الترا تونس - فريق التحرير
خلّفت تصريحات لنائب رئيس هيئة الانتخابات المنصبة حديثًا من الرئيس التونسي وكذلك من أحد أعضاء الهيئة، مساء يوم الثلاثاء 14 جوان/يونيو 2022، جدلًا وانتقادات حادة وهي التصريحات التي تم الحديث فيها عن حرمان من اختاروا مقاطعة الاستفتاء المنتظر بتاريخ 25 جويلية/يوليو القادم في تونس من حق المشاركة في حملة الاستفتاء والتعبير عن موقفهم في الإعلام أو المظاهرات أو غير ذلك من الوسائل.
تصريحات لعضوين من هيئة الانتخابات تثير جدلًا وانتقادات حادة وتتعلق بحرمان من اختاروا مقاطعة الاستفتاء من حق التعبير عن موقفهم ومعاقبة وسائل الإعلام التي تستضيفهم
وكانت الإذاعة التونسية (عمومية) قد نقلت عن نائب رئيس هيئة الانتخابات ماهر الجديدي قوله إن "الأطراف الداعية لمقاطعة الاستفتاء غير معنية بالمشاركة في الحملة وستكون معرضة لتتبعات خاضعة لقانون الحق العام في صورة دعوتها إلى مقاطعة الاستفتاء أثناء الحملة لأن أفعالها ستصنف كجرائم حق عام وليست كجرائم انتخابية"، وفق الإذاعة المذكورة.
وأضاف الجديدي أن "الأطراف المعنية بالمشاركة في حملة الاستفتاء عليها أن تدلي بموقفها من مشروع الدستور خلال 48 ساعة، أي بعد نشر المشروع بالرائد الرسمي في 30 جوان/يونيو الجاري وقبل انطلاق الحملة في 3 جويلية/يوليو القادم".
كما كان عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري قد صرح لإذاعة الديوان (محلية) أنه "ستسلّط عقوبات مالية على وسائل الإعلام إذا ما قامت بتغطية أنشطة المقاطعين للاستفتاء (الذين لم يودعوا تصاريح بالمشاركة لدى الهيئة) أو استضافة أحد الداعين للمقاطعة خلال فترة حملة الاستفتاء".
في هذا السياق، تعددت ردود الفعل الرافضة لهذا التوجه "الإقصائي"، وفق وصفها، ومن ذلك عضو هيئة الانتخابات سابقًا زكي الرحموني الذي دوّن على صفحته بفيسبوك أنه "مع بدء استرجاع هيئة الانتخابات لجزء من ثقة الناس، تصريح أو تصريحين يقضيان على هذه الثقة تمامًا". ووصف هيئة الانتخابات ساخراً "بهيئة السجون والإصلاح"، وتدخل في فيديو على صفحته مطالبًا الهيئة بنفي هذا التوجه لإقصاء الداعين للمقاطعة مذكراً بأن كل الهيئات السابقة كانت قد سمحت لمريدي خيار المقاطعة بالتعبير عن رأيهم.
طالب عضو هيئة الانتخابات سابقًا زكي الرحموني الهيئة الحالية بالتراجع عن إقصاء الداعين للمقاطعة من حملة الاستفتاء معتبرًا أن هذا التوجه سيفقدها ثقة الناخبين
في ذات السياق، يقول مدير ديوان رئاسة الجمهورية السابق عدنان منصر ( في عهد الرئيس المنصف المرزوقي) "السيد الرئيس الذي سيمنع المقاطعين من التعبير عن آرائهم، كان قد عبر، وبكل حرية، عن رأيه في مقاطعة جميع الانتخابات التي تمت منذ 2011، أي طيلة "العشرية السوداء"، باعتبارها انتخابات "غير ديمقراطية". وتداول نشطاء فيديو للرئيس التونسي قيس سعيّد بصدد الدعوة لمقاطعة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2011.
عدنان منصر: "الرئيس الذي سيمنع المقاطعين من التعبير عن آرائهم، كان قد عبر، وبكل حرية، عن رأيه في مقاطعة جميع الانتخابات التي تمت منذ 2011"
من جانب آخر، دونت نائبة نقيب الصحفيين التونسيين أميرة محمد "حرمان جزء مهم من التونسيين سواء ممثلين في أحزاب سياسية أو منظمات أو غيرهم من حقهم في التعبير على موقفهم ورأيهم عبر وسائل الإعلام أو الاحتجاج السلمي أو أي وسيلة أخرى هو صورة للدكتاتورية.."،، وتابعت "من مع الاستفتاء وأيضًا من هو ضد مشروع الدستور الجديد وكذلك المقاطع لكل المسار ولن يسجل عند هيئة الانتخابات كلهم من حقهم التعبير عن مواقفهم بكل حرية ومن واجب السلطة وهيئة الانتخابات احترام ذلك".
