بلغت علاقة التوتر بين رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر وعديد النواب خلال الجلسة المتعلقة بالتمديد لهيئة الحقيقة والكرامة درجة لم يسبق إليها مثيل من التجاذبات الحادة والتلاسنات في ظل تشكيك حول حياد الناصر في إدارة الجلسة ما جعل النائب غازي الشواشي يتحدث مؤخرًا عن وجود مشاورات لتقديم عريضة لسحب الثقة منه.
بدأ توتر الأجواء منذ قرار مكتب المجلس إحالة قرار التمديد لـهيئة الحقيقة والكرامة إلى الجلسة العامة، وذلك بعد مقاطعة نواب حركة النهضة والكتلة الديمقراطية، وقد صوّت محمد الناصر على قرار الإحالة رغم أنه عادة لا يصوّت في مكتب المجلس كما ذكر بعض النواب.
تجاذبات غير مسبوقة وتلاسن حاد بين محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب، وبعض أعضائه على خلفية أدائه في الجلسة المتعلقة بالتمديد لهيئة الحقيقة والكرامة
بدأت جلسة يوم السبت الماضي في أجواء حامية في ظل تأكيد عديد النواب من النهضة والمعارضة عدم قانونية الجلسة العامة، وهو ما زاد تأكدًا بالنسبة إليهم بعد عدم تحقق نصاب الثلث لافتتاح الجلسة. وهكذا رفض نواب النهضة والمعارضة تسجيل حضورهم، غير أن رئيس المجلس محمد الناصر واصل أشغال الجلسة العامة في ظل حالة صخب وتشنج في البرلمان.
وقد زاد الأجواء احتقانًا رفض محمد الناصر منح نقطة نظام لسامية عبّو، أحد نواب المعارضة، وإعطاء الكلمة للنائبة عن نداء تونس هالة عمران التي قامت بمهاجمة المعارضة والنهضة قائلة إن "الترويكا التحمت من جديد"، وذلك وسط احتجاج بقية النواب. وقد اعتبر في الأثناء رئيس كتلة حركة النهضة نورالدين البحيري أن محمد الناصر تجاهل طلبه للحصول على نقطة نظام. وفي خضم تلك الأجواء، انسحبت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة من الجلسة التي تعطلت في أكثر مناسبة حتى طلب رئيس كتلة النهضة تأجيل عقدها ليوم الإثنين، وهو ما وافق عليه محمد الناصر بعد موافقة رؤساء بقية الكتل البرلمانية.
غير أن الأجواء اتخذت منحى أكثر حدّة يوم الإثنين وذلك منذ احتجاج نواب المعارضة على أداء محمد الناصر في جلسة يوم السبت باتهامه بأنه كان منحازًا لحزبه نداء تونس، وقد طلب في بداية الجلسة النائب عماد الدايمي من محمد الناصر أن يجرّح في نفسه بعدم رئاسته للجلسة، على خلفية توليه منصب ممثل تونس لدى الأمم المتحدة بين 1991 و1996 وتبييضه لجرائم نظام المخلوع بن علي، وفق الدايمي، غير أن الناصر قام بمنعه من إكمال مداخلته.
وكان قد نشر جمال بركات، شقيق فيصل بركات وهو من المنتمين للتيار الإسلامي في التسعينيات من القرن الماضي وكان قد توفي تحت التعذيب، أن رئيس مجلس النواب محمد الناصر هو "طرف نزاع متهم" رفض المثول أمام قاضي التحقيق في قضية، شقيقه الذي مات تحت التعذيب سنة 1991.
اتهم محمد الناصر بأنه طرف نزاع متهم في قضايا ذات علاقة بالعدالة الانتقالية وعمل هيئة الحقيقة والكرامة
وتتالت تباعًا مداخلات النواب الناقدة لأداء محمد الناصر والمطالبة بالتجريح في نفسه، ومن ذلك النائب عن حركة النهضة منية إبراهيم والتي قاطعها مجدّدًا محمد الناصر وسط تلاسن بين بعض نواب النهضة وبعض نواب نداء تونس.
في الأثناء، أصدر حزب نداء تونس بلاغًا للتضامن مع محمد الناصر في مواجهة ما تمت تسميته بـ "حملة التشويه والتزييف" و"التهجم اللا أخلاقي" من طرف "القوى المعادية للمشروع الوطني التونسي".
اقرأ/ي أيضًا:
العدالة الانتقالية والدولة المستقيلة
هيومن رايتس ووتش: رفض التمديد لـ"الحقيقة والكرامة" تخريب للعدالة الانتقالية