03-فبراير-2024
استقلالية القضاء في تونس

صدور أحكام قضائية تقضي بالسجن لمدة 3 سنوات مع النفاذ لشخصيات سياسية بارزة في تونس في قضايا مرتبطة بـ"تلقي أموال أجنبية"سنة 2019 (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

صدرت مؤخرًا أحكام قضائية تقضي بالسجن لمدة 3 سنوات مع النفاذ لشخصيات سياسية بارزة في تونس، في مقدمتها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، في قضايا مرتبطة بـ"تلقي أموال أجنبية" خلال الحملة الانتخابية لانتخابات 2019 أو ما يعرف بقضية "اللوبيينغ". وقد أثارت هذه الأحكام عدة ردود فعل سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.

صدرت مؤخرًا أحكام قضائية تقضي بالسجن لمدة 3 سنوات مع النفاذ لشخصيات سياسية بارزة في تونس في قضايا مرتبطة بـ"تلقي أموال أجنبية" خلال الحملة الانتخابية لانتخابات 2019 أو ما يعرف بقضية "اللوبيينغ"

وقد أصدرت الدائرة الجناحية المتخصّصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس حكمًا ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي بالحزب، والوزير الأسبق رفيق عبد السلام بالسجن لمدة 3 سنوات مع النفاذ العاجل، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة.

وأضاف، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية في 1 فيفري/شباط 2024، أنه تم الحكم أيضًا بتخطئة حركة النهضة بمبلغ قدره مليون و170 ألفًا و470 دولار أمريكي أو ما يعادلها بالدينار التونسي، وذلك في خصوص القضية المتعلقة بـ"قبول الحزب لتبرعات مالية من جهة أجنبية"، وفقه.

وسبق أن قرّر قاضي التحقيق في هذه القضية يوم 11 مارس/آذار 2022 إحالة حزب حركة النهضة، في شخص ممثله القانوني وأحد من ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار من قيادات الحزب، على المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية بتونس، "من أجل الحصول على تمويل أجنبي لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر للأول، بمشاركة الثاني له في ذلك"، وفق المصدر نفسه.

بالكاد مر يومٌ على صدور أحكام في حق راشد الغنوشي ورفيق عبد السلام، حتى قضت الدائرة المختصة في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بتونس بسجن نبيل القروي لـ 3 سنوات مع النّفاذ العاجل وحرمانه من المشاركة في الانتخابات لـ 5 سنوات

وبالكاد مر يومٌ على صدور الأحكام في حق راشد الغنوشي ورفيق عبد السلام، حتى قضت الدائرة الجناحية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بتونس، الجمعة 2 فيفري/شباط 2024، بسجن رئيس حزب قلب تونس والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، لمدّة 3 سنوات مع النّفاذ العاجل من أجل تهمة "تلقّي تمويلات أجنبية في الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية 2019"، وفق ما أفاد به الناطق باسم محكمة الاستئناف حبيب الطرخاني.

وذكر الطرخاني، في تصريح للوكالة الرسمية، أنّه تم الحكم عليه أيضًا بحرمانه من المشاركة في الانتخابات لمدة 5 سنوات، مشيرًا إلى أنّ التمويلات الأجنبية التي تلقاها "تصل إلى أكثر من مليون دولار أمريكي"، حسب ما ذكره الناطق باسم المحكمة.

وأضاف، في سياق متصل، أنّ "المحكمة قضت كذلك بسجن ثلاثة متهمين آخرين لمدّة ثلاث سنوات في القضيّة ذاتها وحرمانهم، أيضًا، من المشاركة في الانتخابات لمدّة 5 سنوات".

يشار إلى أنّ رئيس حزب قلب تونس والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي متواجد خارج البلاد التونسية، بينما يقبع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في السجن منذ  20 أفريل/نيسان 2023،  بعد إيقافه منذ يوم 17 من الشهر نفسه، على خلفية تصريح له في أمسية نظمتها جبهة الخلاص الوطني انتقد فيه السلطة، وهو القرار الذي اعتبرته النهضة، "قرارًا سياسيًا بامتياز"، وفقها.

