18-يناير-2022

بن جحا: "يحكم القاضي بالسجن وبعد ذلك يقترح العقوبات البديلة والمحددة بساعتين من العمل تساوي يوم سجن"

 

تربية السلاحف والاعتناء بطائر النحام الزهري (الوردي) وتنظيف البحر وغيرها ليست هوايات لدى البعض فقط بل إنها عقوبات بديلة عن السجن في تونس، هذا ما أكده لـ"الترا تونس" مساعد الوكيل العام والناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية فريد بن جحا. 

تربية السلاحف والاعتناء بطائر النحام الوردي وتنظيف البحر وغيرها ليست هوايات لدى البعض فقط بل هي عقوبات بديلة عن السجن في تونس

وبيّن بن جحا أن القاضي له سلم عقوبات يختار منها ما يتناسب مع الجرم وحسب الشخصية التي أمامه أيضًا ويعتبر الحكم بتربية السلاحف مثلًا شكلاً من أشكال "تفريد" العقوبة ويتنزل في إطار التطور في علوم الإجرام ومن أجل أنسنة العقوبات.

اقرأ/ي أيضًا: تنفيذ أول عقوبة بديلة في المنستير.. تعرف على العمل لفائدة المصلحة العامة

وأشار مساعد الوكيل العام أن العقوبات البديلة ليست جديدة فقد تم إقرارها عام 1999 في تونس لكن تطبيقها تعطل بسبب رفض المؤسسات استقبال من تعتبرهم منحرفين وبسبب برنامج إعادة تأهيل المساجين أيضًا.

"وهو ما جعلنا نفكر في مكاتب مصاحبة انطلقت في ولاية سوسة في تجربة نموذجية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لنصل اليوم إلى فتح 10 مكاتب"، يضيف فريد بن جحا لـ"الترا تونس". 

الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية: العقوبات البديلة ليست جديدة فقد تم إقرارها عام 1999 في تونس لكن تطبيقها تعطل بسبب رفض المؤسسات استقبال من تعتبرهم منحرفين 

 

وتتوزع هذه المكاتب التي تشرف على العقوبات البديلة، وهي في خدمة المصلحة العامة، على عدد من الولايات والمناطق التي بها سجون في انتظار أن تعمم على  كامل الجمهورية التونسية ودورها أساسًا مرافقة السجين لتنفيذ عقوبته البديلة عن السجن. 

وشدد محدث "ألترا تونس" على أن هذا النوع من العقوبات محكوم بجملة من الشروط التي يجب توفرها وهي أن يكونوا أشخاصًا قد زلت بهم القدم لأول مرة في جرائم ومخالفات بسيطة وليست جنحًا خطيرة ولا تتجاوز العقوبة 5 سنوات ولابد أن يقبل الشخص بالعقوبة البديلة.

بن جحا لـ"الترا تونس": العقوبات البديلة محكومة بجملة من الشروط ومنها أن يكونوا أشخاصًا قد زلت بهم القدم لأول مرة في جرائم ومخالفات بسيطة وليست جنحًا خطيرة ولا تتجاوز العقوبة 5 سنوات ولابد أن يقبل الشخص بالعقوبة البديلة

أما الجرائم فهي أساسًا: الاعتداء بالعنف الشديد والقذف العلني والمشاركة في معركة وجرائم الطرقات والجرائم الرياضية كاقتحام ملعب وترديد شعارات منافية للأخلاق  والاعتداء على الأملاك والسرقة المجردة وجرائم الشغل وإهمال عيال و"الشيك" دون رصيد والجرائم البيئية.

اقرأ/ي أيضًا: المحاكم التونسية تتجه لإصدار أحكام بعقوبات بديلة عن السجن

وأفاد الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية، في حديثه لـ"الترا تونس" أن الإجراءات تتم على النحو التالي "يحكم القاضي بالسجن وبعد ذلك يقترح العقوبات البديلة على السجين والمحددة بساعتين من العمل تساوي يوم سجن". 

ويأسف محدث "الترا تونس" أن "المواطن التونسي لا يزال يجهل هذا النوع من العقوبات البديلة التي تعوض السجن وتخدم المصلحة العامة"، داعيًا الإعلام للانخراط  في التعريف بهذا النوع من العقوبات حتى يطلب المواطن من القاضي تمكينه منها.

