابها ووزرائها" وفقها.

 

 

وكانت حركة النهضة، قد اعتبرت وفق بيان أصدرته ليل الخميس غرة فيفري/شباط 2024، الحكم الصادر في حق رئيسها راشد الغنوشي، "مظلمة جديدة تنضاف إلى سيل المظالم التي تتعرض لها الحركة وسائر القوى الديمقراطية والشخصيات المناضلة في تونس"، مؤكدة رفضها لهذا "الحكم الظالم الصادر في حقّه وفي حق القيادي بالحزب رفيق عبد السلام".

يشار إلى أنّ حركة النهضة كانت قد أصدرت بتاريخ 31 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023، أنّ محكمة الاستئناف بتونس العاصمة أصدرت حكمًا استئنافيًا في حق رئيسها راشد الغنوشي، دون حضوره، وفي غياب فريق الدفاع، يقضي بالسجن لمدة 15 شهرًا وخطية بألف دينار (1000 دينار) ومراقبة إدارية لمدة ثلاث سنوات، وهي قضية أخرى غير التي سُجن بسببها الغنوشي.

وأفادت حركة النهضة أنّ راشد الغنوشي وفريق الدفاع، "بيّنوا خلال جلسات الاستماع التي تمت قبل اعتقاله أن تهمة التكفير ووصف رجال الأمن بالطاغوت باطلة، وأنه قد تمّ إخراج الكلمة تعسّفًا من سياقها خلال تأبين المرحوم فرحات العبار".

وكان قد وقع إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق الغنوشي بتاريخ 20 أفريل/نيسان 2023، بعد ساعات طويلة من التحقيق معه، بعد إيقافه منذ يوم 17 من الشهر نفسه، وهو القرار الذي اعتبرته النهضة، "قرارًا سياسيًا بامتياز"، وفقها، على خلفية تصريح له في أمسية نظمتها جبهة الخلاص الوطني.