الترا تونس - فريق التحرير
دعت منظمات وجمعيات تونسية، في بيان مشترك نشرته الاثنين 24 جانفي/ يناير 2022، إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وعدم اعتماده، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية التونسية في بلاغ صادر يوم 17 من الشهر الجاري، عن استئناف إنجاز هذا المشروع "وتعجيل تنفيذه، دون سابق إعلام وفي غياب تام لمبدأي الشفافية والتشاركية المعمول بهما في التشريعات التي تمس حقوق المواطنين التونسيين وعلى رأسها الحق في الخصوصية" وفق البيان.
منظمات وجمعيات تونسية: نستغرب طرح هذا المشروع مجددًا والدعوة لتعجيل تنفيذه في ظل الأحكام الاستثنائية التي تعيشها البلاد، وتحت وطأة الظروف الاقتصادية الراهنة في تونس، رغم التكلفة الباهظة لمشاريع من هذا النوع
وطالبت منظمات المجتمع المدني بالعمل على "إقرار قانون جديد لحماية البيانات الشخصية، يرّكز في جوهره على المواطن، ويحترم حقوقه، ويضمن حماية المواطن التونسي لمعلوماته الشخصية الخاصة والفردية"، داعية إلى اعتماد الشفافية والتشاركية في صياغة التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالحقوق الأساسية للمواطنين وعلى رأسهم الحق في الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية، وذلك عبر إجراء مشاورات شاملة وشفافة وعلنية مع منظمات المجتمع المدني.
واستغربت منظمات المجتمع المدني "طرح هذا المشروع مجددًا والدعوة لتعجيل تنفيذه في ظل الأحكام الاستثنائية التي تعيشها البلاد على معنى الفصل 80 من الدستور، وتحت وطأة الظروف الاقتصادية الراهنة في تونس. حيث أنّ مشاريع الهوية الرقمية هي مشاريع باهظة التكلفة وخاصة فيما تحتاجه في المرحلة الأولى من التنفيذ والإطلاق..".
منظمات وجمعيات تونسية: جمع كمٍ هائل من البيانات البيومترية على مستوى وطني يشكل خطراً كبيراً على أمن المواطن وخصوصيته، ولا يوجد أي نظام بيانات في العالم لا يمكن اختراقه واستغلال بياناته مهما بلغت إجراءات الأمن السيبرانية والرقمية
ولم تُخف هذه المنظمات شعورها بالقلق من أن يكون قانون حماية المعطيات الشخصية لسنة 2004، "قديمًا في نطاقه، ولا ينص على أية ضمانات خصوصية كافية وقوية لحماية البيانات الشخصية البيومترية للتونسيين، مثل بصمات الأصابع، والتي تصنّف بالبيانات الحسّاسة وذلك بسبب طبيعتها الشخصية وارتباطها الوثيق والفريد بالشخص".
وذكّرت المنظمات بأن إنشاء قاعدة بيانات بيومترية "قد يمكّن من زيادة مراقبة المواطنين وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في ظل غياب أي توضيح أو إجابة لعدد من التساؤلات التي تم طرحها سابقاً وأبرزها:
- ما هي البيانات التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية وأين سيتم تخزينها؟
- من هي السلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية؟
- من هم المؤسسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات الشخصية المشفرّة؟
- ما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمان هذه البيانات؟
اقرأ/ي أيضًا: القرصنة في تونس.. السلاح السيبرني الصامت
وشدّدت المنظمات الموقعة على البيان، على أن "جمع كمٍ هائل من البيانات البيومترية على مستوى وطني يشكل خطراً كبيراً على أمن المواطن وخصوصيته، إذ أصبحت خروقات البيانات في عالمنا الرقمي المتزايد أمرًا لا مفر منه، ومهما بلغت إجراءات الأمن السيبرانية والرقمية لحماية مثل هذه البيانات من قوة وإحكام، فقد أثبتت الحوادث العديدة لخروقات وتسريب وسرقة البيانات أنه لا يوجد أي نظام بيانات في العالم لا يمكن اختراقه واستغلال بياناته..".
منظمات وجمعيات تونسية: الغموض والتسرّع في استئناف إنجاز مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين، يزيد من تخوفات اعتماد نص تشريعي في صيغة مرسوم رئاسي غير قابل للطعن وسط غياب كلّي للتشاور
ولاحظت المنظمات والجمعيات الموقعة على هذا البيان، أنّ "الغموض والتسرّع يزيد من تخوفات اعتماد نص تشريعي في صيغة مرسوم رئاسي غير قابل للطعن"، معبّرة عن استيائها من الغياب الكلّي للتشاور والحوار مع مكونات المجتمع المدني والأطراف الشريكة من هيئات وطنية وخبراء ذوي العلاقة".
ويشار إلى أنه قد تم تقديم مشروع بطاقة التعريف البيومترية، وهي بطاقة هوية جديدة مزودة بشريحة إلكترونية، لأول مرة إلى البرلمان التونسي من قبل وزارة الداخلية في عام 2016 كمشروع قانون أساسي مُتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية، "وقد عارضت منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية في تونس بشدة آنذاك مشروع القانون لعدم توفيره ضمانات قانونية وتقنية وفنيّة كافية لحماية الحق في الخصوصية والذي ينص عليه الدستور التونسي في الفصل 24، وحماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين امتثالًا لقانون حماية المعطيات الشخصية".
اقرأ/ي أيضًا: الأمية الرقمية: هل تعمّق "الاستشارة الإلكترونية" عزلة المهمشين في تونس؟
وتم سحب مشروع القانون رسميًا من قبل الوزارة بناء على ذلك بعد عامين، قبل أن يعاد إيداعه من طرف رئاسة الحكومة في صيغة جديدة في جوان/ يونيو 2020، مرفقًا بمشروع قانون جواز السفر البيومتري، لتنطلق النقاشات حوله في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب سنة 2021.
ومن بين هذه المنظمات والجمعيات الموقعة، نجد الاتحاد العام التونسي للشغل، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، منظمة البوصلة، منظمة محامون بلا حدود، المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.. وغيرهم.
اقرأ/ي أيضًا: