22-مايو-2023
خبز مخابز

جمعية "ALERT": بات فقدان الخبز ظاهرة تمس كافة ولايات الجمهورية بنسب متفاوتة (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير
 

أصدرت جمعية "ALERT" التي تُعنى بمحاربة ظاهرة الاقتصاد الريعي في تونس، الأحد 21 ماي/ أيار 2023، بيانًا أكدت فيه أنّ "بلاغ صفحة رئاسة الجمهورية، بخصوص أزمة ندرة الخبز في عدد من الولايات، يعدّ تضليلًا للرأي العام وتعتيمًا على الممارسات الحقيقية المتسببة في هذه الأوضاع" وفقها.

جمعية "ALERT": أزمة ندرة الخبز في عدد من الولايات هي أزمة هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس ولا تعود إلى سعي البعض إلى افتعال الأزمات حسب الرئاسة

وأوضحت الجمعية أنّ السلطة في تونس تعتبر أنّ أزمة الخبز "تعود إلى سعي البعض إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات"، بينما هي في الحقيقة "أزمة هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس"، ونبّهت الجمعية من خطورتها منذ ثلاث سنوات، وفق بيانها.

وقد ازدادت هذه الأزمة حدة وفق الجمعية، "جرّاء تدهور إمكانيات الدولة وعجزها على تمويل استيراد الحبوب، وبات فقدان الخبز ظاهرة تمس كافة ولايات الجمهورية بنسب متفاوتة، والسبب هو انخفاض حاد في كميات القمح الصلب الموزعة من طرف ديوان الحبوب"، مذكّرة بأنّه يتم تصنيع الخبز من طرف المخابز بخلط مادة الفرينة (المتأتية من القمح اللين) ومادة السميد (المتأتية من القمح الصلب).

جمعية "ALERT": كل المؤشرات تنبئ بتواصل أزمة العرض خلال الأشهر القادمة بل احتداد أزمة الخبز إلى مستوى الخطر الداهم

وينتج عن النقص الحاد في كمية القمح الصلب المتوفرة، فقدان مادة السميد مما ينتج ضغطًا على مادة الفرينة، وهذا ما يفسر فقدان مادة الخبز، ولفتت الجمعية إلى أنّ "كل هذا ينبئ بتواصل أزمة العرض خلال الأشهر القادمة بل احتداد للأزمة إلى مستوى الخطر الداهم حين تنتهي خطوط تمويل استيراد القمح اللين".

وحول تسجيل البعض تحسنًا طفيفًا في كميات القمح الصلب خلال شهر جوان/ يونيو وذلك بدخول حلقة تزويد السوق بالقمح الصلب المحلي، تقول الجمعية إنه بالنظر إلى حاجيات السوق التونسية من البذور (2 مليون و600 ألف قنطار) وضعف الإنتاج المحلي المتوقع (2 مليون 300 ألف قنطار) -دون الأخذ بعين الاعتبار ضعف إمكانيات التجميع- من  المنتظر أن يكون هناك ضغط على سوق البذور المحلية.

جمعية "ALERT": الإشكال الحقيقي في أزمة الخبز يكمن في عجز الدولة التونسية على تمويل حاجياتها من القمح الصلب

وشّددت جمعية "ALERT" على أنّ مادة الفرينة متوفرة لأن استيراد القمح اللين ممول من طرف البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الإفريقي للتنمية، لكن "الإشكال الحقيقي يكمن في عجز الدولة التونسية على تمويل حاجياتها من القمح الصلب".

وتصل ديون ديوان الحبوب إلى حدود 31 ديسمبر/ كانون الأول 2022، 4 مليارات و768 مليون و74 ألف دينار، حسب التقرير السنوي للبنك الوطني الفلاحي، وعرفت هذه الديون ارتفاعًا بنسبة 27% خلال سنة واحدة. وإلى جانب المخاطر الكبرى التي تولّدها هذه الديون على توازنات هذا البنك، فهو يشير إلى تأخر الدولة التونسية في صرف 2 مليارات و385 مليون و74 ألف دينار من ميزانية الدعم مما يجعل ديوان الحبوب عاجزًا على استيراد حاجيات السوق خاصة من القمح الصلب، وفق الجمعية.

وخلال شهر أفريل/ نيسان المنقضي، تم التخفيض في كمية القمح الصلب الموزع من طرف ديوان الحبوب بـ30%، وإلى حد يوم 20 ماي/ أيار 2023 تم توزيع حوالي 15% فقط من الاستهلاك الشهري ومن المنتظر أن يكون قد شهد شهر ماي توزيع 500 ألف قنطار فقط أي بانخفاض يقدّر بـ50%. كما تصل بواخر القمح الصلب بصفة غير منتظمة بين صفاقس وتونس مما يولد تفاوتًا في الكميات الموزعة بين الجهات.

جمعية "ALERT": أزمة المالية العمومية كشفت آثار تغول غرفة المطاحن التابعة لاتحاد الأعراف وعدم التكافؤ في توزيع حصص الحبوب

وخلصت الجمعية إلى أنّ "أزمة المالية العمومية كشفت آثار تغول غرفة المطاحن التابعة لاتحاد الأعراف، فعوض ضرب منظومة الدعم واستغلال الأزمة لفض معارك سياسوية هدفها الوحيد التمكن من السلطة، وجب فك أسر ديوان الحبوب من غرفة المطاحن عبر مراجعة آليات توزيع الحصص الوطنية".

وأشارت الجمعية إلى أنه إلى جانب هذه الأزمة الظرفية، تواصل المشاكل الهيكلية استفحالها، بسيطرة غرفة المطاحن بنقابة الأعراف على ديوان الحبوب وخاصة عدم التكافؤ في توزيع حصص الحبوب، مما يمكّن مثلًا مجمعًا واحدًا من 38% من الحصة الوطنية من القمح الصلب وهذا ما يضاعف النقص في مادة السميد خاصة مع رفض هذه المجامع تخفيض كميات القمح الصلب الموجهة إلى تصنيع المقرونة (بما أنها مربحة أكثر)، وفق الجمعية.

 

 

يشار إلى أن تونس تقوم بتوريد أكثر من نصف حاجياتها من الحبوب عادة وتعاني صعوبات مؤخرًا في عمليات التوريد بالنظر لتأزم وضعها المالي. 

وفي ظل الأزمة المالية التي تعيش على وقعها تونس وتراجع مخزون البلاد من العملة الصعبة، أضحت الدولة في عديد الأحيان عاجزة عن خلاص مزوّديها الأجانب، مما خلق أزمة نقص في بعض المواد الأساسية في الأسواق التونسية في فترات متواترة على غرار الزيت النباتي، الحليب، السكر، الفرينة، الدقيق، المحروقات، وغيرها من المواد التي تُفقد من الأسواق من فترة إلى أخرى.