نائبة نقيب الصحفيين التونسيين: "حرمان جزء مهم من التونسيين من حقهم في التعبير على موقفهم ورأيهم عبر وسائل الإعلام أو الاحتجاج السلمي أو أي وسيلة أخرى هو صورة للدكتاتورية.."
في سياق متصل، علق الصحفي علاء الدين زعتور بالقول "التوجه نحو منع وسائل الإعلام من استضافة المقاطعين للاستفتاء خلال فترة الحملة ما بين 3 جويلية و 23 جويلية، وهنا نتحدث عن أبرز القوى السياسية المعارضة في البلاد (جبهة الخلاص، الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، وربما أكثر)، خطوة أخرى غير ديمقراطية وتنزع أكثر بالبلاد نحو الاستبداد"، مضيفًا "قرار المقاطعة يفرض نفسه اليوم، في ظل السياق الحالي للبلاد، كخيار جديّ مقابل خيار المشاركة (بنعم أو لا)، ومن حق الداعمين له الوصول إلى عموم الناس عبر وسائل الإعلام والمشاركة بحرية في الفضاء العام".
وتابع "على وسائل الإعلام التصدّي لهكذا انحراف، إذا تم إقراره بشكل رسمي وواضح في القرارات الترتيبية المنتظرة"، وفق تعبيره.
أما الصحفية نائلة الحامي فكتبت "لا يمكن وصف منع جزء من الشعب التونسي (أحزاب/ منظمات/أشخاص..) من حق التعبير عن موقفهم من الاستفتاء إذا تعلق الموقف بالدعوة للمقاطعة، في الإعلام أو عبر الاحتجاج أو غير ذلك.. إلا بعين الدكتاتورية"، مضيفة "في كل الاستحقاقات إبان الثورة، عبر الناس عن خيار المقاطعة تدوينًا أو في ندوات أو احتجاجات.. وهذا موثق بصور وفيديوهات والناس "مازالت عايشة".
وتابعت "أرجو أن يكون ما يتم التصريح به من أعضاء في هيئة الانتخابات المعينة ليس إلا مواقف شخصية وفي انتظار القرار الترتيبي بين الهايكا والهيئة أرجو أن لا يخضع الإعلام التونسي لفرض سلطة ما لإقصاء أصوات بعينها فقط لكونها اختارت خيار المقاطعة.. ستكون نقطة اللا عودة التي لا يمكن بعدها رفض أي طلبات السلطة..ففي أعتى موجة "الثورية" سنة 2011 خرج في الإعلام وزراء بن علي وغيرهم من مسؤولي تلك الفترة بغض النظر عن شكل الخروج أو تقبل الناس.. سيكون هذا محرارًا لمدى تمسك الصحفيين ونقابتهم برفض أي تدخل في اختيار ضيوفهم أو قبول أي تعتيم على أي صوت ما دام محترما لقواعد العيش المشترك".
وشددت الصحفية خولة بوكريم على رفض الإقصاء مدونة "إمّا إعلام خاضع خانع....وإما إعلام نزيه يعرف دورهُ جيداً، يقاطع المصادقة على تأدية دور "الكومبارص". ومن جانبه سخر الصحفي بسام بونني معلقًا "ولما لا نمنع الكلام مرة واحدة في فترة الحملة؟ أ ليس ذلك أسهل تقنيًا؟".
يُذكر أن تونس تعيش على وقع أزمة سياسية حادة منذ استحواذ الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ 25 جويلية/يوليو الماضي، على السلطة التنفيذية بإقالته رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي ثم حله البرلمان والانطلاق في الحكم بمراسيم في خطوة وصفها خصومه "بالانقلاب"، ويعتبرها "تصحيحًا للمسار"، وسط انتقادات داخلية وخارجية من التوجه لترسيخ حكم فردي.
ومن المنتظر أن تقوم ما أسماها قيس سعيّد "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، تحت إشرافه بصياغة دستور جديد لتونس، سيتم طرحه فيما بعد للاستفتاء في 25 جويلية/يوليو القادم ثم إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر/ كانون الأول.