 

 

هيئة الدفاع عن الغنوشي: غياب شروط المحاكمة العادلة

وفي تفاعلها مع صدور هذا الحكم الصادر ضد راشد الغنوشي فيما يعرف إعلاميًا "بملف اللوبيينغ"، أكدت هيئة الدفاع عن الغنوشي أنّ "الحكم صدر بعد محاكمة لم تتوفّر فيها شروط المحاكمة العادلة، ودون حضور منوّبها وبعد رفض التأخير لتمكين الدفاع من إعداد ردوده خاصّة بعد التّعاطي الانتقائي لهيئة المحكمة مع وثائق الملفّ وترجمة بعضها دون البعض الآخر"، وفقها.

هيئة الدفاع: الحكم ضد راشد الغنوشي صدر بعد محاكمة لم تتوفّر فيها شروط المحاكمة العادلة ودون حضور المنوّب وبعد رفض التأخير لتمكيننا من إعداد ردودنا  خاصّة بعد التّعاطي الانتقائي لهيئة المحكمة مع وثائق الملفّ

وعبّرت هيئة الدّفاع، في بلاغ لها، عن "تمسكها ببراءة منوّبها مما نسب إليه"، مؤكدة أنه "لم يثبت في أيّ من مراحل القضيّة أنّه تلقّى بصفته الشخصية أو بصفته ممثلًا قانونيًا لحزب حركة النهضة أي تمويل أجنبي وأنه لم يبرم بصفته الشخصية أو بصفته ممثلًا قانونيًا للحزب أي عقد  دعاية وعلاقات عامة وأنه لم يوكل أي جهة للقيام بذلك نيابة عنه أو عن الحزب"، على حد تأكيدها.

وعبّرت الهيئة عن رفضها إصدار الحكم في غياب منوبها "ودون تمكين هيئة الدفاع من الترافع ومنعها من الحصول على  المؤيدات الكفيلة بإثبات براءة منوبها بعد حجز كل الوثائق بمقر حزب حركة النهضة منذ 18 أفريل/نيسان 2023 رغم كل الطلبات التي تقدمت بها إلى مختلف الجهات القضائية المعنية".

هيئة الدفاع: نتمسك ببراءة راشد الغنوشي إذ لم يثبت في أيّ من مراحل القضيّة أنّه تلقّى بصفته الشخصية أو بصفته ممثلًا قانونيًا لحزب حركة النهضة أي تمويل أجنبي وأنه لم يبرم أي عقد  دعاية وعلاقات عامة

كما أكدت عزمها على "استخدام كلّ الوسائل القانونيّة المتاحة لتبيين حقيقة هذا الملفّ وخلفيّاته وإطلاع الرّأي العام على ملابسات التوظيف السّياسي الذي حفّ به"، وفق البلاغ.

 

 

تنديد ومساندة

وقد أثار الحكم الصادر في حق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي العديد من ردود الفعل، سواءً على المستوى المحلّي أو الدولي. 

وقد أعربت جمعية ضحايا التعذيب، ومقرها جنيف، عن قلقها العميق بعد ما وصفتها بـ "الإدانة التعسفية"، معقبة أنّ "راشد الغنوشي رفض المثول أمام محكمة غير شرعية، ورغم ذلك تم الحكم عليه دون أن يتمكن الدفاع من الترافع في قضيته أو تقديم أدلة براءته المحتجزة في مقر الحزب الذي كان مغلقاً منذ أشهر".

جمعية ضحايا التعذيب بجنيف: "سلسلة الإحالات التعسفية في تونس تشكك في ضمان المحاكمة العادلة وتثير المخاوف بشأن انتهاك استقلالية القضاء وإمكانية التأثير السياسي على النظام القضائي"

واعتبرت الجمعية، في بيان لها، أنّ "سلسلة الإحالات التعسفية هذه تشكك في ضمان المحاكمة العادلة وتثير المخاوف بشأن انتهاك استقلالية القضاء وإمكانية التأثير السياسي على النظام القضائي"، حسب تقديرها.

كما طالبت جمعية ضحايا التعذيب بـ"إنهاء هذه المضايقات القضائية ضد راشد الغنوشي، والعديد من الشخصيات السياسية الأخرى المعارضة في تونس"، مُدينة ما اعتبرته "ترهيب القضاة والمحامين والإلغاء الفعلي للمجلس الأعلى للقضاء".

