31-يناير-2024
شارع الحبيب بورقيبة تونس

"أنا يقظ": مستويات الفساد لا تزال تراوح مكانها في جميع أنحاء العالم (وسيم الجديدي/ getty)

الترا تونس - فريق التحرير 

 

أعلنت منظمة "أنا يقظ" (منظمة رقابية تونسية غير ربحية ومستقلة تهدف إلى كشف الفساد المالي والإداري وتدعيم الشفافية)، عن مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام لسنة 2023، بالشراكة مع منظمة الشفافية الدولية، وأكدت أنّ تونس تحتلّ أسوأ ترتيب لها منذ سنة 2012.

منظمة "أنا يقظ": حفاظ تونس على نفس عدد الدرجات يعكس ركودًا في سياسات الدولة لمواجهة الفساد وعجزها عن تجاوز عتبة الخمسين درجة

وأشارت أنا يقظ إلى أنّ مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام لسنة 2023، يظهر أن مستويات الفساد لا تزال تراوح مكانها في جميع أنحاء العالم، وأنّ تونس حافظت على نفس عدد الدرجات في مؤشر مدركات الفساد مقارنة بالسنة الفارطة حيث تحصلت على 40 نقطة من أصل 100 (حيث يكون الصفر الأكثر فسادًا و100 الأكثر نزاهة) محتلة بذلك المرتبة 87 عالمياً من أصل 180 دولة / كيان / إقليم أي أدنى مرتبة لها منذ سنة 2012. 

واعتبرت منظمة أنا يقظ خلال ندوة عقدتها، أن حفاظ تونس على نفس عدد الدرجات يعكس "ركودًا في سياسات الدولة لمواجهة هذه الظاهرة حيث عجزت تونس وعلى امتداد الثلاث عشرة سنة الماضية على تجاوز عتبة الخمسين درجة". 

منظمة "أنا يقظ": التراجع المستمرّ الذي تشهده تونس فيما يتعلّق بمؤشر مدركات الفساد ليس إلا نتيجة حتمية للسياسة التي يتمّ اتباعها من تفرّد في السلطة

وشدّدت منظمة أنا يقظ على أنّ "التراجع المستمرّ الذي تشهده تونس فيما يتعلّق بمؤشر مدركات الفساد ليس إلا نتيجة حتمية للسياسة التي يتمّ اتباعها من تفرّد في السلطة وتركيز لمؤسسات صورية وغياب خطط استراتيجية جدّية وواضحة من شأنها أن تحدّ من ظاهرة الإفلات من العقاب وتكافح الفساد في القطاع العام".

وأرجعت المنظمة ما وصفتها بهذه "النتائج السلبية" إلى جملة من الأسباب من بينها:

  • تواصل غلق مقرّ هيئة مكافحة الفساد

أشارت المنظمة إلى أنه يتواصل غلق مقرّ هيئة مكافحة الفساد للسنة الثانية على التوالي، "دون أي موجب قانوني"، وقد عرّض غلق مقرّ الهيئة، المبلغات والمبلّغين عن الفساد إلى "الهرسلة والتضييقيات في ظلّ غياب منحهم الحماية القانونية، كما جمّد غلق الهيئة تطبيق القانون المتعلّق بتضارب المصالح والإثراء غير المشروع في علاقة بالتصريح بالمكاسب، مما يجعل من غياب تطبيق القانون أرضًا خصبة لتسجيل الفساد في القطاع العام"، وفقها.

منظمة "أنا يقظ": أرض خصبة لتسجيل الفساد في القطاع العام في ظل غياب تطبيق القانون المتعلّق بتضارب المصالح والإثراء غير المشروع في علاقة بالتصريح بالمكاسب

وأضاف بيان أنا يقظ، أنه رغم تركيز البرلمان التونسي في مارس/آذار 2023، فإنّه "بقي صامتًا في علاقة بمجال المكافحة ضدّ الفساد، فلا وجود لأي مبادرة تشريعية تتعلّق سواء بتنقيح القانون المتعلّق بمكافحة الفساد، أو في علاقة بتكريس آليات جديدة لذلك، وقد جعل هذا المجلس من شعار مكافحة الفساد شعارًا أجوف يتمّ استعماله كلّما اقتضت الضرورة ذلك"، وفقها.

  • تغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية

كما شهدت سنة 2023 وفق المنظمة، "تغوّلًا واضحًا للسلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية، وذلك من خلال التسميات المباشرة التي قامت بها وزيرة العدل في عدّة خطط قضائية حسّاسة"، ويبرز ذلك من خلال تعمّد عدم سدّ الشغورات في مناصب قضائية عليا على غرار الرئيس الأول لمحكمة التعقيب والرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، ما أدّى إلى شلل صلب المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الذي لم ينعقد منذ سبتمبر/أيلول 2023، حسب البيان.

منظمة "أنا يقظ": شهدت سنة 2023 تغوّلًا واضحًا للسلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية، ما أدى إلى انعدام الأمن القضائي للمتقاضي

واعتبرت المنظمة الرقابية أنّ ذلك يؤدي إلى "انعدام الأمن القضائي للمتقاضين خاصّة وأنّه تم تسجيل تعامل غير متكافئ خلال سنة 2023 بين قضيّة وأخرى حسب صفة المتهم أو موضوع القضية"، كما شهدت سنة 2023 تفاقمًا لظاهرة تأجيل الجلسات لعدم اكتمال تركيبة الهيئات الحكمية وخاصة الهيئات الحكمية بالقطب القضائي المالي والتي تنظر خاصّة في القضايا المتعلّقة بالفساد المالي "وذلك بسبب المصادقة على حركة قضائية اعتباطية، وهو ما يعتبر تكريسًا لظاهرة الإفلات من العقاب وجعل من المنظومة القضائية الحلقة الأضعف في محاربة الفساد منذ سنوات".

  • مرسوم الصلح الجزائي رسّخ ثقافة الإفلات من العقاب

وفي السياق نفسه، اعتبرت منظمة أنا يقظ، أنّ أحد الأسباب التي جعلت تونس تتأخر في ترتيب مؤشر مدركات الفساد لسنة 2023، هو أنّ هذه السنة شهدت تطبيقًا لمرسوم الصلح الجزائي، والذي قالت إنه "تحوّل من آلية لتكريس مبدأ العدالة الجزائية التعويضية إلى آلية لترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب وإفراغ للسياسة الجزائيّة للدولة من طابعها الزجري والردعي، والذي أصبح ملاذًا للمجرمين في حقّ الدولة لإبرام الصلح دون أي تتبعات جزائية في الغرض" وفقها.

  • تطبيق سافر للمرسوم 54

كذلك في سنة 2023، شهدنا تطبيقًا سافرًا للمرسوم 54 ضدّ عدد من المدونين والصحفيين بسبب مقالاتهم أو آرائهم المتعلّق بمساءلة أصحاب القرار أو كشف ملفات فساد في القطاع العام وهو ما انجر عنه بثّ الخوف والتململ لدى أصحاب الرأي وتراجعهم عن كشف ملفّات الفساد خشية من تتبعهم.

 

 

يشار إلى أنّ مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام لسنة 2021، أظهر أنّ تونس حافظت على نفس عدد الدرجات في المؤشر مقارنة بالسنة التي تسبقها حيث تحصلت على 44 نقطة من أصل 100 محتلة المرتبة 70 عالمياً والمرتبة السادسة عربياً.

يذكر أنّ ترتيب تونس احتلت في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2020 المرتبة 69 عالمياً بعد أن كانت في المرتبة 74 سنة 2019 وفي المرتبة 73 في 2018.