وأشار بن جحا إلى أن مكتب المنستير مثلاً انطلق العمل فيه سنة 2018 وأشرف على 221 عقوبة عمل للمصلحة العامة ونجح في توفير 900 ألف دينار لخزينة الدولة كان سيتم صرفها على السجناء بين القضبان. 

وأشار مساعد الوكيل العام في حديثه لـ"الترا تونس" أن الهدف من هذا النوع من العقوبات أيضًا هو تخفيف الضغط على السجون وإعادة تأهيل من أجرم، مبرزًا أن نماذج كثيرة أثبتت نجاعة هذه العقوبة. 

تشرف مكاتب على العقوبات البديلة وتتوفر في عدد من الولايات والمناطق التي بها سجون في انتظار أن تعمم على  كامل الجمهورية ودورها أساسًا مرافقة السجين لتنفيذ عقوبته البديلة عن السجن

ومن الأمثلة لهذه العقوبات البديلة، وفق ما اطلعنا عليه أثناء إعداد هذا التقرير، نذكر أن أحدهم قام بتنظيف "دار الشباب" واهتم بتزويقها طيلة فترة محكوميته ليصبح بعد ذلك من روادها ومنخرطًا في نواديها، كما أن أحد الشبان وقد كانت عقوبته العمل في دار المسنين ونظرًا لحسن سيرته وتفانيه في العمل تم تكريمه من قبل المقيمين في الدار ثم توفير موطن شغل له قار فيها. 

صور لأنشطة في إطار عقوبات بديلة

 

وأكد بن جحا، في هذا السياق، أن الهدف هو الإصلاح وإعادة إدماج من زلت بهم القدم وهذه العقوبات هي الحل، حسب رأيه، مشيرًا إلى أن 29 اتفاقية تم إبرامها في المنستير مع بلديات ومراكز تكوين مهني وجمعيات منها جمعية رعاية المسنين وجمعية أزرقنا الكبير، وهي التي تمثلت العقوبة فيها في تربية السلاحف والعناية بالنحام الزهري وتنظيف البحر. 

في سياق متصل، يؤكد رئيس جمعية أزرقنا الكبير أحمد  السوقي لـ"الترا تونس" أنها  جمعية بيئية علمية تأسست منذ سنة 2019 وهدفها حماية التنوع البيولوجي في المتوسط وتعمل على إخراج العمل البيئي العلمي إلى عامة الناس فهو ليس حكرًا على النخبة.

ومن بين أنشطتهم: حماية السلاحف المائية والمحافظة على وجودها بالإشراف على تعشيشها في جزيرة قوريا وكذلك الطيور المائية والطحالب وغير ذلك.

رئيس جمعية أزرقنا الكبير: اعتبرنا السجناء فئة يمكن استقطابها وتكوينها بيئيًا وعلميًا ورحبنا بهم ونتجول معهم في البحر ويشاركوننا في إنقاذ السلاحف وتربيتها وغير ذلك

وبين، خلال حديثه لـ"الترا تونس" أنهم كجمعية اعتبروا السجناء فئة يمكن استقطابها وتكوينها بيئيًا وعلميًا ورحبنا بهم ونتجول معهم في البحر ويشاركوننا في إنقاذ السلاحف وتربيتها وكذلك البحث في علاج النحام الزهري والبحث في أسباب نفوقه وتنظيف البحر وغير ذلك.

ويضيف "نحن بصدد العمل على تعليمهم الغوص أثناء قضاء العقوبة البديلة لتتحول بعد ذلك إلى مورد رزق وكذلك تربية الأسماك"، مشيرًا إلى أنهم اقترحوا أيضًا عقد شراكة مع إدارة الغابات لتتحول العقوبة البديلة إلى تشجير البلاد أيضًا، مشددًا على أن الهدف من ذلك ضمان عدم العود والحفاظ على إنسان سوي مفيد للمجتمع ولنفسه.  

صور لأنشطة في إطار عقوبات بديلة

 

اقرأ/ي أيضًا:

تربية الأسماك في تونس: قطاع واعد ومخاوف صحية وبيئية

جزيرتا قورية.. نحو محمية طبيعية لحماية السلاحف البحرية