جمعية ضحايا التعذيب بجنيف تطالب بـ"إنهاء هذه المضايقات القضائية ضد راشد الغنوشي، والعديد من الشخصيات السياسية الأخرى المعارضة في تونس" وتحمّل قيس سعيّد المسؤولية الكاملة عن سلامتهم

وطالبت الجمعية في ذات الصدد بـ"الإفراج الفوري عن راشد الغنوشي وإنهاء الأعمال العدائية ضده وضد شخصيات سياسية أخرى محتجزة بشكل غير قانوني منذ سنة على خلفية تدخل سياسي"، محمّلة الرئيس التونسي قيس سعيّد "المسؤولية الكاملة عن سلامة راشد الغنوشي وغيره من المعتقلين السياسيين تعسفيًا وبصورة غير قانونية من قبل الأجهزة القمعية في شخص وزير العدل في تونس"، وفق ما جاء في نص البيان.

 

صورة

 

محليًا، قالت جبهة الخلاص الوطني إنها تتابع تواتر الأحكام القضائيّة بحقّ راشد الغنّوشي "في غياب أبسط شروط المحاكمة العادلة ودون مرافعات لسان الدّفاع ودون حضور المعنيّ بالأمر".

جبهة الخلاص الوطني تطالب بوضع حدّ لما اعتبرته "استهدافًا قضائيًا في جوّ يتسم بترهيب القضاة وإلغاء فعلي للمجلس الأعلى للقضاء"

وطالبت الجبهة، في بيان لها، بوضع حدّ لما اعتبرته "استهدافًا قضائيًا في جوّ يتسم بترهيب القضاة وإلغاء فعلي للمجلس الأعلى للقضاء"، منادية بالإفراج عن الغنّوشي  و"إنهاء المظالم المسلّطة عليه".

وذكرت جبهة الخلاص، في ذات الصدد، بأنه موقوف "صحبة رفاق له منذ قرابة السّنة على خلفيّة مداخلة سياسيّة في ندوة لجبهة الخلاص"، وفق ما جاء في ذات البيان.

 

 

يذكر أن راشد الغنوشي يقع بالسجن منذ أفريل/نيسان 2023، بعد إيقافه على خلفية تصريح له في ندوة عقدتها جبهة الخلاص الوطني انتقد فيه السلطة، إلا أنه لم يحاكم بعد في تلك القضية.

يشار إلى أنه الحكم الثاني الصادر في حق راشد الغنوشي إذ سبق أن حُكم بالسجن لمدة 15 شهرًا وخطية قدرها 1000 دينار ومراقبة إدارية لمدة 3 سنوات في القضية المتعلقة باستعماله عبارة "طواغيت" علمًا وأن الغنوشي يحاكم في حوالي 9 قضايا

وللإشارة فإن هذا الحكم الابتدائي القاضي بسجن راشد الغنوشي لـ3 سنوات هو الثاني، إذ سبق أن صدر ضده حكم ابتدائي، في أفريل/نيسان 2023، بالسجن لمدة عام ودفع خطية مالية بقيمة ألف دينار،  في علاقة بشكاية تقدم بها نقابي أمني بخصوص استعمال الغنوشي عبارة "طواغيت" أثناء تأبينه أحد قيادات حركة النهضة. ثم تم الترفيع في ذات الحكم  بالسجن لمدة 15 شهرًا وخطية قدرها 1000 دينار ومراقبة إدارية لمدة 3 سنوات، في طور الاستئناف.

ويحاكم الغنوشي في حوالي 9 قضايا، حسب ما سبق أن أكدته هيئة الدفاع عنه، علمًا وأنه موقوف منذ 17 أفريل/نيسان 2023، بعد أن داهمت قوات أمنية منزله. 

ومباشرة بعد إيقاف راشد الغنوشي، منعت السلطات التونسية، صباح يوم 18 أفريل/نيسان 2023، انعقاد الاجتماعات في جميع مقرات حركة النهضة كما أغلقت مقر اجتماعات جبهة الخلاص الوطني، وذلك بعد مداهمة المقر المركزي لحركة النهضة وحجز ما فيه.